تعرضت مناطق متفرقة من جنوب مصر، وسلاسل جبال البحر الأحمر، لأمطار غزيرة وصلت إلى حد السيول، ورياح شديدة، ما أثار التساؤلات حول طبيعة حدوث ذلك في فصل الصيف، خصوصاً في ظل الأجواء شديدة الحرارة التي تسيطر على معظم المناطق.
وشهدت مدينة أبو سمبل السياحية جنوب محافظة أسوان، الاثنين الماضي سقوط أمطار غزيرة مصاحبة برياح شديدة وعاصفة ترابية، ما أدى لانقطاع التيار الكهربائي عن المدينة، فيما تعرضت منطقة شرق العوينات جنوب محافظة الوادي الجديد، إلى سقوط أمطار غزيرة بالتزامن مع تكاثر السحب والغيوم في السماء.
وأشارت هيئة الأرصاد الجوية المصرية إلى وجود تقلبات جوية يشهدها جنوب البلاد، وسقوط أمطار على بعض المناطق وتحديداً محافظة أسوان، بالتزامن مع زيادة نشاط الرياح الجنوبية المثيرة للرمال والأتربة، والتي تزيد من تأثيرها الرياح الهابطة من السحب الرعدية.
وحذّرت الهيئة من استمرار فرص سقوط الأمطار الخفيفة إلى المتوسطة والرعدية أحياناً، والتي قد تصل لحد السيول على مناطق من حلايب وشلاتين ومرسى علم وأبو سمبل وأسوان والوادي الجديد والأقصر، ويصاحب ذلك حدوث نشاط للرياح المثيرة للرمال والأتربة على بعض الطرق.
في المقابل، تستمر الأجواء شديدة الحرارة مع زيادة في نسبة الرطوبة التي تزيد من الإحساس بحرارة الطقس، حيث تتراوح درجات الحرارة العظمى ما بين 37 - 39 درجة في القاهرة الكبرى والوجه البحري ومدن القناة، وتتراوح ما بين 32 - 35 درجة على المناطق الساحلية، بينما تســجل على مناطق الجـنوب ما بين 39 - 42 درجة.
وتعرض طريق أسوان - أبو سمبل السياحي، إلى انهيارات في بعض أجزائه بسبب شدة السيول، وهو ما دفع السلطات المحلية إلى إصلاح الطريق بالمعدات وتعلية الجسور؛ ليتم تسيير الشاحنات والحافلات والمركبات والسيارات الخفيفة والثقيلة بالشكل المطلوب.
الحزام المداري
وعن طبيعة ذلك، أفادت الهيئة في بيان، الثلاثاء، بأن حدوث هذه الأمطار الصيفية أمر طبيعي وربما يحدث عاماً بعد عام، ويرجع ذلك إلى ما سمته «الحزام المداري».
وأوضحت أن الحزام المداري، هو خط وهمي يفصل بين الكتل الهوائية الشمالية الجافة والكتل الجنوبية الرطبة، وهو عند خط الاستواء ويتذبذب شمالاً وجنوباً مع الحركة الظاهرية للشمس باختلاف الفصول، حيث يؤدي تلاقي هذه الكتل إلى تكاثر السحب الرعدية، التي تؤدي إلى سقوط الأمطار الغزيرة والسيول عند منابع النيل في السودان وإثيوبيا.
ونوهت بأنه «خلال هذا التوقيت من العام، فإن الفاصل المداري يتذبذب ويتقدم شمالاً ليصل إلى جنوب مصر، حيث تكون عرضة بشكل أكبر لسقوط الأمطار، ولكنها تكون أمطاراً متفاوتة الشدة وأقل في حدتها من تلك التي تحدث عند دول منابع النيل خلال هذه الفترة»، مشيرة إلى أن باقي مناطق الجمهورية لن يتأثر بهذه الأمطار.
التغيرات المناخية
من جانبه، أرجع أستاذ المناخ في جامعة الزقازيق بمصر، نائب رئيس الهيئة العامة للأرصاد الجوية المصرية السابق، الدكتور علي قطب، حدوث هذه الظاهرة في هذا التوقيت بالذات إلى التغيرات المناخية، التي جعلت الظواهر المناخية أكثر تطرفاً وحدة، وغيّرت في الخريطة المطرية بمصر.
وأضاف لـ«الشرق الأوسط»، أن سقوط الأمطار بهذا الشكل على جنوب مصر يحدث في الغالب أوائل شهر سبتمبر (أيلول) من كل عام، لكن التغيرات المناخية لعبت دوراً أساسياً في التعجيل باندفاع كتل الهواء الرطبة المدارية المقبلة من شمال السودان، باتجاه جنوب مصر، مروراً بالبحر الأحمر، حيث تشبعت بنسبة كبيرة من بخار الماء، وهي كتل هوائية شديدة السخونة، وبالتالي حدث تبخر عال، وتكونت السحب الركامية الرعدية، ما أدى إلى سقوط أمطار غزيرة.
وأوضح أن هذه الأمطار يمكن أن تتحول إلى سيول، نظراً إلى الطبيعة الجغرافية لمحافظة أسوان، حيث تتجمع الأمطار فوق قمم الجبال، وتندفع باتجاه المناطق المنخفضة والوديان مسببة السيول.
ونوه بأن التغيرات المناخية عجلت بهذه الظاهرة شهراً، هذا العام، وجعلتها تحدث في شهر أغسطس (آب)، كما أن التغيرات المناخية يمكن أن تُحدث أيضاً تغيراً في الخريطة المطرية، من خلال زيادة الأمطار المتوقعة في منطقة بعينها وقلتها بشكل لافت في منطقة أخرى، مقارنة بالمعدلات الطبيعية والمتوقعة.
وتوقع أستاذ المناخ في جامعة الزقازيق بمصر أن الأمطار التي تأثرت بها محافظات جنوب مصر وسلاسل جبال البحر الأحمر، بداية من السبت الماضي، من المتوقع أن تنتهي بنهاية هذا الأسبوع.
ونوه بأن هذه الظاهرة من الوارد أن تتكرر مرة أخرى على محافظات جنوب الصعيد وسلاسل جبال البحر الأحمر، لكن بشكل طبيعي خلال فصل الخريف الذي يبدأ في 22 سبتمبر، وأحياناً يمتد تأثير هذه الظاهرة إلى جنوب سيناء.
ولتجنب حدوث أضرار للمواطنين نتيجة الأمطار الرعدية في جنوب الصعيد وجنوب سلاسل جبال البحر الأحمر، نصحت هيئة الأرصاد الجوية المصرية بضرورة تجنب الوقوف تحت الأشجار أو أعمدة الإنارة، والابتعاد عن الأودية المنحدرة ومجرى السيول، وتخفيف السرعة، واستخدام الإشارات التحذيرية أثناء القيادة على الطريق، والتحرك إلى أقرب مبنى أو سيارة للاحتماء بها، ومتابعة النشرات الجوية للاطلاع على تحديثات الحالة الجوية.