الوحدة تجلب الكوابيس

الكوابيس هي إحدى الطرق التي تتضرّر بها جودة النوم (جامعة ولاية أوريجون)
الكوابيس هي إحدى الطرق التي تتضرّر بها جودة النوم (جامعة ولاية أوريجون)
TT

الوحدة تجلب الكوابيس

الكوابيس هي إحدى الطرق التي تتضرّر بها جودة النوم (جامعة ولاية أوريجون)
الكوابيس هي إحدى الطرق التي تتضرّر بها جودة النوم (جامعة ولاية أوريجون)

أظهرت دراسة جديدة أجراها فريق دولي من الباحثين، بقيادة جامعة «ولاية أوريجون» الأميركية، أن الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة أكثر عُرضةً لرؤية الكوابيس.

وأفادت الدراسة المنشورة في دورية «ذا جورنال أوف سيكولوجي»، بأن الشعور بالوحدة حالة منتشرة تُعيق العافية بشكل كبير، وتسبّب المعاناة في أشكال حياتية متنوعة، بما في ذلك ضَعف النوم، وأن «الكوابيس هي إحدى الطرق التي تتضرّر بها جودة النوم».

وقال كولين هيسي، أحد باحثِي الدراسة من جامعة «ولاية أوريجون» الأميركية، إن النتائج مهمة؛ لأن الشعور بالوحدة واضطرابات النوم من القضايا الصحية العامة الخطيرة.

وأضاف، في بيان منشور الثلاثاء على موقع الجامعة: «مثل هذه الاضطرابات ترتبط بزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، والسكتة الدماغية، والوفاة المبكرة».

ولاحظ باحثو الدراسة أن الضغوط التي يتعرض له الشخص جزء من الرابط بين الشعور بالوحدة وتكرار الكوابيس ومدى شدتها.

وأفادت نتائج الدراسة بأن من العوامل الأخرى التي تربط بين الشعور بالوحدة والكوابيس هي التفكير الزائد، والقلق والتوتر، والإثارة المُفرِطة كذلك، والتي توصَف بأنها حالة من اليقظة والتركيز الزائدَين، ومثل الإجهاد أو الضغوط فإن التفكير والإثارة المُفرِطة هي حالات ذهنية مرتبطة بالوحدة.

وتتوافق نتائج الدراسة مع النظرية العلمية، التي تفترض أن الشعور بالانتماء ضروري لبقاء الإنسان، وتسلّط الضوء مجدّداً على التأثير السلبي المحتمل لقلّة التواصل البشري.

وهو ما علّق عليه هيسي: «العلاقات الشخصية هي حاجة إنسانية أساسية للغاية، وعندما لا يتم تلبية حاجة الناس إلى علاقات قوية، فإنهم يعانون جسدياً وعقلياً واجتماعياً، تماماً كما يعني الجوع أو التعب أنك لم تحصل على ما يكفي من السعرات الحرارية أو النوم، فقد تطوَّر الشعور بالوحدة لينبّه الأفراد عندما لا يتم تلبية احتياجاتهم من التواصل مع الآخرين».

وتأتي النتائج التي تربط بين الوحدة والكوابيس بناءً على استطلاعات أجراها باحثو الدراسة، شملت أكثر من 1600 شخص بالغ في الولايات المتحدة، تتراوح أعمارهم بين 18 و81 عاماً.

ووفق إحصاءات طبية أميركية فإنه حتى قبل ظهور كوفيد - 19، أبلغ حوالي نصف البالغين الأميركيين عن مستويات قابلة للقياس من الشعور بالوحدة، وأن الافتقار إلى التواصل يعادل التدخين في زيادة خطر الوفاة المبكرة.

وربطت تلك الإحصائيات بين انتشار وباء الوحدة والعزلة، وزيادة خطر الإصابة بأمراض القلب، بنسبة 29 في المائة، وزيادة خطر الإصابة بالسكتة الدماغية بنسبة 32 في المائة، وزيادة خطر الإصابة بالخرف لدى كبار السن بنسبة 50 في المائة، وكذلك احتمال الوفاة المبكرة بنسبة تزيد عن 60 في المائة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الأشخاص الذين يشعرون بالوحدة غالباً ما يكونون أكثر عُرضةً للإصابة بالاكتئاب بمقدار الضِّعف من أولئك الذين نادراً ما يشعرون بالوحدة، أو لا يشعرون بها أبداً.

وقال هيسي: «من السابق لأوانه الحديث عن تدخّلات محدّدة بطريقة ملموسة، ولكن نتائجنا تتّفق بالتأكيد مع إمكانية أن يساعد علاج الوحدة في تقليل تجارب الكوابيس لدى شخص ما، وهذه إمكانية يمكن تناولها في دراسات سريرية خاضعة للرقابة».

ووفقاً لمؤسسة النوم بالولايات المتحدة، فإن ما يقدَّر بنحو 50 إلى 70 مليون أميركي يعانون من نوع ما من اضطرابات النوم.

وشدّد هيسي على أن «النوم الجيد والمريح يُعدّ محوراً للأداء الإدراكي، وتنظيم الحالة المزاجية، والتمثيل الغذائي، والعديد من الجوانب الأخرى لرفاهية الإنسان»، مؤكداً أنه «لهذا السبب من الأهمية بمكان التحقيقُ في الحالات النفسية التي تعطّل النوم، حيث يُعدّ الشعور بالوحدة من بين هذه الحالات».


مقالات ذات صلة

أسطح المطابخ المصنوعة من الحجر الصناعي قد تتسبب في مرض رئوي خطير

صحتك اكتسب الحجر الصناعي شعبية على مدى العقدين الماضيين (أ.ب)

أسطح المطابخ المصنوعة من الحجر الصناعي قد تتسبب في مرض رئوي خطير

حثت مجموعة من الأطباء على التوقف عن صنع أسطح المطابخ من الحجر الصناعي، بعد تشخيص أول ثماني حالات من مرض السحار السيليسي في المملكة المتحدة نتيجة استخدامه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الجهد العقلي الزائد يؤدي إلى رفع مستويات التوتر والإحباط أو الغضب (رويترز)

التفكير المفرط يضر بالدماغ

أكدت دراسة جديدة أن التفكير المفرط يمكن أن يضر بالدماغ؛ إذ يؤدي الجهد العقلي الزائد إلى رفع مستويات التوتر والإحباط أو الغضب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا الروبوت خلال إجراء الجراحة (شركة Perceptive)

لأول مرة في العالم... روبوت يجري عملية جراحية كاملة بالأسنان

أجرى روبوت عملية أسنان آلية بالكامل على إنسان، في سابقة هي الأولى من نوعها في العالم.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
صحتك الشرب من الزجاجات البلاستيكية قد يرفع من ضغط الدم (رويترز)

زجاجات المياه البلاستيكية قد تصيبك بارتفاع ضغط الدم

وجدت دراسة حديثة أن الشرب من الزجاجات البلاستيكية قد يرفع من ضغط الدم نتيجة دخول المواد البلاستيكية الدقيقة إلى مجرى الدم.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
صحتك تتعرض النساء لضغوط كبيرة من وسائل الإعلام ليكنّ نحيفات (أ.ف.ب)

الغربيات أقل ثقة بأجسامهن من الصينيات والأفريقيات

أظهرت دراسة جديدة أن النساء البيضاوات أقل ثقةً بأجسامهن من النساء من ثقافات أخرى.

«الشرق الأوسط» (لندن)

هدم مقابر «باب النصر» يجدد الجدل بشأن مصير جبانة القاهرة

السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)
السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)
TT

هدم مقابر «باب النصر» يجدد الجدل بشأن مصير جبانة القاهرة

السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)
السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)

تجدد الجدل مرة أخرى بشأن مصير جبانة القاهرة التاريخية، إثر بدء السلطات المصرية هدم عدد من المقابر بمنطقة «باب النصر»؛ تمهيداً لبناء جراج متعدد الطوابق قالت محافظة القاهرة إنه «سيخدم زوار المنطقة».

وعلى مدار اليومين الماضيين تداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي والمهتمون بالتراث والحضارة المصرية صوراً رصدوا خلالها أعمال الهدم الجارية بمنطقة «باب النصر». وبينما أكد عدد منهم أن «المنطقة تضم رفات رموز تاريخيّة بينهم ابن خلدون»، لم يستطع آخرون تأكيد تلك المعلومة، وإن انتقدوا استمرار «هدم جبانة القاهرة التاريخية».

هدم مقابر بباب النصر يجدد الجدل (الباحث الأثري محمد نصر)

وكتب الباحث المختص بشؤون التراث، مصطفى الصادق، في منشور عبر حسابه على «فيسبوك»، أنه «تم هدم الكثير من المقابر التي كانت موجودة أمام باب النصر في موازاة شارع البنهاوي».

وأشار إلى أن «المصادر التاريخية تؤكد أن مؤسس علم الاجتماع ابن خلدون دفن في مصر، لكن مكان قبره بالضبط يعد مجهولاً». وقال إن «الثابت لدى العديد من المؤرخين أن قبره موجود بمنطقة مقابر الصوفية في باب النصر، لكن آخرين يعتقدون أنه خارج المنطقة».

وانتقد «استمرار هدم جبانات القاهرة أياً كان المدفون فيها».

كما انتقدت عميدة كلية الآثار والتراث الحضاري بالأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، مونيكا حنا، هدم المقابر. وتساءلت، في منشور عبر حسابها على «إكس»، بشأن ما إذا كان بدر الدين الجمالي، وزير الخليفة المستنصر، مدفوناً بمنطقة باب النصر أم لا؟

وكان نائب محافظ القاهرة، اللواء إبراهيم عبد الهادي، أكد في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي، أنه «تجري إقامة جراج متعدد الطوابق لخدمة زوار القاهرة التاريخية »، مشيراً إلى «إخلاء 1171 مقبرة و49 مدفناً من مقابر المنطقة يسار باب النصر، في شارع البنهاوي».

وأصدر محافظ القاهرة، أخيراً القرار رقم 1117 لسنة 2024 بإيقاف الدفن في تلك المدافن، ونقل الرفات إلى مدافن بديلة.

بدوره، أكد أستاذ الحضارة الإسلامية بجامعة الأزهر، الدكتور أحمد سلامة، لـ«الشرق الأوسط»، أن «جبانة باب النصر تحوي مقابر حديثة، ليست أثرية أو تراثية». وأوضح سلامة، الذي أعد دراسة عن جبانة مصر التاريخية، أن «المنطقة تضم مقابر عائلية حديثة البناء بنيت على أنقاض مقابر أخرى قديمة»، نافياً ما يتردد بشأن «احتوائها على رفات شخصيات ورموز تاريخيّة مهمة».

واتفق معه أستاذ الآثار الإسلامية، الدكتور مختار الكسباني، وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن «منطقة (باب النصر) تضم مقابر عشوائية وليست تراثية»، مؤكداً أن «عمليات الإزالة والهدم التي تمت خلال الفترة الماضية لم تمس مقابر أثرية مسجلة»، مبرراً الجدل المستمر بـ«رفض الناس للتطوير ورغبتهم في بقاء مقابر ذويهم وسط الكتلة السكنية».

وتزامناً مع هدم مقابر «باب النصر»، أشارت مبادرة «حلول السياسات البديلة»، التابعة للجامعة الأميركية بالقاهرة إلى أن «عمليات إزالة الجبانات التراثية بدأت منذ عام 1952».

وشهدت السنوات الأخيرة جدلاً متكرراً وانتقادات بشأن هدم «مقابر تاريخيّة وتراثية» بمنطقتي مصر القديمة والإمام الشافعي، وعلى طريق صلاح سالم بوسط القاهرة، بدعوى تنفيذ مشاريع تطوير للمنطقة، ومحاور مرورية جديدة، في المقابل دأبت الحكومة المصرية على تأكيد «حمايتها للتراث، وأن ما تم هدمه غير مسجل بوصفه آثاراً».

السلطات المصرية تعتزم إنشاء جراج متعدد الطوابق بالمنطقة (الباحث الأثري إبراهيم طايع)

وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أمر في يونيو (حزيران) من العام الماضي، بتشكيل لجنة لتقييم الموقف بشأن نقل مقابر منطقتي السيدة نفيسة والإمام الشافعي، وأمر باختيار موقع لإنشاء «مقبرة الخالدين»، لتكون صرحاً يضم رفات الرموز المصرية المختلفة، ومتحفاً لأعمالهم.