في يوم حار من شهر يونيو (حزيران)، حين اقتربت درجة الحرارة من 40 درجة مئوية في تكساس، كان جون بوتنام، عامل الحديقة البالغ من العمر 74 عاماً، يكمل قص حشيش حديقته. وفي سعيه لمواجهة الحرارة الشديدة، شرب بوتنام نحو 10 لترات من الماء على مدار 5 ساعات، معتقداً أن ذلك سيساعده في تحمل اليوم الشاق.
ولكن بدلاً من الشعور بالانتعاش، أصيب بالغثيان والإرهاق، وشعر بألم في الصدر، وصعوبة في التنفس، عند عودته إلى المنزل.
توجه بوتنام إلى المستشفى معتقداً أنه يعاني من نوبة قلبية؛ لكن المفاجأة كانت في تشخيص الأطباء له بتسمم الماء، وهي حالة نادرة؛ لكنها خطيرة، تحدث عندما يشرب الشخص كميات كبيرة من الماء في فترة قصيرة، ما يؤدي إلى تخفيف تركيز الصوديوم في الدم.
تسمم الماء، المعروف أيضاً بنقص صوديوم الدم، يمكن أن يسبب أعراضاً تشمل: الارتباك، والغثيان، والقيء، وفي الحالات الشديدة يمكن أن يؤدي إلى نوبات أو حتى الوفاة. حسبما أفادت صحيفة «وول ستريت جورنال».
ووفقاً للدكتورة رايفن نيرن، اختصاصية التغذية في جامعة «جونز هوبكنز»، فإن أعراض تسمم الماء تشبه تلك المرتبطة بالإرهاق الحراري أو ضربة الشمس، مما يجعل من الصعب تحديد السبب الحقيقي للأعراض.
وأوضح الباحثون أن الكلى قادرة على معالجة نحو لتر من الماء في الساعة، وعندما يشرب الشخص أكثر من ذلك يبدأ في تخفيف إلكتروليتات الدم، مما يسبب خللاً في توازن السوائل في الكلى، والقلب، والكبد.
وأكدت كولين مونيوز، مديرة مركز صحة الترطيب في جامعة «هارتفورد»، أن الإفراط في شرب الماء أصبح مشكلة متزايدة؛ خصوصاً مع زيادة موجات الحرارة. وقالت: «الناس لديهم هذا الخوف من الجفاف، ويشعرون بأنهم بحاجة إلى شرب الماء بانتظام، وهذا ليس دائماً ضرورياً».
ينصح الأطباء بشرب الماء عندما يشعر الشخص بالعطش، والاعتماد على إشارات الجسم الطبيعية. وتوصي الأكاديميات الوطنية للعلوم والهندسة والطب بأن تستهلك النساء نحو 11.5 كوب من السوائل يومياً، والرجال نحو 15.5 كوب، وهذا يشمل جميع أنواع السوائل من المشروبات والطعام.
الرسالة الأهم هنا هي أن شرب الماء ضروري؛ لكن الاعتدال والتوازن هما المفتاح للحفاظ على الصحة والوقاية من المشكلات الصحية المرتبطة بالإفراط في شرب الماء.