ستيفن نيدوروشيك... من «الصبي القرد» إلى «رجل الحصان»

شكره معجبون لكونه قدوة لأطفال يحتاجون إلى ارتداء النظّارات

القصص التي تُلهِم (إ.ب.أ)
القصص التي تُلهِم (إ.ب.أ)
TT

ستيفن نيدوروشيك... من «الصبي القرد» إلى «رجل الحصان»

القصص التي تُلهِم (إ.ب.أ)
القصص التي تُلهِم (إ.ب.أ)

بدأ ستيفن نيدوروشيك يستمتع بشهرة اكتسبها حديثاً، بوصفه لاعب فيديو غريب الأطوار، يرتدي نظّارة ويحلّ «مكعّب روبيك»، لكنه اقتنص للتوّ ميداليتين برونزيتين في أولمبياد باريس، «الأمر سرياليّ. أستيقظُ في الصباح وأخاطبُ نفسي: (لقد حصلتُ على ميداليتين أولمبيتين! ذلك رائع جداً!)»، تحدّث لوكالة «أسوشييتد برس»، بينما تدلت الميداليتان من رقبته، وأشرق وجهه بضحكة عريضة، وهو يتعجّب من صعوده إلى الشهرة، وحجم الاهتمام الذي حظي به أداؤه في رياضة الجمباز.

واحتلّ لاعب الجمباز الأميركي (25 عاماً) المركز الثالث في أداء «حصان الحلق»، السبت، بعد 5 أيام من مساعدة فريق الرجال الأميركي في الفوز بالميدالية البرونزية؛ أول ميدالية أولمبية ينالها منذ 16 عاماً. وعلى امتداد المسابقات، استحوذ نيدوروشيك على قلوب مشاهدي الأولمبياد بشخصيته اللطيفة.

وانتشرت صور وفيديوهات له وهو يخلع نظّارته قبل القفز على «حصان الحلق» لأداء التمرينات. وشبّهته منشورات وتعليقات بكلارك كينت - وهو شخصية خيالية تظهر في الكتب المصوَّرة الأميركية - الذي يخلع نظّارته ويتحوّل إلى بطل. علَّق: «المنشورات مضحكة، وقد أحببتها جميعاً».

بعيداً عن المواد المنشورة عبر الإنترنت، أضاء نيدوروشيك ونظاراته على حالة العين التي تُسمَّى «الثلامة»، وتحدُث عندما يكون جزء من الأنسجة التي تتكوَّن منها العين مفقوداً. وقد أثنى على الرياضي كثيرٌ من المعجبين، وشكروه لكونه قدوة للأطفال الذين يحتاجون إلى ارتداء النظّارات.

علَّق مجدّداً: «حتى الأسبوع الماضي فقط، قابلتُ شخصاً آخر يعاني حالةَ العين مثلي تماماً»؛ وهو صبي قالت والدته إنه أراد مقابلة لاعب الجمباز البطل. وأضاف: «كانت المرّة الأولى التي أقابل فيها شخصاً من خارج عائلتي يعاني هذا المرض. كان رائعاً أن أرى ذلك. وبدا الصبي سعيداً جداً».

بدا نيدوروشيك مسترخياً، ويستمتع بلحظته؛ لكن قبل ذلك، كان يقوم بتمارين التنفُّس للحفاظ على معدّل ضربات القلب منخفضاً. طوال الوقت، قال لنفسه: «أنت متحمِّس! دعنا نبهر الناس بالأداء! ​​دعنا نذهب ونستمتع».

يُذكر أنّ «حصان الحلق» ليست رياضة يتفوّق فيها الأميركيون عادةً، لكن نيدوروشيك، المقيم في منطقة ووستر بماساتشوستس البريطانية، تدرَّب على امتهانها منذ وقت مبكر، بعدما اختار الجمباز في البداية عن طريق تسلُّق الحبال والجدران في كل مكان يمكنه الوصول إليه، الأمر الذي أكسبه لقب «الصبي القرد».

قال: «قبل تمكّني حتى من المشي، كنتُ أتسلّق الجدران في منزلي، وأُخيف جليسات الأطفال. لم يستغرق الأمر وقتاً حتى قال والداي: (يجب أن نضعه في إحدى صالات الألعاب الرياضية طوال مرحلة ما قبل المدرسة)».


مقالات ذات صلة

«أولمبياد باريس - ريشة طائرة»: الكورية آن والدنمركي أكسلسن يتوّجان بالذهب

رياضة عالمية الدنمركي فيكتور أكسلسن يحتفل بعلم بلاده بعد فوزه بذهبية فردي الريشة الطائرة (أ.ف.ب)

«أولمبياد باريس - ريشة طائرة»: الكورية آن والدنمركي أكسلسن يتوّجان بالذهب

أحرزت لاعبة كوريا الجنوبية آن سي - يونغ الميدالية الذهبية لفردي السيدات في الريشة الطائرة، بينما فاز الدنمركي فيكتور أكسلسن بذهبية الرجال.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية أجزاء من الثانية ساعدت لايلز في كسب السباق (أ.ف.ب)

كيف أصبح نواه لايلز بطلاً أولمبياً في سباق 100 متر؟

بعد مرور ستين متراً في نهائي سباق 100 متر للرجال في أولمبياد باريس ليلة الاثنين، يحتل نواه لايلز المركز الثالث. وهو متأخر بثلاثة أجزاء من المائة من الثانية.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية فازت بولندا على سلوفينيا في منافسات الكرة الطائرة للرجال (رويترز)

«أولمبياد باريس - طائرة»: بولندا تنهي سوء حظ طال 20 عاماً... وتبلغ قبل النهائي

فازت بولندا على سلوفينيا 3 - 1 في منافسات الكرة الطائرة للرجال، الاثنين، لتتجاوز أخيراً دور الـ8 بعد خروجها منه في كل الدورات الأولمبية منذ عام 2004.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية ريبيكا أندرادي (أ.ب)

«أولمبياد باريس - جمباز»: البرازيلية أندرادي تهزم بايلز... وتفوز بذهبية الحركات الأرضية

فازت البرازيلية ريبيكا أندرادي بالميدالية الذهبية في منافسات الحركات الأرضية للسيدات في أولمبياد باريس، الاثنين، متفوقة على الأميركية سيمون بايلز.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية إيمان خليف (رويترز)

«الأولمبية الدولية»: الملاكمتان إيمان ولين مستمرتان في منافسات باريس

قالت اللجنة الأولمبية الدولية، الاثنين، إن الملاكمتين اللتين دار حول أحقيتهما في المشاركة في أولمبياد باريس جدل ستستمران في المنافسات إذا واصلتا الفوز.

«الشرق الأوسط» (باريس)

49 تحفة معمارية تحكي قصة قرية على مشارف التراث العالمي

مباني ذي عين تحفة معمارية على أعتاب التراث العالمي (الشرق الأوسط)
مباني ذي عين تحفة معمارية على أعتاب التراث العالمي (الشرق الأوسط)
TT

49 تحفة معمارية تحكي قصة قرية على مشارف التراث العالمي

مباني ذي عين تحفة معمارية على أعتاب التراث العالمي (الشرق الأوسط)
مباني ذي عين تحفة معمارية على أعتاب التراث العالمي (الشرق الأوسط)

تبهرك قرية ذي عين الواقعة على مرتفعات تهامة بخصائصها ومكوناتها وأنت تجوب شوارعها وأزقتها الممهدة، وتحكي لك وأنت تناظر هذا الجمال عن تاريخها الهندسي في فن العمارة قبل مئات السنين، وكيف تكونت قصورها الـ49 في شكل هرمي على يد بنائين مهرة، جعلها هدفاً للباحثين والمهتمين بالتراث وفنون البناء.

هذا الفن والتاريخ بشقيه الثقافي والطبيعي يترقب بشغف موعد الانضمام إلى قائمة التراث العالمي في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، بعد أن عملت هيئة التراث في السعودية على تأهيل القرية وتحويلها لمركز سياحي يستقطب المهتمين والباحثين عن التاريخ المنثور في كل زوايا القرية التي اكتسبت من موقعها الجغرافي عند مدخل مدينة المخواة وبجوار وادي ذي خضرة أهمية تضاف إلى القيمة التاريخية والثقافية.

أخذت القرية في بنائها الشكل الهرمي وسط الجبال ما زاد في جمال البناء (الشرق الأوسط)

وفي محاولة لفهم هذه الجماليات المرصوصة، لا بد أن تعلم في بادئ الأمر أن هذه القصور أو المباني بنيت على تبـة صـخرية عالية يصل ارتفاعاتها إلـى 800 متـر عـن مستوى سـطح البحـر، وأن الحرفيين في تلك الحقبة وضعوا نصب أعينهم كل المقاسات على المساحات المتاحة لما يعرف حالياً بـ«الخرائط» قبل البدء في عمليات البناء وكيف تعامل الحرفيون بكل دقة مع تفاصيل ارتفاع المباني بما يتناسب ومساحة المسطحات المتاحة.

وحافظت هذه المباني التي تصل في بعضها إلى 4 طوابق على قوتها وصلابتها رغم تغير الأزمنة وتقلبات المناخ، إذ ظلت شامخة في وجه كل المتغيرات لتصبح مزاراً ووجهة سياحية يفد إليها السياح من الداخل والخارج للوقوف على هذا التاريخ في البناء والعمارة لقرية عاشت على عـين دائمـة تحـت سفح الجبل وبعد مئات السنين أخرجت مخزونها التراثي من المحلية للعالمية.

مسجد القرية الذي بني في موقع متميز على التلة (أمانة الباحة)

يحيى عارف المختص في التراث وعضو في جمعية التراث العمراني في السعودية قال لـ«الشرق الأوسط» إن قرية ذي عين التي بنيت على مساحة 15354 متراً مربعاً، كانت تسمى قديماً بقرية الرخام لوفرة هذا النوع من الصخر في القرية والذي استخدمت حجارته في الحرم المكي الشريف في فترات سابقة، موضحاً أن القرية التي يعود تاريخها لمئات السنين بنيت على جرف أبيض وحجارتها من نوع يسمى «ماربل» وهي صخور من أصل جيري تحولت بسبب عوامل الضغط والحرارة إلى هذه الحجارة الملونة والزاهية المتدرجة في طبقاتها.

وتحدث عارف عن شكل البناء قائلاً إن القرية بنيت بشكل هرمي على ثلاثة مستويات، المستوى العلوي حصون ولكن ليس بالشكل الهيكلي كباقي الحصون، ولكنها لمراقبة المزارع والحماية، إضافة إلى القصور أو المباني المنتشرة في وسط القرية، والطرق والمسجد الخاص بسكان القرية.

ولفت عضو جمعية التراث إلى أن البناء في ذي عين هو مرجع للبناء في الجزيرة العربية إذ تجد البناء في جميع القصور التراثية المتواجدة في القرية يبدأ من «المدماك» وكلما يرتفع يقل ويصغر بنحو 7 بوصات وهذا يعطي القصر التراثي خصائص مختلفة منها زيادة واستدامة عمر القصر التراثي، كما أن هذه المباني تتميز بوجود فتحات صغيرة وهي من الداخل واسعة تمكن دخول 3 أشخاص، وهذه الفتحات لها منافع جمة لقاطني القرية، إذ عمدوا في تلك السنوات إلى وضع حجر أبيض من الخارج والذي تنعكس من خلاله أشعة الشمس فتشوش على المعتدين في المواجهات المباشرة.

مباني ذي عين تحفة معمارية على أعتاب التراث العالمي (الشرق الأوسط)

وأضاف عارف أن العمارة التاريخية في مطلع القرن الأول الهجري تميزت بالشخصية المعمارية التي بنيت على أنقاض العمارة «الساسانية»، وتتضح هذه المهارة وهذا التميز في الترابط بين مسارات القرية والشكل الهندسي لكل بناية، وكذلك تصريف المياه وتوزيع المبنى من الداخل بما يتناسب واحتياج كل أسرة.

وتحدث عارف عن اللحمة الموجودة التي كانت تسود أهالي القرية، والمدعومة بالكنز الثقافي الهائل الذي تحتضنه القرية قبل مئات السنين، إضافة إلى ما كان يتحلى به قاطنو القرية من كرم وجود في استقبال الوافدين إليهم من مختلف المدن والقرى للتزود بالمياه من عينها التي لم تنضب، أو مما تحصده القرية من ثمار وذرة والدخن.

ممرات القرية من الداخل تبرهن على دور الحرفيين في عمليات البناء (الشرق الأوسط)

ومن الموروث الثقافي غير المادي، ما كان يطبق من أحكام لفض النزاعات والخلافات، إذ يروي عارف أنه كان في السابق الشيخ هو القاضي في الخصومات والخلافات بين أهالي القرية، ومن العقوبات التي كان يطبقها شيخ القبيلة ضرب «خيال المخطي» وهو عقاب نفسي يلجأ إليه القاضي وتنفيذه أمام العامة بعد صلاة الجمعة، وهذا يعطي مؤشراً على انعدام الخلاف في قرية ذي عين إذ كانت العقوبة لخلاف بين شخصين ضرب «الخيال».

وعن الانضمام لليونيسكو، قال عارف إنه في عام 2014 وافق المقام السامي على إدراج قرية ذي عين ضمن 10 قرى تراثية تتنافس للانضمام إلى اليونيسكو، وهيئة التراث تعمل على ملفي القرية الثقافي والطبيعي وقريباً ترى النور، كما انضمت القرية في 2022 لمنظمة «سلوفود العالمية» بصفة أنها عنصر غذائي.