لبنان يودّع كوليت نوفل مديرة «مهرجان بيروت الدولي للسينما»

أوصت بالحفاظ على الحريات وإعطاء الفرص لجيل الشباب

أوصت بإكمال مشوارها وإعطاء الفرص لجيل الشباب (باسم الحاج)
أوصت بإكمال مشوارها وإعطاء الفرص لجيل الشباب (باسم الحاج)
TT

لبنان يودّع كوليت نوفل مديرة «مهرجان بيروت الدولي للسينما»

أوصت بإكمال مشوارها وإعطاء الفرص لجيل الشباب (باسم الحاج)
أوصت بإكمال مشوارها وإعطاء الفرص لجيل الشباب (باسم الحاج)

ودّع لبنان، ظهر الأربعاء الفائت، كوليت نوفل، مديرة مهرجان بيروت الدولي للسينما. وكانت السبّاقة في إطلاق مشروع من هذا النوع في العاصمة في عام 1997. وأقيمت الدورة الأولى من المهرجان في وسط بيروت المدمر، قبل إعادة إعماره، وضمّ يومها عروضاً لنحو 15 فيلماً.

وعلى مرّ السنوات توسع نطاق المهرجان ليؤلّف منصة سينمائية تضم سنوياً ما بين 60 و80 فيلماً. ولم تكتف بطبعه بدمغة محلية وعربية، فزوّدته ببعد إقليمي وعالمي، واستضافت نجوم سينما عالميين لبّوا دعوتها إلى المشاركة في عدة نسخات، ومن بينهم المخرج العالمي فرانسيس فورد كوبولا الذي زار لبنان في عام 2010، وكذلك جولييت بينوش التي استضافها المهرجان في عام 2017.

أخر نسخات مهرجان بيروت الدولي السينمائي جرت في عام 2019. وفي عام 2020 أطلقته ضمن نسخة مصغّرة، بعدها غابت نوفل عن الواجهة. فالمرض كان قد بدأ يرخي بآثاره السلبية عليها.

عانت كوليت نوفل التي رحلت عن عمر يناهز الـ78 عاماً، من مرض التليّف الرئوي. ولم يستطع الأطباء إنقاذها بسبب ملامسة المرض قلبها. ولكنها بقيت صامدة ومتفائلة إلى آخر حدّ. ويقول ابن شقيقها أوليفييه نوفل في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنها استمرت حتى لحظاتها الأخيرة تعدّ في رأسها الأفكار والمشاريع المستقبلية. ويصف أوليفييه عمّته بالمرأة المحاربة من دون كلل. ويتابع: «لم تكن أبداً حزينة لحالتها. ولم تراودها أفكار سلبية عن مصيرها. فهي مشهورة بإيجابيتها التي لا تفارقها. كانت حتى وهي على فراش المرض تنظر إلى الأمام».

يقول أوليفييه إنه تأثر كثيراُ بعمّته صاحب القامة القصيرة والشخصية القوية. «كانت تبدو الأصغر بين ضيوفها في المهرجان، لكنها كانت الأكثر فاعلية وعزماً. تتمسك بقراراتها مهما واجهت من تحديات ومصاعب. لم تكترث يوماً لحواجز صادفتها فتقفز فوقها كي تعطي الفرص لصناع السينما للتعبير عن أفكارهم الحرّة».

أكثر من مرة تجاوزت كوليت نوفل مشكلات واجهتها مع لجنة الرقابة للأفلام في بيروت. وكانت في كل مرة تحارب وتجتهد كي تخرجها إلى صالات السينما.

بقيت نوفل حتى اللحظات الأخيرة تنشر إيجابيتها على المحيطين بها (باسم الحاج)

تصفها الإعلامية ريتا الحاج التي رافقتها في أيامها الأخيرة بالمرأة اللامعة في كل الميادين. امرأة لا تهدأ وبحركة دائمة تشغل نفسها باستمرار وتحرّك المحيطين بها. وتتابع: «إنها مخططة ومنظمة ومنفذة من الطراز الأول. تحب الكمال والجمال، ولا تساوم على أفكارها ولا تتنازل عنها». وعن فترة مرضها تكمل ريتا لـ«الشرق الأوسط»: «واجهت مرضها بشجاعة، وغالباً ما كانت أفكارها تتعلق بمصير من تحب. كانت تحب التحدّث عن ذكرياتها الطفولية في مدينة طرابلس. وكذلك عن هجرتها إلى أستراليا وتجربة العيش في أميركا واليابان».

من اهتماماتها الرئيسية إتاحة الفرص لعروض أفلام لم يشاهدها اللبنانيون من قبل. كما كانت تعلّق الآمال على مواهب إخراجية شبابية، فتعطيهم المساحة في نسخات مهرجانها كي يبرزوا طاقتهم ورؤيتهم في هذا المجال.

نجحت كوليت نوفل بإعطاء مهرجانها السينمائي صبغة عالمية، ففتحت الأبواب أمام مهرجانات مشابهة كانت تنظم محلياً وعربياً. فالثقة المتينة بينها وبين صنّاع سينما عالميين أسهمت في تحقيقها الانتشار العالمي.

رافقها باسم الحاج بصفته مسؤولاً إعلامياً في نسخات مهرجان بيروت الدولي للسينما. وعن ذكرياته المهنية معها يذكر لـ«الشرق الأوسط»: «لقد عملت معها من عام 2012 حتى 2019. كانت امرأة لا تشبه غيرها بغيرتها على نجاح لبنان وتسليط الضوء على دوره الثقافي. استطاعت أن تحدث الفرق من لا شيء. تحرص على معرفة جميع التفاصيل، من خلال تنظيمها البارع للمهرجان».

قدّمت كوليت نوفل نحو 18 نسخة متتالية من مهرجان بيروت الدولي للسينما. وفي دورته السابعة عشرة اختارت السجادة الزرقاء ليمر عليها المشاهير خلال حفل الافتتاح، فهي بذلك أرادت إخراجه عن المألوف وطبعه برمزية خاصة به.

ويختم أوليفييه نوفل لـ«الشرق الأوسط»: «لقد بدأت العمل معها عندما كنت يافعاً. طلبت مني أن أساعدها في تحضيراتها لنسخات المهرجان. لم تشأ أن أتميز عن غيري كونها عمّتي. فكنت الصبي الذي يحمل الأغراض والرسائل ويساعدها في تنظيم أرشيفها. لقد بدأت معها من الصفر، وأدركت بعدها أنها كانت على حق في اختيار طبيعة عملي. فمن الأرض تعلمت الكثير من التجارب التي أفادتني في ترقيتي بعدها. تعلمت منها الكثير والصورة التي أحفظها عنها محورها (المرأة المحاربة). أحاول أنا أيضاً أن أتشبه بها، وأحارب للوصول إلى أهدافي. لقد أوصتنا بإكمال مشوارها. وبالتطلع إلى لبنان أفضل من خلال الحفاظ على الحريات وإعطاء الفرص لجيل الشباب».


مقالات ذات صلة

حسن الرداد لـ«الشرق الأوسط»: اختياراتي الفنية تخالف السائد

الوتر السادس اعتاد العمل على أكثر من مشروع في وقت واحد (الشرق الأوسط)

حسن الرداد لـ«الشرق الأوسط»: اختياراتي الفنية تخالف السائد

يتطلع الفنان المصري حسن الرداد للوقوف مجدداً على خشبة المسرح من خلال مسرحية «التلفزيون» التي تجمعه وزوجته الفنانة إيمي سمير غانم

انتصار دردير (القاهرة)
الوتر السادس يعتبر هجرس التمثيل مسؤولية لقدرته على التأثير في الجمهور (حسابه على {إنستغرام})

تامر هجرس لـ«الشرق الأوسط»: ليلى علوي ساندتني في حياتي

كد الفنان المصري تامر هجرس أن نجاح فيلم «شوجر دادي» وتحقيقه إيرادات كبيرة شجعاه للمشاركة في فيلم «جوازة توكسيك» المعروض في صالات السينما راهناً

أحمد عدلي (القاهرة)
سينما فيلم «أفق: ملحمة أميركية-1» (نيولاين سينما)

كيڤن كوستنر رهن أملاكه ليصنع ملحمة عن الغرب الأميركي

أضاف مهرجان «ڤينيسيا» فيلماً آخر فوق العدد الكبير من الأفلام التي سيعرضها في دورته الـ81 التي ستقع ما بين 28 من أغسطس (آب) و9 سبتمبر (أيلول) المقبل.

محمد رُضا‬ (لندن)
سينما إيفاندرو غوميز في «بانزو» (كارلوڤي ڤاري)

شاشة الناقد: أفلام عن الهوية والعبودية

بالقرب من سواحل غينيا غرباً هناك جزيرة اسمها برنسيبي احتلتها البرتغال في القرن الـ15 ثم جلبت إليها «عبيداً» من مستعمراتها الأفريقية الأخرى

محمد رُضا‬ (لندن)
يوميات الشرق منشأة نتفليكس في العاصمة الإسبانية مدريد (الشرق الأوسط)

«نتفليكس» تتطلع لمد الجسور بين الثقافات وتمكين رواة القصص المحلية نحو العالمية

تأمل شبكة «نتفليكس»، من خلال مساعيها في تطوير صناعة الأفلام والمحتوى، في دمج القصص من منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والترويج لها نحو العالمية، وذلك من خلال…

مساعد الزياني (مدريد)

نجوم التسعينات يستعيدون الذكريات المتوهِّجة في «العالم علمين»

إطلالة خاصة لنجوم التسعينات أمام الجمهور المصري (مهرجان العالم علمين)
إطلالة خاصة لنجوم التسعينات أمام الجمهور المصري (مهرجان العالم علمين)
TT

نجوم التسعينات يستعيدون الذكريات المتوهِّجة في «العالم علمين»

إطلالة خاصة لنجوم التسعينات أمام الجمهور المصري (مهرجان العالم علمين)
إطلالة خاصة لنجوم التسعينات أمام الجمهور المصري (مهرجان العالم علمين)

بإطلالات مفعمة بالحيوية والحماسة، استعاد نجوم التسعينات مع جمهور مهرجان «العالم علمين» وهج الذكريات المقيم في أغنياتهم، والمعبِّر عن نوستالجيا لطالما لمعت في وجدان محبّي الأغنيات الشبابية.

5 مطربين، هم 5 أصدقاء ورفاق مشوار: هشام عباس، ومحمد فؤاد، وخالد عجاج، وإيهاب توفيق، وحميد الشاعري؛ صعدوا تباعاً على المسرح بمدينة العلمين الجديدة في الساحل الشمالي لمصر، ليقدّموا جولة جديدة من حفلات «كاسيت 90».

إيهاب توفيق يُشعل حفل «كاسيت 90» (مهرجان العالم علمين)

شهد الحفل، مساء الخميس، على مسرح «يو أرينا»، حضوراً كبيراً وتفاعلاً لافتاً من الجمهور مع الفنانين الخمسة، خصوصاً هشام عباس، الذي بدأ أولى الفقرات بأغنية «زمان وأنا صغيّر»، ثم قدَّم مجموعة أخرى من أغنياته، مثل «ناري نارين»، و«أحلى ما فيكي»، وشارة مسلسل «يتربّى في عزّو»، ليختم بالديو الشهير «عيني»، بعد صعود نجم التسعينات حميد الشاعري إلى المسرح لمشاركته هذه الأغنية التي قدّماها عام 1997.

نُظِّم حفل «كاسيت 90» بالتعاون بين «الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية» بمصر، و«الهيئة العامة للترفيه» السعودية، و«موسم الرياض» الذي سبق أن استضاف حفلاً مشابهاً بالاسم عينه في يناير (كانون الثاني) الماضي.

حميد الشاعري أحد نجوم التسعينات في مصر (مهرجان العالم علمين)

وتعليقاً، يرى الناقد الموسيقي المصري، محمود فوزي السيد، أنّ «جيلاً عمره الآن نحو 40 عاماً، عاش ذكرياته وحياته مع نجوم التسعينات، مما يضعه أمام حالة من النوستالجيا والبهجة، فالنجوم يغنّون لهم مرّة أخرى».

ويضيف لـ«الشرق الأوسط»: «رسَّخت حقبة نهاية الثمانينات والتسعينات الشكل الموسيقى الموجود حتى الآن، لذلك نجد حميد الشاعري مثلاً، الذي يُعدُّ قائد الطفرة الموسيقية فيها، موجوداً دائماً في حفلات (كاسيت 90)، إما بأغنياته وإما بتوزيعاته وإما موسيقاه وإما الناس الذين اكتشفهم ودعمهم».

محمد فؤاد قدَّم مجموعة من أغنياته خلال الحفل (مهرجان العالم علمين)

وخلال الحفل، قدَّم خالد عجاج مجموعة من أغنياته الشهيرة، وكذلك محمد فؤاد الذي شهد تفاعلاً كبيراً مع أرشيفه، ليختتم إيهاب توفيق بمجموعة من أغنياته بدأها بـ«سحراني».

وإذ يرى السيد أنّ «إحياء الحفل في العلمين، بعد (موسم الرياض) ولبنان، يؤكد أنّ فناني هذا الجيل قدَّموا شيئاً لا يهمد مع مرور الزمن، بدليل وفاء فئات كبيرة من الجمهور لهم واستمتاعهم بحفلاتهم»، وصف هذا الجيل الأربعيني بأنه «ربما لا يتقبّل فكرة حضور حفل لكريب أو مروان موسى أو مروان بابلو أو ويجز وغيرهم، لكن ستجده شغوفاً بحضور حفل للنجوم الذين عاش معهم، مما يفسّر نجاح حفل الأمس».

وسبق للمجموعة نفسها من المطربين، باستثناء حسام حسني بدلاً من خالد عجاج، أن قدَّمت حفلاً في لبنان، خلال يوليو (تموز) الماضي بعنوان «ديسكو 90»، بعد تألّقهم في حفل «موسم الرياض».

حفل «كاسيت 90» شهد حضوراً كبيراً (مهرجان العالم علمين)

بدورها، تصف الأستاذة في الكونسرفتوار بأكاديمية الفنون المصرية، الدكتورة رشا يحيى، استعادة أغنيات التسعينات بـ«الفكرة الرائعة»، وتقول لـ«الشرق الأوسط»: «ارتبطت بجيل في الأربعينات عاش معها شبابه وجزءاً من طفولته. تميَّزت تلك الفترة باعتمادها على أغنيات الإيقاع السريع، وكانت شبيهة إلى حد كبير بتلك الغربية، لكنها تحتفظ بسمات الموسيقى الشرقية».

وتضيف: «خلالها، شهدت الأغنية تغيّرات مهمة، فتقلّصت مدّتها إلى دقائق؛ معظمها معتمدةً على إيقاع المقسوم بشكل واحد تقريباً. وقد ارتبطنا بأصوات كثيرة، وكان حميد الشاعري أبرز الملحّنين والموزّعين آنذاك، وله الفضل في إعادة حفلات التسعينات، منذ إطلاقه أغنية (زحمة الأيام) مع مصطفى قمر وهشام عباس وإيهاب توفيق».