جون أشقر لـ«الشرق الأوسط»: ما أقدّمه على الخشبة يشبهني في الواقع

يمتاز بأسلوب «ستاند أب كوميدي» خاص به

حقق جون نجاحاً بعرضه المسرحي في «أعياد بيروت» (جون أشقر)
حقق جون نجاحاً بعرضه المسرحي في «أعياد بيروت» (جون أشقر)
TT

جون أشقر لـ«الشرق الأوسط»: ما أقدّمه على الخشبة يشبهني في الواقع

حقق جون نجاحاً بعرضه المسرحي في «أعياد بيروت» (جون أشقر)
حقق جون نجاحاً بعرضه المسرحي في «أعياد بيروت» (جون أشقر)

حقق عرض الـ«ستاند أب كوميدي» للفنان جون أشقر في مهرجانات «أعياد بيروت» النجاح المتوقع، فزحف الآلاف لمشاهدته، بعد أن كان برنامجه «طار الوقت» على شاشة تلفزيون «إل بي سي آي» العنوان الوحيد للالتقاء به أسبوعياً.

دخل جون أشقر هذا العالم بالصدفة، كما يذكر لـ«الشرق الأوسط»، فهو تخصّص في مجال بعيد كل البُعد عن الفن. وبدأ مشواره هذا على مسرح جمعية كشافة كان ينتمي إليها. وفي عام 2017 دخل هذا المعترك في عرضٍ قدّمه في منطقة مار مخايل، لكنه سجّل انتماءه الرسمي لمجال الـ«ستاند أب كوميدي» في عام 2022.

ومن يتابع جون أشقر في عروضه يلاحظ تمتّعه بأسلوب خاص. وكان لافتاً اعتماده في عروضه على التحدّث عن تجاربه الشخصية، ومن بينها طلاقه، الذي شكّل عنده صدمة نفسية وحالة إحباط قريبة من الانهيار العصبي. وهنا تسأله «الشرق الأوسط» عما إذا كانت عروضه أسهمت في تخطيه مشكلاته، وكانت بمثابة علاج لصحته النفسية.

يرد أشقر: «مررت بحالة طلاق صعبة، وتعرضت لسقطات عدة في حياتي. ولكن لا شيء يمكنه أن يحلّ مكان المعالج النفسي. وكان من البديهي أن أركن إليه كي أتخلَّص من قلقي. ولعلّ نجاحي في الـ(ستاند أب كوميدي) ينبع من اقتناعي التام بضرورة تمتعي بصحة نفسية جيدة».

يستعد جون أشقر لتقديم عرض خاص به في الأولمبياد (جون أشقر)

صحيح أن جون استخدم عروضه جسراً يتواصل من خلاله مع جمهوره العريض، فلجأ فيه أحياناً إلى نوع من الفضفضة والتحدث عن أموره الشخصية، ولكنه يشرح: «هذه الفضفضة تكون آنية، كالرسام الذي يستخدم ريشته لإخراج ما في أعماقه وترجمته بلوحة. وأستطيع الجزم بأن الكوميديا لا يمكن أن تنبع من شخص يعيش حياة مستقرة وثابتة. فهو يرى قصصه السلبية بأبعاد مختلفة، ويتناولها بسخرية».

يقول إنه في بداياته خاف؛ لأنه لا يُشبه أحداً ممّن سبقوه في المجال هذا. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «لكنني لاحظت بعدها أن هذا الأمر يعود لسبب آخر، فعلى المسرح أنا أشبه حالي في حياتي العادية. هناك اختلاف طفيف يحضر من دون شك، ولكنني بالمجمل، أعكس نفسي على الخشبة. انتقدوني في البداية كوني أعتمد رواية القصص وتطويلها، ولكن تبيّن فيما بعد أن هناك مَن يحب هذا الأسلوب؛ ولذلك يصف بعضهم أسلوبي بالمغاير، فصار جزءاً لا يتجزأ من اختلافي عن الآخرين. فأنا في حياتي اليومية أتبع الطريقة نفسها في إخبار أصدقائي قصة معينة».

هذه التركيبة التي تؤلّف أسلوب جون أشقر تلقى اليوم انتشاراً واسعاً طال دولاً عربية وخليجية وغربية. في الأشهر الثلاثة الأخيرة قدّم نحو 35 عرضاً في دول عدة، فهل هي متأتية عن أبحاث أو عن خلطة شخصية يمتلكها؟ يرد: «ما أقدّمه لا ينتمي إلى الفن المسرحي؛ إنها حوارات يتفاعل معها الجمهور. فالـ(ستاند أب كوميدي) يعتمد على هذا العنصر أولاً، و90 في المائة ممّا أسرده على الناس هو محتوى أستوحيه من يومياتي، فأنا أشكّل نموذجاً حياً من حياة لبنانيين كثيرين. وعندما يضحكون لنكات وطرائف أقصّها عليهم فلأنها تذكّرهم بأنفسهم».

ويضيف: «بالنسبة للأبحاث فهي أيضاً تؤلف جزءاً من عروضي. فقبل التوجّه إلى أستراليا أو كندا ودبي أبحث عما يعانون منه هناك، وكذلك أطّلع على طبيعة حياتهم وإيقاع يومياتهم، فأقدم عند كل جمهور أزوره محتوى ينسجم مع تفكيره. ولديَّ فريق يساعدني في هذا الأمر. فمن الصعب جداً أن يقوم الكوميدي وحده بكل هذه الأمور».

أمام الشاشة الصغيرة، وعندما أطلّ جون أشقر للمرة الأولى عبرها لم يُحقق النجاح المطلوب، فهل هو أدرك هذه النتيجة؟ وكيف واجهها؟ يقول لـ«الشرق الأوسط»: «بالطبع عرفت بالأمر، لا سيما أنني أطالب فريقي دائماً بمدّي بردود فعل الناس مهما كانت سلبية أو إيجابية. أخذتها بعين الاعتبار، وبدّلت في فقرات البرنامج، فصار يحمل قيمة فنية ومعنوية، ويثير الضحك في الوقت نفسه. تعذبت مع فريق عملي للوصول إلى هذه النتيجة، وهذه التجربة ستكمل طريقها في مواسم جديدة، وأنا على يقين بأنه يجب أن أختار خطواتي، وأن يكبر عملي رويداً رويداً، فلست مستعجلاً على شيء».

التفاعل مع الجمهور هو العنصر الأهم (جون أشقر)

يفتخر أشقر كون فريقه المساعد يتألف من شخصيات متخصصة، وبينهم أساتذة جامعيون وباحثون وإعلاميون، وهو ما يُسهم في تقديم محتوى ذي قيمة، وعلى المستوى المطلوب: «ابتعدت عن أسلوب الهرج والمرج، وفضّلت المحتوى المعزز برسالة معينة ويضحك الناس في آنٍ واحد».

قريباً يقف جون أشقر على مسرح الأولمبياد الباريسي، فشهرته تتوسع يوماً بعد يوم، وقد صقلها بالجهد؛ لأن العمل الكوميدي ليس بالأمر السهل. وهل تتمنى يوماً الوقوف على المسرح مع كوميديين عالميين؟ «لطالما تأثرت بالكوميدي جاد المالح، وتمنيت أن ألتقيه يوماً، فهو يملك أسلوباً كوميدياً يميزه عن غيره. وبالفعل حصل هذا اللقاء عندما تم اختياري لافتتاح عرضه في دبي خلال مهرجان الكوميديا، ومن ثم أعدنا الكرّة معاً، وقدّم لي فرصة ذهبية في باريس».

يعترف جون أشقر بأن الاستمرارية تقلقه، ويختم: «أخاف طبعاً على ما أنجزته حتى اليوم؛ ولكن ما يعزّيني هو فريق عملي المحترف، فهو يقوّيني ويذكّرني بإبقاء قدمي على الأرض، ويدفعني إلى إعادة النظر في قراراتي. أشعر معه بالأمان وأضمن استمراريتي، أقله لعشر سنوات مقبلة».


مقالات ذات صلة

زينة دكاش لـ«الشرق الأوسط»: مسرحية «اللي شبكنا يخلّصنا» تختصر بعض حياتي      

يوميات الشرق مسرحها محاكاة لغربة طوعية عاشتها في حياتها (صور زينة دكاش)

زينة دكاش لـ«الشرق الأوسط»: مسرحية «اللي شبكنا يخلّصنا» تختصر بعض حياتي      

أمضت زينة دكاش نحو 14 عاماً مع المساجين في لبنان تعالج أوجاعهم وآلامهم النفسية بالدراما، وكذلك أسهمت في تعديل بعض القوانين المُجحفة بحقّهم.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الأزياء لعبت دورا مهما في العرض (مخرج العمل)

«بلاي»... مسرحية مصرية تتمرد على القوالب التقليدية

مجموعة من الممثلين يحلمون بتقديم عرض مسرحي يكتب لهم الشهرة والانتشار، يحضرون بكل حماس لأداء «بروفة» جديدة من مشروعهم الوليد، لكنهم يفاجأون بغياب المؤلف والمخرج.

رشا أحمد (القاهرة )
يوميات الشرق مسرح هبة نجم تذوّقي يُشغِل الحواس بالتقاط رائحة الطعام المنبعثة من «المطبخ» (الشرق الأوسط)

«فريكة» هبة نجم... طَعْمٌ آخر للمسرح اللبناني

علاقة الأنثى بالعمّة شائكة بحجم عمقها إنْ حكمها ودٌّ خاص. في المسرحية تغدو مفتاحاً إلى الآخر، مما يُجرّدها من الشخصانية نحو احتمال إسقاطها على علاقات عاطفية.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق منصور الرحباني في عيون نجوم مسرحه

منصور الرحباني في عيون نجوم مسرحه

في ذكرى رحيل منصور الرحباني يتحدّث غسان صليبا ورفيق علي أحمد وهبة طوجي عن ذكرياتهم مع أحد عباقرة لبنان والشرق وما تعلّموا من العمل على مسرحه

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق أبطال «البقاء للأصيع» يبحثون عن كوكب آخر (فيسبوك)

زخم مسرحي مصري واسع بموسم الرياض خلال يناير

حققت العروض المسرحية المصرية زخماً كبيراً في موسم الرياض خلال شهر يناير الحالي الذي شهد 3 عروض حتى الآن، استهلتها الفنانة دنيا سمير غانم.

انتصار دردير (القاهرة )

مبيد أعشاب شائع يهدد صحة الرضع

مبيد الأعشاب الغليفوسات يُستخدم بشكل رئيس في الزراعة للقضاء على الحشائش الضارة في الحقول (جامعة أوريغون)
مبيد الأعشاب الغليفوسات يُستخدم بشكل رئيس في الزراعة للقضاء على الحشائش الضارة في الحقول (جامعة أوريغون)
TT

مبيد أعشاب شائع يهدد صحة الرضع

مبيد الأعشاب الغليفوسات يُستخدم بشكل رئيس في الزراعة للقضاء على الحشائش الضارة في الحقول (جامعة أوريغون)
مبيد الأعشاب الغليفوسات يُستخدم بشكل رئيس في الزراعة للقضاء على الحشائش الضارة في الحقول (جامعة أوريغون)

كشفت دراسة أميركية عن أن تعرض الأمهات المتزايد لمبيد الأعشاب «الغليفوسات» قد يؤثر سلباً على صحة الرضع في المناطق الزراعية، مما يؤدي إلى انخفاض أوزان المواليد وتقليل مدة الحمل.

وأوضح الباحثون من جامعة أوريغون أن النتائج تسلط الضوء على الحاجة إلى توعية المزارعين وصانعي السياسات والجمهور بشأن الآثار الصحية المحتملة للتعرض لمبيدات الأعشاب، خصوصاً في المناطق الزراعية، ونُشرت الدراسة، الثلاثاء، في دورية «وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم».

وركزت الدراسة على مبيد الأعشاب «الغليفوسات» الذي يُعد من أكثر المبيدات استخداماً عالمياً، ويُستخدم بشكل رئيس في الزراعة للقضاء على الحشائش الضارة في حقول المحاصيل مثل الذرة وفول الصويا والقطن.

ومنذ اعتماده لأول مرة في الولايات المتحدة عام 1974، شهد استخدامه زيادة كبيرة بلغت 750 في المائة مع إدخال المحاصيل المعدلة وراثياً عام 1996.

ورغم أن وكالة حماية البيئة الأميركية أعلنت عام 2020 أن استخدام «الغليفوسات» بشكل صحيح لا يشكل مخاطر صحية، فإن هذا التقييم وُوجه بتحديات قضائية وألغته لاحقاً محكمة الاستئناف الأميركية.

استخدام المبيدات شائع في المناطق الزراعية (ت: عبد الفتاح فرج)

واعتمدت الدراسة الجديدة على بيانات مستمدة من ثلاثة مصادر رئيسة، هي سجلات تطبيق المبيدات الحشرية، بيانات المحاصيل من منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو)، وسجلات المواليد في المناطق الريفية بين عامي 1990 و2013.

وشملت الدراسة أكثر من 9 ملايين سجل ولادة في المقاطعات الريفية الأميركية، حيث قام الباحثون بربط تعرض الأمهات لمبيد «الغليفوسات» مع تأثيره على أوزان المواليد ومدد الحمل.

وأظهرت النتائج أن صحة المواليد تدهورت بشكل ملحوظ بعد عام 1996 في المقاطعات التي شهدت زيادة في استخدام «الغليفوسات»، مقارنةً بالمقاطعات الأقل تعرضاً له.

وتبين أن التعرض للمبيد أدى إلى انخفاض متوسط وزن المواليد بفارق يتراوح بين 23 إلى 32 غراماً، وانخفض متوسط مدة الحمل في المناطق ذات الاستخدام المكثف للمبيد، مع تأثيرات أوضح على الأطفال الذين كان من المتوقع أن تكون أوزانهم منخفضة جداً.

وفق الدراسة، فإن الولادات المبكرة الناتجة عن التعرض للمبيد تُسبب تكاليف إضافية تصل إلى نحو 82 ألف دولار لكل حالة في الولايات المتحدة، مما يترجم إلى تكلفة اقتصادية وطنية تتراوح بين 750 مليون دولار ومليار دولار سنوياً، دون احتساب التكاليف الصحية الأخرى.

أشار الباحثون إلى أن النتائج تتحدى الافتراض السائد بأن المحاصيل المعدلة وراثياً والمبيدات المرتبطة بها آمنة للصحة.

ودعا الفريق الجهات التنظيمية إلى الاعتراف بأن التعرض لـ«الغليفوسات» يعد مصدر قلق للصحة العامة. كما شددوا على أهمية تحسين الرقابة على استخدام المبيد، وتتبع وجوده في المياه وفي التطبيقات الزراعية، بالإضافة إلى إعادة النظر في الإرشادات التنظيمية المتعلقة باستخدامه.