نديم شرفان لـ«الشرق الأوسط»: «قومي» حبّة كرز على قمة قالب الحلوى

أعلن أنه حفل يحكي عن بيروت في حبكة درامية

نديم شرفان في المؤتمر الصحافي الذي عقده في بيروت (إنستغرام)
نديم شرفان في المؤتمر الصحافي الذي عقده في بيروت (إنستغرام)
TT

نديم شرفان لـ«الشرق الأوسط»: «قومي» حبّة كرز على قمة قالب الحلوى

نديم شرفان في المؤتمر الصحافي الذي عقده في بيروت (إنستغرام)
نديم شرفان في المؤتمر الصحافي الذي عقده في بيروت (إنستغرام)

قال نديم شرفان مؤسس فرقة «مياس» الراقصة لـ«الشرق الأوسط» إن استعراضه الفني الجديد «قومي» هو بالنسبة له كحبة الكرز على قمة قالب الحلوى. وأضاف: «بعد طول انتظار أقوم بهذه الخطوة التي أُعدّها محطة مضيئة في مشواري. فهي حلمٌ أراه يتحقق أمام عينيّ. وقد استغرق العرض مني تحضيرات طويلة على مدى عام كامل. وأنا متأكد أنه سيلامس قلوب اللبنانيين على مختلف مشاربهم». وعمّا إذا كانت هناك تبديلات دائمة تشهدها الفرقة بالنسبة لعناصرها النسائية بطلات عروضه يقول: «هناك دائماً فتيات تغادرن الفرقة وتحلّ مكانهن أخريات، ولكنهن مهما اختلفن في الشكل فهنّ من معدن واحد اسمه لبنان. وعروضي الفنية تتّسم بهذا الطابع. فهو بمثابة توقيعي الدائم لها».

وكان شرفان قد عقد مؤتمراً صحافياً عشية إقامة عرضه الراقص الجديد «قومي» في 1 أغسطس (آب) على الواجهة البحرية في بيروت. وهو يعدّ الأول من نوعه في لبنان. فتحدّث بإسهاب عن الحفل كاشفاً عن عناصر فنية جديدة تكتنفه.

يستغرق العرض نحو 80 دقيقة، وتطلّ به الفرقة هذه المرة بقالب يختلف تماماً عمّا سبقه. «لقد تعوّدتم على خلطة سحرية فيها كثير من الخيال في عروضنا السابقة. هذه المرة سنضيف إليها عنصر الدراما، فتتابعون مسرحية كتبتها وأخرجتها بنفسي. وتحكي عن بيروت كما أراها في عيوني».

وأعلن شرفان خلال المؤتمر الذي عُقد في موقع الحفل أن الشِّعر والموسيقى سيُلوِّنا العمل. وتابع: «الشعر هو من تأليف علي المولى الذي ترجم به صوراً عن بيروت التي نحبّ. أمّا موسيقى المسرحية فوضعها هاري هديشيان. كما يتضمن العرض مفاجآت عدة، من بينها مشاركة لـ4 فنانات معروفات في عالم الدراما وإطلالة للفنانة عبير نعمة».

«قومي» عمل مسرحي يقدَّم لأول مرة على المسرح (إنستغرام)

الفنانات الأربع اللاتي ذكرهن شرفان هنّ ندى بوفرحات، وسينتيا كرم، وتقلا شمعون، وكارمن لبُّس. وقال إنه اختار كلّ واحدة منهن لتمثّل منطقة معينة في لبنان. «هكذا تخيلتهن خلال كتابتي قصة (قومي). أمّا عبير نعمة فستكون بمثابة صوت بيروت الملائكي. وحضورها الراقي والمرهف سيترك أثره الكبير على الحضور».

وأشاد شرفان بالشركة المتعاونة معه لإنتاج هذا العمل: «لقد قدّمت لنا كلّ ما نحتاج إليه من أجل عمل فني على المستوى المطلوب. فبيروت لن تشهد عرضاً أقل مستوى من الذي قدمناه في (أراب غوت تالانت) وغيرها من البلدان في العالم».

وأشار شرفان إلى أن هذا العمل جديد ويقدمه لأول مرة على المسرح. وأفاد بأنه يحكي بلسان بيروت التي تتوجه إلى أهلها وتحكي عن حالها. «لقد كتب علي المولى شعراً رائعاً ليُترجم هذه الصور، فتخاطب ناسها قائلة: (بمَ أتباهى وأنا المدينة التي بالكفار ابتلاها. بمَ أتباهى وابن روحي عاد روحي وفضّل عليها سواها؟)».

50 راقصة من فرقة (مياس) ستحل على المسرح خلال العرض المنتظر. وأحياناً سيصل عدد المشاركات في المسرحية، كما وصفها شرفان، إلى المائة. وأكّد أن هذا الحفل سيكون فريداً من نوعه وسيُقدّم لليلة واحدة فقط. موضحاً: «سأحكي عن بيروت المنسِيّة، وليس كما نراها اليوم. أدرك أنها اليوم ضعيفة، ولكنني سأذكّرها بنقاط القوة التي تتمتع بها».

وذكر شرفان خلال المؤتمر أن فرقة «مياس» تستعد للقيام بجولات حول العالم: «نستعد لجولة عالمية نقدم فيها المسرحية للجاليات العربية في دول مختلفة». وختم قائلاً: «هناك دائماً من يفتعل الحروب وينظمها. ونحن بدورنا نقف في مواجهة هؤلاء بالفن. ألا يحق للفنان أن يتمسك بأهدافه ويكمل مشواره مهما كانت الظروف، فيحارب على طريقته ليحافظ على الصورة المضيئة لبلده؟».

حتى الساعة لم يتقرّر بعد ما إذا فرقة «مياس» ستخصّص حفلاً خاصاً لأهل الصحافة يسبق موعد العرض الرسمي بليلة واحدة. فحسب نديم شرفان جميع بطاقات الحفل التي يتجاوز عددها 4000 بطاقة نفدت.


مقالات ذات صلة

إجبار راكب على التخلي عن مقعده بالدرجة الأولى في الطائرة... من أجل كلب

يوميات الشرق صورة نشرها المسافر للكلب على موقع «ريديت»

إجبار راكب على التخلي عن مقعده بالدرجة الأولى في الطائرة... من أجل كلب

أُجبر أحد ركاب شركة «دلتا للطيران» على التخلي عن مقعده الفاخر في الدرجة الأولى لمسافر آخر، اكتشف فيما بعد أنه كلب، الأمر الذي أثار غضبه ودهشته.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق أول كائن مولود رقمياً (متحف الحياة الريفية الإنجليزية)

«ميم» في متحف إنجليزي للمرّة الأولى

أصبحت صورة «الوحدة المطلقة» التي انتشرت بسرعة عبر الإنترنت، أول «كائن مولود رقمياً» يُعرض في المتحف الوطني للعلوم والإعلام بإنجلترا. 

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مغامرة غير محسوبة (أ.ب)

قطّ أعمى عمره 20 عاماً يعيش مغامرة على الجليد

يحبّ «تيكي»، وهو قطٌّ أعمى أبيض وأسود، عمره 20 عاماً، التجوُّل في الهواء الطلق. ولكن هذه المرّة أثار الذعر.

«الشرق الأوسط» (ماساتشوستس الولايات المتحدة)
يوميات الشرق يمكن للعواطف أن تجعل الأشياء أسهل في التذكّر (سيكولوجي توداي)

كيف تجعل ذكرياتك «تعيش مدة أطول»؟

كل لحظة وكل ذكرى تثير استجابة عاطفية معينة، ويمكن للعواطف أن تجعل تذكّر الأشياء أسهل.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
أوروبا المستشار الألماني أولاف شولتس (أ.ف.ب)

مقاضاة رجل عانق المستشار الألماني على مدرج مطار فرانكفورت

أعلن الادعاء العام الألماني في مدينة فرانكفورت عن تحريك دعوى قضائية بحق رجل عانق المستشار أولاف شولتس على مدرج مطار فرانكفورت.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)

«مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهش

مسلسل «مئة عام من العزلة» يعيد إحياء تحفة غابرييل غارسيا ماركيز الأدبيّة (نتفلكس - أ.ب)
مسلسل «مئة عام من العزلة» يعيد إحياء تحفة غابرييل غارسيا ماركيز الأدبيّة (نتفلكس - أ.ب)
TT

«مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهش

مسلسل «مئة عام من العزلة» يعيد إحياء تحفة غابرييل غارسيا ماركيز الأدبيّة (نتفلكس - أ.ب)
مسلسل «مئة عام من العزلة» يعيد إحياء تحفة غابرييل غارسيا ماركيز الأدبيّة (نتفلكس - أ.ب)

منذ اللحظة التي حصلت فيها «نتفليكس» على حقوق تصوير رواية «مائة عام من العزلة»، أدركت أنه لا يمكنها العبث بإرثٍ ثمين كهذا الإرث الذي تركه غابرييل غارسيا ماركيز.

يوم عرض المنتج الأميركي هارفي واينستين على الأديب الكولومبي عام 1994 تحويل تحفته إلى فيلم هوليوودي، أجابه ماركيز: «وحدها مائة ساعة سينمائية ربما تَفي هذه الرواية حقّها». تراجعَ واينستين أمام عناد ماركيز وشروطه التعجيزيّة، ورحل الأخير عام 2014 ليوافق ولداه رودريغو وغونزالو (بعد 5 سنوات) على تنفيذ المشروع، بالتعاون مع المنصة العالمية.

الكاتب الكولومبي الحائز على نوبل الآداب غابرييل غارسيا ماركيز (أ.ب)

بـ16 حلقة، مدّة كلٍ منها ساعة، وبفريق عمل كولومبي مائة في المائة، وباللغة الإسبانية، بدأ عرض الحلقات الـ8 الأولى من المسلسل، الذي أشرف على تفاصيله وريثا ماركيز بصفة منتجَين منفّذَين، اشترطا على «نتفليكس» أن يجري التصوير في كولومبيا، وأن يفي النص لروح الرواية، فينطق بالإسبانية. أما الممثلون فهم جميعاً كولومبيون.

ينتمي العمل إلى فئة الواقعيّة السحريّة، أي أنّ الخيال والحقيقة يتداخلان من دون أي خيطٍ رفيعٍ فاصلٍ بينهما، فيبدو السحر جزءاً طبيعياً من السرديّة. ولو قُدّر لماركيز أن يكون حياً ويتابع المسلسل، فإنّه على الأرجح كان سيبتسم إعجاباً بصورة عالية الجاذبيّة وبأداءٍ تمثيلي خارق، أخلصا لروايته المدهشة.

«بعد سنواتٍ كثيرة، وبينما كان يواجه فرقة الإعدام، عاد الكولونيل أوريليانو بوينديا بالذاكرة إلى تلك الظهيرة البعيدة، عندما أخذه والده لاكتشاف الثلج». بتلك العبارة الشهيرة، يُفتَتح المسلسل لتنطلق رحلة 7 أجيال من سلالة بوينديا. بدءاً بالوالد المؤسس خوسيه أركاديو وزوجته أورسولا، وصولاً إلى أحفاد الأحفاد الذين يحملون الأسماء واللعنات ذاتها.

في منتصف القرن الـ19، ومن قريتهما، حيث اعترضت العائلة على ارتباطهما خوفاً من غضب القدَر، ينطلق خوسيه أركاديو وأورسولا إلى بقاع كولومبيا الشاسعة. ترافقهما في الرحلة مجموعة من شبّان البلدة وشاباتها، فيؤسسون معاً بلدة ماكوندو المتخيّلة. في ذلك المكان الذي يشبه مجسّماً صغيراً للبشريّة بجمالها وبشاعتها، بيوميّاتها الاعتياديّة وغرائبها، بخَيرها وشرِّها، تكبر عائلتهما وعائلات رفاقهما، لتتحوّل القرية الصغيرة تدريجياً إلى بلدة معروفة ومقصودة، إنما مسحورة في الوقت عينه.

خوسيه أركاديو بوينديا باحثاً عن مكان في أراضي كولومبيا الشاسعة لتأسيس بلدة "ماكوندو" (نتفليكس)

ليس شبح الرجل الذي قتله خوسيه أركاديو في بداية القصة، والعائد أبداً لزيارته وزوجته، المتخيَّل الأول والأخير. ستدخل إلى ماكوندو مجموعة كبيرة من الغجر الذين سيجلبون معهم كثيراً من الغرائب والعجائب والظواهر غير المألوفة. يقع أركاديو في شَرَك ما ورائياتهم وألاعيبهم وعلم الفلك والخيمياء، فيصبح حبيس مختبره مستطلعاً النجوم والكواكب، ومحاولاً تحويل الحديد إلى ذهب. فيما أورسولا تصنع الحلوى لتبيعها وتعيل العائلة.

تنطلق الحكاية من زواج خوسيه أركاديو بوينديا وأورسولا إيغواران والذي يثير حفيظة عائلتهما وغضب القدر (نتفليكس)

لا تجتاح الغرائب ماكوندو عبر سيّد الغجر ملكياديس الذي يعود من الموت فحسب، بل تدخلها كذلك مع ريبيكا، الطفلة ذات العينَين الجاحظتَين. تطرق باب الثنائي بوينديا حاملة عظام والدَيها في كيسٍ يهتزّ وحده بين الفينة والأخرى، وتأكل التراب من الحديقة كلّما ساورتها نوبة حزن أو غضب.

على كثرتها، لا تبدو الغرائب وكل الظواهر الخارجة عن الطبيعة نافرة. فهي، وكما آمنَ بها ماركيز، جزءٌ لا يتجزَّأ من معتقدات شعوب أميركا اللاتينيّة والأساطير التي آمنت بها.

ينسحب الأداء الآسر على الممثلين الأطفال على رأسهم شخصية «ريبيكا» على يمين الصورة (إنستغرام)

كذلك يأتي الواقع ليطرق باب ماكوندو. يزورها على هيئة حكايات عشقٍ تقلب حياة أولاد خوسيه أركاديو وأورسولا رأساً على عقب، أو على هيئة قاضٍ آتٍ ليفرض القانون بواقعيّة المدن المتحضّرة. كما تدخل السياسة إلى البناء الدرامي، بصراعاتها وانتخاباتها ودمويّتها الزائدة عن حدّها أحياناً في المسلسل.

بين الواقع والخيال، لا بدّ من أن يقع المُشاهد في حب عملٍ تلفزيوني لا يقتصر تَميُّزُه على ضخامة الإنتاج (إحدى أكبر الميزانيّات الإنتاجيّة في تاريخ المنصة)، ولا على استلهامِ روح ماركيز وإحدى أجمل رواياته على الإطلاق، بل على كونِه تُحفة بصريّة لا تبالغ في توظيف العناصر الخياليّة ولا تضخّم الرموز والفانتازيا، فلا تشعر العين بالتخمة أو بالاشمئزاز.

ملصق المسلسل الكولومبي المؤلّف من 16 حلقة (نتفليكس)

لإضفاء مزيدٍ من عناصر الإقناع والبساطة إلى مشاهد السحر وكل ما هو خارق للطبيعة، تجنَّب فريق الإنتاج قدر المستطاع الاعتماد على المؤثّرات البصريّة بواسطة الكومبيوتر. في مشهد الكاهن الذي يرتفع عن الأرض مثلاً، جرت الاستعانة بحبالٍ ورافعة. أما آلاف الأزهار التي انهمرت من السماء في مشهدٍ آخر، فكلّها حقيقية، ولم تتكاثر بواسطة التكنولوجيا.

تجنّب فريق المسلسل الإكثار من العناصر البصريّة المصنوعة عبر الكمبيوتر (نتفليكس)

من دون أن يتحوّل إلى ترجمة حرفيّة للرواية الأصلية، أخلصَ مسلسل «مائةُ عامٍ من العزلة» لروحِ كِتاب ماركيز. أخذ خيالَ المؤلّف الكولومبي على محمل الجدّ، منحَه قيمة وبرعَ في إقناع المُشاهد به. بدا المسلسل لصيقاً بالأرض، بواقعيّتها وطبيعتها، على الرغم من امتلائه بمحرّكات المخيّلة. يمكن القول إنه من بين أفضل الإنتاجات الدراميّة التي نجحت في التعامل مع الواقعيّة السحريّة. وقد فرض العمل نفسه في صدارة مسلسلات 2024، مغرّداً في الوقت نفسه خارج سرب باقي الإنتاجات؛ إذ إنه لا يشبهها بشيء، لا شكلاً ولا مضموناً.

يحلّق المسلسل فوق الحقبات العابرة على ماكوندو، من خلال نقلاتٍ زمنية سلسة وسريعة لا تُغرق المُشاهد في الملل؛ كأن تعبرَ سنواتٌ بثوانٍ بصريّة ممتعة. لا يُفقد هذا الأمر النص بلاغتَه ولا القصة تفاصيلها المزخرفة بعناية. وما يساعد في ذلك، الأداء الآسر لممثلين كولومبيين غير معروفين عالمياً، إنما على مستوى عالمي من البراعة؛ على رأس هؤلاء مارليدا سوتو بدَور أورسولا، وكلاوديو كاتانيو بشخصية أوريليانو بوينديا.

قدّمت الممثلة مارليدا سوتو أداءً استثنائياً لشخصية أورسولا (نتفليكس)

لم تعلن «نتفليكس» بعد عن تاريخ عرض الجزء الثاني من المسلسل، لكن لا بدّ من فسحة يلتقط فيها الجمهور أنفاسه قبل خوض القسم الثاني من الحلم المثير للدهشة.

ووفق المعلومات، فإنّ الآتي سيحافظ على المستوى ذاته من الإدهاش. مع العلم بأنّ التصوير جرى في مكانٍ قرب ألفارادو في كولومبيا؛ حيث بُنيَت 4 نُسَخٍ من بلدة ماكوندو، تجسيداً لعبور الزمن على أجيال عائلة بوينديا.

أما المستفيد الأكبر من هذه الحركة الإنتاجية، فهم أهالي المنطقة والاقتصاد الكولومبي عموماً، الذي عاد عليه هذا النشاط بـ52 مليون دولار.