توفيق بريدي... حكاية صانع محتوى لبناني تدارك الخطأ

«توفيلوك» يُقدِّم شخصية الأم العربية بطرافة وينتصر لفلسطين

توفيق بريدي تأكّد بأنّ تسطيح المحتوى لا ينفع (حسابه الشخصي)
توفيق بريدي تأكّد بأنّ تسطيح المحتوى لا ينفع (حسابه الشخصي)
TT

توفيق بريدي... حكاية صانع محتوى لبناني تدارك الخطأ

توفيق بريدي تأكّد بأنّ تسطيح المحتوى لا ينفع (حسابه الشخصي)
توفيق بريدي تأكّد بأنّ تسطيح المحتوى لا ينفع (حسابه الشخصي)

لم يُوفَّق صانع المحتوى اللبناني توفيق بريدي، الشهيرة صفحاته باسم «توفيلوك» في بداياته. ظنَّ أنّ الحرية تُبرّر الأذى وتُخوِّل مؤيّدها التنمُّر، ولا تُحاسبه على ألفاظه. يتطلَّع إلى تلك المرحلة بالقول: «إنني نادم». يُخبر «الشرق الأوسط» أنّ المرء يبدأ متهوّراً قبل تعلُّم الدرس. هنا يعدّ للعشرة. يهدأ. يُقلِّم شطحاته. حذفُه فيديوهات البداية، إعلانُ تراجع من أجل صفحة جديدة تحقُّ لمدركي الأخطاء.

صانع المحتوى اللبناني توفيق بريدي ابتكر كاركترات طريفة (حسابه الشخصي)

كيف يُفسّر دوافع شاب تخطّى للتوّ مرحلة المراهقة لتوظيف مواقع التواصل بشكل غير لائق قبل نحو 6 سنوات؟ لِمَ فعل ذلك؟ يربط النشأة بردِّ الفعل عليها: «ولدتُ في عائلة ثرية ورأيتُ أصناف الرفاهية: السائق، وعمّال المنزل، والشيف الخاص بمطبخنا، والأسفار على مدار العام. كل ما طلبتُه حَضَر. كبرتُ مع شعور بأنه عليَّ القيام بشيء عكسي. عليَّ أن أهين وأُهان. وأن أفتعل إشكالاً. أُرجِّح أنه السبب. مع الوقت تنبّهتُ إلى خطأ هذا التصوُّر. لا يمكن للمحتوى التافه إلا إغراقي بالوحول. حذفتُ ما ظننتُ أنه من حقّي حين كنتُ طفلاً. نعم. كنتُ طفلاً في سنّ الـ18! الإنسان يتعلّم. يُخطئ ويُصحّح. يرتكب الحماقات ثم يُعاقَب بالندم».

أخضع توفيق بريدي محتواه لـ«تغيير جذري»، واليوم يتابع مئات الآلاف كاركتراته المُبتَكرة. ولكن كيف حدث طيُّ المرحلة هذا؟ متى وجَّهت الحياة إنذارها نحوه وأبلغته أنه في خطر وعليه الحذر؟ يذكر اتصالاً أجراه مع طرف إعلاني نُصِح بمخابرته بعدما راح يلحظ أنه لا يُطلَب للسوق. نظر حوله، فرأى الفرص مصوَّبة نحو آخرين بأعداد متابعين أقل. ولما حاول السعي، تلقّى الردّ القاسي: «لسنا مستعدّين للتعاون مع صانع محتوى مُلطَّخ». هنا تلقّى صفعة. لحظة الوعي حلَّت لتنقله إلى الولادة الأخرى.

توفيق بريدي واجه أخطاءه وأكمل الطريق (حسابه الشخصي)

عُرف بهوية فكاهية؛ وصفة كوميديان سبقت اسمه. ثم فضَّل مُسمَّى صانع محتوى. يذكر فترة الوباء حين جلس مع أخطائه وواجه: «في الحَجْر، قلبتُ الطاولة. ما مضى فات أوانه وعليَّ التدارُك. كنتُ من أوائل مَن برزوا عبر مواقع التواصل وتجمَّع حولهم آلاف المتابعين. ظننتُ أنّ هذا كافٍ، ولا بأس بقول أي كلام ما دام ثمة مَن يُعجَب ويُعلِّق. تبيَّن العكس الصارخ. لا! ليس بالمحتوى الهابط نستمرّ. نفضتُ توفيق كلياً. وضعتُني أمام كاركترات تُحاكي الجميع بلا خَدْش: الأم العربية والأم الأجنبية، الأخوة، والفارق بين الأم العربية والأب العربي. لقيتُ التفاعل الأوسع غير المقتصر على هواة الخواء».

يُعرِّف النضج: «حين تقدّم محتوى لا يؤذي ولا يهين ويبلغ الملايين، فأنت تنضج. تسبُّبي بإزعاج فئات أو أذية آخرين، تورُّطٌ في التخلُّف. فعلتُ ما يتوجَّب عليَّ لأنسى ارتكاباتي. ومع ذلك، لستُ أنسى. يصعُب على الإنسان تقبُّل الماضي. لكنه حصل. ينبغي التصالح مع الأخطاء في المسار نحو تخطّيها».

يروي أنَّ طعم التنمُّر عليه لا يزال عالقاً، مُرفَقاً بمحاولة «محاربة»: «كنتُ جديداً في طرحي، ولم يكُن (تيك توك) قد بلغ عزَّ حضوره. رأى كثيرون غرابة في شاب يهزأ مما حوله ولا يأبه. ولما ارتديتُ الشَّعر المستعار لأداء شخصية الأم، قوبلتُ بالاستغراب والتنمُّر أيضاً. مع الوقت، تسلَّلت الأُلفة، وراحوا يتقبّلون، فبدأ توفيق (الجديد) يحجب النسخة السابقة».

بعدما رمَّم الثقة وردَّ بعض المكانة، تلقّى اتصالات من سوق الإعلان. ولما اشتعلت غزّة، دفعه موقفه إلى مقاطعة أخرى. يقول: «جميعنا يرى الحرب الدائرة منذ 7 أكتوبر (تشرين الأول) ويتحدّثون عنها فقط. يفوتنا أنّ الصراع عمره عقود. أقرأ عما أوصل المنطقة إلى انقساماتها، وأرى الفلسطيني مسلوبَ الأرض والعيش. بصفتي صانع محتوى، من واجبي الإضاءة على معاناة شعب بأسره ضمن خريطته ومخيمات الخرائط الأخرى. قول الحقيقة مُلحٌّ. خسرتُ مئات المتابعين ممَّن يُحمِّلون الفلسطينيين مآسي أوطانهم. أقرأ التاريخ، ولكن لا ذنب لأطفال غزة وأهاليها اليوم. لا يمكن ربط المسألتَيْن وعدُّهما واحدة. وخسرتُ تعاون ماركات تجارية معي. هذا محزن لكنّ المال يُعوَّض».


مقالات ذات صلة

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

المشرق العربي جندي من قوات «اليونيفيل» في برج مراقبة قرب قرية مارون الراس اللبنانية (إ.ب.أ)

إصابة 4 من جنود «اليونيفيل» الإيطاليين في لبنان وروما تُحمّل «حزب الله» المسؤولية

أصيب 4 جنود إيطاليين في هجوم على مقر قوة الأمم المتحدة المؤقتة بلبنان «اليونيفيل» ببلدة شمع جنوب لبنان، وفق ما أعلن مصدران حكوميان، الجمعة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عاملا صحة يعتنيان بمصابة جراء الحرب في أحد مستشفيات لبنان 15 يوليو 2024 (أ.ب)

الصحة العالمية: مقتل 226 عاملاً صحياً ومريضاً في لبنان منذ بدء حرب 7 أكتوبر

قالت منظمة الصحة العالمية، اليوم (الجمعة)، إن 226 عاملاً صحياً ومريضاً قُتلوا في لبنان، فيما أصيب 199 آخرون جراء الهجمات الإسرائيلية منذ اندلاع الحرب.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي الدخان يتصاعد من موقع غارة جوية إسرائيلية استهدفت حياً في الضاحية الجنوبية لبيروت - 22 نوفمبر 2024 وسط الحرب المستمرة بين إسرائيل و«حزب الله» (أ.ف.ب)

الاتحاد الأوروبي يجدد الدعوة لوقف إطلاق نار فوري في لبنان والالتزام بالقرار «1701»

دعت بعثة الاتحاد الأوروبي إلى لبنان، اليوم (الجمعة)، مجدداً إلى التوصل لوقف فوري لإطلاق النار والالتزام بتنفيذ قرار مجلس الأمن «1701» بشكل كامل.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي تصاعد الدخان بعد غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت الجمعة 22 نوفمبر 2024 (أ.ب)

الجيش الإسرائيلي يجدد الغارات على ضاحية بيروت بعد إنذارات بالإخلاء

تجدَّدت الغارات الإسرائيلية، صباح الجمعة، على ضاحية بيروت الجنوبية عقب إنذارات وجَّهها الجيش الإسرائيلي للسكان بإخلاء 3 مواقع.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي رجال إنقاذ وسكان يتجمعون حول أنقاض مبنى دمّرته غارة إسرائيلية على قرية يونين بسهل البقاع شرق لبنان في 21 نوفمبر 2024 (أ.ف.ب)

مقتل 47 في غارات إسرائيلية على شرق لبنان

قال مسؤول لبناني إن 47 شخصاً على الأقل، قُتلوا في غارات إسرائيلية على شرق لبنان، اليوم الخميس، لتُواصل إسرائيل بذلك حملة على جماعة «حزب الله».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

عرض مسرحي
عرض مسرحي
TT

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

عرض مسرحي
عرض مسرحي

نثر مهرجان للمسرح، أقيم في درنة الليبية بعضاً من الفرح على المدينة المكلومة التي ضربها فيضان عارم قبل أكثر من عام.

ومع حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة وفنانين وممثلين ليبيين وغيرهم من الضيوف الفنانين من بعض الدول العربية، أبرزها سوريا والأردن ومصر وتونس.

الفنان صابر الرباعي

واختتم، مساء الخميس، المهرجان الذي استهل أعماله بحفل غنائي أحياه الفنان صابر الرباعي، على مسرح المدينة الرياضية، وسط حضور جماهيري وفني، محلي ومن دول عربية من بينها مصر وتونس.

وتحت شعار «درنة عادت، درنة الأمل»، دعا المهرجان سبع فرق: خمساً من ليبيا، وفرقةً من مصر، وأخرى من تونس.

أحد العروض

وعُرضت أعمال عديدة من بينها مسرحية «خرف» لفرقة الركح الدولي من بنغازي، التي أثنى عليها الجمهور، من حيث الأداء المميز لجميع الفنانين المشاركين، كما عرضت مسرحية «صاحب الخطوة» لفرقة المسرح القوريني من مدينة شحات، وجاء العرض مليئاً بالرسائل العميقة، وقد نال إعجاب الحضور.

وأعلنت إدارة المهرجان عن توزيع جوائز للأعمال المشاركة، بالإضافة لتكريم عدد من نجوم الفن في ليبيا ودول عربية.

وحاز جائزة أفضل نص دنيا مناصرية من تونس، عن مسرحية «البوابة 52»، بينما حصلت الفنانة عبير الصميدي من تونس على جائز أفضل ممثلة عن العمل نفسه.

ومن ليبيا حاز الفنان إبراهيم خير الله، من «المسرح الوطني» بمدينة الخمس، جائزة أفضل ممثل عن مسرحية «عرض مسرحي للبيع»، وذهبت جائزة أفضل إخراج للمخرج منير باعور، من المسرح الوطني الخمس عن مسرحية «عرض مسرحي للبيع».

عرض مسرحي

كما كرمت إدارة المهرجان الفنان المصري أحمد سلامة، والفنانة عبير عيسى، والإعلامية صفاء البيلي؛ تقديراً «لإسهاماتهم القيمة في مجال الفن والمسرح». وقالت إدارة المهرجان إن هذا التكريم «يعكس التقدير والاحترام للفنانين الذين ساهموا في إثراء الثقافة والفنون، ويعزّز من أهمية دعم المواهب الفنية في المجتمع».

وكانت الدورة السادسة لمهرجان «درنة الزاهرة»، وهو اللقب الذي يُطلق على هذه المدينة المعروفة بأشجار الياسمين والورد، قد ألغيت العام الماضي بسبب الدمار الذي طال معظم مبانيها التاريخية جراء الكارثة.

في ليلة 10 إلى 11 سبتمبر (أيلول) 2023، ضربت العاصفة «دانيال» الساحل الشرقي لليبيا، ما تسبّب في فيضانات مفاجئة تفاقمت بسبب انهيار سدين في أعلى مدينة درنة. وخلفت المأساة ما لا يقل عن 4 آلاف قتيل وآلاف المفقودين وأكثر من 40 ألف نازح، حسب الأمم المتحدة.

مسرح جامعة درنة

وتقول الممثلة المسرحية التونسية عبير السميتي، التي حضرت لتقديم مسرحية «الباب 52»، لـ«وكالة الأنباء الفرنسية»، «هذه أول مرة آتي فيها إلى هنا. بالنسبة لي، درنة اكتشاف. كنت متشوقة للمجيء. عندما نصل إلى هنا، نشعر بالألم، وفي الوقت نفسه، نشعر بالفرح وبأن الشعب كله لديه أمل».

بدورها، ترى الممثلة والمخرجة الليبية كريمان جبر أن درنة بعدما خيّم عليها الحزن، عادت إلى عهدها في «زمن قياسي».

جانب من تكريم الفنانين في مهرجان للمسرح في درنة الليبية (إدارة المهرجان)

ومن الكنوز المعمارية الشاهدة على الماضي الفني والأدبي الذي فقدته درنة في الفيضانات، «بيت الثقافة»، وخصوصاً «دار المسرح»، أول مسرح تم افتتاحه في ليبيا في بداية القرن العشرين.

وفي انتظار إعادة بنائه، اختارت الجهة المنظمة إقامة المهرجان على خشبات «المسرح الصغير» بجامعة درنة.

تكريم الفنانة خدوجة صبري بمهرجان للمسرح في درنة الليبية (إدارة المهرجان)

وقال المدير الفني للمهرجان نزار العنيد: «كلنا نعرف ما حدث في درنة العام الماضي، أصررنا على أن يقام المهرجان (هذا العام) حتى لو كان المسرح لا يزال قيد الإنشاء».

وأوضحت عضوة لجنة التحكيم، حنان الشويهدي، أنه على هامش المهرجان، «يُنظَّم العديد من الندوات وورش العمل التدريبية المهمة للممثلين والكتاب المسرحيين الشباب».

وتقول الشويهدي: «الصورة التي تقدمها درنة اليوم تُفرح القلب، رغم الموت والدمار»، معتبرة أن المدينة المنكوبة تظهر «بوجه جديد؛ درنة تستحق أن تكون جميلة كما يستحق سكانها أن يفرحوا».