«ذات والرداء الأحمر»... مسرحية تسلّط الضوء على «غابة السوشيال ميديا»

فرقة مصرية تستلهم القصة الخرافية برؤية عصرية

ذات ترتدي الفستان الذي صنعته لها جدتها (الشرق الأوسط)
ذات ترتدي الفستان الذي صنعته لها جدتها (الشرق الأوسط)
TT

«ذات والرداء الأحمر»... مسرحية تسلّط الضوء على «غابة السوشيال ميديا»

ذات ترتدي الفستان الذي صنعته لها جدتها (الشرق الأوسط)
ذات ترتدي الفستان الذي صنعته لها جدتها (الشرق الأوسط)

تستدعي مسرحية «ذات... والرداء الأحمر» الحكاية الخرافية الشهيرة للفتاة الصغيرة صاحبة الرداء الأحمر، المعروفة باسم «ليلى والذئب»، الفتاة التي خاضت مغامرة في الغابة لاحقها فيها الذئب، وتنكّر بصورة جدتها.

في العرض المسرحي الجديد الذي يستضيفه مسرح القاهرة للعرائس، من تأليف وليد كمال، وإخراج نادية الشويخ، ينقل فريق العمل الحكاية الخرافية إلى فضاء معاصر، حيث تواجه البطلة الصغيرة ذئاباً أخرى في غابة «السوشيال ميديا».

ذات ترتدي الفستان الذي صنعته لها جدتها (الشرق الأوسط)

لا يفارق بطلة العرض «ذات» هاتفها المحمول طيلة العرض. وتظهر في بث حي «لايف» تخاطب من خلاله متابعيها على «تيك توك» بفستانها الأحمر الذي تعتقد أنه سيجعلها مميزة و«متفردة»، فتظل متمسكة بارتدائه طيلة بثها الحي، والتي تُكثف وتيرته أملاً في جذب مليون متابع.

يتناوب أداء شخصية «ذات» كل من «الدُمية» التي ترتدي الفستان الأحمر، والفنانة الشابة ريم طارق، التي تؤدي النسخة البشرية من شخصية «ذات» وأداء الاستعراضات الحيّة على المسرح التي لحّنها الموسيقار هاني شنودة.

وفي حين تقوم الفنانة مايان السيد بالأداء الصوتي لشخصية «ذات»، تقوم الفنانة إسعاد يونس بالأداء الصوتي لدور الجدة، وتؤدي صوت الأم الفنانة هالة فاخر، التي تُسدي بنصائحها لـ«ذات» بالحذر من التحدث إلى الغرباء عبر مواقع التواصل، وتستدعي الحكايات التراثية منها قصة «ذات الرداء الأحمر»، لكن الطموح «السوشيالي» للابنة يطغى على كل حياتها.

العمل يسعى للتوعية من مخاطر الحديث للغرباء عبر مواقع التواصل (الشرق الأوسط)

يقول الكاتب وليد كمال، مؤلف المسرحية والسيناريست المصري: «عندما فكّرت في استلهام قصة (ذات الرداء الأحمر) التي تحظى بشهرة عالمية، فكّكت القصة التراثية، وأعدت طرحها من خلال رؤية عصرية، فسمّيت الفتاة (ذات)، صنعت لها جدتها رداءً أحمر، يأخذها إلى أحلام الشهرة والثراء السريع، من خلال (اللايكات) و(الريتش)».

ويضيف كمال لـ«الشرق الأوسط»: «رغم تحذيرات الأم للفتاة من الاستغراق في هذا العالم، فإنها تقع في ورطة وأزمة بعد أن يقودها أحد متابعيها إلى مكان خطر، فلا ينقذها سوى استدعاء كلمات أمها، وتساعدها جدتها في التصدي لهذا الموقف. فالمسرحية تستعير إيقاع العصر السريع الذي يعيش فيه الصغار ويتعاملون بمفردات عالم التكنولوجيا».

ويوضح الكاتب أن «أطفال العصر الحالي يواجهون تحدّيات مختلفة عمّا واجهها جيل الآباء، ويتعرضون لأزمات متنوعة على (السوشيال ميديا)، ولا يقبلون الوصايا والنصائح، لذلك فتناول هذه الحكاية من خلال الدراما، ومسرح العرائس، يستهدف توجيههم بشكل غير مباشر للحذر من التورط في الحديث إلى غرباء عبر مواقع التواصل».

علامات مواقع التواصل تسيطر على خلفية المسرح (الشرق الأوسط)

وبيّن أن الشخصيات التي تُطارد البطلة في المكان الخطر هي بمثابة الذئب في القصة التراثية، ولكن بشكل عصري، فالتفاعل مع المسرح الدّرامي للعرائس قادر على ترسيخ القيم والأفكار بصورة كبيرة.

تستهل البطلة كل «لايف» بقولها: «اسمي (ذات). أسمتني أمي على اسم بطلة الحكايات»، ووظّفت مخرجة العرض نادية الشويخ مساحات المسرح وعمقه بوضع «ماكينات» مُجسّمة تحاكي شاشات المحمول، التي تُظهر البطلة داخل إطارها وكأنها تتحدث إلى جمهور «سوشيالي» في «لايف».

كما استخدمت نغمات مواقع التواصل التقليدية بوصفها مؤثرات صوتية، مثل جرس اتصال «واتساب» الذي كانت تنتظره البطلة بفارغ الصبر، لأنه وسيلة التحدث إلى والدها الذي يعمل خارج البلاد من أجل تأمين مستقبل أسرته، في تلميح لتأثير غياب الأسرة على زيادة عزلة الأبناء وبحثهم عن عوالم موازية عبر مواقع التواصل.


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
TT

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)
«أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

أعربت الفنانة اللبنانية دياموند بو عبود عن سعادتها لفوز فيلم «أرزة» بجائزتين في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، مؤكدةً أنّ سعادتها تظلّ ناقصة جرّاء ما يشهده لبنان، ولافتةً إلى أنّ الفيلم عبَّر بصدق عن المرأة اللبنانية، وحين قرأته تفاعلت مع شخصية البطلة المتسلّحة بالإصرار في مواجهة الصعوبات والهزائم.

وقالت، في حوار مع «الشرق الأوسط»، إنّ «الوضع في لبنان يتفاقم سوءاً، والحياة شبه متوقّفة جراء تواصُل القصف. كما توقّف تصوير بعض الأعمال الفنية»، وذكرت أنها انتقلت للإقامة في مصر بناء على رغبة زوجها الفنان هاني عادل، وقلبها يتمزّق لصعوبة ظروف بلدها.

وفازت بو عبود بجائزة أفضل ممثلة، كما فاز الفيلم بجائزة أفضل سيناريو ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية»، وتشارك في بطولته بيتي توتل، والممثل السوري بلال الحموي، وهو يُعدّ أول الأفلام الطويلة لمخرجته ميرا شعيب، وإنتاج مشترك بين لبنان ومصر والسعودية، وقد اختاره لبنان ليمثّله في منافسات «الأوسكار» لعام 2025.

في الفيلم، تتحوّل البطلة «أرزة» رمزاً للبنان، وتؤدّي بو عبود شخصية امرأة مكافحة تصنع فطائر السبانخ بمهارة ليتولّى نجلها الشاب توصيلها إلى الزبائن. وضمن الأحداث، تشتري دراجة نارية لزيادة دخلها في ظلّ ظروف اقتصادية صعبة، لكنها تُسرق، فتبدأ رحلة البحث عنها، لتكتشف خلالها كثيراً من الصراعات الطائفية والمجتمعية.

دياموند بو عبود والمؤلّف لؤي خريش مع جائزتَي «القاهرة السينمائي» (إدارة المهرجان)

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم في فخّ «الميلودراما»، وإنما تغلُب عليه روح الفكاهة في مواقف عدة.

تصف بو عبود السيناريو الذي جذبها من اللحظة الأولى بأنه «ذكي وحساس»، مضيفة: «حين عرض عليَّ المنتج المصري علي العربي الفيلم، وقرأت السيناريو، وجدت أنّ كاتبيه لؤي خريش وفيصل شعيب قد قدّماه بشكل مبسَّط. فالفيلم يطرح قضايا عن لبنان، من خلال (أرزة) التي تناضل ضدّ قسوة ظروفها، وتصرّ على الحياة». وتتابع: «شعرت بأنني أعرفها جيداً، فهي تشبه كثيرات من اللبنانيات، وفي الوقت عينه تحاكي أي امرأة في العالم. أحببتها، وأشكر صنّاع الفيلم على ثقتهم بي».

عملت بو عبود طويلاً على شخصية «أرزة» قبل الوقوف أمام الكاميرا، فقد شغلتها تفاصيلها الخاصة: «قرأتُ بين سطور السيناريو لأكتشف من أين خرجت، وما تقوله، وكيف تتحرّك وتفكر. فهي ابنة الواقع اللبناني الذي تعانيه، وقد حوّلت ظروفها نوعاً من المقاومة وحبّ الحياة».

واستطاعت المخرجة الشابة ميرا شعيب قيادة فريق عملها بنجاح في أول أفلامها الطويلة، وهو ما تؤكده بو عبود قائلة: «تقابلنا للمرّة الأولى عبر (زووم)، وتحدّثنا طويلاً عن الفيلم. وُلد بيننا تفاهم وتوافق في الرؤية، فنحن نرى القصص بالطريقة عينها. تناقشتُ معها ومع كاتبَي السيناريو حول الشخصية، وقد اجتمعنا قبل التصوير بأسبوع لنراجع المَشاهد في موقع التصوير المُفترض أن يكون (بيت أرزة). وعلى الرغم من أنه أول أفلام ميرا، فقد تحمّستُ له لإدراكي موهبتها. فهي تعمل بشغف، وتتحمّل المسؤولية، وتتمتع بذكاء يجعلها تدرك جيداً ما تريده».

دياموند بو عبود على السجادة الحمراء في عرض فيلم «أرزة» في القاهرة (إدارة المهرجان)

صُوِّر فيلم «أرزة» قبل عامين عقب الأزمة الاقتصادية وانفجار مرفأ بيروت و«كوفيد-19»، وشارك في مهرجانات، ولقي ردود فعل واسعة: «عُرض أولاً في مهرجان (بكين السينمائي)، ثم مهرجان (ترايبكا) في نيويورك، ثم سيدني وفرنسا وكاليفورنيا بالولايات المتحدة، وكذلك في إسبانيا. وقد رافقتُه في بعض العروض وشهدتُ تفاعل الجمهور الكبير، ولمحتُ نساء وجدن فيه أنفسهنّ. فـ(أرزة)، وإنْ كانت لبنانية، فهي تعبّر عن نساء في أنحاء العالم يعانين ظروف الحرب والاضطرابات. وقد مسَّ الجميع على اختلاف ثقافتهم، فطلبوا عروضاً إضافية له. وأسعدني استقبال الجمهور المصري له خلال عرضه في (القاهرة السينمائي)».

كما عُرض «أرزة» في صالات السينما لدى لبنان قبل الحرب، وتلقّت بطلته رسائل من نساء لبنانيات يُخبرنها أنهن يشاهدنه ويبكين بعد كل ما يجري في وطنهنّ.

تتابع بتأثر: «الحياة توقّفت، والقصف في كل الأماكن. أن نعيش تحت التهديد والقصف المستمر، في فزع وخوف، فهذا صعب جداً. بقيتُ في لبنان، وارتبطتُ بتدريس المسرح في الجامعة والإشراف على مشروعات التخرّج لطلابه، كما أدرّس مادة إدارة الممثل لطلاب السينما. حين بدأ القصف، أصررتُ على البقاء مع عائلتي، لكن زوجي فضَّل المغادرة إلى مصر مع اشتداده».

وشاركت بو عبود العام الماضي في بطولة فيلم «حسن المصري» مع الفنان أحمد حاتم، وقد صُوّرت معظم المَشاهد في لبنان؛ وهو إنتاج مصري لبناني. كما تكشف عن ترقّبها عرض مسلسل «سراب» مع خالد النبوي ويسرا اللوزي، وبمشاركة زوجها هاني عادل، وإخراج أحمد خالد. وتلفت إلى أنه لم تجمعها مشاهد مشتركة مع زوجها بعد مسلسل «السهام المارقة»، وتتطلّع إلى التمثيل معه في أعمال مقبلة.