قرية بريطانية تكافح من أجل البقاء

الساحل يتراجع نحو 10 سنتيمترات سنوياً بسبب التآكل

منزل «شاليه» تم سحبه إلى البحر أثناء ارتفاع المد والجزر في همسبي (أ.ف.ب)
منزل «شاليه» تم سحبه إلى البحر أثناء ارتفاع المد والجزر في همسبي (أ.ف.ب)
TT

قرية بريطانية تكافح من أجل البقاء

منزل «شاليه» تم سحبه إلى البحر أثناء ارتفاع المد والجزر في همسبي (أ.ف.ب)
منزل «شاليه» تم سحبه إلى البحر أثناء ارتفاع المد والجزر في همسبي (أ.ف.ب)

تسبب تآكل الساحل في منتجع «همسبي» الذي يقع بمنطقة نورفولك في شرق إنجلترا في تهديد كبير للسكان وخسارة كل شيء بين عشية وضحاها بعدما تهدّمت منازلهم.

ويرتفع عدد سكان همسبي الذين يُعدّون نحو أربعة آلاف نسمة، ثلاث مرات في الصيف مع قدوم السياح، لكن السكان المحليين يقولون إن مصيرهم لا يمثل أولوية بالنسبة إلى السلطات المحلية.

السلطات البريطانية أجْلت آلاف الأشخاص من البلدات الساحلية (أ.ف.ب)

ومن جهته، اعتقد كيفن جوردن أنه سيمضي فترة تقاعده في الاستماع إلى صوت البحر في منزله الواقع على الساحل. وانضم جوردن الذي يقول إنه لم يتلقَ أي مساعدة من الدولة، إلى الدعوى التي أقامتها منظمة «فريندز أوف ذي إيرث» غير الحكومية تتّهم فيها الحكومة بعدم توفير الحماية الكافية للبريطانيين من التأثيرات المتوقعة لتغير المناخ. وكان مصير منزل جوردن الواقع على منحدر هش من الرمل والطين، مماثلاً لعشرات المنازل الأخرى المطلة على منتجع همسبي.

وروى جوردن البالغ 71 عاماً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، ضربت عاصفة... وبقيت تتزايد شدّتها طوال الليل». وفي اليوم التالي، وجد السكان جزءاً من الطريق مجروفاً بالمياه، والخط الساحلي أصبح أقرب؛ مما ترك منزل جوردن على مسافة خطوات من الحافة.

وأفاد تقرير قُدّم إلى مجلس نورفولك في فبراير (شباط)، بأن الساحل المحلي الذي يمتد على أكثر من 150 كيلومتراً، هو أحد أكثر المواقع تضرراً جراء التآكل في شمال غربي أوروبا.

وتوقّع التقرير ارتفاع مستوى سطح البحر 1.15 متر بحلول نهاية القرن، وإذا لم تُتّخذ أي إجراءات، سيختفي نحو ألف منزل ومحل تجاري بحلول عام 2105.

واشترى جوردن، وهو كهربائي متخصص في الغواصات، المنزل المطل على بحر الشمال بعدما فقد شريكته قبل 15 عاماً. كان يعلم أن هناك خطر التآكل، لكن الخبراء قالوا له وقتها إنه لا داعي لأن يقلق بشأن ذلك لمدة 100 عام على الأقل. وبعد العاصفة، تلقى جوردن وأربعة من جيرانه رسالة تطلب منهم الانتقال من منازلهم لأنها ستُهدم في غضون أسبوع.

ونظراً إلى أن المملكة المتحدة لا تقدّم تعويضات لضحايا تآكل السواحل، كان الحل الوحيد المتاح أمام جوردن الذي يعاني مشكلات صحية، استئجار مسكن صغير يبعد كيلومترات. والآن، لا يرى من نوافذه إلا أبنية من الإسمنت.

وقال جوردن: «في (المنزل) السابق، لم يكن هناك إلا البحر، لم يكن لدي ستائر، وكنت أرى أضواء القوارب في الليل... كان الأمر رائعا».

وفي عام 2020، قدّرت «مارين كلايمت تشينج إمباكتس بارتنرشب» أن 28 في المائة من الساحل في إنجلترا وويلز يتراجع بما لا يقل عن 10 سنتيمترات سنوياً بسبب التآكل».

وتتفاقم هذه المشكلة بسبب ظاهرة احترار المناخ؛ إذ يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى ارتفاع مستوى مياه البحر وزيادة العواصف في أشهر الشتاء والصيف.

وقالت لورنا بيفان، صاحبة إحدى الحانات في همسبي: «لِمَ لا يساعدوننا؟ يقول الناس إن ما يحدث هو أمر كان يجب أن نفكر فيه، لكن لم تكن هناك طريقة لتوقع هذا الوضع قبل عشر أو 15 سنة».

علامة خطر بالقرب من حافة منحدر في همسبي (أ.ف.ب)

وتحوّلت حانتها إلى المقر الرئيسي لمجموعة «Save Hemsby Coastline»، وتعرض خريطة تعود إلى عام 1977 تظهر نحو 100 منزل مشطوب.

تحارب بيفان ومجموعة من السكان المحليين من أجل تغيير الطريقة التي تخصص بها الحكومة التمويل لبناء دفاعات بحرية. فلا يحق لهمسبي الحصول على مساعدات؛ لأن القيمة الإجمالية لمتاجرها ومنازلها لا تعدّ كافية لجعلها مؤهلة لذلك.

وسيحضر جوردن إلى المحكمة العليا في لندن الثلاثاء والأربعاء، حيث ستجادل منظمة «فراندز أوف ذي إيرث» بأن خطط المملكة المتحدة للتكيف مع تغير المناخ لا تذهب إلى حد حماية الأشخاص المتضررين. وقال: «في اللحظة التي ستختفي فيها المنتجعات الشاطئية والمتاجر، سيموت كل شيء. ستتحول همسبي مدينة أشباح».


مقالات ذات صلة

«أرامكو السعودية» و«جالف كرايو» تتعاونان لاختبار الهيدروجين منخفض الكربون واستخلاصه

الاقتصاد صورة لممثلي «أرامكو السعودية» و«جالف كرايو» عقب توقيع الاتفاقية (أرامكو)

«أرامكو السعودية» و«جالف كرايو» تتعاونان لاختبار الهيدروجين منخفض الكربون واستخلاصه

وقّعت «أرامكو السعودية» اتفاقية مع شركة «جالف كرايو» لإجراء اختبارات على تقنيات الهيدروجين منخفضة الكربون وتخزينه في ظل الظروف المناخية الخاصة بالسعودية.

«الشرق الأوسط» (الرياض )
الاقتصاد الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

حقق 14 مبتكراً في 6 مسارات علمية جوائز النسخة الثانية من «جائزة الابتكار العالمية في تحلية المياه».

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

بعد أسبوعين من النقاشات الحامية، انتهى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية (كوب 29)، باتفاق على مضاعفة التمويل المتاح لمساعدة الاقتصادات النامية.

«الشرق الأوسط» (باكو)
يوميات الشرق عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

حذر علماء من أن الأنشطة المنزلية اليومية مثل طي الملابس والجلوس على الأريكة قد تنبعث منها سحب من البلاستيك الدقيق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)

إسبانيا تجبر السياح على كشف المعلومات الشخصية بموجب قانون جديد

فنادق وكراسي الاستلقاء للتشمس بالقرب من شاطئ في بينيدورم بإسبانيا (شاتيرستوك)
فنادق وكراسي الاستلقاء للتشمس بالقرب من شاطئ في بينيدورم بإسبانيا (شاتيرستوك)
TT

إسبانيا تجبر السياح على كشف المعلومات الشخصية بموجب قانون جديد

فنادق وكراسي الاستلقاء للتشمس بالقرب من شاطئ في بينيدورم بإسبانيا (شاتيرستوك)
فنادق وكراسي الاستلقاء للتشمس بالقرب من شاطئ في بينيدورم بإسبانيا (شاتيرستوك)

تحذر بعض التقارير من مطالب «الأخ الأكبر» في إسبانيا، بما في ذلك كشف الزوار الأرصدة المصرفية، ولكن هذه المطالب تبدو غير مبررة، حسب صحيفة «الإندبندنت» البريطانية. ومع انخفاض درجات الحرارة في المملكة المتحدة، يستعد كثير من الناس للسفر إلى الجنوب في منتصف الشتاء القارس، وتصبح إسبانيا البلد الأكثر شعبية بين المصطافين البريطانيين. ولكن بداية من يوم الاثنين المقبل، 2 ديسمبر (كانون الأول)، سيواجه السياح مزيداً من الإجراءات البيروقراطية عند التدقيق في أماكن إقامتهم أو استئجار سيارة. وينص قانون إسباني جديد - يهدف إلى تحسين الأمن - أنه يتعين على مقدمي الخدمات جمع كثير من المعلومات الجديدة من المصطافين. وتشعر وزارة الدولة لشؤون الأمن بالقلق إزاء سلامة المواطنين الإسبانيين، وتقول: «إن أكبر الهجمات على السلامة العامة ينفذها النشاط الإرهابي والجريمة المنظمة على حد سواء، في كلتا الحالتين مع طابع عابر للحدود الوطنية بشكل ملحوظ».

وتقول الحكومة إن الأجانب متورطون في «التهديدات الإرهابية وغيرها من الجرائم الخطيرة التي ترتكبها المنظمات الإجرامية». وترغب السلطات في متابعة من يقيم في أي المكان، ومراجعة التفاصيل الشخصية استناداً إلى قواعد بيانات «الأشخاص المعنيين». وكثيراً ما سجلت الفنادق بعض التفاصيل الشخصية، ولكن الحكومة تعمل على تمديد قائمة البيانات المطلوبة، وتريد أيضاً أن يسجل الأشخاص المقيمون في أماكن الإقامة بنظام «إير بي إن بي» أنفسهم.