ميشلين خليفة لـ«الشرق الأوسط»: لبنان ولّاد مواهب فنية لها مستقبل زاهر

كُرّمت مؤخراً في مهرجان الزمن الجميل

ميشلين خليفة تشارك في تكريم الفنان لطفي بوشناق («إنستغرام» الفنانة)
ميشلين خليفة تشارك في تكريم الفنان لطفي بوشناق («إنستغرام» الفنانة)
TT

ميشلين خليفة لـ«الشرق الأوسط»: لبنان ولّاد مواهب فنية لها مستقبل زاهر

ميشلين خليفة تشارك في تكريم الفنان لطفي بوشناق («إنستغرام» الفنانة)
ميشلين خليفة تشارك في تكريم الفنان لطفي بوشناق («إنستغرام» الفنانة)

لقبّها الصحافي الراحل جورج إبراهيم الخوري بـ«أسطورية الصوت». فمنذ بداياتها عاشت ميشلين خليفة نجاحات متتالية، وقدمت ثنائياً غنائياً مع المطرب التونسي لطفي بوشناق. ومن أشهر أغنياتها «أنا والأرض والنجوم»، و«مستحيل»، و«أنا في أرض الحلم» وغيرها.

كُرمت مؤخراً في مهرجان «الزمن الجميل» بوصفها صوتاً من الأصوات النسائية التي حفرت في ذاكرة اللبنانيين. وتقول لـ«الشرق الأوسط» إنها كانت سعيدة بهذا التكريم، ولفتها حضور كوكبة من الفنانين اللبنانيين والعرب على الرغم من تقدمهم بالسن. وتتابع لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المشهدية بحد ذاتها تعني لي الكثير. فأنا أملك اهتمامات خاصة بأشخاص متقدمين بالسن. فكيف إذا كانوا من أهل الفن ومن عمالقة الزمن الجميل؟».

لا تجد فرقاً شاسعاً بين فن الأمس واليوم (إنستغرام الفنانة)

تأثرت كثيراً برؤية الممثل المصري لطفي لبيب. وتعلّق: «أنا من جمهور هذا الممثل المصري الرائع. وعندما رأيته كانت سعادتي كبيرة به. ودار بيننا حديث موجز أشدت فيه بتمثيله الرائع. ووافقني الرأي بأن فيلمه (السفارة في العمارة) كان من أعماله الناجحة جداً. جميع المكرمين كانوا يشعرون بالسعادة، لأن هناك من التفت إليهم وقدّر مسيرتهم. فمنظم الحفل وصاحب فكرته الدكتور هراتش لقّبته بـ(سندباد الفن)، وإلى جانب اختصاصه في الجراحة التجميلية لا يتعب من البحث عن رموز الفن الجميل، يحمل سجادة سندباد ويجول في فضاءات عالمنا العربي يُنقّب عن كنوز الفن الأصيل».

تروي خليفة أن اختيارها لتكون ضيفة في هذا الحدث أصابها بالتردد بعض الشيء: «لست بعمر متقدم كما غيري من المكرّمين. ولكنني أحببت فكرة إلقاء الضوء على إنجازاتي في محطة فنية راقية. ولا أعلم إذا ما كانت الأجيال القادمة ستبقى تتحرّى وتبحث عن أصحاب الصوت الأصيل. وما علينا سوى عيش كل زمن بوقته لأن لكل عصر أسياده».

تعتب خليفة على وزارات الثقافة في لبنان التي تهمل الفنان اللبناني؛ «عتبي هذا ينبع من حبي لوطني، إذ أريده أن يكون في الطليعة دائماً. ومن الجميل أن تتذكر تلك الوزارات فنانيها بدل تركهم لأقدارهم. فهم ينتظرون مبادرات فردية تحمل لهم بقعة ضوء. ولكن من الأجدى لوزارات الثقافة أن تقوم بهذه المهمة، وهو من صميم واجبها الوطني».

نظرتها إلى الفن بين الأمس واليوم فيها كثيراً من التفاؤل. «لا أجد اختلافاً كبيراً بين الزمنين لأن لعبة الإبهار لا تزال هي نفسها. كما أشعر بأنها توسعت أكثر في ظل انتشار واسع يحققه الفنانون عبر السوشيال ميديا».

تتمنى على وزارات الثقافة الاهتمام بالفنان اللبناني («إنستغرام» الفنانة)

تعترف بأنها تجهل التعامل مع الصفحات الإلكترونية: «لا أحبذ هذا التواصل بيني وبين الناس، لأن الإنسانية عندي لا تُترجم افتراضياً. ولست ملمَّة بهذا المضمار».

تقول إنها أحياناً تتصفح مواقع إلكترونية بالصدفة وتكتشف أصواتاً تُنبئ بمستقبل زاهر. وتوضح في سياق حديثها: «لبنان لن يموت، وسيبقى ولّاداً لبراعم ومواهب فنية فتية تملك غداً أفضل. وكوني كلاسيكية في خياراتي وأسلوبي الغنائي، فإن الأصوات التي تلفتني تدور في هذا المحور. هذه الكلاسيكية تطبعني من رأسي حتى أخمص قدميَّ وصولاً إلى غنائي. لا شك أن هناك تراجعاً بمستوى الأعمال الفنية. كما أن هناك فنانين رائعين يلوذون بمنازلهم لأن ليس هناك من يهتم بإنتاج حفلات وأعمال لهم. ولكنني أتابع كل جديد على الساحة».

تتوجه إلى الأصوات الجميلة الشابة من دون تسميتها: «لا أحب الدخول في الأسماء والتفاصيل. ولكنني أرغب في تقديم نصيحة بسيطة لهؤلاء. ومفادها ضرورة التنبه لخياراتهم من أجل استمراريتهم. فالنجاح وحده لا يكفي ويجب دعمه بالسعي والجهد».

ابتعدتْ خليفة لسنوات عن الساحة لانشغالها بعائلتها الصغيرة: «هذا الابتعاد دفعني إلى اكتشاف أمور كثيرة مستجدة على الساحة. هناك اليوم نوع من الصراع بين كثافة الأصوات والأصالة. والأسوأ هو أن هناك دعماً لأصوات لا تستأهل ذلك. وبسبب هذه الموجة نشهد أعمالاً هابطة لا تليق بتاريخ لبنان الفني».

وعمّا إذا كان هناك من يمكن أن تسمّيه خليفةً لها ترد: «لا أحد يمكنه أن يخلف أي فنان. في بداياتي كانوا يلقبونني بـأم كلثوم لبنان. ولكنني كنت أدرك تماماً أنني لم ولن أكون يوماً خليفةً لها. فلكل فنان شخصيته وهويته وصوته المميز. يمكن لأصوات خلّدت أن تشكل مدارس فنية لجيل جديد ليس أكثر. وأحياناً لا أتوانى عن انتقاد نفسي في أثناء الغناء. فعلى الفنان أن يعرف حدوده ويكون مصدر سلام لنفسه».

تقول إنها كلاسيكية من رأسها حتى أخمص قدميها («إنستغرام» الفنانة)

تشبّه الساحة الفنية بطبق الفريكة، الذي يجب أن يغربَل جيداً قبل طهيه: «أعتقد أن عدم التدقيق بالأصوات وغربلتها تولّد فناً غير ناضج، تماماً كحبات الفريكة غير المنقّاة. فنحن لا نريد فناً مقرمشاً بل سلساً وعذباً بأصوات أصحابه وخياراتهم».

تغادر ميشلين خليفة في 16 يوليو (تموز) إلى تونس للمشاركة في تكريم الفنان لطفي بوشناق: «سنقف معاً على المسرح لتأدية أغنية (العين اللي ما تشوفكشي). هذه الأغنية تلاقي رواجاً كبيراً اليوم، ويغنيها مطربون من الخليج العربي. وبدعوة من وزارة الثقافة التونسية سأشارك في هذا التكريم لواحد من أهم فنانينا العرب».



9 أفلام عربية للمشاركة في «لوكارنو السينمائي»

لقطة من فيلم المخرج التونسي عبد اللطيف كشيش المشارك في «لوكارنو» (مهرجان كان)
لقطة من فيلم المخرج التونسي عبد اللطيف كشيش المشارك في «لوكارنو» (مهرجان كان)
TT

9 أفلام عربية للمشاركة في «لوكارنو السينمائي»

لقطة من فيلم المخرج التونسي عبد اللطيف كشيش المشارك في «لوكارنو» (مهرجان كان)
لقطة من فيلم المخرج التونسي عبد اللطيف كشيش المشارك في «لوكارنو» (مهرجان كان)

تشهد الدورة الـ78 لـ«مهرجان لوكارنو السينمائي» بسويسرا، حضوراً عربياً لافتاً؛ حيث تشارك أفلام عربية في عدد من أقسام المهرجان الذي يضم 11 قسماً، ومن المقرر أن يشارك في الدورة الجديدة التي تنطلق بين 6 و16 أغسطس (آب) المقبل، كل من: العراق، وفلسطين، وتونس، ولبنان، بـ9 أفلام، من بينها 7 أفلام في عرضها العالمي الأول.

وأعلن مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» عن دعمه 3 أفلام تشارك في «مهرجان لوكارنو السينمائي» بنسخته لعام 2025 عبر «مؤسسة البحر الأحمر»، وهي: «أركالا- حلم كلكامش» من إخراج العراقي محمد الدراجي، وفيلم «اغتراب» للمخرج التونسي مهدي هميلي، إلى جانب الفيلم الكازاخستاني «الصيرورة» من إخراج جنات الشانوفا.

وتبرز مشاركات السينما العراقية بشكل خاص في الدورة الـ78؛ إذ يقدم محمد الدراجي في فيلمه «أركالا– حلم كلكامش» رؤية لملحمة «جلجامش» عبر أجواء معاصرة، من خلال طفل مشرد مصاب بداء «السكري»، يحاول إقناع صديقه المقرب جلجامش الأسطوري بأخذه إلى عالم أركالا السفلي، ويعرض الفيلم بقسم «الساحة الكبرى»، بينما تدور أحداث الفيلم التونسي «اغتراب» داخل أكبر مصنع للصلب بتونس؛ حيث يعاني 4 عمال اضطرابات نفسية وجسدية ويطاردهم فقدان زميلهم.

ملصق الفيلم التونسي «اغتراب» (مهرجان البحر الأحمر)

ويعود المخرج العراقي عباس فاضل بفيلمه الوثائقي «حكايات الأرض الجريحة» بمشاركة زوجته المنتجة اللبنانية نور بالوك، ويرصد من خلاله وقائع الحرب اللبنانية ومعاناة اللبنانيين في مواجهتها. ويشارك الفيلم في المسابقة الرئيسية.

ويلفت الناقد العراقي مهدي عباس إلى أن فيلم «أركالا- حلم كلكامش» أُنتج بمشاركة كل من: السعودية، وقطر، والإمارات، وبريطانيا، وفرنسا، إلى جانب العراق. وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «فيلم المخرج عباس الفاضل (حكايات الأرض الجريحة) يُعد إنتاجاً لبنانياً، وهو الجزء الثاني من فيلمه الوثائقي (حكايات المنزل البنفسجي) الذي رصد وقائع الحرب في لبنان»، مؤكداً أن المخرج يهتم كثيراً بالأفلام الوثائقية الطويلة، وسبق أن قدم فيلم «العراق... صفر واحد» في 5 ساعات.

ويشير عباس إلى أن ثالث مشاركة عراقية في «لوكارنو» هذا العام للفيلم الوثائقي الطويل «خالدون» وهو من إنتاج العراقي محمد الغضبان، وبمشاركة سويسرية وإخراج ماياتسومي، وقد حاز جائزة أفضل وثائقي بمهرجان «صندانس» ويعرض خارج المسابقة.

الفيلم الكازاخستاني الذي حاز دعم «مؤسسة البحر الأحمر» (مهرجان البحر الأحمر)

ويؤكد مهدي عباس أن «الحضور الذي تحققه السينما العراقية في المهرجانات الدولية على غرار مهرجان (كان) الذي تُوِّج فيه العراق بجائزتين مهمتين، يأتي في ظل منحة دعم السينما التي أقرها مجلس الوزراء العراقي، والتي أوجدت حركة سينمائية نشطة للشباب والرواد»، متوقعاً أن يتجاوز الإنتاج العراقي الطويل 20 فيلماً هذا العام، وأن تشارك أفلام أخرى في مهرجانات كبرى وتحصد جوائز.

كما تشارك تونس بفيلمين: الأول للمخرج والممثل عبد اللطيف كشيش، وهو بعنوان «Mektoub,My love: Canto Due» الذي يشارك في المسابقة الرسمية، ويعرض الفيلم رحلة أمين الذي يعود إلى بلدته ليقابل عائلته وأصدقائه. ويعدّ هذا العمل الجزء الثالث لفيلميه: «Intermezzo» و«Canto Uno»، بينما يشارك المخرج مهدي هميلي بفيلمه «Exile» (المنفى)، الذي يُعرض بالقسم الرسمي (خارج المسابقة).

وينضم لقائمة أفلام المسابقة الرسمية التي تضم 17 فيلماً، المخرج الفلسطيني كمال الجعفري بفيلمه الوثائقي «مع حسن في غزة» الذي يُوثق من خلاله الحياة في غزة، من خلال شرائط فيديو عثر عليها قبل الحرب.

وفي إطار دعمه للمواهب الشابة يخصص مهرجان «لوكارنو» قسماً للأصوات الصاعدة بالسينما المستقلة، وينضم الفيلم السوداني القصير «جهنمية» للمخرج السوداني ياسر فايز للمشاركة في هذا القسم.

ملصق الفيلم العراقي المشارك في «مهرجان لوكارنو» (مهرجان البحر الأحمر)

وعَدّ الناقد الفني المصري أندرو محسن «مهرجان لوكارنو»: «من المهرجانات الكبيرة ذات التاريخ الطويل في أوروبا»، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه «منذ تولى مديره الفني جيونا نازارو منصبه وهناك فارق في نوعية اختيارات أفلامه، ما بين الحفاظ على ما يميز المهرجان، وإيجاد مساحة للأفلام التجريبية، وكذلك الاهتمام بالسينما العربية. وقد شهد المهرجان تكريم المخرج يسري نصر الله قبل عامين، وعرض نسخة مرممة لفيلمه (باب الشمس)، وكذلك عرض أفلام مهمة، مثل فيلم المخرجة الفلسطينية مها الحاج (ما بعد)».

وختم محسن قائلاً: «الحضور العربي موجود وواضح هذا العام، وبشكل خاص للمخرجين العراقيين، مثل عباس فاضل ومحمد الدراجي، والأفلام التونسية والفلسطينية التي تشارك فيه».