«جوازة توكسيك»... كوميديا اجتماعية تحذر من «العلاقات السامة»

الفيلم المصري يقدم ليلى علوي وبيومي فؤاد زوجين للمرة الثالثة

لقطة تجمع أبطال الفيلم على أحد شواطئ الغردقة (الشركة المنتجة)
لقطة تجمع أبطال الفيلم على أحد شواطئ الغردقة (الشركة المنتجة)
TT

«جوازة توكسيك»... كوميديا اجتماعية تحذر من «العلاقات السامة»

لقطة تجمع أبطال الفيلم على أحد شواطئ الغردقة (الشركة المنتجة)
لقطة تجمع أبطال الفيلم على أحد شواطئ الغردقة (الشركة المنتجة)

يخوض فيلم «جوازة توكسيك» الذي بدأ عرضه 3 يوليو (تموز) الحالي، بمصر سباق أفلام الموسم الصيفي، ويبدو ملائماً تماماً لتوقيت عرضه، فأحداثه تدور في الغردقة، وتم تصوير أغلب مشاهده على شواطئ البحر الأحمر، ومياهه الفيروزية، حيث الانطلاق والمرح بمشاركة عشرات الأجانب.

يكمل هذا الفيلم ثلاثية سينمائية جمعت بطليه، ليلى علوي وبيومي فؤاد، مع مؤلفه لؤي السيد، ومخرجه محمود كريم، بعد لقائهم الأول في «ماما حامل» عام 2021، والثاني في «شوجر دادي» عام 2023، مع اختلاف الشخصيات والأحداث، لكن علاقتهما كزوجين في الأفلام الثلاثة واحدة، وإن تباينت الأزمات بينهما في كل فيلم.

في «جوازة توكسيك» تنشأ قصة حب بين «كريم» و«فريدة» (محمد أنور وملك قورة) اللذين يلتقيان في دبي، حيث يعملان، ويقرر «كريم» اصطحابها لمقابلة أسرته بمصر، لكن الأب «حسين» (بيومي فؤاد) والأم «نوال» (ليلى علوي) يصطدمان بأن العروس تبدو «منفتحة» في مظهرها وأسلوب حياتها، ويقرران أنها لا تصلح لابنهما، فهي لا تشبههم.

يدفعهما الابن للسفر معه إلى الغردقة، حيث يقيم والدا العروس، فيقرران السفر معه لإفشال الزيجة، بينما يتردد قرار الطلاق بين «نوال» و«حسين»، إذ تشعر نوال بالغُبن والتعاسة في حياتها، وتواجه زوجها قائلة: «حياتنا جافة ليس بها مشاعر الحب، 25 سنة تحملت إنساناً بخيلاً»، ويتفقان على الطلاق بعد إفشال زيجة الابن.

أفيش الفيلم (الشركة المنتجة)

من ناحية أخرى يقدم الفيلم النموذج المناقض لعائلة حسين ونوال، وهما والدا العروس (تامر هجرس وهيدي كرم) اللذان يمارسان حياتهما بحرية ويمنحان لابنتهما وشقيقها كل الحرية، ويثير التناقض بين العائلتين مواقف كوميدية.

تتعقد العلاقة بين العروسين رغم حبهما، بتدخل الأهل والوقيعة بينهما، ويفشل مشروع زواجهما، لكن أحداثاً ومفاجآت عديدة تكون بانتظارهما مع مشهد النهاية.

وبحسب مخرج الفيلم محمود كريم فإن «(جوازة توكسيك) لا علاقة له بالفيلمين السابقين (ماما حامل) و(شوجر دادي) وإن ظهور بطليه ليلى علوي وبيومي فؤاد معاً للمرة الثالثة أوحى للبعض بأنها سلسلة، لكنها في الواقع أفلام مختلفة عن بعضها».

ليلى علوي وبيومي فؤاد دويتو فني للمرة الثالثة (الشركة المنتجة)

وينفي محمود في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «وجود تخطيط مسبق من جانب فريق العمل لتقديم ثلاثة أفلام متتالية»، مؤكداً أن «النجاح الذي تحقق أدى لمزيد من التعاون».

وحول مَن ينطبق عليه عنوان الفيلم يقول: «الرباعي الكبار، ليلى وبيومي وتامر وهيدي، الذين حولوا علاقة الحب بين الشاب والفتاة لعلاقة سامة»، مشيراً إلى أن «الفيلم قدم عائلتين مختلفتين، فرغم أنهما قد تكونان بالمستوى المادي بنفس، فإن إحداهما منغلقة على نفسها والأخرى منفتحة للغاية، وتحكم كل منهما طريقة تفكير مختلفة»، مؤكداً أن «الفيلم يدعو للوسطية، لأن خير الأمور الوسط، والتشدد ليس مطلوباً لأنه سيجعل حياة الناس سامة».

وتظهر ليلى علوي في الفيلم بمرحلتين مختلفتين بين الانغلاق والانفتاح في أسلوب تفكيرها ومظهرها، يقول المخرج إن «التغيير حدث حينما أيقنت (نوال) أنها لا بد أن تحب نفسها قليلاً»، مؤكداً أن «الفيلم يحمل رسائل اجتماعية مهمة».

ولأول مرة يشارك المطرب العراقي ماجد المهندس بالغناء في فيلم سينمائي بأغنية «لو زعلان» ضمن أحداث الفيلم، وهي من كلمات محمد البوغة، وألحان محمود الخيامي.

ويرى الناقد طارق الشناوي أن لفظ «توكسيك» ينطبق على الشخصية التي يؤديها بيومي فؤاد لأنه يُشعر مَن حوله بالتعاسة، فهو الزوج البخيل في إسعاد أسرته، بينما علاقة محمد أنور وملك قورة لا ينطبق عليها هذا المعني، مؤكداً أن «الفيلم يناقش ثقافتين مختلفتين في التفاصيل كافة».

وعن مستوى الكتابة، قال الشناوي إن «غالبية المواقف الدرامية ليس بها ابتكار، ولا تنطوي على حالة خاصة، ما يفقد العمل حيويته».

ليلى علوي وبيومي فؤاد في أحد مشاهد الفيلم (الشركة المنتجة)

ووفق الناقد المصري فإن ليلى علوي قدمت دورها بخفة دم وتفهم. وأعرب عن سعادته بعودة هيدي كرم للسينما لأنها مقلة في ظهورها.

وعلق الشناوي إلى أن محمد أنور رغم مساحة دوره الكبيرة في الفيلم فإنه لم يستطع الإمساك بتفاصيل الشخصية، ولم يكن مقنعاً رغم ظهوره في أعمال أخرى بأداء أعلى، وأن هذه بالطبع مسؤولية المخرج، بينما يرى أن ملك قورة وجه مطمئن فنياً، وأن تامر هجرس تم توظيفه بشكل جيد.


مقالات ذات صلة

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

يوميات الشرق الفنان المصري أحمد زكي قدم أدواراً متنوعة (أرشيفية)

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عرض مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، ضمن سيناريو العرض الخاص بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق وصيفات العروس يبتهجن في حفل زفافها بالفيلم (القاهرة السينمائي)

«دخل الربيع يضحك»... 4 قصص ممتلئة بالحزن لبطلات مغمورات

أثار فيلم «دخل الربيع يضحك» الذي يُمثل مصر في المسابقة الدولية بمهرجان «القاهرة السينمائي» في دورته الـ45 ردوداً واسعة.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من مهرجان «القاهرة السينمائي» (رويترز)

أفلام فلسطينية ولبنانية عن الأحداث وخارجها

حسناً فعل «مهرجان القاهرة» بإلقاء الضوء على الموضوع الفلسطيني في هذه الدورة وعلى خلفية ما يدور.

محمد رُضا (القاهرة)
يوميات الشرق صناع الفيلم بعد العرض الأول في المهرجان (القاهرة السينمائي)

مخرج مصري يوثّق تداعيات اعتقال والده في الثمانينات

يوثق المخرج المصري بسام مرتضى في تجربته السينمائية الجديدة «أبو زعبل 89» مرحلة مهمة في حياة عائلته.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق كشف عن نقاط اتفاق وخلاف مع أستاذه المخرج يوسف شاهين

يسري نصر الله: أفلامي إنسانية وليست سياسية

قال المخرج المصري يسري نصر الله، إنه لم يقدم أفلاماً سياسية في مسيرته سوى فيلم «الماء والخضرة والوجه الحسن» الذي تحدث عن العيش والحرية والكرامة.

انتصار دردير (القاهرة )

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)
جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)
TT

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)
جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

واحد من الأعمال الفنية التي يُفترض ألا تُفوّت، هو «نشيد الحب» ويُعرض في «جناح نهاد السعيد» الذي افتتح حديثاً، ملحقاً بـ«المتحف الوطني اللبناني».

تجهيز شرقي، وهذا نادراً ما نراه، بارتفاع 6 أمتار، يملأ ما يوازي غرفة كبيرة، مركّب من تحف وأثريات حرفية، من الخشب والنحاس، والزجاج والحديد والقماش، ومواد أخرى كثيرة، يعود عمر بعضها إلى 200 سنة وأكثر.

ركّب الفنان ما يشبه الثريا المتدلّية من السّقف (خاص الشرق الأوسط)

فلا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني الذي تستدعي زيارته الدخول إليه، والتجول في أنحائه، تفحّصه قطعة بعد أخرى، التّمعن في أبيات شعر محفورة هنا، وأشكالٍ هندسية هناك. ولا بدّ أيضاً أن تزور التّجهيز بالالتفاف حوله لاكتشاف مختلف جوانبه. لا بل قد يحلو لك أن تعود تكراراً إلى هذه التحفة الإبداعية، لتستمتع بتفاصيلها الصغيرة الكثيرة، التي تميزت بها حرفياتنا الشرقية.

ألفريد هو سليل عائلة اشتغلت لأجيال في بيع التّذكارات والقطع الحرفية، وفي تنفيذ الحَفريات على النحاس والخشب والزجاج، وإليها يعود الفضل في تزيين أجمل القصور في دمشق وحلب وطرابلس وبيروت، ومدن أخرى في المنطقة. ورِث ألفريد عن عائلته تركة ثمينة، بعضها من أعمالهم وبعضها الآخر اقتنوه بمرور الوقت ليعيدوا بيعه. وجد الفنان نفسه أمام ثروة، لا متحف مخصصاً لعرضها، أو وسيلة ناجعة للاستفادة منها، فكانت سلسلة تجهيزات كلّ واحد منها تحفة يتوقف عندها الزمن. وقد شغلته في السنوات السابقة بشكل خاص تيمة الحرب، لكنه هذه المرة، يغوص في الذاكرة بطريقة أخرى.

والدة ألفريد عالمة الآثار التي تتوسط التجهيز (جناح نهاد السعيد)

التجهيز البديع الموجود في المتحف ضمن معرض «بوابات وممرات، سفر عبر الواقع والخيال»، نظّمه بمهارة «متحف بيروت للفن»، هو وليد قريحة ألفريد، الذي أراد أن يستخدم موروثه، بتنوعه، ليحكي قصة أهله، وتاريخ المنطقة، وقيمة العمل اليدوي، ومعنى التراث، من خلال تركته العائلية.

في وسط التجهيز رأس امرأة تعتمر قبعة، ينتصب داخل قطعة موبيليا شرقية ترتفع بأعمدة يعلوها سقف، ومفرغة من جوانبها، يتدلّى منها فوق الرأس، مجموعة من الصور الفوتوغرافية الصغيرة، تُخلّد ذكرى أصدقاء العائلة الذين قضوا في الحرب. والرأس هو منحوتة لوالدة ألفريد، السيدة ريناتا أورتالي التي تدور حولها كل المعاني المعروضة. كانت المرأة عالمة آثار، عملت لخمسين سنة مع الأمير موريس شهاب في المتحف الوطني، وساهمت في حملات البحث عن الآثار في وسط بيروت، بعد توقف الحرب الأهلية. وعن قطعة الموبيليا التي تحمل الرأس، أقام ما يشبه السور الخشبي المزخرف الذي يسيج الأم.

كرسي والد الفنان جورج (خاص الشرق الأوسط)

وفي مقابل الوالدة، زوجها جورج حاضر من خلال كرسيه الخشبي المنجد بالأصفر الذي اعتاد الجلوس عليه، وقد رفع على قاعدة خشبية. واصطفت حول المقعد أعمدة وألواح وبقايا محفورات، كأنها تَصنع بتعدّد مشغولاتها عرشاً لهذا الوالد الغائب/ الحاضر.

أنت أمام تجهيزٍ مليء بالتّفاصيل ولكلٍّ منها قصتها، ومعناها وأهميتها. ثمّة ألواح أخشاب على كلٍّ منها حفريات مختلفة، نُسّقت، لتبدو ذات مهابة وحضور، تُخرجها من معناها الفردي، وفي مكان آخر مجموعة من الأواني النّحاسية مع أغطيتها كانت تُستخدم لوضع احتياجات الحمام من صابون وليفٍ، بعضها شغل تركي ومنها شامي ولبناني وبيروتي. تعدّد المصادر يزيدها غنى. هناك الحلل على أنواعها، والفوانيس ومجموعة عصافير معدنية، ورؤوس حجرية متدلية. وفي إحدى الزوايا قطعة موبيليا، هي مقرنصة، يعلوها حفر لبيت شعر غزلي، وتحتها من المفترض أن توجد بركة الماء.

اعتمد ألفريد بشكل خاص على عرض مجموعات متشابهة إلى جانب بعضها البعض، وأن يجعل من أطر الأبواب الخشبية، بأقواسها وزخرفها نوعاً من الحواجز الوهمية بين المعروضات، وثمة قطع أثاث، وصمديات، وقناديل وإكسسوارات.

ابتكر لكل منها دور في هذا التركيب، وأتت على مستويات بحيث بدت وكأنها طبقات متداخلة حتى تصل إلى السّقف، حيث صنع ما يشبه الثريا، من مجموعة قطع معدنية صغيرة محفّرة، لكلٍ منها شكلها وهويتها، علّقها إلى جانب بعضها البعض، لتبدو كنجوم ملألئة تظلّل التجهيز.

توارثت عائلة طرزي، مهنة الحفر، أجيالاً متعاقبة، عرفت بمهارتها الفنية في صناعة خشبيات القصور، من أبواب ونوافذ وجدران وسقوفيات، وغيرها. في الأصل كانت العائلة تبيع الأثريات والأنتيكا، تَوّزع عملها بين القدس ودمشق وبيروت. الابن ألفريد البالغ من العمر اليوم 40 سنة، ومتخصص في الفن الغرافيكي، وجد نفسه أمام ثروة أثرية حرفية تركها له والده، لا يعرف أين يمكن أن تُعرض. نحتفي غالباً بالقديم والحديث، وهذا الإرث المشرقي الذي يعود للقرن الـ19 وبداية القرن العشرين، غالباً ما نجده متناثراً ومهملاً عند بائعي الأنتيكا، ولم تُخصّص له متاحف تُنصفه، وهو ما يُشغل بال الفنان.

«نشيد السعادة» هو ربط إبداعي بين هذه القطع الكثيرة، ذات الاستخدامات المختلفة، تمزج بينها تلك القناطر الجميلة بزخرفها اليدوي البديع، والبوابات الخشبية المليئة بالمحفورات.

مجموعة النحاسيات التي كانت تُستخدم لوضع الليف والصابون (خاص الشرق الأوسط)

ومما لا يعرفه زوار هذا التجهيز، أن ألفريد سرسق، ابن العائلة الأرستقراطية، نهاية الحكم العثماني، قرّر أن يستأجر حرش بيروت، من بلدية المدينة لمدة 80 سنة، وبنى في المكان كازينو أطلق عليه اسم «عزمي». كانت عائلة طرزي قد كُلّفت باشتغال أبواب ونوافذ وسقوفيات الكازينو الذي لم يكن من مثيل له، في تلك الفترة. واستغلّت الأرض حوله في تنظيم سباق الخيل. عندما خسِر العثمانيون الحرب ودخل الفرنسيون البلاد، حوّلوا الكازينو إلى مستشفى، لعلاج المرضى، ومن ثَمّ اتفقوا مع بلدية بيروت وصاحب المبنى سرسق، على شراء هذه الملكية وتحويلها إلى منزل للسفير الفرنسي، ولا يزال كذلك. واللطيف أنك من الواجهات الزجاجية لمكان العرض يمكنك أن تطلّ على ميدان سباق الخيل والمبنى الذي صار اسمه «قصر الصنوبر».

ومن ضمن الأبواب التي ركّب منها تجهيز «نشيد السعادة» هو المجسم الأصلي لبوابة «قصر الصنوبر»، وضعه طرازيّ على الزاوية الأمامية من المجسم، ويقول عنه «إنه الباب الصغير للبنان الكبير»، لأنه أمام هذه البوابة، تحديداً، أعلن الجنرال غورو ولادة لبنان بشكله الحالي.