تقترح الخياطة الفرنسية غاييل كونستانتيني على زبوناتها ثياباً مستخدمة من الأقمشة القديمة لقصور الدولة الفرنسية. ومن بين معروضاتها بذلة استخدمت فيها ستارة من القطيفة الفخمة كانت ستارة لصالة الطعام في مجلس الشيوخ. هل تذكرون سكارلت أوهارا بطلة فيلم «ذهب مع الريح» حين أفقرتها الحرب الأهلية فنزعت الستارة المخملية الخضراء لمنزلها وجعلت منها فستاناً للسهرة؟
كونستانتيني البالغة من العمر 39 عاماً، تقدم نفسها باعتبارها «مصممة أزياء تحترم البيئة». وبهذا فإن كل الخامات والثياب المستعملة قابلة للتدوير. وهي بنت شهرتها على استعادة الملابس ذات النمط القديم وتغييرها لتصبح وفق الموضة. وبناء على هذا الصيت تلقت اتصالاً، في الربيع الماضي، من الشركة المكلفة بتجديد أثاث مجلس الشيوخ. وعرضت عليها الشركة أخذ الستائر القديمة المهملة الموجودة في المخزن. وهي لم تفوّت الفرصة، فذهبت على الفور ونقلتها إلى مشغلها.
وتحمل المصممة شهادة عليا في التجارة. وهي تعرض اليوم في متجرها الباريسي مجموعتها الجديدة من القطع ذات التاريخ المثير، مثل سترة من ستارة مكتب الجنرال ديغول، أو حقيبة صغيرة من قماش يستعيد الحقبة الذهبية من تاريخ مجلس الشيوخ. لكن أسعار المعروضات تبقى فوق متناول نساء الطبقة الوسطى، وحجتها أن كل قطعة فريدة من نوعها. وقبل ذلك كانت ترتاد أسواق الثياب المستعملة وتختار منها ما تراه يستحق التحديث. لقد رفعت شعاراً يقول: «نلبس الماضي في الحاضر لكي نجمّل المستقبل».
لكن مغامرة الخياطة ذات المخيلة الحيّة لم تتوقف هناك. فقد أصبح لها اسم لدى مؤسسة «الأب بيير» الخيرية التي تتلقى التبرعات بالثياب والأثاث من كل مدن فرنسا، وتعيد بيعها بأسعار زهيدة. كما عاد المسؤولون في مجلس الشيوخ وقدموا لها 300 ستارة أخرى لكي تعيد تدويرها وتحيلها لملابس للأنيقات. وهي تنوي إطلاق مجموعة نسائية من التاييرات المؤلفة من السترات والسراويل.
سبق لغاييل كونستانتيني أن فازت في 2019 بجائزة المصممين الشباب التي يمنحها الصالون الدولي للثياب الجاهزة في باريس. وهي السوق السنوية التي يقصدها تجار الملابس من العالم أجمع. كما يراهن عليها صغار الخياطين لكي يدخلوا عالم الموضة من الباب الخلفي.