عشريني فاز بسباق عالمي يساعد الناس على مواجهة الفقدان

أراد أن تتحول السخرية من الأشياء فرصة لتجاوز الأمور

الوجع يُعلِّم (حساب ألفي واتس في فيسبوك)
الوجع يُعلِّم (حساب ألفي واتس في فيسبوك)
TT

عشريني فاز بسباق عالمي يساعد الناس على مواجهة الفقدان

الوجع يُعلِّم (حساب ألفي واتس في فيسبوك)
الوجع يُعلِّم (حساب ألفي واتس في فيسبوك)

تذكَّر ألفي واتس، الفائز بجائزة «سباق عبر العالم»، كيفية تعامل المقرّبين منه مع حزنه بعد رحيل والدته. وخلال برنامج عبر شبكة «بي بي سي» البريطانية، تحدَّث الشاب البالغ 21 عاماً عن تأثّره بوفاة والدته لإصابتها بسرطان الثدي عندما كان في الخامسة. ومن ثَمَّ يريد واتس استخدام خبرته لمساعدة الآخرين على تجاوز الإحساس بالفقدان؛ مستعيداً تذمّره عندما جعله مَن حوله يشعر كأنه «ملفوف بشرنقة قطنية». قال: «إذا كنتُ سأصل إلى أي مكان، فأنا بحاجة للعثور على الجانب المرح. لن يرغب الجميع في التعامل مع فكرة الموت بهذه الطريقة»، مضيفاً: «لم أستطع أن أروي بعضاً من النكات التي نسمعها حول الوضع برمته. في الواقع، أشعر بالعزاء لحقيقة أنني الآن مرتاح بما يكفي في الحديث مع أصدقائي». ومن خلال العمل مع «أمنية وينستون» - وهي مؤسّسة خيرية مقرّها غلوستر (جنوب غربي إنجلترا) تساعد الشباب على التكيُّف مع الفقدان - يعمل واتس على كيفية تعامل الناس مع الحزن بشكل مختلف.

وأوضح أنه عندما كان صغيراً تجنَّب الناس الإشارة إلى والدته؛ ما جعله يشعر أحياناً بأنه يُهمَّش. تذكَّر: «في المدرسة، الجميع يمزح حول أفراد العائلة وأشياء أخرى. اعتدتُ أن أكون جزءاً من هذه المحادثات؛ إلى أن يقول شخصٌ ما: (أقسم بحياة والدتك). بعدها يصبح دفاعياً، ويعقّب: (أنا آسف جداً). بدا ذلك سيئاً لي، فتراءى مثل: (كلا، لا أزال أريد أن أكون جزءاً من المحادثة)». شُخِّصت حالة والدة واتس بالسرطان بعد ولادته بمدّة، وتوفيت في ديسمبر (كانون الأول) 2008.

خلال «السباق حول العالم» - وهو برنامج تلفزيوني بريطاني يعزّر روح التنافُس - في مدينة هوي الفيتنامية، استعاد ذكرياتها معه، وتحدَّث عن اشتياقه إليها. وقد شاهده 5.8 مليون، وأصبحت الحلقة رابع أكثر البرامج مشاهدة على التلفزيون البريطاني في ذلك الأسبوع. علَّق واتس: «جزء من المأساة هو اعتقادي أنّ ثمة طريقة ثابتة للتعامل مع الحزن؛ فالفتيان يتعاملون معه بطريقة مختلفة عن الفتيات، فقط بسبب نشأتنا على التعامل مع مشاعرنا؛ لذا أردتُ نوعاً ما أن أكون نموذجاً يحتذي به الذكور»، مؤكداً أنه كانت لديه خطّة فريدة لجمع التبرعات، وكان متحمّساً للاستماع إلى أكبر عدد من الذين يتعاملون مع الفجيعة.


مقالات ذات صلة

جندي نيبالي بُتِرت ساقاه في أفغانستان يتسلَّق أعلى قمم العالم

يوميات الشرق عظمة الأمل (حساب هاري بوذا ماغار الشخصي)

جندي نيبالي بُتِرت ساقاه في أفغانستان يتسلَّق أعلى قمم العالم

تسلَّق جندي نيبالي سابق، معروف بتحدّي قمم الجبال في مختلف قارات العالم، قمة أعلى جبل في أميركا الشمالية... هذه حكايته.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أقدم فنّ سردي يُعثَر عليه (أ.ف.ب)

لوحة رُسمت قبل 51 ألف عام تُظهر تفاعل 3 أشكال بشرية مع خنزير

اكتُشفت رسوم في كهف بجزيرة إندونيسية يُعتقد بأنها أقدم دليل معروف على رواية القصص في الفنّ.

«الشرق الأوسط» (سيدني )
يوميات الشرق كورنيش القاهرة يشهد نشاطاً لافتاً خلال المساء (عبد الفتاح فرج)

أحياء مصرية تأبى النوم مبكراً رغم قرار «ترشيد الكهرباء»

رغم قرار إغلاق المتاجر والكافيهات الذي طبقته الحكومة المصرية بداية من أول يوليو (تموز) الحالي، فإن ثمة أحياء شعبية تأبى النوم مبكراً.

منى أبو النصر (القاهرة)
يوميات الشرق الملابس تُحاك بخيوط موصلة للكهرباء تتغير مقاومتها مع حركة جسم مرتديها (جامعة بريستول)

ملابس مُريحة تستشعر حركة الجسم بدقة

ابتكر باحثون بجامعتي بريستول وباث في بريطانيا ملابس ذكية ومريحة لمراقبة حركات الجسم اليومية بدقة تتفوق على تطبيقات الهواتف والساعات الذكية

محمد السيد علي (القاهرة )
يوميات الشرق الإلهام والتأثير (د.ب.أ)

كيت وينسلت للنساء: أخبرن أنفسكنّ يومياً بمدى روعتكنّ

في صناعة هيمن عليها الرجال أثبتت الممثلة البريطانية كيت وينسلت جدارتها واختارت مشاريعها الفنية والأشخاص الذين تتعاون معهم بعناية.

«الشرق الأوسط» (ميونيخ )

زينة نادر ترسم «الحواس الستّ»... وتعلو بالتجريد نحو الحلم المُوسَّع

تجد في التجريدي مساحة للنضج الإبداعي (صور زينة نادر)
تجد في التجريدي مساحة للنضج الإبداعي (صور زينة نادر)
TT

زينة نادر ترسم «الحواس الستّ»... وتعلو بالتجريد نحو الحلم المُوسَّع

تجد في التجريدي مساحة للنضج الإبداعي (صور زينة نادر)
تجد في التجريدي مساحة للنضج الإبداعي (صور زينة نادر)

حين تُسأل الفنانة التشكيلية اللبنانية زينة نادر متى بدأت الرسم، تجيب: «قبل أن أولد!»، فالرسم «سبق» ولادتها، وتحوّل إلى حاجة، أسوةً بالطعام والماء. «خلقُ الفنّ» تعدُّه نعمة كبرى يمنح قدرة على صناعة الجمال. وفي معارضها تتأمّل الوجوه رغبةً في أن تلمحها «سعيدة» بما تُعاين، يصبح تحقُّق الفرح بأهمية اقتناء لوحة، ولا يعود البيع هو وحده الغاية، بل إيصال المشاعر.

نشأت في عائلة فنية مهَّدت لها الطريق (صور زينة نادر)

والدها فنان ومهندس معماري، وأخوها أيضاً، تُشارك «الشرق الأوسط» حكاية نشأتها في عائلة فنية مهَّدت لها الطريق: «رافق ذلك تهذيب الذوق بالموسيقى الكلاسيكية والأوبرا. كبرتُ وصورة والدي في مرسمه تُرافقني، وصوت أمي المُشجِّع يرنّ في أذني، تلقّيتُ دروساً مسرحية وسينمائية، وصقلتُ رسمي العفوي بتقنيات نهلتُها من الفنان الراحل حيدر حموي، عملتُ معه ساعات يومياً، منه تعلّمتُ التقنية، لكنني عثرتُ على أسلوبي».

«خلقُ الفنّ» نعمة كبرى يمنح قدرة على صناعة الجمال (صور زينة نادر)

بدأت ترسم لتلهو، وأرادت بالألوان تمضية الوقت، وجدت في ذلك متعة تُشاركها مع أولادها، فترسم لتبادل البهجة، وقبل الاحتراف، حين لم يكن هدفاً، مرَّرَت ريشتها على كل ما في المُتناوَل؛ الزجاج، والمناشف، وشراشف الطاولات، والثياب، ورسمت لأصدقائها في الأعياد والمناسبات، إلى أن كانت الخطوة التالية، حيث شاركت بمعارض جماعية في لبنان، وبدأت لوحاتُها تُباع، حدوث البيع فرض التعمُّق بالتقنيات، والانتقال من العرض الجماعي إلى الفردي، كان ذلك قبل 20 عاماً، اليوم تعرض في لبنان وأميركا وإيطاليا... ولوحاتها تحضُر في لندن ودبي وشيكاغو.

تحقُّق الفرح لدى المعاينة بأهمية اقتناء لوحة (صور زينة نادر)

تحوَّل رسم زينة نادر من الانطباعي إلى التشخيصي، قبل أن تجد في التجريدي مساحة للنضج الإبداعي. عام 2022 احتفلت بمعرضها المائة بمدينة برشلونة، وتعود للتوّ من واشنطن بعد معرض تصفه بـ«الناجح جداً، وقمّة فنّي التجريدي في الوقت الراهن».

في التجريد مشاعر و«استفزاز» لجَعْل المتلقّي يتساءل. تقول إنّ هذا الصنف من الفنّ المعاصر مطلوب في الولايات المتحدة وأوروبا، وقد نقلها إلى «موجة أخرى، ووسَّع الحلم»، لنقف عند تلك المشاعر، بأيّ تجلّيات تتمدّد فيها وبأي شكل تتخزّن؟ تجيب: «حين أرسم يحدُث انفصالي عما حولي، أنسى الزمن والواقع، أكون في عالمي، على غيمتي، مُحاطة بالفرح، ومنه أغرفُ من روحي ولادة اللوحة، من هذا الفرح أعطي فرحاً آخر، فيلمسه مُتأمّل اللوحة».

تعلّمت التقنية لكنها صنعت أسلوبها (صور زينة نادر)

قد يعتريها إحساسٌ تمنحه للوحة، فيأتي الرائي ليُسقط إحساساً مغايراً؛ إحساسه هو، أو يرى «الشيء المختلف»، هنا متعة التجريد المُصاحِب لشطحات التخيُّل، تناسُق خيالات الرسّامة مع المتلقّي لا يعود مهماً عند هذه المرتبة، الأهم أنّ التواصل تمَّ لمجرّد لَمْس الأحاسيس الداخلية.

لكل معرض موضوعه، وفكرة «الحواس» تتصدَّر معظم المواضيع، تتجاوز كونها خمساً عند زينة نادر، لتلتحق بها «الحاسة السادسة» في سيمفونية تأليف اللون وصوغ المادة: «بالألوان أشعر كل شيء؛ نظري، وسمعي، وشمّي، ولمسي، ومذاقي، تُحرّكها الألوان منذ طفولتي؛ لذا أعبِّر بها بوضوح، في أحد معارضي تناولتُ ثنائية الحاسة - اللون، وجميع معارضي مأخوذة تقريباً بها».

حدوث البيع فرض التعمُّق بالتقنيات والانتقال إلى العرض الفردي (صور زينة نادر)

وبالموسيقى مزجَت اللون في معرض سمّته «ميوزيكالتي»، سألها العازف اللبناني طوني كرم رَسْم ما يُحاكي 16 معزوفة أدّاها لأساطرة، منهم باخ وشوبان، قلَبا المعادلة، باتت اللوحات تُسمع والموسيقى تُرى، وفي معرض بيروتي آخر، تناولت لوحاتها نظرتها السينماتوغرافية للفنّ التشكيلي. تقول: «حين أُحضّر لمعرض أعيش الحالة، أتخيّل الزوّار الآتين وكيف يعاينون اللوحات وفق خلفياتهم، أكون كلّي للوحة وحيّز عرضها».

تعمل حالياً على فكرة التجريد المينيمالي، تكثُر ألوان لوحاتها في فضاء مُبسَّط تقلّ طبقاته، ويخلو تقريباً من الهيكلية، تشاء من ذلك إعلاء الاستراحة والصمت، ففي اللوحة نقيضُ الوقت المتآكل؛ إذ تدلُّ على الاستعادة، والتعويض، والقيمة، ومن ذروة «التجريد الكامل»، تخترق المشهدَ بيوتٌ صغيرة وبعض الأشجار. فزينة نادر لم يغادرها البيت اللبناني وقرميده الأحمر، ولمحت معالِم جذورها في شوارع واشنطن حيث عرَضَت، واصفةً المدينة بالهادئة التي تبعث على السلام.

تخترق المشهدَ بيوتٌ صغيرة وبعض الأشجار (صور زينة نادر)

وتُبحر مَراكب وسط ما يتراءى «مشحة لون»، أي الألوان غير المفهومة وسط السياق القابل للتأويل، تقول إنّ اللون الزاهي يُشكّل انعكاساً لشخصيتها، منطلقةً من يقينها بأنّ الفنّ «فرصة رائعة وأمان»، بالإضافة إلى «فرح الألوان»، تُحمِّل بعض اللوحات «روح المغامرة» المتجسِّدة خصوصاً بالسفر والاكتشاف. ولكن ما يُلهمها؟ «كل ما حولي؛ المنظر الطبيعي، والغروب، والموسيقى، والغيوم، والحديث مع الآخرين، المهم أن تنمو في داخلنا روح مستعدَّة للتلقُّف، ومنفتحة على الأخذ والعطاء».

وتهتمّ أيضاً بالكتابة، فالقلم والريشة يُحدِثان التعبير المتوازي، تكتب لتُعرّف عن الفنّ والفنانين بعد زيارة معارضهم، وتروي تجاربها في كتبها: «الفنّ ليس عنّي فقط، وليس لي، إنه تَشارُك وإعلانٌ للحقيقة».