ملحم زين ورودج في «الجامعة الأميركية ببيروت»: تحليق الغناء والموسيقى

حفل «لمّ الشمل» حرَّر الحاضرين من مقاعدهم وراكم ذكرى حلوة

أمسيتان حلّقتا بالغناء والموسيقى وأبهجتا الحضور (الشرق الأوسط)
أمسيتان حلّقتا بالغناء والموسيقى وأبهجتا الحضور (الشرق الأوسط)
TT

ملحم زين ورودج في «الجامعة الأميركية ببيروت»: تحليق الغناء والموسيقى

أمسيتان حلّقتا بالغناء والموسيقى وأبهجتا الحضور (الشرق الأوسط)
أمسيتان حلّقتا بالغناء والموسيقى وأبهجتا الحضور (الشرق الأوسط)

سلَّم صرح «الجامعة الأميركية في بيروت» نفسه للوقت المُتنازل عن أحماله، وقدَّم ليلتين من البهجة. في الأولى أطلَّ الـ«دي جاي» اللبناني رودج، فخلَطَ النغمات وأعاد سكبها مُحدِثاً الإيقاع الحماسي. وفي الثانية، حضر الفنان ملحم زين ولم يُبقِ أحداً على كرسيّه. علت الأيدي واشتدَّ التصفيق، لتشهد حلقة «الدبكة» على التشابُك وتسارُع الخفقان مع خبطة القدم.

ريع الحفلين يعود للمِنح الدراسية لطلاب الجامعة (الشرق الأوسط)

مناسبة الأمسيتين، حفل «لمّ الشمل» السنوي؛ يقيمه الصرح لخرّيجيه المنتشرين في العالم، والحاملين عطاءاتهم أينما حلّوا. تُخبر نائبة الرئيس المُشارك في الجامعة، مُنظِّمة الحدث، سلمى عويضة، «الشرق الأوسط» أنّ احتفالية رسمية سبقت ليلتَي الغناء، جمعت خرّيجين مرَّ على تخرّج بعضهم نصف قرن؛ فحلَّ شيبُ الشَّعر وتبدّّلت الملامح، ثم اجتمعوا قاهرين مرور الزمن: «ولأنهم يأتون من لبنان وخارجه، نمنحهم مساحة للهو مع الأصدقاء والعائلة بالموسيقى والفنّ، فاخترنا رودج لمحاكاة مُحبّي الإيقاعات الراقصة، وملحم زين للموّال والأغنية اللبنانية. ننظّم أيضاً رحلة نحو منطقة الشوف وأشجارها وهوائها. الأهم أنّ ريع الحفلين يعود للمِنح الدراسية لطلاب الجامعة. لن يعوق شحّ المال درب الطالب المتفوّق وأحلامه».

سلمى عويضة تعلن إنشاء جائزة ومنحة باسم ملحم زين (الشرق الأوسط)

الحدث «عاطفي»، تصفه سلمى عويضة. فالمُكرَّمون بميداليات الجامعة، لا بدَّ أنّ ذكرياتهم تدفّقت وشريط الحياة باغت وعبَرَ. النسائم خجولة، مثل عينَي ملحم زين الناظرتين إلى أعداد البشر المتوافدين للقائه. فيهما حياء يزيده مكانة. أحد الحضور همَسَ إلى كاتبة السطور متوقفاً عند معادلة متناقضة. تساءل كيف يمكن لفنان لا يتحرّك تقريباً على المسرح، لا يتمايل، لا يرقص، لا يهزّ يديه، أن يجعل الحشد يقف ويتمايل ويرقص ويرفع الأيدي عالياً. «يا لبراعته!». صحَّت الملاحظة. لساعة ونصف ساعة حرَّك حتى الهواء الخافت، وكل مَن استمالته الموسيقى، ففكّك الارتباط برصانة المكان وأذعن للهيصة.

رودج صعد بالحاضرين نحو البهجة (الشرق الأوسط)

في الوقت الفاصل بين الكواليس والمسرح، التقى صحافيين لم يُتَح لهم إطالة الحوار. سألته «الشرق الأوسط» عن مشهدين متضادَّين في لبنان: الأول يُعلن الموسيقى والنور والحياة والأمل عناوين كل المراحل ومُتنفَّساً للأزمات، والثاني يُدين المحتفلين ويرى في الحفلات والمهرجانات وليالي السهر خيانة لغزّة والجنوب والموت المتفاقم. كيف يراقب ملحم زين المشهدين؟ يلمح «تسطيحاً للأمور» لدى مَن يروّجون للاحتمال الآخر، وإيحاء مغلوطاً بانفصال الفنان عن الواقع: «نتأثر بما يجري ونشعر به، لكنّ قدر الحياة أن تستمرّ. في النهاية، الفنّ مهنة ومورد رزق. كما الدكان في الحيّ لا يغلق بابه في ظروف مماثلة، كذلك الغناء. على الناس إدراك ذلك. الظرف القاهر يفرض ترتيباته، وهذا ما جرى مع اندلاع حرب غزة. تجمَّدت تقريباً جميع الحفلات. لكنّ امتدادها لأشهر وتغيُّر وتيرة حدّتها سمحا باستئناف ما توقّف. المهم ألا ننسى. فنانو العالم العربي سجّلوا مواقف مُسانِدة. إننا متضامنون من دون الاستسلام للموت».

يلمح ملحم زين «تسطيحاً للأمور» لدى مَن يروّجون لتوقُّف الحياة (الشرق الأوسط)

كشفت سلمى عويضة للحضور، وهي تُرحِّب به، أنه تنازل عن أجره مقابل الحفل لدعم مِنح الطلاب. لـ«الجامعة الأميركية في بيروت» مكانة عند ملحم زين. هذا ليس حفله الأول في صرحها البالغ 158 عاماً. ولا يتردّد في الحضور متى استُدعي. لردِّ المحبّة بمثلها، خصّصت الجامعة منحة دراسية وجائزة باسمه واسم زوجته الحاضرة في الأمسية، تُسلَّم للطالب الأكثر تفوّقاً في قسم الفنون بكلية الآداب والعلوم، فيُكمل طريقه.

باقتراب أمسيته من النهاية، أصرَّ الحضور على بقائه. قالوا له غنِّ لنا أكثر، ولا تغادر. ذلك بعدما قدَّم حفلاً ملَكَ القدرة على الإسعاد. بعض السعادة وهجُها في برهتها. وفي اختصاراتها وكثافتها. ومعه امتدّت لأمسية استعاد فيها من أغنياته الأجمل والأشهر، ولم يفته الغناء للبنان فيما عَلَمه ينفلش على الشاشة الكبيرة خلف الفرقة الموسيقية، وأبناؤه يهلّلون له مثل وطن بلا مآسٍ.

ملحم زين تنازل عن أجره مقابل الحفل لدعم مِنح الطلاب (الشرق الأوسط)

ورودج أيضاً صعد بالحاضرين نحو البهجة. بالقفز والتصفيق والصراخ الحماسي، أمضوا الليلة. نوَّع في اختيار الأنماط الموسيقية، وقدَّم العربي والغربي. يُعرَف بخلق علاقة بين المرء ويديه، فيدعو في حفلاته إلى رفعهما عالياً والتلويح بهما للنغم والفرح والحياة. لا يفوّت نداء لبيروت واستعادةً لصلابتها. كلّما ناداها، وجَد مَن يشاركه مدى الصوت وحماسة تردّداته في الأجواء.

وبين «ذي ويكند» و«كولدبلاي»، عَبَر صوت فيروز ليحوّل الحضور إلى كورال من الأصوات العفوية. مع صوتها وتدخّله في التوزيع والمكساج، غنّوا «نسّم علينا الهوا»، ومع أحمد سعد «سايرينا يا دنيا»، ومع إليسا «حنغنّي كمان وكمان»... ملأت الموسيقى الأرجاء، وساعد الليل في انتشارها لتُسمع في المكان كلّه. كأنها هي السيّدة، والكلمة لها، ولا شيء يضاهيها. رودج جعلها تُحلّق.


مقالات ذات صلة

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يوميات الشرق لها في كل بيتٍ صورة... فيروز أيقونة لبنان بلغت التسعين وما شاخت (الشرق الأوسط)

فيروز إن حكت... تسعينُها في بعضِ ما قلّ ودلّ ممّا قالت وغنّت

يُضاف إلى ألقاب فيروز لقب «سيّدة الصمت». هي الأقلّ كلاماً والأكثر غناءً. لكنها عندما حكت، عبّرت عن حكمةٍ بسيطة وفلسفة غير متفلسفة.

كريستين حبيب (بيروت)
خاص فيروز في الإذاعة اللبنانية عام 1952 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص «حزب الفيروزيين»... هكذا شرعت بيروت ودمشق أبوابها لصوت فيروز

في الحلقة الثالثة والأخيرة، نلقي الضوء على نشوء «حزب الفيروزيين» في لبنان وسوريا، وكيف تحول صوت فيروز إلى ظاهرة فنية غير مسبوقة وعشق يصل إلى حد الهوَس أحياناً.

محمود الزيباوي (بيروت)
خاص فيروز تتحدّث إلى إنعام الصغير في محطة الشرق الأدنى نهاية 1951 (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز... من فتاةٍ خجولة وابنة عامل مطبعة إلى نجمة الإذاعة اللبنانية

فيما يأتي الحلقة الثانية من أضوائنا على المرحلة الأولى من صعود فيروز الفني، لمناسبة الاحتفال بعامها التسعين.

محمود الزيباوي (بيروت)
يوميات الشرق فيروز في صورة غير مؤرّخة من أيام الصبا (أرشيف محمود الزيباوي)

فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

منذ سنوات، تحوّل الاحتفال بعيد ميلاد فيروز إلى تقليد راسخ يتجدّد يوم 21 نوفمبر (تشرين الثاني)، حيث تنشغل وسائل الإعلام بمختلف فروعها بهذه المناسبة، بالتزامن

محمود الزيباوي ( بيروت)
خاص فيروز وسط عاصي الرحباني (يمين) وحليم الرومي (أرشيف محمود الزيباوي)

خاص فيروز في التسعين... يوم ميلاد لا تذكر تاريخه

عشية عيدها الـ90 تلقي «الشرق الأوسط» بعض الأضواء غير المعروفة على تلك الصبية الخجولة والمجهولة التي كانت تدعى نهاد وديع حداد قبل أن يعرفها الناس باسم فيروز.

محمود الزيباوي (بيروت)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)
الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)
TT

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)
الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات، ويُعرض على مسرح «بكر الشدي»، ضمن فعاليات «موسم الرياض»، برعاية الهيئة العامة للترفيه بالسعودية، في الفترة من 28 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري حتى 2 ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

وكشف المنتج المصري حمادة إسماعيل، منتج المسرحية، كواليس التعاقد مع منة شلبي، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه يراهن على نجاحها بالمسرح من خلال «شمس وقمر»، مثلما راهن على عودة إسعاد يونس للمسرح بعد غياب 30 عاماً، عبر مسرحية «إس إس هانم»، والتي تم تمديد عرضها بعد نجاحها الكبير.

ويؤكد إسماعيل أن «رؤية المستشار تركي آل الشيخ كانت وراء تعاقدي مع منة لتقدم أول أعمالها المسرحية؛ وذلك بسبب حرصه الشديد على منح الفرص للفنانين الذين لم يقدموا عروضاً من قبل، وكذلك النجوم الذين وقفوا على خشبة المسرح وابتعدوا مثل الفنانة إسعاد يونس».

الملصق الترويجي لمسرحية «شمس وقمر» بطولة منة شلبي (حساب المستشار تركي آل الشيخ على «فيسبوك»)

ويضيف إسماعيل: «عندما عرضت على منة خوض التجربة عبر فعاليات (موسم الرياض)، أبدت تخوفها من خوض التجربة لحرصها الشديد على النجاح، لكن عندما أخبرتها أن المستشار تركي آل الشيخ يشرف على كافة تفاصيل العروض المسرحية، رحبت واطمأنت كثيراً».

وذكر إسماعيل أن العرض المسرحي «شمس وقمر» يحمل مفاجآت عدة لم تقدم في «موسم الرياض» من قبل، لافتاً إلى أن «منة شلبي سوف تقدم استعراضات ورقصات وأغاني، وأنها تتمتع بموهبة كبيرة في هذا الجانب».

وأشاد إسماعيل بالفنانة المصرية قائلاً: «هي فنانة كبيرة تحب عملها، وبرغم ترددها وخوفها لحرصها على تقديم الأفضل والتدقيق في كل التفاصيل، فإن أجواء العمل معها ممتعة ومختلفة، وعلاقتها بكل فريق العرض جيدة».

ويشارك منة شلبي في بطولة مسرحية «شمس وقمر» نخبة من النجوم من بينهم بيومي فؤاد، ومحمود الليثي. المسرحية من تأليف محمد عز الدين وحسين عيد، وإخراج عمر المهندس، وتدور أحداثها حول شخصية «قمر»، وهي فتاة مصرية تستغل الشبه بينها وبين ممثلة شهيرة على موقع «التيك توك»، لكن النجمة الحقيقية يتم اختطافها بالخطأ، وتجد «قمر» نفسها مجبرة على العيش في عالمها وسط دوامة من الأزمات؛ مما يضعهما في مواجهة غير متوقعة.

الفنانة منة شلبي (حسابها على «فيسبوك»)

وذكر إسماعيل أنه اختار المخرج عمر المهندس (حفيد الفنان فؤاد المهندس) ليقدم أول عروضه المسرحية من خلال «شمس وقمر»؛ لأنه يتمتع بحس كوميدي وفكر متطور ومتنوع.

من جانبه، قال المؤلف محمد عز الدين لـ«الشرق الأوسط»، إن «الإعداد للعرض بدأ خلال شهر مايو (أيار) الماضي»، كما لفت عز الدين إلى أن تخوف منة في البداية لم يكن من فكرة وقوفها على خشبة المسرح، لكنه كان نابعاً من قصة المسرحية ومدى جودتها، خصوصاً أنها خريجة المعهد العالي للفنون المسرحية.

وقدمت منة شلبي على مدار مشوارها الفني عدداً من الأفلام السينمائية، والمسلسلات التلفزيونية والإذاعية، من بينها أفلام: «الساحر»، و«كلم ماما»، و«فيلم هندي»، و«بحب السيما»، و«أحلى الأوقات»، و«ويجا»، و«أنت عمري»، و«أحلام عمرنا»، و«في محطة مصر»، و«عن العشق والهوى»، و«هي فوضى»، و«بدل فاقد»، و«نوارة»، و«من أجل زيكو»، و«الجريمة»، بجانب أحدث أعمالها «الهوى سلطان» الذي يُعرض حالياً في دور العرض، ومن بين أعمالها التلفزيونية مسلسلات: «أين قلبي»، و«البنات»، و«سكة الهلالي»، و«حرب الجواسيس»، و«نيران صديقة»، و«حارة اليهود»، و«واحة الغروب»، و«بطلوع الروح»، و«تغيير جو».