كيف تقدم أزمة لندن مع روث الخيول في 1894 درساً في التغلب على القلق من المستقبل؟

سيدة تعاني من القلق (رويترز)
سيدة تعاني من القلق (رويترز)
TT

كيف تقدم أزمة لندن مع روث الخيول في 1894 درساً في التغلب على القلق من المستقبل؟

سيدة تعاني من القلق (رويترز)
سيدة تعاني من القلق (رويترز)

قال موقع «سيكولوجي توداي» إن الشعور بالقلق يبدو أنه يتزايد في كل مكان بالعالم هذه الأيام، حيث تشير الأبحاث إلى زيادة القلق لدى البالغين خلال العقد الماضي، وليس فقط بعد جائحة كورونا، خاصة بين البالغين الأصغر سناً.

وأضاف أن الشعور المتزايد بالقلق يبدو أمراً لا مفر منه مع تزايد الصراعات الدولية والتغيرات التكنولوجية السريعة وتداول الأخبار على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع لإطلاعنا على كل أزمة.

ولكن «سيكولوجي توداي» لفت إلى أنه عندما يبدو المستقبل الشخصي أو الجماعي مليئا بالكوارث المحتملة، فإن التفكير في الدروس المستفادة من تاريخ قد يكون علاجا فعالا.

واستعرض أزمة كانت تهدد وجود العاصمة البريطانية لندن ولكنها استطاعت التغلب عليها، ألا وهي أزمة روث الخيول.

وقال إن بريطانيا في أواخر القرن التاسع عشر، كانت هي القوة العظمى المهيمنة في العالم، وتولت الولايات المتحدة هذا الدور بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت أكبر صحيفة في العالم هي صحيفة «لندن تايمز»، وليس صحيفة «نيويورك تايمز» كما هي الحال اليوم.

وفي عام 1894، أعلنت الصفحة الأولى من صحيفة «لندن تايمز» أن المدينة تواجه تهديداً مجتمعياً كبيراً وهو التهديد الذي يمكن أن يعرضها للخطر ويوقف تقدمها ولكن على عكس اليوم، لم يكن هذا التهديد أزمة مناخ، أو جائحة، أو حتى حرب، حيث كان التهديد هو روث الخيول.

وكان الملايين من الناس يسافرون إلى المدن الكبرى مثل لندن ونيويورك كل يوم على ظهور الخيل، وكان يصل عدد الخيول إلى عشرات الآلاف في المناطق الحضرية الكبرى.

وكان هناك الكثير من الروث، لدرجة أن هناك علماء توقعوا أن لندن سوف تُدفن تحت ما يصل إلى 10 أقدام من روث الخيول إذا لم يتم القيام بشيء مثير.

واجتمع كبار العلماء والسياسيين في مؤتمر عقد عام 1898 ليقرروا كيفية الحفاظ على المدن وحمايتها من هذا التهديد، ولكن من المؤسف أن التاريخ يشير إلى عدم القدرة على التوصل إلى حل، الأمر الذي يخلق سبباً وجيهاً للقلق لدى أولئك الذين يعرفون المشكلة.

وفي هذه الأثناء، وعلى بعد بضعة آلاف من الأميال عبر المحيط الأطلنطي، كان هناك رجل يدعى هنري فورد لم تتم دعوته لحضور هذا المؤتمر المهم. ولكن بعد بضع سنوات فقط، قدم سيارته الشهيرة وسرعان ما نسي العالم أنه قبل عقد من الزمن فقط، كان بعض أقوى الأشخاص في العالم قلقين بشأن روث الخيول.

وقال الموقع إن المغزى من القصة هو أنه عندما نجد أنفسنا قلقين بشأن المستقبل، علينا التوقف ونسأل أنفسنا ما إذا كانت هذه «مشكلة روث الخيول»، وهي مشكلة تعتمد على الافتراض الساذج عادة بأن كل شيء سوف يتبع نفس النمط في أغلب الأحيان، نجد أن الإجابة هي نعم، ويمكنني بسهولة التخلص من القلق.

ونصح الموقع بإضافة «مشاكل روث الخيول» إلى المفردات اليومية، حيث إننا لدينا جميعاً هذه المشكلات، ومن المهم أن ندرك أن القلق يساعدنا على تجنب ضغوطات الحياة والموت مثل الحيوانات المفترسة ويتعين علينا أن نتعلم كيفية تطبيق استراتيجيات واعية لإدارة المخاطر وإلا فإن القلق سوف يسيطر على حياتنا وربما يدمرها.



سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
TT

سمير نخلة لـ«الشرق الأوسط»: ولادة الأغاني الوطنية صعبة

مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)
مع الفنان ناجي الأسطا (سمير نخلة)

يسجّل الشاعر سمير نخلة حالة خاصة بكلام الأغاني التي يكتبها. يتعرّف سامعها بسرعة على أنه هو موقّعها. تعاون مع أهم النجوم في لبنان والعالم العربي. حقق نجاحات متتالية مع فنانين مشهورين أمثال عاصي الحلاني، ونانسي عجرم، ووائل كفوري، ونجوى كرم، وراغب علامة وغيرهم.

كتب «بزعل منّك» لديانا حداد و«أنا هيفا» لهيفاء وهبي و«كلما غابت شمس» لملحم زين، فشكّلت مجموعة أغنيات من فئة العمر المديد. وفي «لون عيونك غرامي» لنانسي عجرم حقق نجاحاً هائلاً. فهو لا يزال يحصد صدى أعماله تلك حتى اليوم.

مع الفنان الراحل وديع الصافي (سمير نخلة)

وكما في الأغنية الرومانسية كذلك في الأعمال الوطنية استطاع سمير نخلة أن يحفر في ذاكرة اللبنانيين، ولعلّ أغنية جوزيف عطيّة «الحق ما بموت» من أشهر ما قدّمه في هذا الإطار.

فقلّة من الأغاني الوطنية التي تستطيع أن تحقق الانتشار الواسع على مدى سنوات طويلة. عمرها الذي ناهز الـ15 عاماً لم يقهره الزمن، وتُعدّ اليوم بمثابة نشيد وطني يتفاعل معه اللبنانيون في كلّ مرّة يستمعون إليها.

يقول الشاعر سمير نخلة في حديث لـ«الشرق الأوسط» إن للأغنية الوطنية صفات خاصة كي تنجح. وإن كلاماً كثيراً اختصرته أغنيات وطنية لم تحقق هدفها.

ويتابع: «لا بدّ أن تنبع من الروح فلا تكون مجرّد صفّ كلام»، وهذا ما يفعله في كلمات أغنياته الوطنية وغيرها. وتابع: «لذا تصل إلى قلوب الناس بسرعة. فما ينبع من القلب لا يمكن أن يخطئ. كما أن التركيبة الثلاثية للأغنية من شاعر وملحن ومغنٍّ، تلعب دوراً مهماً».

يتشارك نخلة ملاحظات العمل مع الملحن والمغني، يقول: «أحياناً تُعدّل عبارة أو نوتة موسيقية أو أسلوب أداء. فالأمر يتطلّب اجتماع الركائز الثلاث على قاعدة الانسجام».

أغنية «الحق ما بموت» التي لحّنها هشام بولس وكتبها سمير نخلة وغناها جوزيف عطية نجحت في الامتحان. وهي اليوم تعدّ من ريبرتوار الأغاني الوطنية الأشهر في لبنان. ونسأل الشاعر نخلة عن سبب الوقت الطويل الذي يفصل بين أغنية وطنية ناجحة وأخرى مثلها، يوضح: «الأغنية الوطنية صعبة الولادة وعندما كتبت (الحق ما بموت) استلهمتها من حلم يراودني. كنت حينها أحلم بلبنان ينتفض من كبوته ويستعيد دوره الريادي في العالم العربي. كل هذا الحب والشغف تجاه وطني فرّغته في كلمات هذه الأغنية. وهذه الأحاسيس الدفينة والعميقة لا يمكن أن تحضر بسهولة».

الشاعر سمير نخلة يرى أن ولادة الأغنية الوطنية صعبة (سمير نخلة)

وإذا ما تصفّحنا مشهدية الأغنيات الوطنية في لبنان، لاحظنا أن الرحابنة كانوا الأشهر فيها. وقد استطاعوا أن يُنتجوا كثيراً منها بصوت فيروز. ويعلّق نخلة: «كانت مسرحيات الرحابنة لا تخلو من الأغاني الوطنية. ويعدّونها أساسية بحيث تؤلّف مساحة لا يستهان بها من باقي الأعمال الغنائية المغناة بصوت فيروز. وأنا شخصياً معجب بعدد كبير من تلك الأغنيات. ومن بينها (رُدّني إلى بلادي) و(بحبك يا لبنان) و(وطني) وغيرها».

ولكن، ما ينقص الساحة اليوم لتوليد أغنيات بهذا المستوى؟ يقول: «زمن اليوم تبدّل عن الماضي، وأصبح العمل الرديء يطغى. ولكن لا شيء يمكن أن يمحو الأصالة. وعلى هذا الأساس نلحظ موت تلك الأغنيات بسرعة. ولكن ولحسن الحظ لا يزال لبنان ولّاداً لشعراء أصحاب أقلام جيدة. فإضافة إلى مخضرمين مثلي تلوح على الساحة أسماء جيل شاب يمكن التّعويل على الكلام الذي يكتبونه».

حالياً يعيش لبنان حالة حرب قاسية، فهل ألهمته كتابة أغنية وطنية؟ يردّ في سياق حديثه: «ما نعيشه اليوم مليء بالمآسي. ولا أستطيع شخصياً أن أكتب في هذه الأجواء. أميل أكثر إلى كتابة الكلام المفعم بالأمل وقيامة لبنان».

عادة ما يحصد المغني شهرة أغنية معينة، ويغيّب - إلى حدّ ما - اسم كلّ من ملحنها وكاتبها. يعلّق الشاعر سمير نخلة: «الكلمة في الأغنية هي الأساس، وهناك ألحان جميلة لم تلفت النظر بسبب ضعف الكلمة المغناة. وبشكل عام الملحن والشاعر لا يُسلّط الضوء عليهما. بعض الأحيان، نلاحظ أن الملحن يحاول الترويج لعمله من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك بالكاد تبقى مكانته محفوظة في الأغنية».

يعتب نخلة على المطرب الذي لا يذكر اسم ملحن وشاعر أغنية يقدّمها، «لا أتوانى عن التدخل مباشرة إذا ما لاحظت هذا الأمر. أتصل بالمغني وأصارحه بأنه نسي ذكر اسمي شاعراً، فأنا متابع جيد لعملي. وأحياناً، عندما يُكتب اسم شاعر آخر بدل اسمي على قناة تلفزيونية ألفت نظرهم إلى ضرورة تصحيح الخطأ».

يعاني الشعراء في لبنان من عدم حصولهم على حقوق الملكية لمؤلفاتهم، «هل تعرفين أنه على المغني دفع نسبة 8 في المائة من أرباح حفلاته للملحّن والشاعر. وهذا بند مدرج ضمن نص حقوق الملكية الفكرية في لبنان، ولكنه لا يُطبّق. في الدول الأجنبية الأمر طبيعي. وأركان العمل الغنائي تصلهم حقوقهم بلا أي معاناة. ولكن مع الأسف حقوقنا في لبنان مهدورة ولا أحد يهتمّ بها».