المسرح الجامعي في مصر ملتقى لاكتشاف الموهوبين

وزيرة الثقافة تكرم الفائزين بختام الدورة السادسة من «مواسم النجوم»

نيفين الكيلاني مع جودي محمد الفائزة بجائزة أفضل ممثلة (وزارة الثقافة المصرية)
نيفين الكيلاني مع جودي محمد الفائزة بجائزة أفضل ممثلة (وزارة الثقافة المصرية)
TT

المسرح الجامعي في مصر ملتقى لاكتشاف الموهوبين

نيفين الكيلاني مع جودي محمد الفائزة بجائزة أفضل ممثلة (وزارة الثقافة المصرية)
نيفين الكيلاني مع جودي محمد الفائزة بجائزة أفضل ممثلة (وزارة الثقافة المصرية)

عاد المسرح الجامعي في مصر لدوره في اكتشاف الموهوبين، حيث كرّمت وزيرة الثقافة المصرية الدكتورة نيفين الكيلاني الفائزين بجوائز ملتقى «مواسم نجوم المسرح الجامعي» في ختام دورته السادسة، الأحد، الذي ينظمه صندوق التنمية الثقافية برئاسة وليد قانوش، ويترأس الملتقى المخرج خالد جلال.

وشارك في الملتقى 12 عرضاً مسرحياً من مختلف الجامعات عُرضت على مسارح الهناجر ومركز الإبداع بدار الأوبرا ومسرح الغد؛ تقديراً لتميز العروض المشاركة.

وكان حفل الافتتاح الذي أقيم في 9 يونيو (حزيران) الحالي قد شهد تكريم الفنان خالد الصاوي، والفنان ضياء عبد الحق، وعدد من الفنانين الذين شاركوا في عروض المسرح الجامعي.

وعدّت وزيرة الثقافة في كلمتها الملتقى «إحدى أهم الفعاليات التي تهدف لاكتشاف المواهب الشابة ودعمها»، مشيرة إلى أنه «يتيح فرصة لطلاب الجامعات لعرض مواهبهم المسرحية المتنوعة في أجواء محفزة للتعبير الإبداعي»، مؤكدة أن الملتقى «سيظل منارة إبداعية في مسيرة الثقافة لاكتشاف الموهوبين».

وحصدت جامعة عين شمس المركز الأول لأفضل عرض عن مسرحية «الاختبار»، وكذلك المركز الثالث عن مسرحية «بيت سيء السمعة»، بينما نالت جامعة المنصورة المركز الثاني بمسرحية «لحظة فارقة».

صورة جماعية تضم الوزيرة ورئيس الملتقى مع الفائزين بالجوائز ولجنة التحكيم (وزارة الثقافة المصرية)

واستحوذت جامعة عين شمس على جوائز التمثيل، حيث فاز بجائزة أفضل ممثل فادي رأفت بطل «الاختبار» مناصفة مع زميله أحمد السويفي عن عرض «بيت سيء السمعة»، كما فازت بطلتا العرضين جودي محمد ونادين أشرف بجائزة أفضل ممثلة مناصفة، وفاز مخرج المسرحية عبد الرحمن محمد بجائزة أفضل مخرج، مناصفة مع علاء عسكر عن عرض «لحظة فارقة».

وحازت جامعة حلوان جائزة أفضل ديكور لباسم وديع عن عرض «ليتنا لا ننسى»، مناصفة مع إسلام جمال عن عرض «مطلوب»، الذي فاز أيضاً بجائزة أفضل أزياء لفيرونيا شكري، وفازت جامعة المنصورة بالجائزة نفسها لكلٍّ من فارس المراكبي، وريم محسن عن عرض «لحظة فارقة».

وكرمت وزيرة الثقافة لجنة تحكيم المسابقة التي ترأسها الناقد المسرحي عاطف النمر، وضمت المخرج سامح مجاهد، والفنان محسن منصور، ومهندس الديكور محمد الغرباوي، ومصممة الأزياء د. مروة عودة، كما سلّمت شهادات التقدير للمتميزين في عروض المسابقة من مختلف الجامعات المصرية.

تكريم عدد من نجوم المسرح الجامعي خلال افتتاح الملتقى (وزارة الثقافة المصرية)

ويشير الناقد المسرحي عاطف النمر، رئيس لجنة التحكيم، إلى أن لجنة الاختيار حدّدت 12 من 56 عرضاً مسرحياً تقدمت للملتقى، مما يؤكد وجود زخم في المشاركة به من جامعات حكومية وخاصة، مؤكداً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» أن «الجوائز ذهبت لمن يستحق»، وذكر أن «عرض (الاختبار) جاء راقياً، معتمداً ديكوراً بسيطاً عبارة عن منضدة، وقد برع المخرج في استغلالها طوال العرض، مما يؤكد أن المسرح ليس بثراء الديكور الذي نشاهده في عروض المحترفين»، كما يرى النمر أن «عرض (بيت سيء السمعة) الذي فاز بالمركز الثالث تكاملت عناصره تمثيلاً وديكوراً، لكن العرض يقدم نماذج مشوهة اجتماعياً لأسرة مفككة، واختيار هذا الموضوع من قبل شباب يثير التساؤل».

ويلفت رئيس لجنة التحكيم إلى أنه «من بين العروض كان هناك 6 مسرحيات تطرح العدمية والموت وما بعده»، وهي ظاهرة استوقفت لجنة التحكيم أن يناقش شباباً صغيراً فكرة الموت.

ويؤكد الناقد المصري أن «الملتقى يحقق رسالته باكتشاف مواهب واعدة في مجال المسرح، لا سيما أن رئيس المهرجان المخرج خالد جلال اعتاد اكتشاف المواهب منذ أسس مركز الإبداع، حيث يمنح الفرصة للفائزين بالجوائز للانضمام لدورات المركز لصقل مواهبهم من دون إجراء اختبارات، كما يتيح للأعمال الفائزة المنافسة في مهرجانات كبرى، حيث سينافس العرض الفائز بالمركز الأول في مسابقة المهرجان القومي للمسرح المصري، فيما تعرض المسرحيتان الفائزتان بالمركزين الثاني والثالث على مسارح الدولة بالقاهرة والإسكندرية».

وشهد المسرح الجامعي بدايات عددٍ كبير من نجوم الفن في مصر على رأسهم فؤاد المهندس، وعادل إمام، ومحمود السعدني، وخالد صالح، وخالد الصاوي وغيرهم من الفنانين البارزين.


مقالات ذات صلة

«المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

ثقافة وفنون «المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

«المسرح الألماني المضاد»... رد الاعتبار لتجربة راينر فاسبندر

رغم وفاته في سن السادسة والثلاثين، فإن الكاتب المسرحي والمخرج السينمائي والممثل الألماني راينر فيرنر فاسبندر (1945 - 1982) ترك وراءه كنزاً من الإبداع

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق فريق العمل خلال البروفة التحضيرية (المسرح القومي)

يحيى الفخراني يُعيد «الملك لير» إلى المسرح القومي المصري

يعود الفنان المصري الكبير يحيى الفخراني للوقوف على خشبة المسرح مجدداً عبر إعادة تقديم رائعة ويليام شكسبير «الملك لير»، التي ستعرض على خشبة المسرح القومي بالقاهر

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق الممثلة اللبنانية ندى أبو فرحات (إنستغرام)

ندى أبو فرحات من قلب بيروت... مسرح تحت القصف

النيران تسيّج المدينة، ونارٌ من نوعٍ آخر تتّقد على خشبات مسارحها. «في انتظار بوجانغلز» جزء من هذه الفورة المسرحية البيروتية، وبطلتها الممثلة ندى أبو فرحات.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق التمرين على تقديم عروض يتواصل (مسرح شغل بيت)

«مسرح شغل بيت» يحتفل بـ8 سنوات على ولادته

تُعدّ الاحتفالية حصاد 8 سنوات من العمل والاجتهاد، خلالها قدّم «مسرح شغل بيت» نحو 40 عملاً توزّعت على أيام تلك السنوات عروضاً شهرية استمرت طوال أزمات لبنان.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الخليفة الفاطمي يتحدث إلى مستشاريه (الشرق الأوسط)

«عروسة المولد» تواجه طمع الإنسان في «الحلم حلاوة»

تدور فكرة العرض حول عروسة المولد والفارس من خلال «حدوتة» غير تقليدية تنتقل بالمشاهدين إلى العصر الفاطمي، حيث تقع معظم أحداثها.

نادية عبد الحليم (القاهرة)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
TT

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

للرجلِ الذي يلفظ آخر أنفاسه في الغرفة المجاورة خلف الباب الموارب، ثلاث بناتٍ بطباعٍ على درجة عالية من التناقض. يتلاقين على انتظار موت والدهنّ ويتباعدن لأسباب كثيرة.

يدخل فيلم «His Three Daughters» (بناتُه الثلاث) ضمن خانة الدراما العائلية النفسية، وهو صنفٌ سينمائيّ وتلفزيونيّ مرغوب في الآونة الأخيرة. وبما أن نتفليكس لا تتأخر في اقتناص كل ما هو رائج، فقد تفرّدت المنصة العالمية بعرض الفيلم الذي كتبه وأخرجه الأميركي أزازيل جاكوبس. الأخير معروف بقلمه وكاميرته اللذَين يضعان العلاقات العائلية على طاولة التشريح، من دون تجميل ولا تسطيح.

على ما يشي العنوان، فإنّ البنات الثلاث هنّ محور الحكاية. أما باقي الشخصيات فيمكن إحصاؤها على أصابع اليد الواحدة؛ الممرضان المنزليان اللذان يعالجان الوالد، وحارس المبنى حيث شقة الرجل المريض، إضافةً إلى صديق إحدى البنات.

كبراهنّ، كايتي (تؤدّي دورها كاري كون)، ذات شخصية متحكّمة. تريد أن تمسك بزمام الأمور متسلّحةً بصرامتها وبلسانها القادر على الكلام لدقائق طويلة، من دون توقّفٍ أو إفساحٍ في المجال لسواها في الردّ. تركت كايتي عائلتها على الضفة الأخرى من مدينة مانهاتن الأميركية، وانضمّت إلى شقيقتَيها بعد انقطاع طويل بين الثلاث.

الممثلة كاري كون بدور الابنة الكبرى كايتي (نتفليكس)

ثم تأتي كريستينا (إليزابيث أولسن)، الفائقة الحساسية والهشاشة. تبدو مسالمة، وتستعين بجلسات اليوغا للحفاظ على سكينتها. لكنّ ذلك الهدوء يخفي تحته الكثير من القلق. أحد أسباب توتّر كريستينا أنها فارقت طفلتها في ولاية بعيدة، من أجل الاعتناء بوالدها.

أما ريتشل (ناتاشا ليون) فمقيمة دائمة في البيت الوالديّ، وهي التي كانت تملك حصرية الاهتمام بالأب قبل انضمام كايتي وكريستينا إليها. لكن منذ حضرتا، امتنعت هي عن دخول غرفته وآثرت الغرق في عزلتها، وفي رهانات سباق الخيل، وفي سجائر الحشيش. لا يفصل بينها وبين ضيفتَيها اختلاف الطبع فحسب، بل رابط الدم كذلك، إذ يتّضح خلال الفيلم أنّها ابنة الزوجة الثانية للأب، التي تزوّجها بعد وفاة الأولى.

ناتاشا ليون بدور ريتشل وإليزابيث أولسن بدور كريستينا (نتفليكس)

لولا خروج ريتشل بين الحين والآخر إلى باحة المبنى من أجل التدخين، لانحصرت الحركة داخل الشقة، وتحديداً في غرفة المعيشة والمطبخ وغرفة ريتشل. أما حجرة الوالد فلا تدخلها الكاميرا، لتقتصر الحركة منها وإليها على ابنتَيه والممرضين.

تكاد العين تحفظ تفاصيل المكان لفرط تركيز عدسة المخرج جاكوبس عليها. هنا لوحة الحائط، وهناك كرسي الوالد الذي تركه فارغاً، وتلك كنبة الصالون. جمادٌ يعكس الوقت الذي يمرّ بطيئاً وصامتاً في حضرة الموت الداهم. برز هذا النوع من الدراما الأحاديّة المساحة والمحدّدة الشخصيات، كردّة فعلٍ فنية على جائحة كورونا. وهنا، تجلس البنات الثلاث وجهاً لوجه، كما فعل جميع أفراد العائلات خلال الحجر المنزليّ.

الممثلات الثلاث مع المخرج أزازيل جاكوبس (إنستغرام)

ترمي كايتي وريتشل وكريستينا بخلافاتهنّ واختلافاتهنّ على الطاولة. وعندما لا يتواجهن، تدخل كل واحدةٍ إلى صومعتها؛ الكبرى تحضّر الطعام بانهماكٍ هستيريّ، والثانية تتفرّج دامعةً على فيديوهاتٍ لابنتها، فيما تجحظ عينا الثالثة غير الشقيقة في عالمها الموازي.

تقدّم الممثلات الثلاث أداءً قد يأخذ إحداهنّ بسهولة إلى الأوسكار، ولعلّ ناتاشا ليون «ريتشل» هي الأكثر ترشيحاً نظراً إلى فرادة الشخصية المركّبة التي لعبت، من دون التقليل من قيمة ما قدّمته زميلتاها كاري كون وإليزابيث أولسن. مسافة الفيلم مُفردةٌ بكاملها لأدائهنّ، فهنّ يستحوذن على المساحة وعلى السرديّة. وتأتي بساطة التنفيذ السينمائي والحوارات المتقنة، لتضع نفسها في خدمة البراعة التمثيلية.

الأداء الذي قدّمته ناتاشا ليون ربما يأخذها إلى ترشيح لجائزة أوسكار (نتفليكس)

يحتدم الصراع بين كايتي وريتشل على خلفية اتهام الأولى للثانية بقلّة المسؤولية وبإهمال الوالد. تدخل كريستينا بينهما كقوّة حلّ نزاع بما أنها الأكثر دبلوماسيةً، قبل أن تنفجر غضباً هي الأخرى. لعلّ ذلك الغضب يصبّ في مصلحة العلاقة «الأخويّة» التي تُرمَّم تدريجياً عبر الفيلم. فالبناء الدرامي ينطلق من الحقد الدفين والاتهامات المتبادلة، لينتقل من دون تسرّع إلى المصارحة والمصالحة.

كمَن يفكّك عَقد العلاقة بتأنٍّ، يعمل المخرج من دون أن يُغرق شخصياته في فيضٍ من العواطف. تصل الرسائل بلا استثارة مشاعر الجمهور، ما يدعم واقعيّة القصة. تأخذ كل شخصية وقتها في الكشف عن مكامن الظلام في نفسها، قبل أن ينجلي نورُها لاحقاً، وتتّضح الأسباب الكامنة وراء مواقفها الغريبة وتصرّفاتها المعقّدة.

يجري تفكيك الشخصيات وتمر السجالات بسلاسة، أي أنّ من يختارون متابعة «His Three Daughters» لن يشعروا بثقل المواقف ولن يختبروا مشاهد مزعجة، رغم أن زوايا الحكاية هي العلاقات العائلية السامة والمرض والموت.

بطلات الفيلم في جلسة تصوير ترويجية له (إنستغرام)

يهبط الفيلم في نصفه الثاني ويغرق في حوارات فلسفية طويلة، لكن سرعان ما يطرأ تطوّرٌ مفاجئ ينقذ الموقف من الملل ويكرّس المصالحة بين الأخوات، لا سيّما كايتي وريتشل.

لكنّ انزلاقاً سينمائياً صغيراً لا يلغي واقع أن «His Three Daughters» يقدّم تجربة درامية مميزة وفريدة، يستطيع أن يتماهى مع واقعيتها كل من اختبر خلافاتٍ عائلية. ولعلّ هذا الصدق في المعالجة إلى جانب بساطة التصوير، من بين الأسباب التي دفعت إلى حصول الفيلم على تصنيف ممتاز عبر مواقع تقييم الأفلام.