بوتين حفيد الطبّاخ... ماذا يسكب في صحنه اليوميّ؟

تخضع مأكولات الرئيس الروسي لفحوص خوفاً من محاولات التسميم (وكالة تاس الروسية)
تخضع مأكولات الرئيس الروسي لفحوص خوفاً من محاولات التسميم (وكالة تاس الروسية)
TT

بوتين حفيد الطبّاخ... ماذا يسكب في صحنه اليوميّ؟

تخضع مأكولات الرئيس الروسي لفحوص خوفاً من محاولات التسميم (وكالة تاس الروسية)
تخضع مأكولات الرئيس الروسي لفحوص خوفاً من محاولات التسميم (وكالة تاس الروسية)

وفق الصورة التي يحرص الكرملين على تسويقها، فإنّ سيّد القصر الروسي رياضيّ من الطراز الأول ويتّبع حمية غذائية صحية، كما أنه يمتنع عن التدخين.

لكن على المائدة كما في السياسة، يحقّ للقيصر ما لا يحقّ لغيره. فما الغرائب التي تلوّن نظام فلاديمير بوتين الغذائي؟ وما الأطعمة التي يصرّ على وجودها في صحنه اليوميّ؟

يدقق الرئيس الروسي كثيراً بالمكوّنات التي توضع في صحنه اليومي (أ.ب)

بيض السمّان النيء

يبدأ بوتين يومه بفطور متأخّر وغنيّ، فهذه الوجبة أساسية بالنسبة إليه، خصوصاً عندما يكون جدوله حافلاً. غالباً ما يتكوّن فطور الرئيس الروسي من عصيدة القمح المعروفة بالـ«بوريدج» (porridge). وحسبما أخبر المراسلين الصحافيين مرةً، فإنه يتناول كذلك الجبنة المصنوعة في المزارع الريفية المسمّاة بالروسية «تفوروك». ومن مكوّنات فطور بوتين؛ العسل، وبيض طائر السمّان الذي يأكله نيئاً. أما شراب الصباح فهو عبارة عن كوكتيل من عصير الشمندر والفجل، وهو مزيج معروف بفوائده المضادة للالتهابات والمعززة للمناعة.

بيض السمّان النيء وجبنة «تفوروك» محلية الصنع جزء أساسي من فطور بوتين (إنستغرام)

غداء فلاديمير بوتين

درج الرئيس الروسي قبل سنوات على زيارة مطعم يدعى «بودفوريي» في مدينة سان بطرسبرغ لتناول طعام الغداء هناك. تكريماً لتلك الزيارات الدَوريّة، قررت إدارة المطعم أن تستوحي من طلبات الرئيس أطباقاً خاصة لتضيفها إلى قائمة الطعام. غداء فلاديمير بوتين عبارة عن بعض الاقتراحات التي تشمل أطباق «القيصر» المفضّلة، على رأسها «المقلاة» وهي عبارة عن مجموعة من اللحوم مثل النقانق، وشرائح «الكستلاتة» و«الإسكالوب». ومن بين الأطباق التي كان يطلبها كذلك، سمك الحفش المدخّن المطهو بالليمون والزبدة.

لكن أكان في المطعم أم في القصر، فإنّ مأكولات الرئيس الروسي تخضع كلّها لفحوص قبل أن يتناولها. ووفق الكاتب البريطاني بن جوداه الذي ألّف كتاباً عن بوتين، فإنّ حذره من التعرّض لمحاولات تسميم يدفع بالرئيس الروسي إلى إخضاع كل ما سيدخل فمه لاختبارات غذائية.

يتزوّد مطبخ الكرملين بمكوّنات طعام الرئيس من المزارع المحلية ومن بينها أراضي البطريرك كيريل (وكالة ريا نوفوستي الروسية)

انطلاقاً من هذا الحرص، يستقدم مطبخ الكرملين الخضار والفاكهة وسائر المكوّنات الطازجة من الأراضي العائدة لبطريرك روسيا كيريل، حسبما تفيد صحيفة «برافدا» الروسية.

المثلّجات أوّلاً

عندما سُئل كبير طبّاخي الكرملين السابق عن أكثر ما يحبّ الرئيس بوتين تناوله، أجاب من دون تردّد: «المثلّجات بالفاكهة». تكثر الصور التي تُظهر بوتين وهو يتناول «الآيس كريم» محلية الصنع، كما أنه لا يبخل بها على كبار زوّاره ونظرائه من الرؤساء.

بوتين يتناول المثلّجات الروسية مع ضيفه الرئيس التركي رجب طيب إردوغان (التلفزيون الروسي)

رغم حبّه الكبير للمثلّجات، فإنّ بوتين يتجنّب الحلويات والسكّر. يستبدل بها الفواكه التي يتناولها في فترة ما بعد الظهر، وفق ما أخبرَ شخصياً مراسلي الكرملين. وأضاف: «أما إذا وجد مشروب الكفير فأنا لا أفوّته». والكفير هو لبن متخمّر يرجع أصل صناعته إلى الرعاة في منطقة القوقاز. من بين مشروبات بوتين المفضّلة كذلك، الشاي الأخضر.

أما المشروبات الروحية التي يُعرف الروس باستهلاكهم الكبير لها، فإنّ بوتين ليس من هواتها على ما يبدو، وهو يتناولها باعتدال. حتى إنه انتقد مراراً «ثقافة الكحول» الروسيّة، كما أنه حاول وضع مخططات لتخفيض استهلاكها بنسبة 50 في المائة على مستوى البلاد.

لا يكثر بوتين من الكحول وهو يفضّل لبن الكفير والشاي الأخضر (وكالة ريا نوفوستي الروسية)

فطيرة الوالدة

لا يمانع بوتين تذوّقَ الأطباق الجديدة والمَحلّية خصوصاً في إطار جولاته الخارجية. هو صرّح بذلك للصحافيين، موضحاً لهم أنه من هواة السلطات والخضار كالطماطم والخيار. يحب كذلك حساء الدجاج بالشعيريّة، كما أنه يفضّل الأرز والقمح على الشوفان.

وبما أن عادات «القيصر» الغذائية تشغل شعبه والرأي العام، فإن وكالات الأنباء والصحف الروسية والعالمية غالباً ما تحاول الاستقصاء عن أسرار حميته. وقد نشرت وكالة «تاس» الروسية تصريحاً قبل سنتَين نقلاً عن الناطق باسم الكرملين، يقول فيه إن الرئيس الروسي يفضّل الوجبات الخفيفة ويتجنّب المخبوزات. إلا أن الفطيرة المحشوّة بالملفوف والأرز واللحم تجعله يخالف تلك القاعدة. إنّها الطبق المخبوز الوحيد الذي لا يستطيع بوتين مقاومته، إذ إنها تذكّره بوالدته ماريا إيفانوفنا التي كانت تعدّها له طفلاً، في شقة العائلة المتواضعة بسان بطرسبرغ.

بوتين عام 2015 جالساً إلى مائدة من الأطباق الروسية التقليدية (وكالة تاس الروسية)

من بين نكهات الطفولة كذلك، حساء لحم الخروف بأعشاب جبال القوقاز. ولهذا الطبق قصةٌ مميزة، إذ اعتاد بوتين أن يتناوله من يدَي جدّه سبيريدون. يكرّر الرئيس الروسي أنه يفضّل السمك على اللحم، لكنه سرعان ما يوضح أنه يحب لحم الخروف، وذلك في إشارةٍ إلى طعمٍ عالقٍ في حلقه منذ سنواته الأولى.

حفيد سبيريدون بوتين

عام 2018، أطلّ الرئيس الروسي في وثائقي تحدّث فيه باقتضاب عن جدّه لأبيه، سبيريدون إيفانوفيتش بوتين. كشف حينها أن الرجل كان «عنصراً قيّماً في فريق ستالين». لم يستفِض الحفيد كثيراً، لكن البحث في شجرة عائلة بوتين يُظهر أنّ سبيريدون (1879 - 1965)، كان الطبّاخ الخاص للزعيم السوفياتي لينين، كما أنه كان يطهو أحياناً لجوزيف ستالين.

سبيريدون جدّ بوتين وطبّاخ لينين وستالين (موسوعة ويكيبيديا)

في سن الـ12، وجد سبيريدون بوتين وظيفة في فندق صغير بقريته، وبعد 3 أعوام انتقل إلى سان بطرسبرغ، حيث درس فنّ الطهو، ثم عمل في فندق «أستوريا» الشهير. هناك، طها مرةً لمعالج العائلة الملكيّة راسبوتين، الذي طلب التعرّف عليه وقدّم له «روبل» ذهبياً لفرط إعجابه بالطعام.

بعد انتقاله إلى موسكو، دخل بوتين الجدّ إلى مطبخ لينين، ولم يخرج منه إلى ما بعد وفاة الزعيم. حتى الـ86 من عمره؛ أي قبل شهور على وفاته، ظلّ سبيريدون واقفاً أمام أفرانه وقدور الطبخ. وعلى ما يبدو تقليداً في العائلة «البوتينيّة»، فإنّ أفرادها يتمسّكون بمناصبهم. على خطى جدّه سار فلاديمير، لكنه لم يكتفِ بمطبخ القصر.


مقالات ذات صلة

مسؤول روسي يؤكد إرسال 10 آلاف مجنس إلى جبهة القتال

أوروبا عناصر من الجيش الروسي (أرشيفية - رويترز)

مسؤول روسي يؤكد إرسال 10 آلاف مجنس إلى جبهة القتال

قال مسؤول روسي بارز، إن موسكو قامت حتى الآن بتجنيد نحو 10 آلاف شخص ممن نالوا الجنسية الروسية، وإرسالهم للقتال في حربها المستمرة ضد أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا جنود أوكرانيون يقفون لالتقاط صورة مع العلم الأوكراني في بلدة ستوروجيف بإقليم دونيتسك الاثنين (رويترز)

أوكرانيا تجلي المدنيين من الجبهة الشرقية وزيلينسكي يقيل قائد القوات المشتركة

السلطات الأوكرانية تجلي المدنيين من قرى الجبهة الشرقية، وموسكو تعلن إسقاط 30 طائرة مسيرة أوكرانية فوق بيلغورود.

«الشرق الأوسط» (كييف) «الشرق الأوسط» (موسكو) «الشرق الأوسط» (لاهاي) «الشرق الأوسط» (بروكسل)
أوروبا قائد الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف بمعية وزير الدفاع الروسي السابق سيرغي شويغو في 15 مارس 2024 (أ.ف.ب)

من هما شويغو وغيراسيموف الروسيان المتهمان بجرائم حرب؟

أصدرت المحكمة الجنائية الدولية، الثلاثاء، مذكرتي اعتقال بحق مسؤولين روسيين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا قائد الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف بمعية وزير الدفاع الروسي السابق سيرغي شويغو في 19 ديسمبر 2023 (أ.ب)

«الجنائية الدولية» تصدر مذكرات اعتقال بحق رئيس الأركان الروسي ووزير الدفاع السابق

أعلنت المحكمة الجنائية الدولية، الثلاثاء، إصدار مذكرتي توقيف بحق قائد الجيش الروسي الجنرال فاليري غيراسيموف ووزير الدفاع السابق سيرغي شويغو.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
أوروبا صورة أرشيفية تُظهر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند بأوزبكستان 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

الكرملين «يستعد» لزيارة مودي إلى روسيا

أعلن الكرملين، الثلاثاء، أنه «يستعد» لزيارة منتظرة في المستقبل القريب لرئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، لكنه رفض الكشف عن تاريخ محدد.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

لماذا تنشر بعض الشركات قوائم وظائف «وهمية»؟

الوظائف المزيّفة ترتبط بالأدوار التي لا تقوم الشركة بالتوظيف لها بشكل نشط لكنها تستخدمها لجمع السير الذاتية من بين أسباب أخرى (رويترز)
الوظائف المزيّفة ترتبط بالأدوار التي لا تقوم الشركة بالتوظيف لها بشكل نشط لكنها تستخدمها لجمع السير الذاتية من بين أسباب أخرى (رويترز)
TT

لماذا تنشر بعض الشركات قوائم وظائف «وهمية»؟

الوظائف المزيّفة ترتبط بالأدوار التي لا تقوم الشركة بالتوظيف لها بشكل نشط لكنها تستخدمها لجمع السير الذاتية من بين أسباب أخرى (رويترز)
الوظائف المزيّفة ترتبط بالأدوار التي لا تقوم الشركة بالتوظيف لها بشكل نشط لكنها تستخدمها لجمع السير الذاتية من بين أسباب أخرى (رويترز)

يواجه الباحثون عن عمل في الكثير من المناطق حول العالم هذه الأيام صعوبة في إيجاد فرص مناسبة لطموحاتهم، وتشير البيانات الجديدة إلى أن بعض مديري التوظيف يجعلون الأمور أكثر تعقيداً.

تقول 4 من كل 10 شركات إنها نشرت «قائمة وظائف مزيفة» هذا العام، وتؤكد 3 من كل 10 شركات أنها تعلن حالياً عن فرص عمل «غير حقيقية»، وفقاً لاستطلاع تم إجراؤه في شهر مايو (أيار) وشمل 649 مدير توظيف من موقع Resume Builder للتوظيف، بحسب تقرير لشبكة «سي إن بي سي».

تشير الوظائف المزيفة، في هذه الحالة، إلى القوائم عبر الإنترنت للأدوار التي لا تقوم الشركة بالتوظيف لها بشكل نشط، ولكنها تريد استخدامها لجمع السير الذاتية، من بين أسباب أخرى. (الوظائف المزيفة التي يتبين أنها عمليات احتيال هي مشكلة أخرى تماماً).

تقول ستيسي هالر، كبيرة المستشارين المهنيين في شركة Resume Builder، إن هذه الاستراتيجية، على الرغم من كونها محبطة، ليست جديدة تماماً.

على سبيل المثال، تحتاج بعض الوكالات باستمرار إلى «مواهب جديدة وتقوم دائماً بعرض إعلانات وظائف حديثة؛ لأنه إذا احتاج العميل إلى شخص ما، فيجب أن يرى مرشحاً تم فحصه بالفعل»، كما توضح هالر لـ«سي إن بي سي». في هذه الحالات، قد تقوم الوكالات بالاتصال بالمرشحين وإجراء مقابلات معهم للاحتفاظ بمعلوماتهم في الملف؛ حتى يتم فتح وظيفة شاغرة حقيقية. لكن هالر ترى الآن أن «المزيد من الشركات التقليدية تفعل ذلك بشكل أكبر».

موظفون يعملون في مصنع للملابس شرق الصين (أ.ف.ب)

فلماذا تتجه الشركات إلى نشر الفرص المزيفة؟

وفقاً للاستطلاع، من المرجح أن ينشر مديرو التوظيف فرص عمل وهمية لأدوار المبتدئين والأشخاص الذين لديهم خبرة متوسطة.

وقد أبلغوا عن نشر هذه القوائم عبر الإنترنت، بما في ذلك المواقع الإلكترونية الخاصة بشركاتهم، بالإضافة إلى منصات مثل «لينكدإن» وZipRecruiter، وغيرهما.

ويتعارض ذلك بالفعل مع سياسة المستخدم في الكثير من الأحيان. قال متحدث باسم «لينكدإن» لـ«سي إن بي سي»: «نطلب من مسؤولي التوظيف نشر الوظائف فقط إذا كانوا يعتزمون توظيف مرشح للمنصب المحدد المشار إليه». استجابت شركة ZipRecruiter لطلب التعليق من خلال صفحة قواعد نشر الوظائف التي تنص على أن التقديمات يجب أن تعكس «فرصة عمل حقيقية وحالية».

ومع ذلك، فإن أغلبية مديري التوظيف، 7 من كل 10، يقولون إن ممارسة نشر قوائم الوظائف المزيفة أمر «مقبول أخلاقياً».

فلماذا يتم إهدار الوقت والجهد للإعلان عن وظيفة ليست مفتوحة بالفعل؟ تجيب هالر بأن الأمر كله يرجع إلى «أسباب ترتبط بالمظهر».

يقول مديرو التوظيف إنهم يعتقدون أن الإعلان عن فرص عمل غير موجودة له تأثير إيجابي على إيراداتهم من خلال جعل الأمر يبدو وكأن شركتهم تنمو بشكل أسرع مما هي عليه بالفعل، وفقاً للاستطلاع. ويعتقدون أن هذه الممارسة تزيد من معنويات الموظفين من خلال جعل الموظفين المثقلين بالعمل يشعرون بأن العبء سيخفف قريباً. ويعتقد آخرون أن هذه الخطوة تعزز الإنتاجية من خلال جعل العمال يشعرون بأنه يمكن استبدالهم وعليهم إثبات أنفسهم ضد الوافدين الجدد المحتملين.

أخيراً، يقول مديرو التوظيف إنهم يحتفظون بالقوائم المزيفة من أجل جمع السير الذاتية التي قد يتم اللجوء إليها لاحقاً.

وبغض النظر عن أسباب هذه الخطوة، توضح هالر أن هذه الممارسة تؤدي إلى تآكل الثقة في مجال التوظيف، ويمكن أن تجعل الباحثين عن عمل يشعرون بالإرهاق. وتابعت: «لا أستطيع أن أقول إن هذا أسلوب جيد للتوظيف. لا شيء منه مقبول».