أبدى المصري أحمد صلاح حزنه لعدم تمكنه من شراء أضحية هذا العام، بعدما فوجئ بأن سعر الخروف يبدأ من 10 آلاف جنيه (الدولار يساوي 47.6 جنيه مصري).
وقال الشاب الأربعيني، الذي يعمل كيميائياً لدى إحدى مصانع المنظفات السائلة في القاهرة، لـ«الشرق الأوسط»: «أُفضل مذاق لحم الضأن، وأنتظر كل عيد أضحى لكي أضحِّي بخروف، فهي سُنة مستحبّة وعادة متوارَثة، لكن هذا العام ارتفعت الأسعار بشكل كبير للغاية بفوق مقدرتي المالية، لذا قررت عدم الشراء، والاستغناء عن العادة السنوية وطقوسها المحببة لي ولأطفالي، مثلما تخليت عن غيرها بفعل الغلاء».
ويستقبل المصريون عيد الأضحى هذا العام في ظل أعباء اقتصادية، بعد أن أرهق غلاء الأسعار مختلف فئات المصريين على مدار الأشهر الماضية، وبالتزامن مع ارتفاعات حالية في أسعار اللحوم، والدواجن، والملابس الجاهزة، التي يقبل عليها المواطنون قبل العيد.
وتباينت أسعار اللحوم الحية والأضاحي في الأسواق المصرية بالتزامن مع عيد الأضحى المبارك، حيث يبلغ سعر اللحوم عند محال الجزارة نحو 500 جنيه للحم الضأن للكيلوغرام، ومن 380 إلى 450 جنيهاً للحوم البلدية حسب القطعية، كذلك حسب المحافظة التي يتم البيع فيها. فيما سجلت أسعار اللحوم الحية في منافذ وزارة الزراعة المصرية 150 جنيهاً لكيلوغرام اللحم الحي القائم، بينما تبدأ أسعار اللحوم الحمراء من 250 جنيهاً.
وسعت الحكومة المصرية لتوفير احتياجات المواطنين من اللحوم قبل عيد الأضحى؛ إذ طرحت أضاحي العيد في المنافذ الحكومية بأسعار مخفضة أقل من سعر السوق، إلى جانب توفير اللحوم البلدية والسودانية ولحوم الضأن.
وقال المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد القرش، في تصريحات تلفزيونية: «هناك اهتمام كبير بتوفير احتياجات المواطن المصري من اللحوم، خصوصاً في موسم عيد الأضحى، وزيادة حجم المعروض من اللحوم في المنافذ الحكومية خلال الفترة الحالية».
مع تخليه عن أضحيته كان البديل لدى صلاح هو توجهه لأول مرة إلى أحد منافذ وزارة الزراعة، حيث اشترى منه 3 كيلوغرامات من لحم الضأن المستورد بسعر 390 جنيهاً، لتجربته على مائدة أول أيام العيد.
الخبير الاقتصادي المصري الدكتور محمد البهواشي، قال لـ«الشرق الأوسط»: «هذا العام قلَّت ظاهرة الإقبال على ذبح الأضاحي بشكل كبير مقارنةً بالأعوام الماضية، فالمشاهد المعتادة مع طقوس الذبح في الشوارع وكذلك في المنازل اختفت هذا العيد بشكل مُلاحَظ، حيث اتخذ كثيرون قراراً بعدم التضحية مع ارتفاع أسعار الأضاحي الحية كثيراً هذا العام، للدرجة التي وصل فيها سعر رُبع الأضحية في الوقت الحالي إلى أن يماثل سعر أضحية كاملة فيما مضى، وهو بالطبع أمر أثَّر بالسلب على معدلات الشراء، وجعل البعض يتجه إلى شراء صكوك الأضاحي التي تتيحها وزارة الأوقاف والجمعيات الخيرية».
وبينما تجتمع العائلات لتناول وجبات العيد المميزة مثل اللحوم والفتة والمحاشي والرقاق، فإن ربة المنزل الستينية، ماجدة حامد، التي تقطن محافظة المنوفية (دلتا النيل)، قالت إن ارتفاع أسعار اللحوم غيّر من طقوسها في العيد، مشيرةً إلى أن وليمة عيد الأضحى التي تدعو إليها أبناءها وأحفادها، تغيرت معالمها هذا العام.
وأوضحت، في حديثها لـ«الشرق الأوسط»، أنها اقتصدت في أطباق الوليمة، فبعد أن كانت تضم أصناف اللحوم والبفتيك والكبدة وصواني الرقاق باللحم المفروم، لجأت هذا العام إلى إدخال الدجاج مع القليل من اللحوم، والتخلي عن البفتيك والكبدة الذي تجاوز سعرهما 450 جنيهاً للكيلوغرام، مثلما طالت الارتفاعات غالبية السلع والمنتجات، وهو ما يفوق قدرتها المادية، حسب تعبيرها.
وأظهرت بيانات جهاز التعبئة العامة والإحصاء في مصر، الاثنين الماضي، أن التضخم في أسعار المستهلكين في المدن وصل إلى 28.1 في المائة في مايو (أيار) على أساس سنوي.
يعود الخبير الاقتصادي المصري إلى حديثه، مشيراً إلى أنه في ظل ما وجده المواطن المصري من ارتفاع أسعار المنتجات قبل عيد الأضحى بفعل حالة الغلاء، فإنه حاول التخلي عن بعض عاداته والتقليل من كميات السلع المرتبطة بالعيد، مضيفاً: «الأعياد في مصر دائماً لها طبيعة استهلاكية، ومع ارتباط عيد الأضحى باللحوم تحديداً، التي تكون حاضرة بقوة على مائدة العيد، نجد أن هناك إحجاماً عن شرائها أمام ارتفاع أسعارها، وكثيرون اتجهوا إلى شراء الدواجن بوصفها البديل المناسب عن اللحوم المرتفعة السعر».