«آرت بازل» اختبار لسوق الفنون في سويسرا بعد عام من التراجع

يضم الحدث أعمالاً لأسماء كبرى في الفن المعاصر

زوار ينظرون إلى العمل الفني من الربيع إلى الخريف للفنان الأميركي سام فالسون (أ.ب)
زوار ينظرون إلى العمل الفني من الربيع إلى الخريف للفنان الأميركي سام فالسون (أ.ب)
TT

«آرت بازل» اختبار لسوق الفنون في سويسرا بعد عام من التراجع

زوار ينظرون إلى العمل الفني من الربيع إلى الخريف للفنان الأميركي سام فالسون (أ.ب)
زوار ينظرون إلى العمل الفني من الربيع إلى الخريف للفنان الأميركي سام فالسون (أ.ب)

بمشاركة نحو 300 جهة عرض من حول العالم، يقام في سويسرا معرض «آرت بازل» هذا الأسبوع ، والذي يشكل اختباراً لصحة سوق الفنون خلال الأشهر المقبلة بعد تباطؤ في النمو عام 2023.

ويجتمع نحو 285 جهة عرض لمدة أسبوع في مدينة بازل الواقعة على ضفاف نهر الراين لتقديم أجمل ما لديهم من قطع، خلال هذا الحدث الذي يُعدّ أحد أبرز الأحداث لهذا العام لهواة الجمع الذين يسارعون إلى إجراء مشترياتهم هناك، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية.

امرأة تقف أمام العمل الفني «الشطرنج» للفنان الأميركي لوتز باشر (أ.ب)

ويُخصص المعرض في البداية لمدة يومين ونصف يوم لهواة جمع التحف الأثرياء، على أن يفتح أبوابه للجمهور في الفترة من 13 إلى 16 يونيو (حزيران). ولأول مرة، سيتمكن الزوار من التصويت على القطعة المفضلة لديهم في فئة سُمّيت Unlimited (بلا حدود)، تجمع بين الأعمال الضخمة المخصصة للمتاحف والمجموعات الخاصة الكبيرة.

ويضم الحدث أعمالاً لأسماء كبرى في الفن المعاصر - بينها لوحات جدارية للأميركي كيث هارينغ أو سيارة فولكسفاغن بيتل ملفوفة في عام 1961 من جانب الفنان كريستو - بالإضافة إلى نجوم صاعدين في المشهد الفني، من بينها عمل تركيبي للفنانة السويدية آنا أودينبرغ.

وسيعرض أصحاب صالات العرض على منصاتهم أعمالاً لفنانين من الأكثر استقطاباً لهواة الجمع، بينهم بابلو بيكاسو، أو آندي وارهول، أو يايوي كوساما، أو ساي تومبلي لدى دار غاغوسيان الأميركية، أو حتى فيليب غوستون، أو جورجيا أوكيف، أو لويز بورجوا، أو ألكسندر كالدر لدى دار «هاوزر أند ويرث» في زيورخ.

ويقام المعرض هذا العام في سياق أكثر غموضاً. وبحسب تقرير صادر عن مصرف «يو بي إس» UBS وشركة الأبحاث «آرت إيكونوميكس» Art Economics، انخفضت المبيعات في سوق الفن بنسبة 4 في المائة في عام 2023، إلى نحو 65 مليار دولار؛ بسبب ارتفاع أسعار الفائدة والبيئة الجيوسياسية غير المستقرة، بعد عامين من الانتعاش القوي في أعقاب صدمة جائحة «كوفيد - 19».

ومع ذلك، فإن هذا الانخفاض في العام الماضي يخفي فوارق قوية؛ إذ يطال التراجع بشكل رئيسي المعارض الكبيرة، بينما «أظهر المشترون حذراً أكبر قبل إنفاق مبالغ كبيرة» في هذا السياق الأكثر غموضاً، وفق هذا التقرير. وعلى العكس من ذلك، شهدت المعارض الصغيرة والمتوسطة الحجم زيادة في حجم مبيعاتها بفضل الطلب على أعمال أكثر بأسعار معقولة.

وعلى الرغم من هذا التباطؤ، بقيت المبيعات كبيرة جداً العام الماضي خلال هذا المعرض في بازل، حيث تقدّم دور العرض قطعاً استثنائية. فقد بيعت منحوتة عنكبوت للنحاتة الفرنسية الأميركية لويز بورجوا بمبلغ 22.5 مليون دولار.

بالنسبة لنسخة 2024، لا يرى هانز لينين، المتخصص في سوق الفن والمسؤول عن أوروبا وآسيا والمحيط الهادي في شركة التأمين «أكسا إكس إل» AXA XL، «تغيرات كبيرة» في ديناميات السوق، لا «إيجابياً» ولا «سلبياً»، وبالتالي يتوقّع أن يكون المعرض «مماثلاً لعام 2023».

ويقرّ في مقابلة مع وكالة الصحافة الفرنسية بأن «السوق تباطأت قليلاً». ومع ذلك، يقول: «لا أعتقد أنه يمكننا الحديث عن تصحيح، بل عن استقرار السوق»، وهو ما يبدو «منطقياً» في ضوء الارتفاع الحاد في السنوات الأخيرة. ويؤكد أن المجموعات المؤمّن عليها مستمرة في النمو.

وبحسب مدير سوق الفن في شركة التأمين البريطانية «هيسكوكس» روبرت ريد، فإن الحدث سيكون فرصة لرصد اتجاهات السوق.ويقول إن «آرت بازل هو الاختبار الحقيقي لفهم الاتجاه الذي تنحو إليه سوق الفن».

العمل الفني «الخط الممتد» للفنان الياباني شيهارو شيوتا في المعرض (أ.ب)

وتأسس معرض بازل الفني عام 1970 على يد ثلاثة تجار أعمال فنية، من بينهم إرنست بيلير، وأصبح حدثاً أساسياً في هذا القطاع، ويتضمن أيضاً نسخاً في ميامي وهونغ كونغ ومنذ عام 2022 في باريس، تحت اسم Paris+ الذي حل محلّ «المعرض الدولي للفن المعاصر» (FIAC). وفي عام 2023، استقبل المعرض 82 ألف زائر في بازل.


مقالات ذات صلة

«فنّ الاندماج البصري» لطوني ناصيف: أرقام وحسابات في لعبة فنّية

يوميات الشرق طوني ناصيف يضع اختصاصه في خدمة لوحاته (الشرق الأوسط)

«فنّ الاندماج البصري» لطوني ناصيف: أرقام وحسابات في لعبة فنّية

ينطلق الفنان التشكيلي اللبناني المهندس طوني ناصيف، من قواعد اختصاصه ليُترجم أفكاره، فيجمع فيها أكثر من تيمة، ويقولبها في خلطة من الرسم واللصق و«الميكسد ميديا».

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق علبة للسعوط شاهدة على زمن كَمَن فيه الجمال في التفاصيل (الملف الصحافي للمعرض)

​تحف نادرة تُعرَض في باريس... الفخامة حين تختبئ في الجيب

«هي أشياء لا تُشترى» كما قال الشاعر المصري أمل دنقل لكنها تتنقل من مالك إلى آخر وتورث من جدّ إلى حفيد وربما ينتهي بها المطاف في معارض التحف.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق أفيش فيلم معبودة الجماهير (الشرق الأوسط)

معرض لأفيشات الأفلام المصرية يوثق لـ«مائة سنة سينما»

ضحك وغناء ودموع... مشاعر متداخلة تسكن تفاصيل الأفلام القديمة التي يعود معظمها لزمن الأبيض والأسود، تلقي بسحرها الخاص على من يستدعيها.

منى أبو النصر (القاهرة)
يوميات الشرق تجد في التجريدي مساحة للنضج الإبداعي (صور زينة نادر)

زينة نادر ترسم «الحواس الستّ»... وتعلو بالتجريد نحو الحلم المُوسَّع

في معارضها، تتأمّل الوجوه رغبةً في أن تلمحها «سعيدة» بما تُعاين، يصبح تحقُّق الفرح بأهمية اقتناء لوحة، ولا يعود البيع هو وحده الغاية، بل إيصال المشاعر.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق «باربي» رقم 1 عام 1959 (ماتيل)

باربي في سن الـ65... أحلام الصغيرات وذكريات الكبيرات

بعد الضجة التي أحدثها فيلم عنها العام الماضي تعود الدمية الرشيقة باربي لتروي قصتها، هذه المرة، عبر معرض شامل يقيمه متحف التصميم «ديزاين ميوزيام» بلندن.

عبير مشخص (لندن)

فيلم «هجرة»... رحلة ملهمة للبحث عن الذات

تحاول المخرجة تسليط الضوء على حكاية المهاجرين في فيلم ببُعد عالمي (الشرق الأوسط)
تحاول المخرجة تسليط الضوء على حكاية المهاجرين في فيلم ببُعد عالمي (الشرق الأوسط)
TT

فيلم «هجرة»... رحلة ملهمة للبحث عن الذات

تحاول المخرجة تسليط الضوء على حكاية المهاجرين في فيلم ببُعد عالمي (الشرق الأوسط)
تحاول المخرجة تسليط الضوء على حكاية المهاجرين في فيلم ببُعد عالمي (الشرق الأوسط)

تعكف المخرجة السعودية شهد أمين، على إنهاء مرحلة المونتاج لفيلمها «هجرة»، الذي يسلط الضوء على قصص المهاجرين الذين استقروا في البلاد بعد الحج، ودور المرأة في هذا السياق. الفيلم من نوعية أفلام الطريق، تم تصويره على مدى 55 يوماً في 8 مدن سعودية مختلفة، ومن المتوقع عرضه قريباً في صالات السينما.

في حوار مع «الشرق الأوسط» قالت المخرجة شهد أمين، إن الفيلم يركز على المرأة وحضورها القوي في تاريخ المملكة العربية السعودية، مضيفةً أن القصة تصوّر شخصيات نسائية من أجيال مختلفة «بدايةً من (الجدة)، ووصولاً إلى بطلتنا الصغيرة (جنى)، التي تحاول فهم الأجيال المختلفة من نساء عائلتها».

مشهد من الفيلم الذي هو حالياً في مرحلة المونتاج ومن المنتظر عرضه قريبًا في السينما (الشرق الأوسط)

يتعمّق الفيلم في شخصياته، حيث تظهر الصراعات العميقة بين هذه الأجيال، حسب المخرجة، التي تضيف: «كل واحدة منهن تبحث عن حرية وصوت يخصّها وحدها، هنالك تساؤلات كثيرة يطرحها هذا الفيلم، من خلال رحلة تكشف لنا المملكة العربية السعودية بجغرافيتها الساحرة، وثقافاتها المتنوعة، وتاريخها العريق».

قصة «هجرة»

تبدأ قصة «هجرة» في مدينة الطائف، مروراً بمكة المكرمة، حيث تختفي الفتاة «سارة»، وتبدأ الجدة والطفلة «جنى» في البحث عنها، متجهات إلى الشمال، ومن هنا ينتقل الفيلم إلى الصحراء، ثم يستقر في جبال تبوك الثلجية. وتتابع شهد أمين قائلة: «إنها رحلة ملهمة، تبحث بها الشخصيات مع المشاهدين عن ذواتهن، من خلال اكتشاف البلد الذي يعشن فيه».

يتناول الفيلم رحلة بحث الجدة وحفيدتها المليئة بالمفاجآت (الشرق الأوسط)

ما بعد الحج

تقول المخرجة عما يميز فيلمها: «هو يختلف عن بقية أفلامي، التي آثرتُ أن تدور أحداثها في عالم الواقع، أو عالم الفانتازيا، تدور أحداث هذا الفيلم في الواقع، وفي السعودية تحديداً، وتتناول القصة موضوع الحج؛ كوني من جدة فأنا أدرك مدى تأثير الحج على مجتمعنا، حيث اختار العديد من الحجاج البقاء في مدن مثل مكة، والمدينة، وجدة، والطائف، بعد إتمام فريضة الحج، ونتيجة لذلك أصبحت هذه المدن متعددة الأعراق والثقافات».

حكاية المهاجرين

تتابع المخرجة: «في فيلم (هجرة) أردت تسليط الضوء على حكاية المهاجرين، في فيلم يُبرز أن السعودية كانت دائماً ملاذاً للمسلمين، الذين جاءوا إليها للبحث عن وطن جديد». وتشير شهد أمين إلى أن ما شدّها لهذا الفيلم هو كونه من أفلام الطريق داخل المملكة، حيث تحاول إظهار هذه البقعة الجغرافية الفريدة بطريقة لم تظهر بها من قبل، من قمم جبال الطائف إلى مدينة جدة، مروراً بصحراء العلا وشواطئ ضبا، وصولاً إلى الجبال الثلجيّة في تبوك.

قصة الحجاج وما بعد رحلة الحج تظهر في الفيلم (الشرق الأوسط)

وبسؤالها عن أبرز التحديات التي واجهت هذا العمل، تجيب: «من أصعب الأمور التي واجهناها التنقل من منطقة إلى أخرى، والعيش في مناطق بعيدة، وتحديات نقل أعداد كبيرة من الممثلين الكومبارس إلى مناطق شبه نائية».

فريق عالمي

تشيد المخرجة بفريق عمل الفيلم، وتصفهم بـ«طاقم عالمي ومحلي محترف»، وتضيف: «عملت لمدة أعوام مع صانع الأفلام محمد الدراجي منتجاً، ومن خلال (المركز العراقي) للفيلم المستقل، و(بيت أمين) للإنتاج، بدأنا في تكوين فريق العمل، المؤلَّف من المصوّر الشيلي ميغيل ليتين وفريقه، والمنتجَين فيصل بالطيور ومحمد حفظي، إلى جانب مصمّمة الأزياء السعودية مرنة الحربي، ومصمّم الديكور البريطاني كريس ريتشموند».

وأشارت شهد أمين إلى أن الفيلم مدعوم من عدة جهات، منها مهرجان البحر الأحمر، وفيلم العلا، وهيئة الأفلام، ومسابقة ضوء، ونيوم، وإثراء، وفيلم كلينيك، والمركز العراقي للفيلم المستقل، وبيت أمين، وسيني ويفز، وآديشن.

المخرجة شهد أمين (الشرق الأوسط)

وتطرّقت شهد أمين إلى الدعم المقدّم من فيلم العلا، بالقول: «دور فيلم العلا ليس مادياً فقط، بل معنوي ولوجيستي كذلك، لقد وفّر لنا الطاقم من فيلم العلا جميع المتطلبات، وقد كانوا جزءاً لا يتجزّأ من فريقنا... أنا فخورة جداً بكل ما يصنعونه لمساعدة صناع الأفلام المحليين والدوليين، ولكل ما قدّموه لي ولطاقم فيلم (هجرة)، فلقد أدهشونا بحرفيتهم وتفانيهم في صناعة هذا الفيلم».

وعن التصوير في العُلا تقول: «من أبرز وأجمل المناطق التي مررنا بها كانت منطقة العلا؛ فلقد كان التصوير بها شاعرياً جداً».

تم تصوير الفيلم في ثمان مدن سعودية بما يُظهر التنوّع الجغرافي في البلاد (الشرق الأوسط)