موجة الحرّ في مصر تُعيد المطالبات بتكثيف التشجير

كل شجرة تمتصّ سنوياً نحو 15 كيلوغراماً من ثاني أكسيد الكربون

درجات الحرارة وصلت إلى أرقام قياسية في مصر (هيئة الأرصاد الجوّية)
درجات الحرارة وصلت إلى أرقام قياسية في مصر (هيئة الأرصاد الجوّية)
TT

موجة الحرّ في مصر تُعيد المطالبات بتكثيف التشجير

درجات الحرارة وصلت إلى أرقام قياسية في مصر (هيئة الأرصاد الجوّية)
درجات الحرارة وصلت إلى أرقام قياسية في مصر (هيئة الأرصاد الجوّية)

أعادت موجة الحرّ التي تشهدها مصر حالياً، إلى الواجهة، الحملات المطالِبة بتكثيف التشجير في الشوارع والميادين، نظراً إلى أنّ التأثير الكبير الذي أحدثته هذه الموجة ناتج عن تقليص المساحات الخضراء.

وإذ نشرت هيئة الأرصاد الجوّية المصرية درجات الحرارة التي تراوحت بين 40 و49 درجة في المدن المختلفة، خلال الموجة الحالية، أشارت إلى انخفاض طفيف ومؤقت في الحرارة من 5 إلى 3 درجات في شمال البلاد وشمال الصعيد خلال الأيام المقبلة.

وقال مؤسِّس مبادرة «شجّرها» التي تستهدف زراعة الأشجار المثمرة في الشوارع والمدارس والأماكن العامة، المهندس عمر الديب، إنهم يستهدفون التقليل من الآثار الفادحة لدرجات الحرارة المرتفعة عبر تكثيف زراعة الأشجار، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أنّ «كل شجرة تمتصّ سنوياً نحو 15 كيلوغراماً من ثاني أكسيد الكربون، وزرعنا 350 ألف شجرة تمتصّ نحو 5 ملايين طن منه سنوياً، فضلاً عن كونها مصنعاً للأكسجين».

الشباب المتطوّعون ضمن حملات التشجير في مصر (حملة «شجّرها»)

وأكد أنّ «زراعة الأشجار تحدّ من درجات الحرارة بنحو 5 أو 6 درجات عبر تقليل الانبعاثات المتسببة في الاحتباس الحراري». وتابع: «الإحصائيات تؤكد أنّ مساهمة مصر وأفريقيا في الانبعاثات المُتسببة في الاحتباس الحراري أقل من 1 في المائة، في حين أنّ مساهمة الدول المتقدّمة مثل أميركا والصين تبلغ نحو 17 في المائة، ورغم ذلك تُعدّ مصر من أكثر الدول المتأثّرة بالتغيّرات المناخية بسبب نسبة الصحاري».

كما أطلقت محافظات مصرية مبادرات وحملات مماثلة، منها محافظة الغربية (دلتا مصر) التي شاركت في زراعة الأشجار المثمرة وأشجار الزينة في مدخل أحد الشوارع الرئيسية بمدينة طنطا، ضمن الاحتفالات باليوم العالمي للبيئة.

ولفت مؤسِّس مبادرة «شجّرها» التي انطلقت قبل 8 أعوام إلى أنهم يستهدفون «نشر ثقافة زراعة الأشجار الخشبية والمثمرة في الشوارع والأماكن العامة والمدارس والجامعات، وكذلك زراعة الأسطح والشرفات بالخضراوات والنباتات الطبية والعطرية، بالإضافة إلى تحقيق التنمية المستدامة لمواجهة ظاهرة التغيرات المناخية».

بدوره، رأى الناشط البيئي أحمد فتحي أنّ «حملات التشجير تحتاج إلى دراسة، لأنها كثيرة لكنها لا تنجح بسبب عدم الرعاية والمتابعة والري الدائم لها»، موضحاً عبر صفحته في «فيسبوك»: «نحتاج إلى مشروع حقيقي يحافظ على الأشجار الموجودة، ويضمن زيادتها وزراعة الأشجار القادرة علي التكيُّف مع هذا الجوّ الصعب».

وأطلقت الحكومة المصرية مبادرة 100 مليون شجرة عام 2022 بالتزامن مع انعقاد الدورة 27 لمؤتمر المناخ العالمي في شرم الشيخ، بهدف تحديد 9900 موقع في المحافظات المختلفة، تصل مساحتها إلى 6600 فدان على مستوى الجمهورية تصلح لتكون غابات شجرية، أو حدائق، لتحسين نوعية الهواء وخفض غازات الاحتباس الحراري.

مشروع تبطين الترع يؤثر في الأشجار المعمِّرة (الشرق الأوسط)

ونشر متابعون صوراً لأحياء ومناطق طُوِّرت خلال السنوات الأخيرة، جرى قطع عدد كبير من الأشجار المعمِّرة فيها خلال عمليات التطوير. وحمّلوا الجهات التنفيذية مسؤولية قطع عدد كبير من الأشجار الراسخة والمعمِّرة التي كانت تظلّل ضفاف الترع في الريف المصري بعد تدشين مشروع التبطين.

ورصدت «الشرق الأوسط» قطع أعداد كبيرة من تلك الأشجار في محافظة القليوبية ضمن مشروع التبطين الذي تعرّض أخيراً لانتقادات. ورغم انتقادات الخبراء، شدَّد وزير الري العام الماضي على «عدم توقُّف المشروع».


مقالات ذات صلة

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

يوميات الشرق مؤسِّسة المبادرة مع فريقها المُساعد للنازحين الصمّ (نائلة الحارس)

«مساعدة الصمّ»... مبادرة تُثلج قلب مجتمع منسيّ في لبنان

إهمال الدولة اللبنانية لمجتمع الصمّ يبرز في محطّات عدّة. إن توجّهوا إلى مستشفى مثلاً، فليس هناك من يستطيع مساعدتهم...

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق الشيف بوراك في أحد المقاطع الدعائية  (صفحته على فيسبوك)

مطعم تركي يُجدد الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر

جددت أسعار فواتير «باهظة» لمطعم تركي افتُتح حديثاً بمنطقة التجمع الخامس (شرق القاهرة) الجدل بشأن «الفجوة الطبقية» في مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
رياضة عالمية نادي باريس سان جيرمان (الشرق الأوسط)

سان جيرمان يحتكم إلى الاتحاد الفرنسي في نزاعه مع مبابي

قدّم نادي باريس سان جيرمان طلبا لمناقشة نزاعه المالي مع مهاجمه السابق كيليان مبابي أمام اللجنة التنفيذية للاتحاد الفرنسي لكرة القدم، بعد القرارات المؤيدة للاعب.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق الطبيبة المصرية التي نشرت مقطع فيديو أثار جدلاً (جزء من المقطع على يوتيوب)

توقيف طبيبة لـ«إفشاء أسرار المرضى» يثير انقساماً «سوشيالياً» بمصر

أثار توقيف طبيبة مصرية بتهمة «إفشاء أسرار المرضى»، تبايناً وانقساماً «سوشيالياً» في مصر، بعد أن تصدرت «التريند» على «غوغل» و«إكس»، الثلاثاء.

محمد الكفراوي (القاهرة)
يوميات الشرق تشاء الصرخة إعلاء صوت العدالة والدفع قُدماً بقضية المناخ (غرينبيس)

«أحلامنا ليست للبيع والشراء»... صرخة الطفولة العربية لعالَم عادل

يصرخ الأطفال عالياً في الكليب: «أحلامنا ليست للبيع والشراء»، ويعبّرون عن إحباطهم من عالَمٍ لا يكترث لغدهم، ينادون بتغيير جذري يجعل من رفاهيتهم ومستقبلهم أولوية.

فاطمة عبد الله (بيروت)

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

عرض مسرحي
عرض مسرحي
TT

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

عرض مسرحي
عرض مسرحي

نثر مهرجان للمسرح، أقيم في درنة الليبية بعضاً من الفرح على المدينة المكلومة التي ضربها فيضان عارم قبل أكثر من عام.

ومع حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة وفنانين وممثلين ليبيين وغيرهم من الضيوف الفنانين من بعض الدول العربية، أبرزها سوريا والأردن ومصر وتونس.

الفنان صابر الرباعي

واختتم، مساء الخميس، المهرجان الذي استهل أعماله بحفل غنائي أحياه الفنان صابر الرباعي، على مسرح المدينة الرياضية، وسط حضور جماهيري وفني، محلي ومن دول عربية من بينها مصر وتونس.

وتحت شعار «درنة عادت، درنة الأمل»، دعا المهرجان سبع فرق: خمساً من ليبيا، وفرقةً من مصر، وأخرى من تونس.

أحد العروض

وعُرضت أعمال عديدة من بينها مسرحية «خرف» لفرقة الركح الدولي من بنغازي، التي أثنى عليها الجمهور، من حيث الأداء المميز لجميع الفنانين المشاركين، كما عرضت مسرحية «صاحب الخطوة» لفرقة المسرح القوريني من مدينة شحات، وجاء العرض مليئاً بالرسائل العميقة، وقد نال إعجاب الحضور.

وأعلنت إدارة المهرجان عن توزيع جوائز للأعمال المشاركة، بالإضافة لتكريم عدد من نجوم الفن في ليبيا ودول عربية.

وحاز جائزة أفضل نص دنيا مناصرية من تونس، عن مسرحية «البوابة 52»، بينما حصلت الفنانة عبير الصميدي من تونس على جائز أفضل ممثلة عن العمل نفسه.

ومن ليبيا حاز الفنان إبراهيم خير الله، من «المسرح الوطني» بمدينة الخمس، جائزة أفضل ممثل عن مسرحية «عرض مسرحي للبيع»، وذهبت جائزة أفضل إخراج للمخرج منير باعور، من المسرح الوطني الخمس عن مسرحية «عرض مسرحي للبيع».

عرض مسرحي

كما كرمت إدارة المهرجان الفنان المصري أحمد سلامة، والفنانة عبير عيسى، والإعلامية صفاء البيلي؛ تقديراً «لإسهاماتهم القيمة في مجال الفن والمسرح». وقالت إدارة المهرجان إن هذا التكريم «يعكس التقدير والاحترام للفنانين الذين ساهموا في إثراء الثقافة والفنون، ويعزّز من أهمية دعم المواهب الفنية في المجتمع».

وكانت الدورة السادسة لمهرجان «درنة الزاهرة»، وهو اللقب الذي يُطلق على هذه المدينة المعروفة بأشجار الياسمين والورد، قد ألغيت العام الماضي بسبب الدمار الذي طال معظم مبانيها التاريخية جراء الكارثة.

في ليلة 10 إلى 11 سبتمبر (أيلول) 2023، ضربت العاصفة «دانيال» الساحل الشرقي لليبيا، ما تسبّب في فيضانات مفاجئة تفاقمت بسبب انهيار سدين في أعلى مدينة درنة. وخلفت المأساة ما لا يقل عن 4 آلاف قتيل وآلاف المفقودين وأكثر من 40 ألف نازح، حسب الأمم المتحدة.

مسرح جامعة درنة

وتقول الممثلة المسرحية التونسية عبير السميتي، التي حضرت لتقديم مسرحية «الباب 52»، لـ«وكالة الأنباء الفرنسية»، «هذه أول مرة آتي فيها إلى هنا. بالنسبة لي، درنة اكتشاف. كنت متشوقة للمجيء. عندما نصل إلى هنا، نشعر بالألم، وفي الوقت نفسه، نشعر بالفرح وبأن الشعب كله لديه أمل».

بدورها، ترى الممثلة والمخرجة الليبية كريمان جبر أن درنة بعدما خيّم عليها الحزن، عادت إلى عهدها في «زمن قياسي».

جانب من تكريم الفنانين في مهرجان للمسرح في درنة الليبية (إدارة المهرجان)

ومن الكنوز المعمارية الشاهدة على الماضي الفني والأدبي الذي فقدته درنة في الفيضانات، «بيت الثقافة»، وخصوصاً «دار المسرح»، أول مسرح تم افتتاحه في ليبيا في بداية القرن العشرين.

وفي انتظار إعادة بنائه، اختارت الجهة المنظمة إقامة المهرجان على خشبات «المسرح الصغير» بجامعة درنة.

تكريم الفنانة خدوجة صبري بمهرجان للمسرح في درنة الليبية (إدارة المهرجان)

وقال المدير الفني للمهرجان نزار العنيد: «كلنا نعرف ما حدث في درنة العام الماضي، أصررنا على أن يقام المهرجان (هذا العام) حتى لو كان المسرح لا يزال قيد الإنشاء».

وأوضحت عضوة لجنة التحكيم، حنان الشويهدي، أنه على هامش المهرجان، «يُنظَّم العديد من الندوات وورش العمل التدريبية المهمة للممثلين والكتاب المسرحيين الشباب».

وتقول الشويهدي: «الصورة التي تقدمها درنة اليوم تُفرح القلب، رغم الموت والدمار»، معتبرة أن المدينة المنكوبة تظهر «بوجه جديد؛ درنة تستحق أن تكون جميلة كما يستحق سكانها أن يفرحوا».