أديبة عربية توثق مشاهد من رحلتها الإيمانية إلى مكة في الخمسينات

«بنت الشاطئ» في لقاء مع التاريخ على «أرض المعجزات»

وثَّقت الأديبة المصرية عائشة عبد الرحمن «بنت الشاطئ» رحلاتها إلى السعودية منذ عام 1951م (واس)
وثَّقت الأديبة المصرية عائشة عبد الرحمن «بنت الشاطئ» رحلاتها إلى السعودية منذ عام 1951م (واس)
TT

أديبة عربية توثق مشاهد من رحلتها الإيمانية إلى مكة في الخمسينات

وثَّقت الأديبة المصرية عائشة عبد الرحمن «بنت الشاطئ» رحلاتها إلى السعودية منذ عام 1951م (واس)
وثَّقت الأديبة المصرية عائشة عبد الرحمن «بنت الشاطئ» رحلاتها إلى السعودية منذ عام 1951م (واس)

«في كل خطوة وكل موقف ومشهد، وجدتني مع التاريخ في أم القرى والبيت العتيق، مدنية العصر قد غزت الوادي الأجرد غير ذي الزرع، وأسراب الطائرات والسيارات قد حلَّت محل النوق والجمال، والكهرباء أبطلت وقود الحطب، والرخام يرصف ساحة البيت العتيق وطريق المسعى. مكان الحصى والرمال، والمباني العصرية تقوم حيث كانت الدور البدوية البسيطة، ولا شيء من هذا كله يمس روح المكان؛ تغير الشكل والمظهر، وبقي للمكان جوهر شخصيته التاريخية، يتألق بنور قداسته، ويتوهج بسنا أصالته وعراقته، والكعبة تستبدل بكسوتها كل عام أخرى جديدة، وتبقى شخصيتها بمنأى عن طوارئ التغيير، مثابة الحج ومهوى الأفئدة، وبيت الله الحرام، أقدم بيت عُبد فيه سبحانه وتعالى على الأرض، وأحب أرض الله إلى الله ورسوله وأمته».

بهذا أخذت الأديبة المصرية عائشة عبد الرحمن «بنت الشاطئ» توثيق رحلاتها إلى السعودية، التي بدأت في عطلة منتصف العام الجامعي 1951م، حين دعاها الشوق مع بقية زملائها من الأدباء والمثقفين، إلى أرض المبعث، فأجمعوا أمرهم على السعي إليها معتمرين زائرين، وكان يحدوهم الأمل، لو اتسع المجال فتمتد رحلتهم إلى ربوع الجزيرة، لكن قصور وسائلهم وزادهم، أبقى هذه الأمنية بعيدة المنال، حتى حالفهم الحظ برعاية الملك فيصل بن عبد العزيز رحلتهم تلك على هامش زيارة قام بها إلى مصر فوضع الرحلة تحت رعايته الكاملة، وبدأت قصة أخرى تحكي بنت الشاطئ تفاصيلها على صفحات كتابها «أرض المعجزات».

حكت بنت الشاطئ تفاصيل رحلاتها للحج والعمرة على صفحات كتابها "أرض المعجزات" (واس)

جزيرة العرب... من وحشتها إلى نهضتها

تسرد الدكتورة عائشة عبد الرحمن بقلمها ما عاشته الجزيرة العربية منذ كانت فلاة منقطعة عن العالم وتقول: «مرت على صحاريها الحقب والدهور وهي قاحلة مجدبة، رهيبة مرهوبة، يحوم حولها الخيال ثم يرتد عنها فزعاً مذعوراً، لا يكاد يميز بين صفير الرياح فيها وعواء الوحوش» حتى «امتلأت الجزيرة بأساطير تحكي ما يلقاه الضاربون في نجد والدهماء والربع الخالي، من أفاعيل الجن وألاعيب الغيلان، فزادت من رهبة القفر الموحش، يتقيه السارون إلا أن تدفعهم ضرورات العيش إلى ركوب مخاطره وأهواله».

لكنَّ بادية الجزيرة، حسبما تروي «بنت الشاطئ» في سردها العذب المتسلسل «هي التي أعطت الأجيال من العرب سليقتها اللغوية النقية، وبيانها الذي طوَّعته للتعبير عن وجدانها ورؤاها ومنطقها، أعطتنا العربية الفصحى، بعد أن صقلتها على المدى الطويل بحسها المرهف، هذَّبت صيغها واستخدمت الضمائر وأسماء الإشارات والأسماء الموصولة وحروف المعاني ببالغ الدقة والإحكام، وحكمت المعاني، وتوسعت في المجاز لتنمو وتُلبي حاجات الحياة».

وتتابع الأديبة المصرية في مدوَّنها: «من الغار خرج المصطفى، والنور ملء قلبه، والكلمات ملء مسمعه، واتجهت به خطاه نحو داره في جوار الحرم، والكون من حوله ساجٍ خاشع، وعلى الأفق نور الفجر الصادق ينسخ ظلمات ليل طال، ويوشح البيت العتيق بسنا وضَّاء، يكشف عما تكدس في حرمه من أصنام، فتبدو على حقيقتها العارية، صمّاء بلهاء... وعلى نور الفجر الصادق، عرف الأمّيون طريقهم وخرجوا من ظلمات الجاهلية، فما مضى على المبعث 20 عاماً حتى كان عرب الجزيرة كلهم قد نبذوا الأوثان وحطموا الأصنام، وعبدوا الله وحده مخلصين له الدين حنفاء...».

تميز سرد عائشة عبدالرحمن بوصف التغيرات التي طرأت على الجزيرة العربية من كافة النواحي (واس)

مرت العصور والحقب، وطُمرت الوقائع تحت رماد الزمن الذي انخمدت جذوته، ورغم ذلك تستكمل «بنت الشاطئ» سرد حكايتها عن الجزيرة العربية، وتقول: «بقيت الجزيرة، فيما عدا أطرافها وقراها، نائية مهجورة غامضة مُقنَّعة، لا تريد أن تتصل بالدنيا خارجها أو تبيح حماها لغير أهلها الأعراب البُداة... قد آثرت العزلة على الاتصال بالدنيا، وأقامت بَوَاديها الواسعة ورمالها المتراكمة وصخورها الصلبة، أسواراً منيعة تحمى أعرافها وتقاليدها وعاداتها، غير مستجيبة لتطور الحياة ولا مكترثة بسير الزمان».

وبين طيَّات الكتاب تتتبَّع الدكتورة عائشة عبد الرحمن قدوم أول الخير على الجزيرة ليكسر ذلك الواقع الشحيح بالأمل، قائلةً: «في مثل تلك العزلة العنيدة عن الدنيا والحياة، كان العرب من بَوَادي الجزيرة يعيشون بعقليتهم وأوضاعهم في حصون منيعة وراء الأسوار، يُشهرون السلاح في وجه كل تطوُّر، ويدفعون منكرات بدعه بالسيف... وكانت تلك هي المعركة الكبرى التي خاضها عاهل الجزيرة الراحل الملك عبد العزيز آل سعود، على كثرة ما خاض قبلها من معارك مشهودة... لكنَّ معركته الكبرى، كانت هذه الثورة الإصلاحية».

وتمضي الباحثة إلى القول: «مثل هذه المعركة لا تعرف المواقف الحاسمة، وإنما هي جولات تتعاقب وصراع يتجدد كلما بدا لعاهل الجزيرة أن يدخل إليها جديداً من مخترعات الأجهزة ومحدثات العلم، وقد لبث زمناً غير قصير، متردداً بين رغبته في الإصلاح ومسايرته الإخوان، وصابرهم طويلاً وهم على موقفهم من عداء العلم الحديث ومعاندة التطور، وفيما كان الصراع على أشده بين التطور الحضاري والجمود على موروث الأوضاع والأعراف، تجلَّت آية العلم فكشفت في الفلاة الموحشة المغلقة، عن كنز ثمين مطمور تحت الحصى والرمال، وسقطت الحواجز والأسوار، فإذا بصحراء الجزيرة تشد إليها الأنظار والأسماع في عالم اليوم».

الملك عبدالعزيز في قصر المربع بالرياض عام ١٣٥٨هـ / ١٩٣٩م (دارة الملك عبدالعزيز‬⁩)

وعن لقائها الملك عبد العزيز وحديثه إليهم بصوته المتهدج، كتبت عائشة: «في الرياض كان لقاؤنا العاهل الكبير جلالة الملك عبد العزيز، وفي مجلسه بالمربع لم يكن لجلالته حديث إلا عن محنة الأمة بعار إسرائيل، وقد مد بصره إلى الأفق الشمالي يستوعب أبعاد النكبة في رؤية ثاقبة، ويحس بحدس فراسته الملهمة نُذُر الإعصار العتيّ يوشك أن يوغل في صميم وجودنا وينتهك أقدس حرماتنا».

وتكمل: «ودَّعَنا جلالة العاهل، رحمه الله، وفي النفس همٌّ وشجن، لم يلطِّف منهما ما حظينا به من كرم الوفادة وأُنس اللقاء، كان لي معهما أن تلطَّف جلالته فدعاني (أميرة الصحراء)... حتى شددنا الرحال إلى المدينة المنورة، فما حوَّمت طائرتنا فوق أرضها الطيبة، حتى اشرأبت لها أرواحنا الظامئة وقلوبنا المشتاقة، وانجابت عن أفقنا الظلال والغيوم ونحن نستقبل مثوى الحبيب، ونطوف بالربوع العاطرة بأنفاسه، ونسير حيث سارت خطاه».

شهدت عائشة عبد الرحمن موسم الحج مع مليون و50 ألف حاج (واس)

دار الهجرة ولقاء التاريخ

وتحكي الدكتورة عائشة عبد الرحمن قصة زيارتها مدينة النبي الكريم (صلى الله عليه وسلم)، وكيف كان وجيب قلبها وهي تقترب من دار الهجرة، وتقول: «الطريق الوعر يتراءى لنا من نوافذ الطائرة، بكل مخاطره ومفاوزه والتاريخ معنا، يتتبع خطوات المهاجر حتى يثرب، واصلاً إليها من قباء... وفي أهل المدينة، آنسنا ملامح أجدادهم الأنصار من أوس وخزرج، يوم احتشدوا هناك لاستقبال نبيهم المهاجر، عليه الصلاة والسلام، وفي أصواتهم إذ يرحّبون بضيوف الحِمى من حجاج الموسم، رَجْعُ هتاف الأنصار يوم الوصول».

وتواصل الأديبة وصف مدى الدهشة التي انتابتها في أثناء وقوفها أمام أبواب المسجد قائلة: «المسجد النبوي يأخذ القلوب والأبصار بجلاله وعظمته، وسعة رحابه وفخامة مبناه، الأجيال من أمة محمد، أغدقت عليه من حبها ما لم يحظَ بمثله مثوى بشر، وبذلت له من فنّها ومالها، في أريحية وسخاء، وتبقى روح المكان في أنقى أصالتها وعراقتها، كأن لم تمسسه يد بالتغيير منذ شهد التاريخ بناء هذا المسجد في الأيام الأولى بعد الهجرة».

وفي ختام مؤلفها تودِّع بنت الشاطئ قارئ مذكراتها وذكرياتها بنفس الروح التي خالجتها وهي تُلوّح لأرض الجزيرة العربية، وعنها تقول: «وعُدنا إلى مصر نحمل أجمل ذكرى لأطيب رحلة وأكرم ضيافة، ومضت الأيام ومشاهد الجزيرة تتراءى لي على البعد والقرب، فتغريني بأن أحدِّث قومي عن أرض المعجزات التي ينتمون إليها عقيدةً ولساناً، ويستقبلون المسجد الحرام فيها، حيثما كانوا، وسلام عليها داراً وأهلاً».


مقالات ذات صلة

يوميات الشرق المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

انطلقت فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بعنوان «عقول مبدعة بلا حدود» في العاصمة السعودية الرياض، الأحد، الذي يجمع نخبةً من الخبراء.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق الجائزة تهدف إلى تكريم المتميزين في خدمة اللُّغة العربيَّة (واس)

تكريم الفائزين بجائزة «الملك سلمان للغة العربية»

كرّم مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية الفائزين بجائزته في دورتها الثالثة لعام 2024، ضمن فئتي الأفراد والمؤسسات، في 4 فروع رئيسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج وزير الدولة السعودي خلال اجتماعه مع أعضاء اللجنة السياسية والأمنية والممثل الخاص للاتحاد الأوروبي (واس)

نقاشات سعودية - أوروبية تتناول جهود حل النزاعات الإقليمية والدولية

شهدت العاصمة الرياض، الأحد، مناقشات سعودية - أوروبية تناولت جهود الجانبين في حل النزاعات الإقليمية والدولية وأوجه التعاون والتنسيق المشترك في العديد من المجالات

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم العربي اجتماع الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع مدبولي ووزيري الكهرباء والبترول (الرئاسة المصرية)

السيسي: الربط الكهربائي مع السعودية نموذج للتعاون الإقليمي

أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مشروع الربط الكهربائي مع المملكة العربية السعودية نموذج لتكامل التعاون في مجال الطاقة على المستوى الإقليمي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».