دانيال الهيبي لـ«الشرق الأوسط»: أفتخر بلبنانيتي وقريباً ألتقيكم في بيروت

عازف الـ«أمل» في مهرجان «كان السينمائي»

دانيال الهيبي موسيقي من بلدة بسكنتا (سينتيا بيروس)
دانيال الهيبي موسيقي من بلدة بسكنتا (سينتيا بيروس)
TT

دانيال الهيبي لـ«الشرق الأوسط»: أفتخر بلبنانيتي وقريباً ألتقيكم في بيروت

دانيال الهيبي موسيقي من بلدة بسكنتا (سينتيا بيروس)
دانيال الهيبي موسيقي من بلدة بسكنتا (سينتيا بيروس)

منذ نعومة أظافره تعلّق دانيال الهيبي ابن بلدة وادي الكرم في المتن الشمالي بالموسيقى. ووجد في آلة الفلوت مساحة يحقّق فيها حلمه الفني. دراسته الموسيقية بدأها في لبنان، ومن ثَمّ ما لبث أن انتقل إلى باريس ليصقل موهبته الموسيقية في جامعاتها، فنال أعلى شهاداته من معهد فرساي الموسيقي، ومن بعدها من المعهد العالي في العاصمة باريس.

انطلق في مشواره الفني وهو في الرابعة عشرة من عمره، فغاص في أجواء الموسيقى متعمّقاً بنغماتها؛ وقرّر أن تصبح هذه الآلة جزءاً لا يتجزأ من شخصيته. يقول لـ«الشرق الأوسط»: «اكتشفت أنها المحرك الأساسي لحياتي، وأن العزف على الخشبة هو حلمي».

يحيي في 7 ديسمبر المقبل حفلاً في بيروت (سينتيا بيروس)

لفت دانيال الهيبي جمهور مهرجان «كان السينمائي» في دورته الـ77 الأخيرة، عندما وقف على المسرح يعزف «أمل». وهي معزوفة من تأليفه، أطلق عليها هذا الاسم بالعربية لتصبح نشيد حياة من نوع آخر. «رغبت في نثر هذا الشعور بالتفاؤل الذي يسكنني ويلامس الحضور. ألّفت هذه المقطوعة أثناء جائحة (كورونا)، حين افتقد الناس الرجاء والإحساس بالأمان».

في أمسية مهرجان «كان» تملّكه الخوف والرهبة؛ إذ إن وقوفه على المسرح نفسه مع عازف البيانو العالمي لانغ لانغ، كان كافياً للشعور بالفخر. «هذا النوع من الأماكن يحدث الرهبة بحد ذاته. فالحضور كان يتألف من نجوم عالميين وأمراء وشخصيات عالمية. وكان بمثابة التحليق في عالم خيالي شاسع. أمسكت بآلتي وعزفت (أمل)، وأنا أتطلّع إلى ما أبعد من هذه الخطوة. لا أحب التوقعات أو استباق الأمور. ولذلك تملّكني شعور حب الاكتشاف قبل اعتلائي المسرح. كنت متحمساً لملامسة ردود فعل الحضور. وجاء الردّ من قبله مكلّلاً بالتصفيق وهو ما دفعني للإحساس بالفخر».

مع الموسيقي لانغ لانغ (سينتيا بيروس)

يُعدّ عازف الفلوت دانيال الهيبي المقيم في باريس، أول موسيقي لبناني يشارك في حفل يحييه لانغ لانغ العالمي. ويوضح لـ«الشرق الأوسط»: «كان الأمر بمثابة وسام أعلّقه على صدري. وحصل تناغم كبير بيني وبينه، وهو ما ولّد بيننا علاقة وطيدة قد توصلنا في المستقبل إلى أعمال شراكة».

لا قواعد أو طقوس يتّبعها الهيبي قبل اعتلائه المسرح. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «أترك الأمور كالرياح التي تجري بما تشتهي السفن وليس العكس. فالرهبة التي تتملّك من يقف على المسرح تحتل نسبة 30 في المائة من شخصيته، ولكن الخبرة والتحضير المسبق بإمكانهما الإسهام في تجاوزها إلى حد ما».

يركز دانيال الهيبي خلال حلوله ضيفاً على مسرح عالمي أو في إطلالة إعلامية على لغة جسد الطرف الآخر. «إنها تحفزني على التفاعل معه أكثر فأكثر وتزودني بطاقة إيجابية هائلة. أعتقد أن هذا ما يفرّق وقفة المسرح عن غيرها بأنها تضفي المتعة ولذة التواصل مع الآخر».

يصف نفسه باللبناني الذي هاجر بفعل حبّه العميق لوطنه. «أرفض فكرة الهجرة المعلّلة بالهروب من واقع معين. وعندما اتخذت قراري بمغادرة بلدي لبنان كان من باب الإسهام في رفع اسمه عالياً. أعيش في الغربة منذ نحو 8 سنوات. خلال كل هذا الوقت لم يغب وطني عني. أزوره باستمرار وأستلهم ألحاني من طفولتي ومراهقتي فيه. صحيح، لقد هاجرت، ولكن من باب التحدي واقتناص الفرص لأضيف إلى وطني الوهج والتألق».

على مسرح مهرجان «كان السينمائي» عزف مقطوعة «أمل» (سينتيا بيروس)

يعزف دانيال الهيبي على آلة الفلوت وكذلك على البيانو، الذي يراه «آلة أساسية لصناعة الألحان والموسيقى بشكل عام. ولكن اختياري لآلة الفلوت جاء على خلفية إمكانية تحميله طابع الموسيقى الشرقية. فهو آلة غربية بامتياز، ولكنني قد أكون أول من أخذه نحو الطرب العربي الأصيل. فعزفت القدود الحلبية والمقامات الشرقية إضافة إلى الكلاسيك والجاز».

يشبّه الهيبي آلة الفلوت إلى الإنسان، فهي «ترتكز على تقنية التنفس والنفخ. وتتمتّع بذبذبات وموجات كتلك التي تشبه مشاعر كائن حيّ. ويمكن لهذه الآلة أن تأخذ مكان المغني فتؤدي مهمته لأنها آلة مشبعة بالميلودي، وأنغامها تناسب أي موسيقى تحضر فيها. آلة تليق بكل المطارح وبأي زمان ومكان».

ولكن كيف وصل إلى العالمية؟ يرد: «بالجهد والثقة بالنفس والاجتهاد يحقق الإنسان أهدافه. فكيف إذا تكلّلت هذه العملية بإدارة أعمال تطبعها تجارب ناجحة عالمياً؟ وهو ما اكتشفته مع سينتيا سركيس بيروس، فكانت الداعمة الأولى لموهبتي وساهمت في إيصالي إلى أكثر من مسرح عالمي. فكما في مدينة كان، كذلك وقفت على مسارح فينيسيا الإيطالية وفي (إكسبو دبي 2020)».

يختم المؤلف الموسيقي الحائز أيضاً على دكتوراه في الموسيقى التصويرية: «قريباً سألتقيكم في لبنان ضمن حفل موسيقي يقام في 7 ديسمبر (كانون الأول) على مسرح كازينو لبنان. أشعر بحماسة كبيرة للقاء أهل بلدي وإحاطة عزفي بعطر لبنان الحبيب».


مقالات ذات صلة

ياسمين علي: لا أحب أغاني المهرجانات

الوتر السادس ياسمين سجّلت عدداً من الأغنيات الجديدة سيجري تصويرها وطرحها تباعاً (الشرق الأوسط)

ياسمين علي: لا أحب أغاني المهرجانات

وصفت المطربة المصرية ياسمين علي أغنية «الأصول العربية» التي طرحتها أخيراً، بأنها «جمعت شمل الدول العربية في عمل فني واحد»

داليا ماهر (القاهرة)
الوتر السادس عامر متحمسة لإحياء حفلات غنائية (حسابها على {فيسبوك})

أيتن عامر: لن أتوقف عن مهاجمة الرجال في أغنياتي

تستعدّ الفنانة المصرية أيتن عامر لإطلاق أغنيتين جديدتين خلال الفترة المقبلة، بعد «النجاح» الذي حققته أخيراً أغنية «إفراج»

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الوتر السادس وعد ملحم بركات لـ«الشرق الأوسط»: كان يهمّه بصمة يتركها بعد رحيله

وعد ملحم بركات لـ«الشرق الأوسط»: كان يهمّه بصمة يتركها بعد رحيله

في 28 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل يُحتفل بالذكرى الثامنة لرحيل الموسيقار ملحم بركات. هذه المناسبة ليست الفرصة الوحيدة التي يتذكره فيها اللبنانيون.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق يعدّ «الدرامز» آلة موسيقية مهمة لضبط الإيقاع (باتريك عبدو)

باتريك عبدو... مع آلة «الدرامز» يصنع النجوم ويبثّ البهجة في النفوس

رحلة باتريك عبدو مع «الدرامز» عمرها يتجاوز الـ13 عاماً. فكان يدرس الهندسة الصناعية في الجامعة ويعطي الأولاد دروساً موسيقية في الوقت نفسه.

فيفيان حداد (بيروت)
الولايات المتحدة​ النجمة تايلور سويفت والرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب (أ.ف.ب)

بين تايلور سويفت وترمب... من يتمتع بشعبية أكثر؟

أظهر استطلاع رأي أن عدد الأميركيين الذين ينظرون إلى نجمة البوب تايلور سويفت بشكل إيجابي أقل من أولئك الذي ينظرون بطريقة إيجابية للمرشح الجمهوري دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

صغار البطريق تنجو بأعجوبة من جبل جليدي شارد

جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)
جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)
TT

صغار البطريق تنجو بأعجوبة من جبل جليدي شارد

جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)
جدران الجبل الجليدي حاصرت صغار البطاريق (غيتي)

انفصل في مايو (أيار) الماضي جبل جليدي ضخم عن جرف جليدي في القارة القطبية الجنوبية، لتجرفه التيارات ويتوقف مباشرةً أمام ما يمكن أن تُوصف بأنها أتعس البطاريق حظاً في العالم ليعرّض حياتها للخطر.

وشكّلت جدران الجبل الجليدي الضخمة حاجزاً، كما لو كانت باباً فاصلاً، بين مستعمرة خليج هالي والبحر، مما جعل صغار البطاريق مُحاصَرة في الداخل.

وبدا الأمر كأنه سيشكّل نهاية مأساوية للمئات من فراخ البطريق هناك، التي كانت قد فقست لتوها، والتي ربما لم تَعُد أمهاتها، التي خرجت للصيد بحثاً عن الطعام، قادرة على الوصول إليها، لكن قبل بضعة أسابيع من الآن تحرّك الجبل الجليدي مرة أخرى.

وُصفت بأنها أتعس البطاريق حظاً في العالم (غيتي)

واكتشف العلماء أن البطاريق المتشبثة بالحياة هناك، وجدت طريقة للتغلب على الجبل الجليدي الضخم، حيث تُظهر صور الأقمار الاصطناعية التي حصلت عليها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) بشكل حصري، هذا الأسبوع، وجود حياة في المستعمرة.

وقد عاش العلماء فترة طويلة من القلق والتّرقب حتى هذه اللحظة، إذ إن الفراخ لا تزال تواجه تحدياً آخر قد يكون مميتاً خلال الأشهر المقبلة، ففي أغسطس (آب) الماضي، عندما سألت «بي بي سي»: «هيئة المسح البريطانية للقطب الجنوبي»، عمّا إذا كانت بطاريق الإمبراطور قد نجت، لم يتمكن أعضاؤها من الإجابة، إذ قال العالِم بيتر فرتويل: «لن نعرف الإجابة حتى تشرق الشمس (على المكان)».

وكان ذلك في فصل الشتاء في القطب الجنوبي، ولذا لم تتمكن الأقمار الاصطناعية من اختراق الظلام الدّامس هناك لالتقاط صور للطيور.

ووصفها فرتويل بأنها «أتعس البطاريق حظاً في العالم»، وهو شارك في متابعة حياتها طوال سنوات، إذ تتأرجح هذه الكائنات على حافة الحياة والموت، ولم يكن ما جرى مؤخراً سوى أحدث حلقة في سلسلة الكوارث التي تعرّضت لها.

كانت المستعمرة مستقرة في الماضي، حيث كان عدد الأزواج الذين يتكاثرون يتراوح بين 14 و25 ألفاً سنوياً، مما جعلها ثاني أكبر مستعمرة في العالم، ولكن في عام 2019، وردت أنباء عن فشل كارثي في عملية التكاثر، حينها اكتشف فرتويل وزملاؤه أنه على مدى 3 سنوات، فشلت المستعمرة في تربية أي صغار.

وتحتاج فراخ البطريق إلى العيش على الجليد البحري حتى تُصبح قوية بما يكفي للبقاء على قيد الحياة في المياه المفتوحة، لكن تغيُّر المناخ يؤدي إلى ارتفاع درجات حرارة المحيطات والهواء، ممّا يُسهم في زيادة اضطراب الجليد البحري وجعله أكثر عرضة للتفكك المفاجئ في أثناء العواصف، ومع فقدان الجليد البحري، فإن الأمر انتهى بالصغار بالغرق.

وانتقل بضع مئات من البطاريق المتبقية إلى مرتفعات ماكدونالد الجليدية القريبة، واستمرت المجموعة في العيش هناك، إلى حين انفصال الجبل الجليدي «A83»، الذي يبلغ حجمه نحو 380 كيلومتراً مربعاً (145 ميلاً مربعاً).

اكتشف العلماء أن البطاريق وجدت طريقة للتغلب على الجبل الجليدي (غيتي)

وكان فرتويل يخشى حدوث انقراض لهذه الطيور بشكل كامل، وهو ما حدث لمستعمرات البطريق الأخرى، فقد حاصر جبل جليدي مجموعة منها في بحر «روس» لسنوات عدّة، مما أدى إلى فشل عملية التكاثر، وفق قوله.

وقبل أيام قليلة، عادت الشمس مرة أخرى إلى القطب الجنوبي، ودارت الأقمار الاصطناعية «Sentinel-1» التي يستخدمها فرتويل فوق خليج «هالي» لتلتقط صوراً للغطاء الجليدي.

وفتح فرتويل الملفات قائلاً: «كنت أخشى ألّا أرى شيئاً هناك على الإطلاق»، ولكن، رغم كل الصعوبات، وجد ما كان يأمل به: بقعة بُنية اللون على الغطاء الجليدي الأبيض، وهو ما يعني أن البطاريق لا تزال على قيد الحياة، وهو ما جعله يشعر «براحة كبيرة».

بيد أن كيفية نجاتها تظلّ لغزاً، حيث يصل ارتفاع الجبل الجليدي إلى نحو 15 متراً، مما يعني أن البطاريق لم تتمكن من تسلّق الجبل، ولكن فرتويل أشار إلى أن «هناك صدعاً جليدياً، ولذا ربما تمكنت من الغوص من خلاله». موضحاً أن الجبل الجليدي يمتد على الأرجح لأكثر من 50 متراً تحت الأمواج، ولكن البطاريق يمكنها الغوص حتى عُمق 500 متر، وأوضح: «حتى لو كان هناك صدع صغير، فقد تكون غاصت تحته».

وسينتظر الفريق الآن الحصول على صور ذات دقة أعلى تُظهر عدد البطاريق الموجودة هناك بالضبط، كما أنه من المقرر أن تزور مجموعة من العلماء من قاعدة الأبحاث البريطانية في خليج «هالي»، للمستعمرة للتّحقق من حجمها ومدى صحتها.

وتظل أنتاركتيكا (القارة القطبية الجنوبية) منطقة سريعة التغير تتأثر بارتفاع درجة حرارة الكوكب، بالإضافة إلى الظواهر الطبيعية التي تجعل الحياة صعبة فيها.

وتُعدّ مرتفعات ماكدونالد الجليدية، حيث تعيش البطاريق الآن، منطقة ديناميكية ذات تغيرات غير متوقعة، كما أن مستويات الجليد البحري الموسمية في القارة القطبية الجنوبية تقترب من أدنى مستوياتها على الإطلاق.

ومع تحرك جبل «A83» الجليدي، تغيّرت تضاريس الجليد هناك، مما يعني أن موقع تكاثر البطاريق بات الآن «أكثر عرضة للخطر»، وفق فرتويل، حيث ظهرت شقوق في الجليد، كما أن الحافة المواجهة للبحر باتت تقترب يوماً بعد يوم.

ويحذّر فرتويل من أنه في حال تفكك الجليد تحت صغار البطاريق قبل أن تتمكن من السباحة، بحلول ديسمبر (كانون الأول) المقبل، فإنها ستموت، قائلاً إنها «حيوانات مذهلة للغاية، لكن الأمر كئيبٌ بعض الشيء، فهي مثل العديد من الحيوانات الأخرى في القارة القطبية الجنوبية، تعيش على الجليد البحري، بيد أن الوضع يتغيّر، وإذا تغيّر موطنها، فلن يكون الوضع جيداً على الإطلاق».