«باص 22»... الحياة بعين أم فقدت ابنتها

صنّاعه يتحدّثون لـ«الشرق الأوسط» عن فيلم مشحون بالمشاعر

المخرجة ويندي بيدنارز تأثرت بالعمل (الشركة المنتجة)
المخرجة ويندي بيدنارز تأثرت بالعمل (الشركة المنتجة)
TT

«باص 22»... الحياة بعين أم فقدت ابنتها

المخرجة ويندي بيدنارز تأثرت بالعمل (الشركة المنتجة)
المخرجة ويندي بيدنارز تأثرت بالعمل (الشركة المنتجة)

تُواصل الفنانة السورية كندة علوش خوض تجاربها السينمائية ذات الطابع الإنساني اللافت، فتطلّ بفيلم «باص 22»، الذي طُرح مؤخراً في دُور العرض بعدد من الدول العربية؛ بعدما بدأت تلك السلسلة بفيلميْ «نزوح» مع المخرجة سؤدد كعدان، و«السباحتان» مع المخرجة سالي الحسيني.

تدور القصة حول «أناندا» (تانيشتا شاترجي)، التي تفقد طفلتها الصغيرة على أثر حادث مأساوي تتحطّم معه أحلام عائلتها. تدخل رحلة من الحزن معانقةً رمادها، وتنظر إلى الحياة من ذكرى الطفلة الراحلة، ناسيةً أنّ لديها طفلة أخرى لا تزال تحتاج إليها.

تُجسّد علوش في الفيلم دور مديرة المدرسة المسؤولة عن حادث وفاة طفلة بحافلة مدرسية. وفي محاولة لحماية مؤسّستها من الفضيحة، تُقدّم فدية لعائلة الطفلة، وتتقرّب من أختها، ربما لإعفاء نفسها من ذنبها الذي لا تقدر على حَمله.

يُعدّ «باص 22» أول فيلم روائي طويل من «OSN» (مدّته 112 دقيقة)؛ وهو من تأليف الأميركية ويندي بيدنارز وإخراجها، وبطولة علوش، بجانب الفنانة الهندية تانيشتا شاترجي، والفنان الهندي أميت سيال، وإنتاج دولي مشترك بين الولايات المتحدة، والهند، والإمارات العربية المتحدة، والأردن.

حصل الفيلم على جائزة «أفضل فيلم» في مهرجان «غوبورغ السينمائي» بجنوب أفريقيا، وحاز جائزة الرؤية العالمية لأفضل فيلم روائي طويل في مهرجان «سينكويست للسينما والإبداع» في سان خوسيه بكاليفورنيا، كما عُرض في مهرجانات «تورونتو السينمائي الدولي» في كندا، و«ديوراما» في الإمارات، و«جيو مامي مومباي» في الهند.

كندة علوش في الفيلم الجديد «باص 22» (الشركة المنتجة)

كشفت علوش خلفيات تحمُّسها للمشاركة في البطولة، قائلة، لـ«الشرق الأوسط»: «الموضوع إنساني، يناقش قضية حساسة لم تُناقَش من قبل. يكفي أنها قصة أم فقدت طفلتها في حادث مأساوي لتبدأ باكتشاف الحياة مجدّداً. الفيلم مشحون بالمشاعر الإنسانية، مما حمّسني على المشاركة، كما أنه من إخراج سيدة، ما يَعِد بتكرار النجاح الكبير الذي حقّقته مؤخراً في فيلم (نزوح) مع سؤدد كعدان».

وتطرّقت الفنانة السورية إلى صعوبات واجهتها خلال التصوير: «المَشاهد كانت صعبة؛ لحساسية الموضوع، ولكن بالنسبة إليّ، وجدتُ متعة في التمثيل باللغتين العربية والإنجليزية، كما واجهتُ تحدّياً كبيراً في التمثيل مع فنانين من جنسيات أخرى، خصوصاً من الهند، ومُخرجة من الولايات المتحدة».

وعن تقييمها المشاركة في فيلم يضمّ مدارس تمثيلية مختلفة، قالت: «تجربتي كانت غنية جداً، فاكتسبت خبرة كبيرة في تجاربي السينمائية الثلاث الأخيرة، مما أغنى أرشيفي السينمائي والدرامي بسبب الأفكار الجريئة والمختلفة».

من جهتها، علّقت المنتجة الأردنية ناديا عليوات على الفيلم، قائلة، لـ«الشرق الأوسط»: «جذبتني قصة الأميركية ويندي بيدنارز، فبدأتُ علاقتي بالفيلم مشرفةً على النصّ، واستكملت عملية التطوير معها طوال نحو سنتين».

ووصفت التجربة بأنها «كانت مميّزة جداً؛ لأنّ العمل متعدّد الثقافات ويضمّ لغات عدّة، كما يدور في بلد خليجي عموماً. ففي التجربة الخليجية كثير من الجنسيات المختلفة؛ لذلك هي فريدة، ولا يمكن أن تجدها في أي مكان بالشكل نفسه كما هي في منطقتنا».

وأضافت: «الفيلم هو العمل الأول الذي تتعاون فيه شركتي الأردنية (Screen Project Production) مع الشركة الهندية للمنتجة الهندية جونيت مونجا الحائزة على (أوسكار) لفيلم (The Elephant Whisperers)».

أما الأميركية ويندي بيدنارز فتحدّثت، لـ«الشرق الأوسط»، عن ولادة فكرة الفيلم: «خطرت لي للمرّة الأولى عندما قرأتُ عن حالات ترك الأطفال في السيارات المغلقة، وتحديداً في الحافلات المدرسية. أنا أم لطفلين، ولا أستطيع تخيُّل أفظع من وضع طفلي في الحافلة، واحتمال عدم عودته إلى المنزل».

وتطرّقت إلى كواليس التصوير: «صوّرنا لـ5 أسابيع في أكثر من 40 موقعاً بميزانية محدودة. مثَّل كل يوم تحدّياً. تصوير المَشاهد كان حسّاساً، خصوصاً عند اكتشاف الطفلة داخل الحافلة وانهيار الأم. كان يتطلّب معالجة دقيقة، لكنني أعتقد أنّ الأداءات التمثيلية كانت قوية».

وعن الصعوبات، أوضحت: «العمل تضمّن 5 لغات لا أتحدّث أياً منها، لذلك راجعنا السيناريو لنتأكد من الترجمات». وختمت: «إنها قصة عن الحزن والحب والغفران واللوم».


مقالات ذات صلة

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».