متطوعون لبنانيون يتحدّون القصف لإطعام الحيوانات الأليفة في جنوب لبنان

الغارات حالت دون التنقل بين القرى… وتحذيرات من انتشار الأمراض

رفيق حسن قاسم قتلته غارة الأحد الماضي (الجنوبيون الخضر)
رفيق حسن قاسم قتلته غارة الأحد الماضي (الجنوبيون الخضر)
TT

متطوعون لبنانيون يتحدّون القصف لإطعام الحيوانات الأليفة في جنوب لبنان

رفيق حسن قاسم قتلته غارة الأحد الماضي (الجنوبيون الخضر)
رفيق حسن قاسم قتلته غارة الأحد الماضي (الجنوبيون الخضر)

تتنقل زينب سعد (30 عاماً) بين المنازل المدمرة في أحياء مدينة بنت جبيل، بحثاً عن القطط والكلاب المنزلية الشاردة في الشارع، لإطعامها. فأغلب تلك الحيوانات الأليفة لا تجد من يعتني بها بعد أن أخلى معظم أصحابها منازلهم، ونزحوا باتجاه مناطق أكثر أماناً.

وزينب هي من بين من عدة أشخاص لا يزالون يقيمون في المنطقة الحدودية، أو يترددون إليها بين الحين والآخر، للاهتمام بتلك الحيوانات، رغم المخاطر المترتبة على زيارة المنطقة الحدودية المعرضة للقصف. وقد قضى رفيق قاسم وصديقه يوم الأحد الماضي في استهداف إسرائيلي لدراجتهما النارية في عيتا الشعب، حين زارا البلدة لإطعام القطط.

بنت جبيل

لا تزال زينب سعد التي تعمل في أحد المختبرات في بنت جبيل مقيمة في مدينتها مع ذويها، رغم نزوح معظم أهلها نتيجة تعرض أطرافها وبعض أحيائها للقصف. وتستغل وجودها في هذا الوقت للبحث عما تبقى من حيوانات في أحياء بنت جبيل وبلدة عيناثا المجاورة لإطعامهم.

زينب سعد تقدم الطعام لقطط في بنت جبيل (الشرق الأوسط)

تروي زينب لـ«الشرق الأوسط» حكايتها مع الحيوانات. تقول: «حين كنت أتجول في القرى الحدودية مع بداية الحرب، شاهدت عشرات القطط في شوارع البلدات، فقررت أن أضع لهم الطعام باستمرار إلى أن اشتدت المعارك وتحولت تلك القرى إلى مسرح للعمليات العسكرية». إثر التطورات، انكفأت زينب، وأحجمت عن الدخول إلى تلك القرى إلا في أوقات تشييع الأموات، حيث كانت تستغل فترة الهدوء لإطعام الحيوانات.

ومع نزوح معظم سكان مدينة بنت جبيل، بدأت الحيوانات بالتردد باستمرار إلى منزل زينب، بحثاً عن الطعام ووصل عددها إلى ما يقارب خمس عشرة قطة، وستة كلاب، كما تقول.

ولا تخفي زينب خطورة التحرك في المنطقة، حتى وصل الأمر إلى صعوبة التنقل داخل بنت جبيل نفسها، وعليه، لم تعد قادرة على الدخول إلى عيتا ويارون وبليدا التي كانت تتردد إليها لإطعام الحيوانات.

وعن المساعدات تقول إنها تتلقى مساعدات من متبرعين وقد تلقت أيضاً طعاماً من الطبيب البيطري أحمد نحلة في النبطية.

تحذيرات من «داء الكَلَب»

ونحلة، وإلى جانب اهتمامه بإطعام الحيوانات في القرى الجنوبية، يولي اهتماماً أكثر لظاهرة خطيرة وهي داء الكلب «rabies»، إذ قام بتشخيص عدد كبير من الحالات بين الحيوانات التي كشف عليها أخيراً، تلك الآتية من القرى الحدودية.

يقول نحلة لـ«الشرق الأوسط» إن الحرب المستمرة منذ 8 أشهر، ونزوح أصحابها، حال دون حقن الكلاب باللقاحات المطلوبة، معتبراً أن هذا الأمر «بات يهدد كل الحيوانات في تلك القرى».

120 دولاراً يومياً

وتترتب على مهمة إطعام الكلاب والقطط، تكلفة مادية كبيرة. ويقول قاسم حيدر، الذي يسكن بلدة شقرا، ويتنقل منها إلى المنطقة الحدودية لإطعام الحيوانات، إنه يحتاج إلى مائة وعشرين دولاراً يومياً لإطعام الحيوانات.

يعتمد حيدر في مهمته الإنسانية على المتبرعين، يقول لـ«الشرق الأوسط» إنه يزور باستمرار القرى الواقعة بين راميا (في القطاع الأوسط) وكفركلا (في القطاع الشرقي)، رغم المخاطر الأمنية الكبيرة وتعرضه لأكثر من مرة لخطر الموت بسبب الغارات الإسرائيلية، لكن ذلك لم يمنعه من «إكمال ما أقوم به من باب الواجب الإنساني».

قاسم حيدر يعتني بكلاب وقطط في إحدى قرى المنطقة الحدودية (الشرق الأوسط)

يوثّق قاسم بشكل مستمر رحلته المثقلة بالمخاطر بين القرى، عبر فيديوهات ينشرها على وسائل التواصل الاجتماعي، وينشر ما يصادف من قصص وحكايات، ولعل أبرزها هي الحالات العائدة لحيوانات مصابة جراء القصف الإسرائيلي حيث كان ينقلها قاسم بسيارته الخاصة إلى الطبيب البيطري في صور، لمعالجتها وتقديم العناية الطبية لها.

مخاطر المنطقة

والمخاطر نفسها، أنهت حياة المتطوع رفيق قاسم وصديق له في عيتا الشعب. لم يكن قاسم يعلم الذي قضى باستهداف إسرائيلي أمام منزله، بأن زيارته إلى البلدة ستكون الأخيرة. البلدة التي بقي فيها لأكثر من سبعة أشهر، وتحمّل صعوبة العيش فيها تحت وطأة الغارات الجوية اليومية الإسرائيلية. واضطر رفيق للمغادرة والنزوح إلى بلدة باريش في قضاء صور، بعدما أصبح البقاء في عيتا الشعب مستحيلاً. لكن نزوحه، لم يمنعه من زيارة البلدة وتفقد الحيوانات التي ما زالت تجوب أزقة البلدة وأحياءها، بغرض إطعامها.

ويصف أصدقاء رفيق المتطوع الراحل بأنه كان «رفيقاً بالحيوانات»، ويقولون إنه كان حنوناً عليهم، «يبحث عنهم في الأحياء لإطعامهم، معتمداً بذلك على بعض المساعدات التي كانت تصله عبر صديق له تشارك معه الإنسانية وحب الحيوانات».

كان يعلم رفيق بأن الدخول إلى عيتا الشعب بزمن الحرب من المحرمات، فالبلدة أصبحت «على الأرض»، والعين الإسرائيلية ترصد كل عابرٍ لطرقاتها وكل داخلٍ إلى منازلها. ومع ذلك، زارها يوم الأحد لإطعام القطط والكلاب»، قبل أن تستهدف ضربة إسرائيلية دراجته النارية.


مقالات ذات صلة

بايدن يأمر بـ«حماية» اللبنانيين من الإبعاد عن أميركا

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن في المكتب البيضوي في واشنطن العاصمة (أ.ف.ب)

بايدن يأمر بـ«حماية» اللبنانيين من الإبعاد عن أميركا

أمر الرئيس جو بايدن بحماية اللبنانيين الموجودين على الأراضي الأميركية من خطر الإبعاد مدة تصل إلى 18 شهراً، فيما يؤثر على زهاء 12 ألف شخص، بينهم 1700 طالب.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي الدخان يتصاعد في جنوب لبنان إثر قصف إسرائيلي استهدف المنطقة (رويترز)

إسرائيل تتوعّد بتغيير الواقع الأمني عند الحدود... و«حزب الله» مستعد للمواجهة

يواصل المسؤولون الإسرائيليون تهديداتهم، متوعدين «بتغيير الواقع الأمني على الجبهة الشمالية»، وفق الجنرال أوري غوردين، الذي قال: «إن الهجوم سيكون حاسماً وقاطعاً».

كارولين عاكوم (بيروت)
يوميات الشرق نجوم الأغنية المصرية في التسعينات غنّوا روائع الذاكرة (الشرق الأوسط)

نجوم التسعينات في مصر أشعلوا الذاكرة وأبهجوا بيروت

نجوم الأغنية المصرية في التسعينات، حسام حسني وحميد الشاعري ومحمد فؤاد وهشام عباس وإيهاب توفيق، غنّوا روائع الذاكرة في حفل بيروتي حضره الآلاف.

فاطمة عبد الله (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش العماد جوزاف عون (مديرية التوجيه)

باسيل يسعى لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء صعب

يسعى رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل لإسناد قيادة الجيش اللبناني بالوكالة للواء بيار صعب مستبقاً التمديد للعماد جوزاف عون.

محمد شقير (بيروت)

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
TT

رغم المرض... سيلين ديون تبهر الحضور في افتتاح أولمبياد باريس

النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)
النجمة العالمية سيلين ديون تغني خلال فعاليات افتتاح الأولمبياد (رويترز)

لم يمنع المرض النجمة العالمية سيلين ديون من إحياء افتتاح النسخة الـ33 من الألعاب الأولمبية في باريس، مساء الجمعة، حيث أبدعت في أول ظهور لها منذ إعلان إصابتها بمتلازمة الشخص المتيبس.

وأدت المغنية الكندية، الغائبة عن الحفلات منذ 2020، أغنية «L'hymne a l'amour» («نشيد الحب») لإديت بياف، من الطبقة الأولى لبرج إيفل.

ونجحت الفنانة الكندية رغم أزمتها الصحية الأخيرة في مواصلة شغفها كمغنية عالمية، كما أثارث النجمة البالغة من العمر 56 عاماً ضجة كبيرة بين معجبيها في عاصمة الأنوار هذا الأسبوع الحالي، حيث شوهدت محاطة بمعجبيها.

وتعاني ديون بسبب هذا المرض النادر، الذي يسبب لها صعوبات في المشي، كما يمنعها من استعمال أوتارها الصوتية بالطريقة التي ترغبها لأداء أغانيها.

ولم يشهد الحفل التاريخي في باريس عودة ديون للغناء المباشر على المسرح فقط، بل شمل أيضاً أداءها باللغة الفرنسية تكريماً لمضيفي الأولمبياد.

وهذه ليست أول مرة تحيي فيها سيلين ديون حفل افتتاح الأولمبياد، إذ أحيته من قبل في عام 1996، حيث أقيم في أتلانتا في الولايات المتحدة الأميركية.

وترقبت الجماهير الحاضرة في باريس ظهور ديون، الذي جاء عقب أشهر عصيبة لها، حين ظهر مقطع فيديو لها وهي تصارع المرض.

وأثار المشهد القاسي تعاطف عدد كبير من جمهورها في جميع أنحاء المعمورة، الذين عبّروا عبر منصات التواصل الاجتماعي عن حزنهم، وفي الوقت ذاته إعجابهم بجرأة سيلين ديون وقدرتها على مشاركة تلك المشاهد مع العالم.

وترتبط المغنية بعلاقة خاصة مع فرنسا، حيث حققت نجومية كبيرة مع ألبومها «دو» («D'eux») سنة 1995، والذي تحمل أغنياته توقيع المغني والمؤلف الموسيقي الفرنسي جان جاك غولدمان.

وفي عام 1997، حظيت ديون بنجاح عالمي كبير بفضل أغنية «My Heart will go on» («ماي هارت ويل غو أون»)، في إطار الموسيقى التصويرية لفيلم «تايتانيك» لجيمس كامرون.