مواد مبتكرة للبناء تعالج عيوب الحوائط الزجاجية

المادة الجديدة تعالج العديد من التحديات التي تواجه الأسطح والجدران الزجاجية التقليدية (معهد كارلسروه للتكنولوجيا)
المادة الجديدة تعالج العديد من التحديات التي تواجه الأسطح والجدران الزجاجية التقليدية (معهد كارلسروه للتكنولوجيا)
TT

مواد مبتكرة للبناء تعالج عيوب الحوائط الزجاجية

المادة الجديدة تعالج العديد من التحديات التي تواجه الأسطح والجدران الزجاجية التقليدية (معهد كارلسروه للتكنولوجيا)
المادة الجديدة تعالج العديد من التحديات التي تواجه الأسطح والجدران الزجاجية التقليدية (معهد كارلسروه للتكنولوجيا)

طوّر باحثون في ألمانيا مادة مبتكرة قائمة على البوليمر مصممة لتعزيز كفاءة وراحة المباني ذات الأسطح والجدران الشفافة، ويمكن أن تحل محل المكونات الزجاجية في البناء مستقبلاً.

وأوضح الباحثون بمعهد كارلسروه للتكنولوجيا أن هذه المادة تعالج العديد من التحديات التي تواجهها الأسطح والجدران الزجاجية التقليدية، بما في ذلك الوهج ومخاوف الخصوصية وارتفاع درجة الحرارة، وفق نتائج الدراسة التي نُشرت الجمعة، بدورية «نيتشر كميونيكيشنز».

ويحظى استخدام الأسطح والجدران الشفافة في المباني باهتمام كبير لتحسين الإضاءة الطبيعية، وتقليل استهلاك الطاقة، وتعزيز رفاهية السكان.

وتوفر هذه الأسطح إضاءة نهارية أفضل ومساحات جذابة بصرياً، وتؤثر إيجابياً على الصحة والإنتاجية، كما تقلل الحاجة إلى الإضاءة الاصطناعية، مما يسهم في كفاءة الطاقة والحصول على شهادات البناء المستدام.

ورغم الفوائد، تواجه المواد الزجاجية التقليدية تحديات مثل الوهج الذي يسبب عدم الراحة وإجهاد العين ويؤثر على الإنتاجية، كما تثير الشفافية مخاوف الخصوصية، خاصة في مبانٍ مثل المستشفيات.

ويتطلب تراكم الحرارة داخل المبنى خلال الصيف آليات فعالة للتحكم في الحرارة، مما يزيد استهلاك الكهرباء لتكييف الهواء مقارنة بالمباني العادية.

وسعى الفريق البحثي لتلافي ذلك خلال تطوير المادة الجديدة المصنوعة من بوليمر خاص، وتتميز ببنية سطحية هرمية صغيرة، ويسمح هذا الهيكل بانتشار ضوء الشمس بشكل فعال، مما يخلق بيئة داخلية أكثر راحة وخصوصية.

واختبر الباحثون خصائص المادة، بالإضافة لتجارب أُجريت في ظروف خارجية حقيقية، وقاموا بقياس نفاذية الضوء وتشتته، وخصائص الانعكاس، وقدرتها على التنظيف الذاتي، وأداء التبريد باستخدام القياس الطيفي الحديث.

وحققت الاختبارات تبريداً بمقدار 6 درجات مئوية مقارنة بدرجة الحرارة المحيطة. بالإضافة إلى ذلك، أظهرت المادة نفاذية طيفية عالية للضوء أو شفافية بنسبة 95 في المائة، متفوقة على الزجاج الذي يتمتع عادةً بشفافية تبلغ 91 في المائة.

وأثبتت التجارب أن المادة الجديدة توزع 73 في المائة من ضوء الشمس الذي تتعرض له، مما يقلل الوهج بشكل كبير ويعزز الخصوصية الداخلية.

وبالإضافة لخصائصها في إدارة الضوء، تتميز المادة أيضاً بقدرات تبريد إشعاعية استثنائية؛ إذ ظلت أكثر برودة بمقدار 6 درجات مئوية من درجة الحرارة المحيطة.

وهناك فائدة إضافية للبنية الهرمية الدقيقة للمادة وهي مقاومتها الشديدة للماء، وتعمل هذه الخاصية على صد الماء ومنع تراكم الأوساخ، مما يتيح قدرات تنظيف ذاتي ممتازة.

وقال الباحث الرئيسي للدراسة بمعهد كارلسروه للتكنولوجيا في ألمانيا، الدكتور ريتشاردز غان هوانغ، إن هذه المادة يمكن استخدامها في مجالات مختلفة وتساهم بشكل كبير في الهندسة المعمارية المستدامة والموفرة للطاقة.

وأضاف عبر موقع المعهد: «يمكن لهذه المادة تحسين استخدام ضوء الشمس في الداخل وتقليل الاعتماد على تكييف الهواء، كما يمكن دمجها بسلاسة في خطط تشييد المباني والتنمية الحضرية الصديقة للبيئة».


مقالات ذات صلة

أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة

صحتك البكتيريا المسؤولة عن أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة (نيويورك لانغون هيلث)

أمراض اللثة تفاقم خطر سرطانات الرأس والرقبة

كشفت دراسة أميركية أنّ أنواعاً من البكتيريا في الفم قد تفاقم خطر الإصابة بسرطانات الرأس والرقبة بنسبة تصل إلى 50 في المائة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
صحتك كيف نحصل على أكبر قدر من العناصر الغذائية؟ (رويترز)

تناول الحديد مع الفيتامين «C»... كيف تدمج العناصر الغذائية لأكبر قدر من الاستفادة؟

من المهم جداً اتباع نظام غذائي غني بالأطعمة والعناصر الغذائية، لكن كيفية تناول هذه العناصر الغذائية تلعب دوراً في الحصول على أكبر فائدة ممكنة منها.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق مقاطع ممارسة «الكرومينغ» انتشرت بشكل واسع على «تيك توك» (رويترز)

إلى المراهقين... احذروا هذه الممارسة الخطيرة على «تيك توك»

هذا الانتشار قد يكون نتيجة شيوع مقاطع الفيديو التي تعرض هذه الممارسات على المنصة الشهيرة بين الشباب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق تعرف على أفضل 10 دول في العالم من حيث جودة الحياة (رويترز)

الدنمارك رقم 1 في جودة الحياة... تعرف على ترتيب أفضل 10 دول

أصدرت مجلة «U.S. News and World Report» مؤخراً تصنيفها لأفضل الدول في العالم بناءً على جودة الحياة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
يوميات الشرق جوائز بقيمة 3 ملايين ريال سعودي تنتظر الفائزين في مسابقة «المسرح المدرسي» (موقع هيئة المسرح والفنون الأدائية)

انطلاق مسابقة «المسرح المدرسي» بالسعودية... وترقب النتائج في نوفمبر

انطلقت مسابقة «مبادرة المسرح المدرسي» التي تشارك فيها ألف مسرحية قصيرة من إعداد الطلاب والطالبات من جميع المدارس التابعة لإدارات التعليم على مستوى السعودية بعد…

أسماء الغابري (جدة)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
TT

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)
His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

للرجلِ الذي يلفظ آخر أنفاسه في الغرفة المجاورة خلف الباب الموارب، ثلاث بناتٍ بطباعٍ على درجة عالية من التناقض. يتلاقين على انتظار موت والدهنّ ويتباعدن لأسباب كثيرة.

يدخل فيلم «His Three Daughters» (بناتُه الثلاث) ضمن خانة الدراما العائلية النفسية، وهو صنفٌ سينمائيّ وتلفزيونيّ مرغوب في الآونة الأخيرة. وبما أن نتفليكس لا تتأخر في اقتناص كل ما هو رائج، فقد تفرّدت المنصة العالمية بعرض الفيلم الذي كتبه وأخرجه الأميركي أزازيل جاكوبس. الأخير معروف بقلمه وكاميرته اللذَين يضعان العلاقات العائلية على طاولة التشريح، من دون تجميل ولا تسطيح.

على ما يشي العنوان، فإنّ البنات الثلاث هنّ محور الحكاية. أما باقي الشخصيات فيمكن إحصاؤها على أصابع اليد الواحدة؛ الممرضان المنزليان اللذان يعالجان الوالد، وحارس المبنى حيث شقة الرجل المريض، إضافةً إلى صديق إحدى البنات.

كبراهنّ، كايتي (تؤدّي دورها كاري كون)، ذات شخصية متحكّمة. تريد أن تمسك بزمام الأمور متسلّحةً بصرامتها وبلسانها القادر على الكلام لدقائق طويلة، من دون توقّفٍ أو إفساحٍ في المجال لسواها في الردّ. تركت كايتي عائلتها على الضفة الأخرى من مدينة مانهاتن الأميركية، وانضمّت إلى شقيقتَيها بعد انقطاع طويل بين الثلاث.

الممثلة كاري كون بدور الابنة الكبرى كايتي (نتفليكس)

ثم تأتي كريستينا (إليزابيث أولسن)، الفائقة الحساسية والهشاشة. تبدو مسالمة، وتستعين بجلسات اليوغا للحفاظ على سكينتها. لكنّ ذلك الهدوء يخفي تحته الكثير من القلق. أحد أسباب توتّر كريستينا أنها فارقت طفلتها في ولاية بعيدة، من أجل الاعتناء بوالدها.

أما ريتشل (ناتاشا ليون) فمقيمة دائمة في البيت الوالديّ، وهي التي كانت تملك حصرية الاهتمام بالأب قبل انضمام كايتي وكريستينا إليها. لكن منذ حضرتا، امتنعت هي عن دخول غرفته وآثرت الغرق في عزلتها، وفي رهانات سباق الخيل، وفي سجائر الحشيش. لا يفصل بينها وبين ضيفتَيها اختلاف الطبع فحسب، بل رابط الدم كذلك، إذ يتّضح خلال الفيلم أنّها ابنة الزوجة الثانية للأب، التي تزوّجها بعد وفاة الأولى.

ناتاشا ليون بدور ريتشل وإليزابيث أولسن بدور كريستينا (نتفليكس)

لولا خروج ريتشل بين الحين والآخر إلى باحة المبنى من أجل التدخين، لانحصرت الحركة داخل الشقة، وتحديداً في غرفة المعيشة والمطبخ وغرفة ريتشل. أما حجرة الوالد فلا تدخلها الكاميرا، لتقتصر الحركة منها وإليها على ابنتَيه والممرضين.

تكاد العين تحفظ تفاصيل المكان لفرط تركيز عدسة المخرج جاكوبس عليها. هنا لوحة الحائط، وهناك كرسي الوالد الذي تركه فارغاً، وتلك كنبة الصالون. جمادٌ يعكس الوقت الذي يمرّ بطيئاً وصامتاً في حضرة الموت الداهم. برز هذا النوع من الدراما الأحاديّة المساحة والمحدّدة الشخصيات، كردّة فعلٍ فنية على جائحة كورونا. وهنا، تجلس البنات الثلاث وجهاً لوجه، كما فعل جميع أفراد العائلات خلال الحجر المنزليّ.

الممثلات الثلاث مع المخرج أزازيل جاكوبس (إنستغرام)

ترمي كايتي وريتشل وكريستينا بخلافاتهنّ واختلافاتهنّ على الطاولة. وعندما لا يتواجهن، تدخل كل واحدةٍ إلى صومعتها؛ الكبرى تحضّر الطعام بانهماكٍ هستيريّ، والثانية تتفرّج دامعةً على فيديوهاتٍ لابنتها، فيما تجحظ عينا الثالثة غير الشقيقة في عالمها الموازي.

تقدّم الممثلات الثلاث أداءً قد يأخذ إحداهنّ بسهولة إلى الأوسكار، ولعلّ ناتاشا ليون «ريتشل» هي الأكثر ترشيحاً نظراً إلى فرادة الشخصية المركّبة التي لعبت، من دون التقليل من قيمة ما قدّمته زميلتاها كاري كون وإليزابيث أولسن. مسافة الفيلم مُفردةٌ بكاملها لأدائهنّ، فهنّ يستحوذن على المساحة وعلى السرديّة. وتأتي بساطة التنفيذ السينمائي والحوارات المتقنة، لتضع نفسها في خدمة البراعة التمثيلية.

الأداء الذي قدّمته ناتاشا ليون ربما يأخذها إلى ترشيح لجائزة أوسكار (نتفليكس)

يحتدم الصراع بين كايتي وريتشل على خلفية اتهام الأولى للثانية بقلّة المسؤولية وبإهمال الوالد. تدخل كريستينا بينهما كقوّة حلّ نزاع بما أنها الأكثر دبلوماسيةً، قبل أن تنفجر غضباً هي الأخرى. لعلّ ذلك الغضب يصبّ في مصلحة العلاقة «الأخويّة» التي تُرمَّم تدريجياً عبر الفيلم. فالبناء الدرامي ينطلق من الحقد الدفين والاتهامات المتبادلة، لينتقل من دون تسرّع إلى المصارحة والمصالحة.

كمَن يفكّك عَقد العلاقة بتأنٍّ، يعمل المخرج من دون أن يُغرق شخصياته في فيضٍ من العواطف. تصل الرسائل بلا استثارة مشاعر الجمهور، ما يدعم واقعيّة القصة. تأخذ كل شخصية وقتها في الكشف عن مكامن الظلام في نفسها، قبل أن ينجلي نورُها لاحقاً، وتتّضح الأسباب الكامنة وراء مواقفها الغريبة وتصرّفاتها المعقّدة.

يجري تفكيك الشخصيات وتمر السجالات بسلاسة، أي أنّ من يختارون متابعة «His Three Daughters» لن يشعروا بثقل المواقف ولن يختبروا مشاهد مزعجة، رغم أن زوايا الحكاية هي العلاقات العائلية السامة والمرض والموت.

بطلات الفيلم في جلسة تصوير ترويجية له (إنستغرام)

يهبط الفيلم في نصفه الثاني ويغرق في حوارات فلسفية طويلة، لكن سرعان ما يطرأ تطوّرٌ مفاجئ ينقذ الموقف من الملل ويكرّس المصالحة بين الأخوات، لا سيّما كايتي وريتشل.

لكنّ انزلاقاً سينمائياً صغيراً لا يلغي واقع أن «His Three Daughters» يقدّم تجربة درامية مميزة وفريدة، يستطيع أن يتماهى مع واقعيتها كل من اختبر خلافاتٍ عائلية. ولعلّ هذا الصدق في المعالجة إلى جانب بساطة التصوير، من بين الأسباب التي دفعت إلى حصول الفيلم على تصنيف ممتاز عبر مواقع تقييم الأفلام.