تفاصيل معبد دندرة الأثري تلهم 16 تشكيلياً في مصر

الأبراج السماوية من أعمال الفنان أحمد سليم (الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية)
الأبراج السماوية من أعمال الفنان أحمد سليم (الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية)
TT

تفاصيل معبد دندرة الأثري تلهم 16 تشكيلياً في مصر

الأبراج السماوية من أعمال الفنان أحمد سليم (الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية)
الأبراج السماوية من أعمال الفنان أحمد سليم (الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية)

من وحي معبد دندرة في محافظة قنا (جنوب مصر)، قدم 16 فناناً تشكيلياً أعمالاً تعيد توظيف الأيقونات الفرعونية والفن المصري القديم في لوحات تعكس سحر الماضي وروح الحاضر.

اصطفت اللوحات التي قدمها الفنانون ضمن ملتقى دندرة الأول للرسم والتصوير، في معرض حاشد افتتحه عمرو البسيوني، رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية في قاعة آدم حنين في مركز الهناجر وسط القاهرة.

ورأى البسيوني أن المعرض يعكس اهتمام هيئة قصور الثقافة بالفن التشكيلي من خلال تنظيم مراسم في محافظات عدة، وقال: «نحرص دائماً على نشر الوعي بتاريخ مصر العريق، والتعريف بمقومات المحافظات التي تتمتع بطبيعة خاصة، ومنها محافظة قنا بما تملكه من مفردات حضارية ومعالم أثرية شهيرة».

في حين لفت قومسير المعرض، الدكتور أحمد سليم، إلى تنوع أعمال الفنانين بين التصوير والرّسم والأشغال الفنية من خلال استكشاف البيئة المحيطة بمدينة دندرة، مشيراً إلى «اختيار أكثر من 30 لوحة استخدم فيها الفنانون خامات وتقنيات مختلفة للتعبير عن روح المكان وعراقته».

أسطورة نوت وجب في أعمال ميرفت الشاذلي (الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية)

وشارك في المعرض الفنانون أماني زهران، وميرفت شاذلي، ومحمد دسوقي، وأنيس الزغبي، وأحمد الشامي، ومرقص فارس، وفارس أحمد، وأحمد دندراوي، وعماد أبو زيد، ورضا فضل، وخالد عمار، وصابر طه، ونهلة رضا، وسها حسن يوسف، وولاء فرج، وفاطمة عزت.

وقالت الفنانة أماني زهران إن «الملتقى شهد إقامة الفنانين في دندرة بمحافظة قنا لمدة 10 أيام، ليقدم كل فنان تأثير معبد دندرة الشهير في أعماله الفنية». موضحة لـ«الشرق الأوسط» أن «هذا المعبد مشهور باللون الأزرق بدرجاته المختلفة التي تتزين بها الرسومات على جدرانه وسقفه، وهو مخصص لعبادة إلهة الجمال والموسيقى حتحور، وسقف المعبد به الأبراج السماوية الشهيرة مثل الثور والميزان والحمل، وهناك جزء منه نُقل أيام الحملة الفرنسية إلى متحف اللوفر».

وأشارت إلى أن «معظم اللوحات ترصد العلاقة الأسطورية بين الإلهة نوت إلهة السماء والإله جب إله الأرض مع استخدام الرموز المصرية القديمة، مثل الجعران أو البقرة رمزاً للإلهة حتحور».

وعن الأعمال التي شاركت بها في المعرض توضح: «في إحدى اللوحات رسمت بهو الأعمدة بشكل واقعي، وفي وسط البهو تسير امرأة من قنا، لأنه معروف عن المعبد أن السيدات اللائي يبحثن عن الإنجاب يذهبن لأخذ البركة من هذا المعبد، أما اللوحة الثانية التي شاركت بها فكانت بورتريه لتاج أحد أعمدة المعبد فيه الإلهة حتحور وهي تنظر للسماء بشموخ».

بهو معبد دندرة ألهم الفنانة أماني زهران (الفنانة )

ويُعدّ هذا المرسم في دورته الأولى خطوة لاستعادة الفن المصري القديم وتأثيراته على الفنانين المعاصرين، إذ قدم أكثر من فنان نماذج مختلفة لتأثيرات الرسوم الفرعونية على معبد دندرة في لوحاته المشاركة في المعرض.

وهناك مراسم أخرى تقام في محافظات مصرية مختلفة، من بينها مراسم الأقصر، وهي مراسم دولية لها تاريخ طويل، وكذلك مراسم سيوة التي تنظمها أيضاً هيئة قصور الثقافة وتعمل على رصد البيئة البدوية التي تتميّز بها الواحات المصرية في أعمال فنية.


مقالات ذات صلة

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يوميات الشرق جانب من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في نسخته الأولى (واس)

بينالي الفنون الإسلامية في جدة... حوار المقدس والمعاصر

يجري العمل على قدم وساق لتقديم النسخة الثانية من بينالي الفنون الإسلامية بجدة في 25 من يناير القادم، ما الذي يتم إعداده للزائر؟

عبير مشخص (لندن)
يوميات الشرق المعرض يشهد استحداث ممر تكريمي للشاعر الأمير بدر بن عبد المحسن (وزارة الثقافة)

تجلّيات الثقافة والفكر تُزيّن معرض الرياض الدولي للكتاب

المعرض يُعدّ تظاهرة ثقافية وفكرية سنوية بارزة بالمنطقة تجسّد منذ عقود الإرث الثقافي للمملكة وترسّخ ريادتها في صناعة الثقافة وتصدير المعرفة.

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق أحد الأعمال في المعرض الاستعادي لعبد الهادي الوشاحي (الشرق الأوسط)

«فانتازيا الوشاحي»... معرض استعادي لـ«سلطان النحت الطائر»

جاء العرض البصري لـ«فانتازيا الوشاحي» بشكل يُتيح الاقتراب من عالم النحّات الراحل، إذ تُجاور أعماله الجوائز الدولية والمحلّية التي حصل عليها على مدى مشواره.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق زائرات يشاهدن بعض لوحات المعرض (الشرق الأوسط)

«سبيل الغاب» يناجي الصحراء في أبوظبي

يتقاطر محبو الفن التشكيلي، زرافاتٍ وفرادى، إلى «مَجمع 421 للفنون» في أبوظبي لمشاهدة لوحات وأعمال 19 فناناً من جنوب آسيا، وجنوب غربي آسيا، وأفريقيا.

مالك القعقور (أبوظبي)
يوميات الشرق الرئيس الفرنسي والمصوّر عمار عبد ربه

المصوّر السوري عمار عبد ربه يشارك في «نظرات على الإليزيه»

المصور السوري الفرنسي عمار عبد ربه مساهم منتظم مع «الشرق الأوسط»، يشتهر بقدرته على التقاط لحظات قوية بوضوح مدهش، وامتدت مسيرته المهنية لأكثر من 3 عقود.

«الشرق الأوسط» (باريس)

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
TT

أسماء المدير: «كذب أبيض» فتح أمامي أبواب السينما العالمية

أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)
أسماء المدير أمام بوستر المهرجان في مدينتها سلا (إدارة مهرجان سلا)

قالت المخرجة المغربية أسماء المدير، إن رحلتها من أجل الحصول على تمويل لفيلمها «كذب أبيض» لم تكن سهلة، بل عاشت معاناة على مدى 10 سنوات معه، بيد أن هذا لم يُزعزع ثقتها أبداً، مؤكدةً في حوار مع «الشرق الأوسط» أنها شَرَعت في العمل على فيلم جديد، وتعكف حالياً على كتابة عملٍ روائيٍّ طويل مُستمَداً من الواقع.

وأشارت أسماء المدير إلى أنها لا تضع نفسها تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يحظى فيلمها المقبل بقدر نجاح «كذب أبيض»، وأن هذا حدث مع كبار مخرِجي السينما في العالم.

وحرصت المخرجة الشابة على حضور المهرجان الدولي لفيلم المرأة الذي يُقام بمدينتها «سلا» بالمغرب، وقد استقبلها الجمهور بحفاوة، وأقام المهرجان حواراً معها بحضور المخرجين الشباب، وطلبة مدارس السينما.

ووضع فيلم «كذب أبيض» أسماء المدير في مكانة سينمائية جيدة، بعدما طافت معه على مدى عام في مهرجانات عدة، حاصداً جوائز كثيرة، فما وقْعُ ذلك كله عليها؟

تجيب أسماء المدير: «لم أتغيّر، لكن مسيرتي المهنية تغيّرت، فقد تحقّق جزء كبير من أحلامي السينمائية، من بينها وصول الفيلم لمهرجان (كان) وفوزه بجائزتين، وتمثيله لبلادي بالأوسكار، وقد حقّقت ما أردته من أن يكون إنتاجاً عربياً خالصاً، من المغرب والسعودية وقطر، كما نجاحه بوصفه أول فيلمٍ مغربي يحصل على الجائزة الكبرى في مهرجان (مراكش)، وترشّحي لجائزة (الروح المستقلة) مع سينمائيين كبار، على غرار مارتن سكورسيزي، وجوستين تريت؛ مخرجة فيلم (تشريح سقوط)، لا شك أن (كذب أبيض) فتح أمامي أبواب السينما العالمية».

لقطة من فيلم «كذب أبيض» (إدارة مهرجان «سلا»)

لم يكن نجاح الفيلم لحظياً، فالنجاح في رأي أسماء مجموعة من المحطات عبر الزمن، وسنوات تتخلّلها مراحل سقوط ونهوض، تُعِدّ نفسها كما لو كانت في سفر ووصلت إلى المحطة التي تبغيها، مثلما تقول: «قد يجعلني ذلك لا أشعر بنشوة النجاح سوى مع مرور الوقت، حين ألتقي بصُنّاع أفلام كبار يقولون لي: لقد نجحت».

هل يكون النجاح الباهر عائقاً أمام تجربتها السينمائية المقبلة، ومتى تبدأها؟

تجيب أسماء، ذات الـ34 عاماً، قائلة: لقد «بدأتها بالفعل، أعمل على فكرة فيلم روائي مرتبط بقصة حقيقية، ولكن بطريقتي، وأحاول أن أستمد أفلامي من الواقع، ولا أضع نفسي تحت ضغوط النجاح، وليس بالضرورة أن يكون العمل المقبل بنجاح (كذب أبيض)، نعم سأشتغل عليه بالجدية نفسها، لكنني لا أتحكم في النجاح، فقد لا يعجب الجمهور مثلاً، وليس معنى ذلك أنني فشلت، بل عليّ أن أُجرّب شكلاً آخر، ومَن يخشى التجربة يفتح لنفسه باب الفشل».

وتضيف موضّحةً: «مُخرِجون كبار حدث معهم هذا، ومنهم المخرج الإيراني عباس كياروستامي الذي قدّم أفلاماً قوية، ومن ثمّ قدّم فيلماً لم يكتب عنه ناقد واحد، حتى المخرج يوسف شاهين تعجبني بعض أفلامه، وبعضها ليس على المستوى نفسه، وأذكر حين زارنا المخرج محمد خان خلال دراستنا السينما، قال إنه يصنع أفلامه كما يريدها، وهذا كل شيء، لذا أقرأ النقد وأدَعُه جانباً، فقد انتهى الفيلم بالنسبة لي».

تأثّرت أسماء المدير بمخرجين مغاربة كبار، ومن بينهم حكيم بلعباس في كل أفلامه، ومحمد المعنوني بفيلمه «الحال»، وفوزي بن سعيدي في «ألف شهر».

المخرجة المغربية أسماء المدير (إدارة مهرجان سلا)

عاشت أسماء المدير رحلة معاناة تَعُدُّها رحلة صحية، قائلة: «عانيت مع الفيلم 10 سنوات، كبرت خلالها معه سعياً وراء الإنتاج الذي حلمت به في كل تفاصيله، المونتاج والإخراج والكتابة، وقد بدأته في 2016، وفي عام 2020 وصلنا لآخر محطة تصوير، وخلال عامَي 21 و22 كان المونتاج، ليصدر الفيلم في 2023، قبل ذلك عشت مراحل من الفشل والنجاح، كنت أقدّم ملف الفيلم لصناديق دعم فترفضه، لكنني كنت واثقة أنني أصنع فيلماً حقيقياً، فلم يتزعزع إيماني به، ولم أستسلِم لثقة اكتسبتها، فأنا لا أعرف شيئاً آخر سوى السينما، هي شغفي ودراستي ومهنتي، ومجالي الذي اخترته وتخصصت فيه، وصارت الهواية مهنة، وعندي دائماً نظرة بعيدة أتجاوز بها العراقيل، وأتطلّع لما بعد».

تنظر لما مرّت به بشكل إيجابي، قائلة: «أرى أن هذه الرحلة تجربة صحية، فلو حصلت على دعم كبير في البداية كنت سأجد صعوبة في تحقيق ما وصلت إليه في النهاية، بالنسبة لي هي أشياء صحية لأي مبتدئ، وأغلب صُنّاع الأفلام يواجهون ذلك في البداية».

وتنحاز المخرجة المغربية للأفلام الوثائقية، مؤكّدة: «إنه مجال خصب، وبه حرية أكبر وأشكال كثيرة ممكن تجريبها، الأفلام الروائية أحياناً تكون متشابهة، ومنذ زمن لم نشاهد تجارب مبهرة تخرج عن المألوف، لكن الوثائقي لا يزال خصباً».

فرحتها الكبيرة حين تُوِّج فيلمها بالجائزة الكبرى في «مراكش» (إدارة مهرجان سلا)

لحظات سعادة عاشتها أسماء المدير مع الفيلم في مدن عدة، لكن أسعدها يوم عُرض في مهرجان «مراكش»، تقول: «أجمل ما سمعت عن الفيلم كان في مراكش أيضاً، الجمهور المغربي كان رائعاً في استقباله للفيلم، وقد حظي بنجاح أسعدني، كما عُرض في مهرجان (البحر الأحمر السينمائي)، والآن هناك موزّع سينمائي في مصر يتفاوض على عرضه بالقاهرة مع الجهات التي تملك حقوق توزيعه».