قدّمت إحدى المبادرات السعودية ترجمةً حديثة لمعلّقات الشّعر العربي إلى اللغة الإيطالية، مدّت معها جسوراً من التراث الأدبي العربي إلى واحدة من أهم اللغات العالمية، لتعزيز حضورها وعكس صورة حضارية منصفة للتاريخ العربي وآدابه وتجاربه الثقافية.
صدرت الترجمة الإيطالية لكتاب «المعلّقات العشر - الشعر العربي قبل الإسلام»، وهي المرّة الأولى التي تصدر فيها المعلّقات العشر كاملة باللغة الإيطالية بكتاب واحدٍ جامعٍ، بدعم من مبادرة «ترجم» التي أطلقتها «هيئة الأدب والنشر والترجمة في السعودية» منذ عام 2021. وتعكس هذه الخطوة حجم الحراك الحيوي ومستواه، والمشهد المتطور للقطاع الثقافي السعودي بجميع مجالاته، منذ إطلاق الاستراتيجية الوطنية للثقافة التي بثَّت الحيوية في كثير من المجالات، من بينها القطاع الثقافي، الذي تواظب مؤسّساته على تعميق مفهوم الثقافة بوصفها نمطَ حياة.
ورصد أحدث تقرير للحالة الثقافية في السعودية، الذي تُصدره وزارة الثقافة بشكل دوري، مخرجات مبادرة «ترجم» التي أطلقتها «هيئة الأدب والنشر والترجمة» في 2021، بهدف دعم دور النشر السعودية والإنتاج في مجال الترجمة خلال العامين الماضيين. وفي نشاط واعدٍ، بلغ إجمالي الأعمال المترجمة ضمن المبادرة 524 عملاً في 2022، مقابل 336 عملاً في 2021، وتُرجمت هذه الأعمال عن 12 لغة مختلفة، في حين بلغ عدد اللغات المترجم إليها 6 لغاتٍ، وتصدّرت اللغة الإنجليزية اللغات المترجمة بنسبة 75.37 في المائة، تليها الفرنسية بنسبة 10.26 في المائة.
وبشكل تفصيلي، فقد تُرجم ضمن المبادرة 341 كتاباً، صدرت عن 26 دار نشرٍ، في 20 موضوعاً مختلفاً، وبلغت نسبة مترجمي هذه الكتب ما يقارب 72 مقابل 28 في المائة للمترجمات. وجاءت الروايات المترجمة العام الحالي، في المرتبة الثالثة بنسبة 15 في المائة تقريباً، تسبقها كتب الأطفال التعليمية وأدب الطفل بنسبة 25 في المائة، ومن ثَمّ الفلسفة بنسبة 23 في المائة، وهي نسبٌ لافتة إذا ما قُورنت بأرقام التأليف في هذين المجالين، كما أشارت النسخ الماضية من التقرير.
وفي الدورة الثالثة من المبادرة خلال عام 2023، نجحت الدورة في تحقيق قفزة نوعية وكمية، والدفع بأكثر من ألف إصدارٍ مترجم من اللغة العربية وإليها، وشملت خريطة اللغات المترجم منها وإليها، نحو 22 لغة عالمية، وشارك في المبادرة أكثر من 500 مترجم دولي.
وقال عبد الرحمن السيد، الرئيس التنفيذي لجمعية الترجمة السعودية، خلال مؤتمر «هويتنا نترجمها» الذي نظمته جامعة الأميرة نورة في الرياض، منتصف الشهر الحالي، إن «المبادرات والمشروعات التي حظي بها القطاع الترجمي السعودي تعكس الحراك الذي شهدته السعودية مؤخراً، الأمر الذي انعكس على تسجيل نموٍ متصاعد في الإنتاج الترجمي، بعد أن كان حجم الإنتاج قبل سنوات فقط، لا يتجاوز 30 إلى 40 كتاباً، ولكن الدّعم الحكومي ومختلف المبادرات التي شهدها الوسط الثقافي السعودي قفز بهذه الأرقام إلى ما يقرب من 4 أضعاف».
وأطلقت «هيئة الأدب والنشر والترجمة» وجمعية الترجمة دليلاً مهنياً للمترجم في السعودية، ليكون نبراساً لكل المهتمين والعاملين في القطاع.
واتخذت الهيئة هذه الخطوة، مع تزايد قيمة الترجمة، وقد أصبحت حاجة ملحة لمواكبة التقدم الحضاري، وتناقل المعارف والمعلومات وتبادلها، فضلاً عمّا للترجمة من دور لا يستهان به في التواصل بين الأمم ذات الألسن المختلفة، وفي إثراء رصيدها الثقافي والعلمي، بالإضافة إلى حاجة المتخصصين في شتّى فنونها إلى وضع أدلة إرشادية لكل المهتمين بها من هواة ومحترفين لضبط أعمالهم بكل احترافية ومهنية.
وورد في مقدمة الدّليل الذي كشفت عنه الهيئة خلال ملتقى الترجمة الدّولي الذي احتضنته العاصمة السعودية مؤخراً، أن أول دليل للترجمة في السعودية سيكون أساساً لأعمال وأدلة مقبلة تخدم مهنة الترجمة ومنتسبيها.
سعياً في توثيق حركة الترجمة في العالم العربي، وتنسيق الجهود الترجمية، وتوحيدها، ودعمها؛ أُنشئ #المرصد_العربي_للترجمة، الأول من نوعه عالمياً في توفير منصة رقمية متكاملة لخدمة وتطوير قطاع الترجمة باللغة العربية.#هيئة_الأدب_والنشر_والترجمة pic.twitter.com/eRmFdkqlzY
— هيئة الأدب والنشر والترجمة (@MOCLiterature) May 18, 2024
ولم تتوقف المبادرات التي أطلقتها السعودية في القطاع الترجمي على الإطار المحلي، بل وسّعت إطار مبادراتها لتستوعب المنطقة العربية بجهود تعزيز أعمال الترجمة ومدّ جسور بين «العربية» والثقافات والحضارات والشعوب العالمية، وقد أطلقت مؤخراً أعمال المرصد العربي للترجمة، بوصفه أول مرصدٍ نوعيٍّ لتنسيق الجهود العربية في مجال الترجمة ودعم مسيرتها.