200 تحفة فنية وعصرية ترصد دَور الجزيرة العربية في تاريخ صناعة العطور

تستقبل الرياض المعرض في أولى جولاته الخارجية

تضوع رائحة العطور مازجةً ماضي المشرق بحاضره (هيئة المتاحف)
تضوع رائحة العطور مازجةً ماضي المشرق بحاضره (هيئة المتاحف)
TT

200 تحفة فنية وعصرية ترصد دَور الجزيرة العربية في تاريخ صناعة العطور

تضوع رائحة العطور مازجةً ماضي المشرق بحاضره (هيئة المتاحف)
تضوع رائحة العطور مازجةً ماضي المشرق بحاضره (هيئة المتاحف)

ما أن تدلف بوابة المتحف الوطني السعودي، حتى تضوع رائحة العطور والورد والبخور، مازجةً ماضي المشرق بحاضر ما شهدته الصناعة العطرية من تطورات وتحولات، وذلك في معرض «عطور الشرق» الذي تحتضنه مدينة الرياض، وينظمه معهد العالم العربي في باريس، بوصفه أول محطة في جولته الخارجية.

ويرتكز المعرض على أهمية العطور التاريخية في العالم العربي، وثقافة الشّغف بها التي انطلقت من الجزيرة العربية حين كانت تستقبل المواد العطرية الثمينة وترسلها إلى مجتمعات العالم القديم، لينطلق معها تاريخ العطور، من مهد حضارتها، لتُغدق على البشر الطُيُوب، حتى شاع استخدامها في الحياة اليومية للإنسان وأصبحت دلالةً على الألفة والاحترام والسخاء.

ترتبط العطور الشرقية اليوم بباقة من الروائح المميزة (هيئة المتاحف)

وترتبط العطور الشرقية اليوم بباقة من الروائح المميزة ذات النفحات الدافئة والتابلية والعنبرية، التي تؤلف معاً عائلة من الروائح التي تعمل دُور صناعة العطور على إعادتها للواجهة من جديد.

ويروي المعرض تاريخ العلاقة الوثيقة والأزلية بين العالم العربي والعطور، ويسلّط الضوء على روائح الشرق المميزة، وعلى التقاليد العربية التي منحت العطر دوره الاجتماعي، ويمنح فرصة للتجوّل في فضاءات متنوعة، تبدأ في البيئة الطبيعية، ومن ثَمّ تنقلهم إلى شوارع المدينة، ومنها إلى داخل المنزل، لاستكشاف تاريخ العطور وممارساتها في الماضي والحاضر، عبر أعمال تتراوح ما بين التراثية والمعاصرة.

يرتكز المعرض على الأهمية الثقافية والتاريخية للعطور في العالم العربي (هيئة المتاحف)

تقاليد مجتمعية في الصناعة العطرية

يقدّم المعرض رحلة غامرة لاستكشاف تاريخ العلاقة الوثيقة بين العالم العربي والعطور، مسلّطاً الضوء على روائح الشرق المميّزة وعلى التقاليد العربية التي منحت العطر دوره الاجتماعي.

ويقدم المصور السعودي عبد الرحمن الدغيلبي، القادم من مدينة الطائف، رحلة مصوّرة من مدينة الورد التي تتفتح في كل ربيع، وتتحول خلاله المساحات الصحراوية الشاسعة إلى بقع وردية عطرة يأنس بها الناس، وتلتقطها عدسة الدغيلبي بحرفية وإتقان.

يتتبع الدغيلبي في سلسلته المصورة رحلة الورد الطائفي (هيئة المتاحف)

وفي المعرض، تظهر جدرانه وكأنها تبثّ زيتاً عطرياً رقيقاً من إطارات الصور التي التقطها الدغيلبي، الذي كان يبدأ صباح كل يوم ربيعي مهمته الفريدة لتوثيق المدينة السعودية الباردة وهي تتورد بلون الورد الفاتن، بينما يتعاهد المزارعون في حقولهم الاهتمام والرعاية.

يقول الدغيلبي إنه سعيد بالمشاركة في معرض «عطور الشرق» وبتمثيل مدينة الطائف، التي اشتهرت بوردها الذي ذاعت سمعته مثلما تضوع رائحته الزكية شديدة التركيز والغنية بالزيوت العطرية، التي تخضع للمعالجة وتتحول إلى زيت الورد الفاخر.

يتتبع الدغيلبي في سلسلته المصورة رحلة هذه الزهرة ورعاتها من أبناء المنطقة الذين توارثوا هذه المهمة العاطرة تاريخياً، ويُساهم من خلال عمله الفني في مساعدة كلّ متأمل في تفاصيله لاكتشاف كيف شكّلت العطور جزءاً لا يتجزأ من تقاليد المجتمع السعودي والعربي عبر التاريخ.

ينقسم المعرض إلى 3 أقسام (هيئة المتاحف)

رحلة في العلاقة بين الشرق والعطر

يحتضن المعرض مجموعة فنية فريدة من أكثر من 200 قطعة أثرية وعمل فنيّ معاصر، تروي بمجملها تاريخ هذه العلاقة الوثيقة والأزلية بين العالم العربي والعطور.

وينقسم إلى 3 أقسام تقدّم للزوّار فرصةً التجوّل في فضاءات متنوعة، حيث يكشف القسم الأول «الطبيعة السامية والسخية» تاريخ العطور منذ لحظة اكتشاف المواد الخام التي تُصنع منها، من زهور وأعشاب وتوابل وراتنجات طبيعية فوّاحة، مسلّطاً الضوء على المكونّات التي تميّزت بها الجزيرة العربية، مثل اللِّبان والعنبر والمُرّ، والتي لعبت دوراً رئيسياً في تركيب العطور.

أمّا قسم «روائح المدينة» فيأخذ الزائر في رحلة إلى مختلف أحياء المدينة، لاكتشاف دور العطور في الأماكن العامة وفي المجتمع، حيث يشكّل العطر في الثقافة العربية تجربة جماعية، ويُعدّ واقعاً مهماً حاضراً في دائرة الأصدقاء والعائلة والأحبة.

وأخيراً، في القسم الثالث «ضيافة عطِرَة»، الذي يسلّط الضوء على التقاليد والعادات الاجتماعية المرتبطة بالعطور في العالم العربي والحضارة الإسلامية، مثل التطيّب والتبخير وتعطير الضيوف للترحيب بهم.


مقالات ذات صلة

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)
ثقافة وفنون العالم الجغرافي والمحقق اللغوي الكويتي د. عبد الله الغنيم شخصية معرض الكتاب لهذا العام

معرض الكويت الدولي للكتاب ينطلق غداً... وعبد الله الغنيم «شخصية العام»

ينطلق غداً (الأربعاء) معرض الكويت الدولي للكتاب في دورته الـ47، بمشاركة 544 دار نشر، من 31 دولة، منها 19 دولة عربية و12 أجنبية.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
لمسات الموضة كان حب إيلي صعب الإنسان الخيط الذي جمع كل الفنانين الذين حضروا الاحتفالية (رويترز)

5 أشياء تدين بها صناعة الموضة العربية لإيلي صعب

المهتمون بالموضة، من جهتهم، يكنون له الاحترام، لرده الاعتبار لمنطقة الشرق الأوسط بوصفها تملك القدرة على الإبهار والإبداع.

جميلة حلفيشي (لندن)

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
TT

انطلاق المؤتمر العالمي لـ«موهبة» لتعزيز التعاون الإبداعي لـ«جودة الحياة»

المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)
المؤتمر يشكل منصة ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم (واس)

انطلقت فعاليات النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بعنوان «عقول مبدعة بلا حدود» في العاصمة السعودية الرياض، الأحد، الذي يجمع نخبةً من الخبراء والموهوبين في مجالات العلوم والتقنية والابتكار، ويشارك فيه أكثر من 300 موهوب ومتحدثون محليون ودوليون من أكثر من 50 دولةً، وذلك برعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز. ونيابة عنه، افتتح الأمير فيصل بن بندر بن عبد العزيز، أمير منطقة الرياض، فعاليات المؤتمر العالمي والمعرض المصاحب للمؤتمر الذي تنظمه مؤسسة الملك عبد العزيز ورجاله للموهبة والإبداع «موهبة»، في مركز الملك عبد الله للدراسات والبحوث البترولية «كابسارك» بالعاصمة السعودية، وشهد توقيع عدد من الاتفاقيات بين «موهبة» وعدد من الجهات.

أمير الرياض خلال افتتاحه فعاليات المؤتمر العالمي والمعرض المصاحب للمؤتمر (واس)

ورفع أمين عام «موهبة» المكلف الدكتور خالد الشريف، كلمة رفع فيها الشكر لخادم الحرمين الشريفين على رعايته للمؤتمر، ودعمه المستمر لكل ما يُعزز ريادة السعودية في إطلاق المبادرات النوعية التي تمثل قيمة مضافة لمستقبل الإنسانية، مثمناً حضور وتشريف أمير منطقة الرياض لحفل الافتتاح.

وقال الدكتور الشريف: «إن قيادة السعودية تؤمن بأهمية الاستثمار برعاية الموهوبين والمبدعين باعتبارهم الركيزة الأساسية لازدهار الأوطان والطاقة الكامنة التي تصنع آفاقاً مستقبلية لخدمة البشرية»، مشيراً إلى أن العالم شاهد على الحراك الشامل لمنظومة تنمية القدرات البشرية في المملكة لبناء قدرات الإنسان والاستثمار في إمكاناته، في ظل «رؤية السعودية 2030»، بقيادة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي رئيس لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية.

وأكد الدكتور الشريف أن هذا الحراك يواكب ما يزخر به وطننا من طاقات بشرية شابة موهوبة ومبدعة في شتى المجالات، يتجاوز إبداعها حدود بلادنا ليصل إلى العالمية، وهو ما مكن المملكة من أن تصبح حاضنة لألمع العقول العالمية الموهوبة والمبدعة، وحاضرة إنسانية واقتصادية واعدة بمستقبل زاهر ينعكس على العالم أجمع.

وأوضح أن المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع بنسخته الثالثة يشكّل منصةً ملهمة تجمع العقول المبدعة من كل العالم، لتستلهم معاً حلولاً مبتكرة تعزز جودة الحياة في مجتمعاتنا، وتبرز الفرص، وتعزز التعاون الإبداعي بين الشعوب.

انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع احتفالية مؤسسة «موهبة» بيوبيلها الفضي (واس)

ولفت النظر إلى أن انعقاد هذا المؤتمر يتزامن مع احتفالية مؤسسة «موهبة» بيوبيلها الفضي؛ حيث أمضت 25 عاماً في دعم الرؤى بعيدة المدى للموهبة والإبداع، وباتت مشاركاً رئيسياً في المنظومة الداعمة لاكتشاف ورعاية الطاقات الشابة الموهوبة والمبدعة، بمنهجية تُعد الأكثر شمولاً على مستوى العالم لرعاية الأداء العالي والإبداع.

عقب ذلك شاهد أمير منطقة الرياض والحضور عرضاً مرئياً بمناسبة اليوبيل الفضي لإنشائها، وإنجازاتها الوطنية خلال الـ25 عاماً الماضية، ثم دشن «استراتيجية موهبة 2030» وهويتها المؤسسية الجديدة، كما دشن منصة «موهبة ميتا مايندز» (M3)، وهي منصة عالمية مصممة لربط ودعم وتمكين الأفراد الموهوبين في البيئات الأكاديمية أو قطاعات الأعمال، إلى جانب تدشين الموقع الإلكتروني الجديد لـ«موهبة»، الذي تواصل المؤسسة من خلاله تقديم خدماتها لجميع مستفيديها من الموهوبين وأولياء الأمور.

ويهدف المؤتمر العالمي للموهبة والإبداع إلى إظهار إمكانات الموهوبين، وتطوير نظام رعاية شامل ومتكامل للموهوبين، وتعزيز التكامل والشراكات الاستراتيجية، وتحسين وتعزيز فرص التبادل والتعاون الدولي، ويشتمل المؤتمر على 6 جلساتٍ حوارية، و8 ورش عمل، وكرياثون الإبداع بمساراته الـ4، ومتحدثين رئيسيين؛ حيث يسعى المشاركون فيها إلى إيجاد الحلول الإبداعية المبتكرة للتحديات المعاصرة، إلى جانب فعاليات مصاحبة، تشمل معرضاً وزياراتٍ ثقافيةً متنوعةً على هامش المؤتمر.