«بريدجرتون» الثالث... انتفاضة «بينيلوبي» من أجل الحب تغرق في حبكة متوقّعة

«بينيلوبي» و«كولن»... الشخصيتان المحوريّتان في الموسم الثالث من «بريدجرتون»... (نتفليكس)
«بينيلوبي» و«كولن»... الشخصيتان المحوريّتان في الموسم الثالث من «بريدجرتون»... (نتفليكس)
TT

«بريدجرتون» الثالث... انتفاضة «بينيلوبي» من أجل الحب تغرق في حبكة متوقّعة

«بينيلوبي» و«كولن»... الشخصيتان المحوريّتان في الموسم الثالث من «بريدجرتون»... (نتفليكس)
«بينيلوبي» و«كولن»... الشخصيتان المحوريّتان في الموسم الثالث من «بريدجرتون»... (نتفليكس)

تعلن العبارة المرافقة لملصق الموسم الثالث من مسلسل «بريدجرتون» أنه «حتى زهرة الحائط بإمكانها أن تتفتّح». تنبئ هذه المقدّمة المقتضبة والشاعريّة بمصير نجمة الجزء الجديد؛ «بينيلوبي فيثرينغتون». فالشابة التي اختبأت خلال الموسمَين الماضيَين في ظلال شخصياتٍ أكثر منها سطوعاً، وخلف حبر «ليدي ويسلداون»، تخرج كفراشةٍ من شرنقتها لتخوض معركة الحب علناً.

منذ بدء عرضه على «نتفليكس» عام 2020 في موسمه الأول ولاحقاً في موسمه الثاني في 2022، أثبت «بريدجرتون» أنه ليس مجرّد حكاية مجتمع مخمليّ بريطاني من القرن التاسع عشر. تخطّت الحبكةُ موضوع الزيجات المدبّرة تحت عين «الملكة شارلوت» وببركةٍ منها، لتعلن موقفاً ضد التمييز الطبقي والعنصري والاجتماعي؛ بدءاً بالملكة نفسها صاحبة البشرة السمراء. يتميّز المسلسل بأنه يجاهر بالدمج، وقد خطا الموسم الثالث خطواتٍ إلى الأمام في هذا الاتّجاه.

تضع منتجة العمل شوندا رايمز شخصية «بينيلوبي» في الصدارة، لتُنزل عن كتفَيها ثقل الأحكام المسبقة ونظرات المجتمع الهدّامة. فعلى مدى 3 سنوات متتالية من مواسم الزيجات، فشلت الشابة في العثور على شريك لها. تقتنع بأنها غير مرغوبٍ فيها لأسبابٍ مرتبطة على الأرجح بشكلها الخارجيّ. تتعرّض للتنمّر من الأبعدين والأقربين؛ بمَن فيهم شقيقتاها. حتى إن والدتها تدعم ذلك قاطعةً عليها طريق الأمل: «تُريحُني فكرة أنك ستبقين دائماً إلى جانبي لرعايتي».

تنتفض «بينيلوبي» في هذا الموسم على التجريح والتنمّر اللذين لطالما تعرّضت لهما (نتفليكس)

في استراتيجيةٍ تهدف إلى تشويق الجمهور، عمدت «نتفليكس» إلى إصدار 4 حلقات من الموسم الجديد قبل أيام، على أن تستكملها في غضون شهر (تُبثّ الحلقات الـ4 المتبقية في 13 يونيو/ حزيران). وبعد 4 سنواتٍ على أوّل مواسمه، بات «بريدجرتون» بحاجةٍ فعلاً إلى خطّةٍ تشويقيّة؛ إذ تبدو الأحداث مألوفة ومتوقّعة في غالب الأحيان، وكأنّ المسلسل الذي أحدث ضجّة جماهيريّة سابقاً بدأ يفقد بريقَه وعنصر الدهشة.

لكن لا يمكن المرور على أداء الممثلة الآيرلندية نيكولا كوغلان دور «بينيلوبي» من دون وصفه بالمدهش... هي تمسك بزمام الأحداث؛ بدءاً من انتفاضتها على نفسها وهندامها ومحيطها، وانتقالاً إلى وقوفها في وجه الإهانات بكامل هشاشتها وقوّتها في آنٍ معاً، وصولاً إلى فوزها بحبّ حياتها؛ «كولن بريدجرتون».

ملصق الموسم الثالث من مسلسل «بريدجرتون»... (نتفليكس)

على المشاهدين انتظار الدفعة الثانية من الحلقات لمعرفة ما إذا كانت تلك العلاقة ستتوّج بالارتباط أم لا، بما أنّ دونها عقبات كثيرة. ليست «بينيلوبي» في موقفٍ يتيح لها الانتصار بسهولة، فهي آتية من موسمٍ سابق خسرت فيه صداقتها المتينة مع «إيلويز»، شقيقة «كولن»، بعد أن اكتشفت الأخيرة أمرها بأنها هي «ليدي ويسلداون» التي تفضح أسرار مجتمع المدينة من خلال نشراتها الأسبوعيّة؛ بما في ذلك أسرار صديقتها المقرّبة. كما أن «بينيلوبي» كانت قد تلقّت خيبةً من «كولن» في الموسم السابق، حين سمعته يقول لأصدقائه إنه لا يفكّر في مغازلة فتاة مثلها.

«بينيلوبي» وشقيقتاها «برودانس» و«فيليبا» برفقة زوجَيهما (نتفليكس)

على نغماتِ أغانٍ معاصرة موزّعة بشكلٍ كلاسيكيّ سيمفونيّ؛ وهذه إحدى البصمات المميزة والخاصة بـ«بريدجرتون»، تتصاعد الأحداث متنقّلةً بين القاعات الفسيحة المخمليّة والحفلات الراقصة في قصر الملكة شارلوت. على مَرّ المواسم، لم يبخل فريق الإنتاج على العمل، فحافظ الإبهار البصريّ على مستواه من حيث فخامة الملابس والإكسسوارات والديكور. يدور معظم الأحداث وسط حفلاتٍ ملكيّة تجمع عشرات الراقصين، الذين يعودون بالمُشاهد إلى العصر الذهبي للإمبراطورية البريطانية.

ليست الهويّتان البصريّة والموسيقيّة للمسلسل سوى انعكاسٍ لروحِه؛ هو ينقل إلى الشاشة حكايات عاطفية عائدة إلى القرن التاسع عشر، لكنه يتوجّه إلى جيل القرن الحادي والعشرين. ينجح في ذلك؛ إذ يمنح انطباعاً بأنّه عصريّ رغم قالبه التاريخيّ. وممّا يدعم عصرنة «بريدجرتون» الدمجُ بين الفئات المجتمعيّة، الذي ما كان ممكناً قبل قرنَين، غير أنه يتحقق على يد شوندا رايمز وفريقها.

أكثر من أي وقت يرفع الموسم الثالث شعار «الدمج العرقي والطبقي»... (نتفليكس)

في الموسم الثالث، يتقدّم «ويل وأليس موندريتش» إلى الصفوف الأمامية، فالثنائي المنتمي إلى الطبقة المتوسطة وهو كذلك من أصحاب البشرة السمراء، يجد نفسه صاحب ثروة ولقب اجتماعيّ رفيع بعد الحصول على إرثٍ غير متوقّع. وإلى جانب هذا الاختلاط بين الأعراق والطبقات، تَعبر في الحلقات الجديدة؛ وإن باقتضاب، شخصيات من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ فتطلّ في إحدى الحفلات الملكيّة الراقصة فتاةٌ من الصمّ والبكم، وشابٌ على كرسيّ متحرّك.

من الواضح أنّ المسلسل بدأ يُصاب بالفراغ، فاقتضى الحشو بشخصياتٍ جانبية. تسير الحكايات العاطفية الفرعية بالتوازي مع قصة «بينيلوبي» و«كولن»؛ من بينها قصة «فرنشيسكا بريدجرتون» التي حان موعد إيجاد عريسٍ لها؛ هي المفتونة بالموسيقى وبالعزف على البيانو، تتحدّى الأفكار التقليدية وتبحث عن شريكٍ لا يشبه المألوف. من بين السرديّات الثانوية كذلك، حكاية «كريسيدا كاوبر» المتعجرفة النمّامة التي لم تعثر لنفسها على عريسٍ بعد. كما تلوح في الأفق قصة حب خاصة بالوالدة الأرملة «فيوليت بريدجرتون»!

تتقدّم عائلة «موندريتش» في المشهد بعد أن ترث لقباً أرستقراطياً وثروة (نتفليكس)

كما لو أنّ المسلسل يريد للجميع أن يتزوّج، أو على الأقلّ أن يجد شريكاً لقلبه. مع أنّ الحقبة التي تدور الأحداث فيها كانت تفرض الزيجات المدبّرة، فإنّ العمل الدرامي ليس تقليدياً في هذا الإطار، بل إنه يوسّع آفاق موضوع الزواج. صحيحٌ أن بعض الحكايات عالقٌ في إطاره التقليدي، إلا إن البعض الآخر يصرّ على أن يكون الحب أساساً للارتباط. يصوّب المسلسل النظرة إلى الزيجات التقليدية والمستعجلة، من خلال قصصٍ كقصة «كولن» و«بينيلوبي»، حافلةٍ بالمفاجآت والتحوّلات.

وفق المنتجة المنفّذة جيس براونيل، فإنّ الجزء الثاني من الموسم الثالث سيكون أشدّ إثارةً ممّا سبق. وفي حديث إلى موقع «توداي» الأميركي، كشفت براونيل عن أن انتقال «بينيلوبي» و«كولن» من الصداقة إلى العلاقة العاطفية، سيكون محفوفاً بالمخاطر، لا سيّما بسبب إخفاء الشابة عن شريكها أنها هي التي تكتب تحت توقيع «ليدي ويسلداون» ولا توفّر أحداً من نقدها اللاذع.


مقالات ذات صلة

بعد توقفها... عودة خدمة «نتفليكس» لمعظم المستخدمين في أميركا

يوميات الشرق شعار منصة البث المباشر «نتفليكس» (رويترز)

بعد توقفها... عودة خدمة «نتفليكس» لمعظم المستخدمين في أميركا

كشف موقع «داون ديتيكتور» لتتبع الأعطال، عن أن منصة البث المباشر «نتفليكس» عادت إلى العمل، اليوم (السبت)، بعد انقطاع استمرّ نحو 6 ساعات.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الممثل كيليان مورفي يعود إلى شخصية تومي شلبي في فيلم «The Immortal Man» (نتفليكس)

عصابة آل شلبي عائدة... من باب السينما هذه المرة

يعود المسلسل المحبوب «Peaky Blinders» بعد 6 مواسم ناجحة، إنما هذه المرة على هيئة فيلم من بطولة كيليان مورفي المعروف بشخصية تومي شلبي.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق مسلسل «Monsters» يعيد إلى الضوء جريمة قتل جوزيه وكيتي مينينديز على يد ابنَيهما لايل وإريك (نتفليكس)

قتلا والدَيهما... هل يُطلق مسلسل «نتفليكس» سراح الأخوين مينينديز؟

أطلق الشقيقان مينينديز النار على والدَيهما حتى الموت عام 1989 في جريمة هزت الرأي العام الأميركي، وها هي القصة تعود إلى الضوء مع مسلسل «وحوش» على «نتفليكس».

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق ليلي كولينز بطلة مسلسل «إميلي في باريس» (رويترز)

لماذا تفجر «إميلي في باريس» مواجهة دبلوماسية بين فرنسا وإيطاليا؟

انفتحت جبهة جديدة في التاريخ الطويل والمتشابك والمثير للحقد في بعض الأحيان للعلاقات بين إيطاليا وفرنسا، والأمر يدور هذه المرة حول مسلسل «إميلي في باريس».

«الشرق الأوسط» (باريس- روما)
يوميات الشرق His Three Daughters فيلم درامي عائلي تميّزه بطلاته الثلاث (نتفليكس)

عندما يُطبخ موت الأب على نار صراعات بناته

يخرج فيلم «His Three Daughters» عن المألوف على مستوى المعالجة الدرامية، وبساطة التصوير، والسرد العالي الواقعية. أما أبرز نفاط قوته فنجماته الثلاث.

كريستين حبيب (بيروت)

فيصل بن سلمان يشكر أسرة سلمان الشبيب على إهداء مكتبة والدهم إلى «المكتبة الوطنية»

الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)
الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)
TT

فيصل بن سلمان يشكر أسرة سلمان الشبيب على إهداء مكتبة والدهم إلى «المكتبة الوطنية»

الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)
الأمير فيصل بن سلمان لدى استقباله ورثة «الشبيب» حيث قدّم لهم الشكر على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى «الوطنية» (واس)

قدّم الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز، المستشار الخاص لخادم الحرمين الشريفين، رئيس مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية، شكره وتقديره لورثة سلمان بن حمود الشبيب، على مبادرتهم بإهداء مكتبة والدهم الخاصة إلى المكتبة الوطنية.

وأشاد الأمير فيصل بن سلمان خلال لقائه أسرة الشبيب، بهذه المبادرة التي من شأنها دعم مقتنيات المكتبة الوطنية وإثراء محتواها الثقافي بما فيه خدمة الباحثين والمستفيدين، مؤكداً أن مقتنيات المكتبة المهداة ستحظى بالعناية اللازمة التي تمكن الباحثين من الاستفادة منها على أفضل وجه.

يذكر أن المكتبة المهداة تحوي عدداً من الدوريات والمجلات الرائدة منذ العدد الأول، أبرزها مجلة المقتطف (1876م)، ومجلة الهلال (1892م)، إضافة إلى عدد من نفائس الكتب في شتى مجالات العلوم والمعارف، فالراحل كان دبلوماسياً ومؤلفاً ومشتغلاً بالكتب وصاحب «دار الإصدارات» أحد أقدم دور النشر في الرياض، كما أضاف إلى المكتبة العربية عدداً من الكتب والمؤلفات المترجمة.

وفي نهاية اللقاء منح الأمير فيصل بن سلمان شهادة تقديرية من مكتبة الملك فهد الوطنية، لعائلة الشبيب مقدمة من المكتبة؛ تقديراً لهم على مبادرتهم.

وسلمان الشبيب، دبلوماسي ومؤلف وصاحب «دار الإصدارات» أحد أقدم دور النشر في الرياض، توفيّ في نهاية يناير (كانون الثاني) الماضي، في العاصمة الفرنسية باريس، ودُفن بالرياض.

وأثرى الراحل المكتبة العربية مؤلفاً ومترجماً لعدد من الكتب التي حققت شهرة على مستوى العالم، من أهمها: «عهود خالدة - من الإرث التاريخي في المعاهدات»، و«قاموس في الدبلوماسية».

كما ترجم الراحل الشبيب كتاب «ممارسة الدبلوماسية - تطورها ونظرياتها وإداراتها»، لكيث هاميلتون وريتشارد لانجهورن، وعدت الترجمة العربية للكتاب هي الوحيدة، والأشهر، وغطى الكتاب البدايات الأولى للعمل الدبلوماسي في الشرق القديم، والإمبراطورية الرومانية والحضارات العربية القديمة إلى مرحلة التطور والتوسع الدبلوماسي ومراحله الانتقالية إلى اليوم.