اكتشاف مواد بلاستيكية في خصية بعض البشر يقلل فرص الإنجاب

الميكروبلاستيك هي قطع بلاستيكية صغيرة جداً يبلغ قطرها أقل من 5 ملليمترات (رويترز)
الميكروبلاستيك هي قطع بلاستيكية صغيرة جداً يبلغ قطرها أقل من 5 ملليمترات (رويترز)
TT

اكتشاف مواد بلاستيكية في خصية بعض البشر يقلل فرص الإنجاب

الميكروبلاستيك هي قطع بلاستيكية صغيرة جداً يبلغ قطرها أقل من 5 ملليمترات (رويترز)
الميكروبلاستيك هي قطع بلاستيكية صغيرة جداً يبلغ قطرها أقل من 5 ملليمترات (رويترز)

اكتشف فريق بحثي من جامعة «نيو مكسيكو» الأميركية، وجود تركيزات كبيرة من المواد البلاستيكية الدقيقة (الميكروبلاستيك) في أنسجة خصية عدد من البشر والكلاب، مما يثير القلق حيال تأثيرها في الصحة الإنجابية.

وأوضح الباحثون، خلال نتائج الدراسة التي نُشرت، الأربعاء، في دورية (Toxicological Sciences) أن المواد البلاستيكية الدقيقة يمكن أن تخترق الجهاز التناسلي للبشر، وتؤثر في جودة الحيوانات المنوية.

و«الميكروبلاستيك» هي قطع بلاستيكية صغيرة جداً، يبلغ قطرها أقل من 5 ملليمترات، وتأتي من مصادر مثل مستحضرات التجميل.

وتتحلل قطع البلاستيك الكبيرة عادةً عندما تتعرض لأشعة الشمس أو في مدافن النفايات، ويمكن أن تتطاير بفعل الرياح أو تُحمل إلى المجاري المائية القريبة.

ويمكن لـ«الميكروبلاستيك» أن تصل إلى جسم الإنسان عبر عدة طرق، بما في ذلك تناول الطعام، وشرب الماء، واستنشاق الهواء، واستخدام مستحضرات التجميل.

وخلال الدراسة، حصل الفريق على عينات من أنسجة الخصية البشرية من مكتب المحقق الطبي في نيومكسيكو، حيث تُجمع الأنسجة في أثناء عمليات التشريح وتُخزن لمدة 7 سنوات قبل التخلص منها، فيما حصلوا على عينات الكلاب من ملاجئ الحيوانات في مدينة ألبوكركي بنيومكسيكو.

وعولجت العينات كيميائياً لإذابة الدهون والبروتينات، ثم جرى تدوير كل عينة في جهاز طرد مركزي فائق، مما أسفر عن ترسيب قطع صلبة من البلاستيك في قاع الأنبوب.

ووجد الفريق البحثي أن متوسط تركيز المواد البلاستيكية الدقيقة في أنسجة الخصية للكلاب كان 122.63 ميكروغرام لكل غرام من الأنسجة، فيما كان متوسط التركيز في الأنسجة البشرية 329.44 ميكروغرام لكل غرام.

كما وجدوا أن المكون الأكثر انتشاراً في كل من أنسجة الإنسان والكلاب هو «البولي إيثيلين (PE)»، الذي يُستخدم لصنع الأكياس والزجاجات البلاستيكية.

وقال الباحث الرئيسي للدراسة بجامعة «نيومكسيكو» الأميركية، البروفسور شياوزهونغ جون يو، إن دراستهم أظهرت وجود «الميكروبلاستيك» في جميع أنسجة الخصية الخاصة بالبشر والكلاب، حيث عثروا على 12 نوعاً من «الميكروبلاستيك» في عينات 47 كلباً و23 خصية بشرية.

وأضاف، عبر موقع الجامعة، أن «الفريق تمكن من قياس كمية (الميكروبلاستيك) في عينات الأنسجة باستخدام طريقة تحليلية جديدة كشفت عن العلاقات بين أنواع معينة من البلاستيك وانخفاض عدد الحيوانات المنوية للكلاب».

وشدد على عدم الرغبة في إثارة الذعر لدى الناس وتخويفهم، بل الهدف هو توفير البيانات علمياً، واتخاذ الخطوات والإجراءات المناسبة لتجنب التعرض للمخاطر، وتغيير نمط حياتنا وسلوكنا لتقليل التأثيرات السلبية في المستقبل.

وأشار إلى أن «النتائج تسلط الضوء على تأثيرات البلاستيك في الصحة الإنجابية، وتفتح الباب لإجراء بحوث إضافية لفهم كيفية تأثير (الميكروبلاستيك) على إنتاج الحيوانات المنوية في الخصيتين».


مقالات ذات صلة

بريطانيا: أكثر من وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات «ستكون بسبب السرطان»

صحتك بحث يؤكد أن حالات الوفاة بالسرطان بين البريطانيين في ازدياد (رويترز)

بريطانيا: أكثر من وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات «ستكون بسبب السرطان»

خلص تقرير جديد إلى أن أكثر من حالة وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات في المملكة المتحدة ما بين الآن وعام 2050 ستكون بسبب السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك شعار برنامج الدردشة الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي «شات جي بي تي» (رويترز)

دراسة: «شات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض

كشفت دراسة علمية جديدة، عن أن روبوت الدردشة الذكي الشهير «شات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض؛ الأمر الذي وصفه فريق الدراسة بأنه «صادم».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم بولينا براندبرغ قالت على «إكس» إنها تعاني من «أغرب رهاب للموز في العالم» (رويترز)

غرف خالية من الموز بسبب «فوبيا» وزيرة سويدية

تسببت فوبيا تعاني منها وزيرة سويدية في دفع مسؤولين حكوميين إلى طلب إخلاء الغرف من الفاكهة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الإصابة بحصوات الكلى والنقرس من الحالات الشائعة (المعهد الوطني للصحة بالولايات المتحدة)

أدوية للسكري تخفّض خطر الإصابة بحصوات الكلى

أظهرت دراسة جديدة أنّ نوعاً من أدوية علاج مرض السكري من النوع الثاني قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بحصوات الكلى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك علب من أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)

أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» المضادة للسكري تكبح التدهور المعرفي المرتبط بألزهايمر

كشف فريق من الباحثين الأميركيين أن عقار سيماغلوتيد، الذي يتم تسويقه تحت اسمي «أوزمبيك» و«ويغوفي» من شأنه أن يحسن بشكل ملحوظ استهلاك الدماغ للسكر.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
TT

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

في النسيج الواسع لتاريخ الفن التشكيلي، تبرز بعض الأعمال الفنية وتكتسب شهرة عالمية، ليس بسبب مفرداتها وصياغاتها الجمالية، ولكن لقدرتها العميقة على استحضار المشاعر الإنسانية، وفي هذا السياق تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود»، وهي كذلك شهادة على «قوة الفن في استكشاف أعماق النفس، وصراعاتها الداخلية».

هذه المعالجة التشكيلية لهموم البشر وضغوط الحياة استشعرها الجمهور المصري في أول معرض خاص لماهر البارودي في مصر؛ حيث تعمّقت 32 لوحة له في الجوانب الأكثر قتامة من النفس البشرية، وعبّرت عن مشاعر الحزن والوحدة والوجع، لكنها في الوقت ذاته أتاحت الفرصة لقيمة التأمل واستكشاف الذات، وذلك عبر مواجهة هذه العواطف المعقدة من خلال الفن.

ومن خلال لوحات معرض «المرايا» بغاليري «مصر» بالزمالك، يمكن للمشاهدين اكتساب فهم أفضل لحالتهم النفسية الخاصة، وتحقيق شعور أكبر بالوعي الذاتي والنمو الشخصي، وهكذا يمكن القول إن أعمال البارودي إنما تعمل بمثابة تذكير قوي بالإمكانات العلاجية للفن، وقدرته على تعزيز الصحة النفسية، والسلام، والهدوء الداخلي للمتلقي.

لماذا يتشابه بعض البشر مع الخرفان (الشرق الأوسط)

إذا كان الفن وسيلة للفنان والمتلقي للتعامل مع المشاعر، سواء كانت إيجابية أو سلبية، فإن البارودي اختار أن يعبِّر عن المشاعر الموجعة.

يقول البارودي لـ«الشرق الأوسط»: «يجد المتلقي نفسه داخل اللوحات، كل وفق ثقافته وبيئته وخبراته السابقة، لكنها في النهاية تعكس أحوال الجميع، المعاناة نفسها؛ فالصراعات والأحزان باتت تسود العالم كله». الفن موجود إذن بحسب رؤية البارودي حتى يتمكّن البشر من التواصل مع بعضهم بعضاً. يوضح: «لا توجد تجربة أكثر عالمية من تجربة الألم. إنها تجعلهم يتجاوزون السن واللغة والثقافة والجنس لتعتصرهم المشاعر ذاتها».

الفنان السوري ماهر البارودي يحتفي بمفردة الخروف في لوحاته (الشرق الأوسط)

لكن ماذا عن السعادة، ألا تؤدي بالبشر إلى الإحساس نفسه؟، يجيب البارودي قائلاً: «لا شك أن السعادة إحساس عظيم، إلا أننا نكون في أقصى حالاتنا الإنسانية عندما نتعامل مع الألم والمعاناة». ويتابع: «أستطيع التأكيد على أن المعاناة هي المعادل الحقيقي الوحيد لحقيقة الإنسان، ومن هنا فإن هدف المعرض أن يفهم المتلقي نفسه، ويفهم الآخرين أيضاً عبر عرض لحظات مشتركة من المعاناة».

وصل الوجع بشخوص لوحاته إلى درجة لم يعد في استطاعتهم أمامه سوى الاستسلام والاستلقاء على الأرض في الشوارع، أو الاستناد إلى الجدران، أو السماح لعلامات ومضاعفات الحزن والأسى أن تتغلغل في كل خلايا أجسادهم، بينما جاءت الخلفية في معظم اللوحات مظلمةً؛ ليجذب الفنان عين المشاهد إلى الوجوه الشاحبة، والأجساد المهملة الضعيفة في المقدمة، بينما يساعد استخدامه الفحم في كثير من الأعمال، وسيطرة الأبيض والأسود عليها، على تعزيز الشعور بالمعاناة، والحداد على العُمر الذي ضاع هباءً.

أحياناً يسخر الإنسان من معاناته (الشرق الأوسط)

وربما يبذل زائر معرض البارودي جهداً كبيراً عند تأمل اللوحات؛ محاولاً أن يصل إلى أي لمسات أو دلالات للجمال، ولكنه لن يعثر إلا على القبح «الشكلي» والشخوص الدميمة «ظاهرياً»؛ وكأنه تعمّد أن يأتي بوجوه ذات ملامح ضخمة، صادمة، وأحياناً مشوهة؛ ليعمِّق من التأثير النفسي في المشاهد، ويبرز المخاوف والمشاعر المكبوتة، ولعلها مستقرة داخله هو نفسه قبل أن تكون داخل شخوص أعماله، ولمَ لا وهو الفنان المهاجر إلى فرنسا منذ نحو 40 عاماً، وصاحب تجربة الغربة والخوف على وطنه الأم، سوريا.

أجواء قاتمة في خلفية اللوحة تجذب العين إلى الألم البشري في المقدمة (الشرق الأوسط)

وهنا تأخذك أعمال البارودي إلى لوحات فرنسيس بيكون المزعجة، التي تفعل كثيراً داخل المشاهد؛ فنحن أمام لوحة مثل «ثلاث دراسات لشخصيات عند قاعدة صلب المسيح»، نكتشف أن الـ3 شخصيات المشوهة الوحشية بها إنما تدفعنا إلى لمس أوجاعنا وآلامنا الدفينة، وتفسير مخاوفنا وترقُّبنا تجاه ما هو آتٍ في طريقنا، وهو نفسه ما تفعله لوحات الفنان السوري داخلنا.

لوحة العائلة للفنان ماهر البارودي (الشرق الأوسط)

ولا يعبأ البارودي بهذا القبح في لوحاته، فيوضح: «لا أحتفي بالجمال في أعمالي، ولا أهدف إلى بيع فني. لا أهتم بتقديم امرأة جميلة، ولا مشهد من الطبيعة الخلابة، فقط ما يعنيني التعبير عن أفكاري ومشاعري، وإظهار المعاناة الحقيقية التي يمر بها البشر في العالم كله».

الخروف يكاد يكون مفردة أساسية في أعمال البارودي؛ فتأتي رؤوس الخرفان بخطوط إنسانية تُكسب المشهد التصويري دراما تراجيدية مكثفة، إنه يعتمدها رمزيةً يرى فيها تعبيراً خاصاً عن الضعف.

لبعض البشر وجه آخر هو الاستسلام والهزيمة (الشرق الأوسط)

يقول الفنان السوري: «الخروف هو الحيوان الذي يذهب بسهولة لمكان ذبحه، من دون مقاومة، من دون تخطيط للمواجهة أو التحدي أو حتى الهرب، ولكم يتماهى ذلك مع بعض البشر»، لكن الفنان لا يكتفي بتجسيد الخروف في هذه الحالة فقط، فيفاجئك به ثائراً أحياناً، فمن فرط الألم ومعاناة البشر قد يولد التغيير.