«الزواج السعيد ليس ضمانة للإخلاص»... لماذا يخون المُحب؟

الخيانة لا تزال غير مفهومة ولا تخضع لقواعد ثابتة (إكس)
الخيانة لا تزال غير مفهومة ولا تخضع لقواعد ثابتة (إكس)
TT

«الزواج السعيد ليس ضمانة للإخلاص»... لماذا يخون المُحب؟

الخيانة لا تزال غير مفهومة ولا تخضع لقواعد ثابتة (إكس)
الخيانة لا تزال غير مفهومة ولا تخضع لقواعد ثابتة (إكس)

الخيانة الزوجية ظاهرة اجتماعية قديمة بقدم الزواج نفسه، إلا أنها ورغم شيوعها لا تزال غير مفهومة ولا تخضع لقواعد ثابتة.

يقول موشيه راتسون، المعالج النفسي والمتخصص في إدارة الغضب، والذكاء العاطفي وقضايا الخيانة الزوجية، لموقع «سايكولوجي توداي»، إن البعض قد يعتقد أن الحصول على «زواج سعيد» من شأنه أن يحمي الزوجين من الخيانة، على اعتبار أن هذا الأمر يحدث فقط في العلاقات التي تواجه مشكلات.

وفي حين يلفت راتسون إلى أن هذا هو الحال عادةً، فقد وجد أن بعض عملائه الذين يعيشون في علاقات سعيدة حقاً يخونون شريكهم على أي حال.

ووفقاً له، فإنهم يبررون بالقول: «لقد كانت (الدعوة للخيانة) أمامي بسيطة وسهلة. لم أكن أبحث عنها. أو لم أستطع التحكم في رغبتي ولم أستطع مقاومتها. أو لا أعرف ما الذي كنت أفكر فيه وارتكبت خطأً كبيراً».

إذاً، ما الذي يحدث حقاً؟ كيف يمكن أن ينتهي الأمر بالشريك المُحب والمخلص إلى الخيانة؟

هناك الكثير من الأسباب المحتمَلة التي تجعل الأشخاص الذين يتمتعون بزواج سعيد يقعون في مستنقع الخيانة، ويعددها راتسون وفق التالي:

إغراءات لا يمكن السيطرة عليها

في عالم اليوم، هناك مزيد من الفرص للقاء شركاء محتملين بسبب العمل أو السفر أو المواقف الاجتماعية التي يمكن أن تزيد من الإغراءات. يمكننا جميعاً أن نتعامل مع هذه التفسيرات، خصوصاً عندما نفهم تأثير وضعنا الاجتماعي والتكنولوجي.

أكثر من أي وقت مضى، فإن التقدم التكنولوجي الذي أحرزناه يجعل الخيانة أكثر سهولة. ويمكن أن تحصل في أي وقت وفي أي مكان. فالإغراءات كبيرة ومتكررة، وتزداد الرغبة في الإشباع الفوري.

قلة الثقة بالنفس

ليس دائماً، ولكن غالباً ما تكون المشكلة الأساسية في الزواج هي تدني احترام الذات، ونقص التحكم العاطفي، والاندفاع، وعدم النضج. بالنسبة إلى بعض الأشخاص الذين يفتقرون إلى احترام الذات، بغضّ النظر عن مقدار الحب الذي يحصلون عليه، فإنه لا يكفي أبداً.

إنهم يأخذون ما لديهم على أنه أمر مسلَّم به. حتى لو كان الشريك يخبر شريكه كل يوم عن مدى احترامه، أو مدى حبه وانجذابه له، فبعد فترة من الوقت، يصبح هذا الثناء متوقعاً وأقل تأثيراً.

وفي هذا الصدد، فإن الخيانة تجعل الشخص يشعر بأنه مرغوب فيه. ولسوء الحظ، فإن هذا التعزيز قصير الأمد، مما يؤدي إلى مزيد من الشعور بالفراغ.

تعبير عن الفقدان أو الشوق

في هذه الحالة، العلاقة ليست مصممة للانسحاب أو الانفصال عن الشريك (بما أن الطرف الذي يخون ما زال يحب شريكه ويريد أن يكون معه)، بل هي تعبير عن الخسارة أو الشوق للإثارة، والحرية، والعاطفة، والخيال، إلخ... وهي أشياء حتى العلاقات السعيدة لا تستطيع توفيرها.

وتعبّر هذه الحالة عن الرغبة في تجربة الأجزاء المفقودة من الذات وإعادة الاتصال بها ودمجها في ذات أكبر وأكثر اكتمالاً.

قلة الارتباط العاطفي

حتى في العلاقة السعيدة بشكل عام، يمكن أن تكون هناك فترات يبتعد فيها الشركاء عاطفياً. عندما لا تتم تلبية الاحتياجات العاطفية للمودة والتفاهم والشعور بالتقدير في إطار العلاقة الملتزمة، فقد يسعى الأفراد إلى تلبية تلك الاحتياجات في مكان آخر.

وقد تكون الخيانة محاولة لملء هذا الفراغ.

الملل أو البحث عن جديد

مع مرور الوقت، حتى الزواج السعيد يمكن أن يقع في روتين وأنماط مألوفة. يتلاشى الشغف الشديد والحداثة في المراحل المبكرة. بالنسبة إلى بعض الأشخاص، يمكن أن يؤدي روتين العلاقة طويلة الأمد إلى الملل. أما العلاقة الجديدة فتملأها الإثارة، لذلك قد يقْدم البعض على الخيانة من أجل مغامرة رومانسية جديدة.

الإدمان

في كثير من الحالات، يمكن أن يسبب الإدمان الخيانة الزوجية أو يؤدي إلى تفاقمها. عندما يشرب شخص ما أو يتعاطى المخدرات، فإن حكمه يضعف وقد يؤدي ذلك إلى اتخاذ قرارات سيئة.

الصدمة أو اضطراب ما بعد الصدمة

يمكن لاضطراب ما بعد الصدمة أن يجعلك تفكر بطريقة غير عقلانية. يمكن أن تؤدي صدمات الماضي التي لم يتم حلها أو الخوف، إلى سلوكيات التخريب الذاتي.

يمكن أن تكون إقامة علاقة غرامية شكلاً من أشكال التخريب الذاتي أو وسيلة لخلق الدراما حتى تشعر بحالة «الطيران أو القتال fight or flight»، التي يعيد الكثير من الأشخاص الذين يعانون اضطراب ما بعد الصدمة تمثيلها.

قد تكون هذه القضية وسيلة لإبعاد الجميع وعزل نفسك. ويمكن أيضاً أن تكون إلهاءً عن الألم الشخصي أو وسيلة للحصول على شيء ما من الشريك الآخر... مثل التفاهم والرحمة والراحة.

رغبات متناقضة

والحقيقة هي أننا بوصفنا بشراً نسير في تناقضات مع احتياجات متعددة تسحبنا في اتجاهات مختلفة. تتطور أدمغتنا لتشمل الكثير من الأجزاء والطبقات التي ترغب في أشياء مختلفة.

إن التفاعل الفريد بين أجزائنا يؤدي إلى احتياجات متناقضة، وفقاً لذلك فإنه ليس من المستغرب أن نجد أنفسنا في صراع بين قلوبنا وعقولنا، بين مَن نحن وماذا نريد أن نكون، بين قيمنا وسلوكياتنا... بين الالتزام الزوجي والحرية الشخصية.

أهمية أن نفهم أنفسنا

هنا يقول راتسون إن «فهم نفسك والتشكيك في أفكارك ومشاعرك ورغباتك قبل الإقدام على الخيانة يمكن أن يساعدك على التغلب على مثل هذه المشكلات. وقد يمنع أيضاً حدوث هذه القضية في المقام الأول».

من أجل الوضوح الشخصي، يدعو راتسون الشخص إلى أن يسأل نفسه أسئلة، مثل:

هل تحاول تجنب أو قمع رغباتك أو أفكارك أو احتياجاتك؟

هل أنت خائف من مشاركة آلامك أو رغباتك مع شريك حياتك؟

هل تشعر أنك تفقد نفسك؟

هل انجذبت إلى الفكرة العامة للخيانة؟

إذا كنت تفكر في الخيانة، لماذا تفكر في إقامة علاقة غرامية؟ ما دوافعك للرغبة في علاقة غرامية؟ ماذا يعني ذلك بالنسبة إليك؟

ويوضح أنه «مهما كانت الجذور، فإن محاولة التفكير والعثور على الإجابات، في أقرب وقت ممكن قبل أن تتسبب في مزيد من الضرر، هي الأفضل لك ولأي شخص آخر في حياتك»، ويضيف: «قد تفكر في كتابة اليوميات أو العلاج».



«سوق ديانا» في القاهرة تبيع أنتيكات برائحة «الزمن الجميل»

التحف والمقتنيات القديمة أبرز معروضات السوق (الشرق الأوسط)
التحف والمقتنيات القديمة أبرز معروضات السوق (الشرق الأوسط)
TT

«سوق ديانا» في القاهرة تبيع أنتيكات برائحة «الزمن الجميل»

التحف والمقتنيات القديمة أبرز معروضات السوق (الشرق الأوسط)
التحف والمقتنيات القديمة أبرز معروضات السوق (الشرق الأوسط)

التحقت سارة إبراهيم، 35 عاماً، بزحام سوق «ديانا» بوسط القاهرة، في إرضاء لشغفها بـ«اقتناء» السّلع والتّحف والعملات القديمة التي تتخصص هذه السوق في القاهرة بعرضها، وتُعرف كذلك بـ«سوق السبت» نسبةً لليوم الأسبوعي الوحيد الذي يستقبل جمهوره فيه.

يُطلق على هذه السوق اسم «ديانا» نسبةً إلى سينما «ديانا بالاس» العريقة التي تقع في محيط الشوارع المؤدية إليها.

تقول سارة إنها تعرّفت على السوق منذ نحو عامين، رغم أنها كانت تسمع عنها منذ سنوات: «بدأ الأمر صدفة، خلال جولة لي مع صديقة، فانبهرنا بكمية المعروضات التي لم نجدها سوى في هذه السوق، وصرت أولاً أقصدها للتنزّه بها من وقت لآخر. وقد اشتريت منها اليوم صوراً قديمة من أرشيف فيلم (معبودة الجماهير)، وصدف بحر عملاقاً لم أرَ مثله من قبل، وكذلك علبة معدنية قديمة مرسوم عليها (روميو وجولييت) كالتي كانت تستخدمها الجدات قديماً لحفظ أغراض الخياطة، وجميعها بأسعار معقولة، وتحمل معها زمناً قديماً لم نعشه»، كما تقول في حديثها مع «الشرق الأوسط».

الأسطوانات القديمة إحدى السلع التي يبحث عنها زوار السوق (الشرق الأوسط)

رغم حرارة الطقس، كان زوار السوق ومرتادوها يتدفقون ويتحلقون حول المعروضات التي يفترشها الباعة على الأرض بكميات كبيرة، ويبدو تأمل تلك المعروضات في حد ذاته ضرباً من المتعة، يمكن أن ينطبق عليه المثل الشعبي المصري المعروف: «سمك لبن تمر هندي» بما يدّل على التنوّع المدهش في نوعية السلع، بداية من الساعات القديمة، إلى أطباق الطعام التي تحمل طابعاً تاريخياً، فيحمل بعضها توقيع «صنع في ألمانيا الغربية»، الذي يعود إلى ما قبل إعادة توحيد ألمانيا، ويمكن مشاهدة زجاجة مياه غازية فارغة تعود للفترة الملكية في مصر، يشير إليها أحمد محمود، بائع المقتنيات القديمة بالسوق.

عملات وتذكارات معدنية (الشرق الأوسط)

يقول محمود: «يمكن على تلك الزجاجة رؤية شعار علم مصر القديم (الهلال والنجمات الـ3 ولونها الأخضر)، وتحمل اسم (كايروأب) التي كانت إحدى شركات المياه الغازية في مصر في عهد الملك فؤاد، وما زال هناك زبائن إلى اليوم يهتمون كثيراً باقتناء مثل تلك التذكارات التي تحمل معها جزءاً من تاريخ الصناعة في هذا الوقت، علاوة على شكلها وتصميمها الجمالي الذي يعكس تطوّر التصميم»، كما يشير في حديثه مع «الشرق الأوسط»، ويضيف: «جمهور هذه السوق هو الباحث عن اقتناء الذكريات، عبر تذكارات تحمل معها جزءاً من تاريخهم الشخصي أو الذي لم يعيشوه، فمثلاً يُقبل الجمهور هنا على شراء ملصقات سينما قديمة، أو حتى صابونة مُغلّفة تعود للخمسينات تُذكرهم بمصانع الفترة الناصرية، ويشترون كروت الشحن القديمة التي كانت تُستخدم في كابينات التليفون بالشوارع قبل انتشار الهاتف المحمول، وهي ذكريات يعرفها جيل الثمانينات والتسعينات بشكل خاص ويستعيدونها مع معروضات السوق».

معروضات نوستالجية تجذب الجمهور (الشرق الأوسط)

تظهر صور الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر في وسط المعروضات، كما تظهر بورتريهات لعبد الحليم حافظ، وملصقات لنجوم كرة القدم في السبعينات، تُجاور شرائط كاسيت قديمة يشير البائع لإحدى الزبونات إلى أن سعر أي شريط كاسيت لمحمد عبد الوهاب 25 جنيهاً، فيما تُعرض أسطوانات التسجيلات القديمة بكميات كبيرة يبدأ سعرها من 50 جنيهاً، وكذلك الكاميرات التي تتراوح في تاريخها، وتبدأ من 200 جنيه وحتى 2000 جنيه (الدولار يعادل 48.6 جنيه)، ويعرض أحمد مهاب كثيراً من أجهزة التليفون القديمة التي تلفت أنظار الزوار.

يشير مهاب لأحد تلك الأجهزة التقليدية ذات القرص الدوّار ويقول عنه: «سعر هذا التليفون ألف جنيه مصري؛ وذلك لأنه يعود لفترة الخمسينات ولأن لونه الأحمر نادر، في حين أبيع الجهاز نفسه باللون الأسود بـ500 جنيه لأنه أكثر انتشاراً، فيما تقلّ أسعار تلك الهواتف الأرضية كلما كانت أحدث، فالتليفون ذو القرص الدوار الذي يعود لفترة التسعينات يُعرض للبيع بـ300 جنيه، وعلى الرغم من سطوة أجهزة الجوّالات المحمولة فلا يزال هناك جمهور يبحث عن تلك الأجهزة، إما لرخص سعرها نسبياً عن أجهزة التليفون الأرضي الحديثة، أو رغبة في اقتنائها بوصفها قطع أنتيكات للديكور»، حسبما يقول لـ«الشرق الأوسط».

هواتف قديمة ونادرة تلفت أنظار الزوار (الشرق الأوسط)

أما باعة العملات والأوراق النقدية القديمة، فيبدو جمهورهم في ازدياد على مدار ساعات السوق؛ حيث يحتفظون بالعملات المعدنية التي تتراوح بين الفضية والنحاسية في أكوام ضخمة، سواء عملات مصرية أو عربية يختلف سعرها حسب تاريخها الزمني، ينادي البائع لطفي عبد الله على الزبائن: «الواحدة بـ10 جنيه» في إشارة منه لعملة «النصف جنيه» المصري وعملة «الربع جنيه» التي أصبحت جزءاً من التاريخ بعد انهيار قيمتها الشرائية، فيما يشير إلى عملات أخرى أجنبية يحتفظ بها داخل «كاتالوغ» مُغلّف، تظهر على عملة كبيرة الحجم صورة ملكة بريطانيا الراحلة إليزابيث تعود لفترة السبعينات، وعملة أخرى منقوش عليها شعار بطولة الألعاب الأولمبية في مونتريال 1976 التي يعرضها للبيع بـ2600 جنيه مصري، ويقول عنها: «تلك عملة من الفضة الخالصة وثقيلة الوزن، ولها قيمتها التاريخية التي يبحث عنها كثيرون من المقتنين، فجمهور العملات النادرة هم أقدم جمهور لهذه السوق، التي كانت في بداياتها تعتمد على بيع العملات وشرائها، ثم بدأ في التوسع التدريجي ليشمل مختلف المعروضات النادرة والمقتنيات القديمة»، كما يقول لـ«الشرق الأوسط».

شرائط كاسيت قديمة لكوكبة من نجوم الغناء (الشرق الأوسط)

ويبدو أن جمهور سوق «ديانا» لا يقتصر فقط على المصريين، فهو بات جزءاً من الجولات السياحية للكثير من السائحين من جنسيات مختلفة، منهم لي شواي، سائحة صينية، تتحدث مع «الشرق الأوسط» وتقول: «أزور مصر في رحلة عمل، وهذه أول مرة لي في هذه السوق، وما لفتي كثيراً أن هناك معروضات وتحفاً عليها نقوش ورسوم صينية شعبية، لم أكن أعرف أنهم في مصر مهتمون بالفنون والخطوط الصينية القديمة التي تظهر على اللوحات وأطباق التزيين هنا».

السوق تشهد حراكاً واهتماماً من الزوار (الشرق الأوسط)

ويُبدي عبد الله سعداوي، بائع في سوق ديانا، انتباهه لما يصفه بـ«الجمهور الجديد للسوق»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «زاد الجمهور بشكل كبير خلال الفترة الأخيرة، وجزء كبير من هذا الأمر يعود لانخفاض الأسعار من جهة والميل لشراء السلع المستعملة كبديل للسلع الجديدة مرتفعة الثمن، بما فيها السلع الاستعمالية كالحقائب والنظارات وأطقم المائدة، وكذلك بسبب كثافة الفيديوهات التي صار يصوّرها المؤثرون عبر منصات التواصل الاجتماعي عن السوق وتجربة الشراء فيها، وهو ما جعل جمهوراً أكبر من الشباب يأتي بفضول لاستكشافها».