«البيانو في تناغم مع اللوحات»... الموسيقى تُعانق الفنّ التشكيلي

بسام شليطا لـ«الشرق الأوسط»: الارتجال سيّد الموقف في حفل سيقلب القاعدة

الارتجال سيّد حفل «البيانو في تناغم مع اللوحات» (صور الموسيقي)
الارتجال سيّد حفل «البيانو في تناغم مع اللوحات» (صور الموسيقي)
TT

«البيانو في تناغم مع اللوحات»... الموسيقى تُعانق الفنّ التشكيلي

الارتجال سيّد حفل «البيانو في تناغم مع اللوحات» (صور الموسيقي)
الارتجال سيّد حفل «البيانو في تناغم مع اللوحات» (صور الموسيقي)

فكرة فريدة يطرحها الموسيقي اللبناني بسام شليطا في حفله «البيانو في تناغم مع اللوحات»، على مسرح «أسامبلي هول» بـ«الجامعة الأميركية في بيروت» يوم 16 مايو (أيار) الحالي، ويرتكز على عزف مقاطع موسيقية على البيانو، بينما تتألّف خلفية المشهد من نحو 10 لوحات تشكيلية للرسام فيليب فرحات.

كل لوحة تمرُّ على الخشبة بمثابة واحدة من أبطال الحفل؛ ينظر إليها شليطا ليترجمها بعزف ارتجالي يخبرنا من خلاله قصتها.

اللافت هو أنّ الموسيقي أسوةً بالحضور، لم يسبق أن شاهد اللوحات. وهو ما يولّد عنده نوعاً من التحدّي الممتع كما يقول لـ«الشرق الأوسط». ويتابع: «أجهل أي لوحات سيختار فيليب، وعمّا تتحدّث. لكنها بغالبيتها تنتمي إلى فئة الرسم السوريالي. وهو ما يسمح لناظرها بتحليل موضوعاتها على هواه. في كل مرّة نشاهد إحداها، نكتشف ما يخاطب الفكر والخيال».

يعزف شليطا أنماطاً موسيقية مختلفة (صور الموسيقي)

يقلب شليطا القاعدة المُتَّبعة في عرض لوحات الرسم. عادة ما نشاهدها في معرض تواكبه أجواء موسيقية كلاسيكية؛ وهذه المرّة، يبنى العرض على لوحات تنبثق منها مقطوعات موسيقية: «إنها المرّة الأولى التي نشهد فيها حفلاً موسيقياً من هذا النوع في لبنان. الموسيقى التي سيسمعها الحضور هي ابنة اللحظة. كل العناصر التي تتألّف منها اللوحات ستتحكّم بمشاعري. كما سيولّد المكان وتفاعل الجمهور والخشبة نفسها، عندي، نوعاً من الرهبة. الأهم أنها لحظات حقيقية، لا تحضير سابقاً لها. فالحفل ليس من النوع التجاري وأبوابه مفتوحة للجميع. ترجمتي لأحاسيسي تجاه كل لوحة تتأثر بالناس، والإضاءة، واللوحات نفسها، وغيرها من عناصر فنّية تحيط بي».

كيف يمكن لموسيقي أن تتوالد أفكاره وتنساب موسيقاه ارتجالياً؟ يردّ شليطا: «لديّ خلفية موسيقية غنية جداً تتيح لي هذه الميزة. أستمع إلى أنماط كثيرة وأغوص فيها، ويمكنني دمج أنواع موسيقية مختلفة في مقطوعة واحدة. لذلك سألحق بأحاسيسي كل لوحة أراها على المسرح؛ لتنساب منها الموسيقى، من كلاسيك وجاز وفلامنغو وشرقي وغيرها. وقد تحملني لوحة إلى أجواء رومانسية وأخرى إلى هواء الصحراء، وثالثة قد تشعل فيّ نار الحنين، أو تدفعني إلى التحليق في طبيعة خلّابة. جميعها صورٌ تلهمني الارتجال ووضع كل طاقاتي في العزف بخدمتها».

لماذا اختار الرسام فيليب فرحات ليحاكي لوحاته موسيقياً؟ يجيب: «لفتني أسلوبه بالرسم، وتماهيتُ مع لوحاته بسرعة. بدايةً، وجدت صعوبة لأستوعب موضوعاتها. ولكنها لاحقاً وفّرت لي خيالاً واسعاً. يمكنني في المستقبل التعاون مع أي فنان تشكيلي آخر. أنوي التجوّل بالحفل حول العالم، وربما أختار رساماً أوروبياً أو عربياً لموضوع أمسية فنية مماثلة».

يُقام الحفل يوم 16 مايو على مسرح «أسامبلي هول» بـ«الجامعة الأميركية في بيروت»

عنصر المفاجأة حاضر في هذا الحفل الفريد من نوعه؛ فلا الحضور ولا عازف البيانو بسام شليطا يدركان ما ينتظرهما من موسيقى خلاله. فما هي صعوبة الارتجال الموسيقي؟ «تكمن في نسبة الإلمام الكبيرة التي يجب أن يتمتّع بها الموسيقي. هذه الخلفية الغنية والحاضرة بلا وعيه تُخوّله الارتجال. كما أنّ الثقافة التقنية مطلوبة في موقف مماثل. فالارتجال يتطلّب وجود موسيقيّ مُتخم بأنواع مختلفة. أحياناً لا تتوفّر هذه الميزة عند موسيقي مخضرم. فبوصلة الموسيقي قد تضيع في لحظة ما، وتسرق منه الوحي والإلهام. ولكن عندما ينجح في تطبيق الارتجال الموسيقي يشعر بالرضا والاعتزاز بالنفس».

يصف البيانو بالآلة المتعدّدة النغم: «إنها توفّر لعازفها استخدام أنامله العشرة، فيوزّعها بشكل منظم لتنساب من البيانو ميلودي آلات أخرى. وحين يجمع بين مفتاح وآخر، قد تحضر موسيقى الترومبيت والتشيللو، والكمان، والفيولا، وغيرها. إنها ميزة تدفع بكثيرين لتعلُّم العزف عليها. وهي قاعدة أساسية تسهم في استقطاب هواة الموسيقى للعزف على البيانو».

في 15 يونيو المقبل يُقدّم حفلاً موسيقياً وغنائياً في «كازينو لبنان» (صور الموسيقي)

في 15 يونيو (حزيران) المقبل، يُحيي بسام شليطا حفلاً آخر على مسرح «كازينو لبنان». عنه يقول: «سيختلف بأبعاده وتقنيته وقالبه عما أقدّمه في (الجامعة الأميركية). فالمسرح سيكون خلية نحل متناغمة تتماهى فيها الموسيقى والأغنية. من خلاله، أُخبر قصة يؤدّي بطولتها فنانون من لبنان وخارجه، بينهم مايك ماسي، ومنال ملاط، ومازن كيوان؛ بالإضافة إلى عالميين، بينهم بولينا (روسيا) وريلو بلقان (البلقان)...».

الحفل بعنوان «خيال عازف بيانو»، ويطلّ على أنواع فنون عدّة. ترافق شليطا فرقة أوركسترالية وأخرى كورال، وتواكبه في عزفه على البيانو، إضافة إلى الغناء، لوحات راقصة تعبيرية معاصرة وأخرى من تانغو وفلامينغو وغيرهما؛ ويعود الريع للأعمال الخيرية.

يختم بسام شليطا: «سيكون حفلاً مميزاً بوفرة عناصره الفنية، فنستمع إلى موسيقى شوبان، ووردة، وزكي ناصيف، وشارل أزنافور، وإديت بياف، وغيرهم. وخلاله نركن أيضاً إلى الذكاء الاصطناعي في قالب بصري جديد».


مقالات ذات صلة

صيف الفنّانين... حفلات وإصدارات ومفاجآت نجوى «بالأبيض»

يوميات الشرق صيف الفنّانين... حفلات وإصدارات ومفاجآت نجوى «بالأبيض»

صيف الفنّانين... حفلات وإصدارات ومفاجآت نجوى «بالأبيض»

أحداث شخصية وفنية افتتح بها المطربون العرب صيفهم، على رأسهم نجوى كرم التي أعلنت خبر زواجها أمام الجمهور خلال حفل أحيته في رومانيا.

كريستين حبيب (بيروت)
يوميات الشرق أمسيتان حلّقتا بالغناء والموسيقى وأبهجتا الحضور (الشرق الأوسط)

ملحم زين ورودج في «الجامعة الأميركية ببيروت»: تحليق الغناء والموسيقى

علت الأيدي واشتدَّ التصفيق، لتشهد حلقة «الدبكة» على التشابُك وتسارُع الخفقان مع خبطة القدم.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق تُكرّم في «عيون السود» صباح وعبد الحليم حافظ (صور تينا يمّوت)

تينا يمّوت: «النوستالجيا» تعيدنا إلى الأعمال القديمة

لتأثُّر الفنانة اللبنانية تينا يمّوت بأغنيات العمالقة، أصدرت أغنية بعنوان «عيون السود»، مشتقّة من أغنيتَي «جيب المجوز» لصباح، و«جانا الهوا» لعبد الحليم حافظ.

فيفيان حداد (بيروت)
آسيا كوريا الشمالية تبذل جهوداً مكثفة للسيطرة على تدفق المعلومات الخارجية وخاصة تلك التي تستهدف الشباب (رويترز)

تقرير: كوريا الشمالية أعدمت شاباً لاستماعه إلى موسيقى «أجنبية»

أُعدم شاب كوري شمالي يبلغ من العمر 22 عاماً علناً بسبب مشاهدته ومشاركته لأفلام وموسيقى كورية جنوبية، حسبما ذكر تقرير جديد.

«الشرق الأوسط» (بيونغ يانغ)
يوميات الشرق نجم البوب الراحل مايكل جاكسون يظهر على المسرح خلال حفل غنائي (رويترز)

عند وفاته... مايكل جاكسون كان مديناً بـ500 مليون دولار

كشفت وثائق المحكمة الجديدة أن نجم البوب الأميركي مايكل جاكسون كان مديناً بأكثر من 500 مليون دولار عندما توفي عام 2009.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

سر السعادة وطول العمر الياباني... 3 ممارسات يومية

هناك مثل ياباني يقول: «ما سيجعلك تعيش مائة عام هو أن تكون نشطاً» (د.ب.أ)
هناك مثل ياباني يقول: «ما سيجعلك تعيش مائة عام هو أن تكون نشطاً» (د.ب.أ)
TT

سر السعادة وطول العمر الياباني... 3 ممارسات يومية

هناك مثل ياباني يقول: «ما سيجعلك تعيش مائة عام هو أن تكون نشطاً» (د.ب.أ)
هناك مثل ياباني يقول: «ما سيجعلك تعيش مائة عام هو أن تكون نشطاً» (د.ب.أ)

هل سمعت من قبل عن المناطق الزرقاء في اليابان؟ إنها مناطق يعيش سكانها أطول من الآخرين.

وفقاً لدان بويتنر، مؤلف وباحث في طول العمر، فإن أي سيدة في جزيرة أوكيناوا تعيش أكثر من أي سيدة أخرى في العالم، وتابع: «سكان أوكيناوا لديهم معدلات أقل للإصابة بالسرطان وأمراض القلب والشيخوخة، مقارنة بالأميركيين».

وجذب تحدِّي الشيخوخة في الجزيرة اهتمام هيكتور جارسيا، وفرنسيسك ميراليس، فأجريا مقابلات مع أكثر من 100 شخص من العجائز والمعمرين في أوكيناوا، ووضعا خلاصة ما توصلا إليه في كتاب «إيكيغاي: السر الياباني لحياة طويلة وسعيدة».

وهذه بعض الممارسات التي تساهم في حياة طويلة وسعيدة لبعض المعمرين اليابانيين، وفقاً لموقع «سي إن بي سي».

1- القيام بتمارين بسيطة 5 دقائق يومياً على الأقل

كل من قابلهم جارسيا وميراليس من كبار السن يؤدون تمارين «راديو تايسو» التي ظهرت قبل قرن، وهي تمارين خفيفة عن طريق تحريك الذراعين والرقبة والقدمين.

وكتب مؤلفا الكتاب: «حتى المسنين في دور العجزة يخصصون 5 دقائق يومياً لأداء هذه التمارين، حتى أن بعضهم يقوم بها وهو جالس على كرسي متحرك».

ما يساعد على انتشار هذه التمارين قليلة الحركة هي أنه يمكن الانتهاء منها خلال 5 دقائق، وكذلك أنها في العادة تؤدَّى في مجموعات. ووفقاً للكتاب فإن تمارين «راديو تايسو» تشجع على روح الاتحاد بين المؤدين.

2- ضع هدفاً لك وابق مشغولاً

هناك مثل ياباني يقول: «ما سيجعلك تعيش مائة عام هو أن تكون نشطاً»، وحقق سكان أوكيناوا ذلك عندما وجدوا «إيكيغاي» أي الهدف الذي يشجعهم على التركيز عميقاً في معنى الحياة.

«إيكيغاي» يمكن ترجمتها بتصرف في عبارة: «السعادة هي أن تكون مشغولاً دائماً»، على سبيل المثال هاياو ميازاكي (83 عاماً) مخرج أفلام «إنيمي» في ستوديو «غيبلي» باليابان، بعدما تقاعد بيوم واحد عاد للعمل، وبدأ في رسم اسكتشات لفيلم «إنيمي» جديد أطلق في عام 2023.

3- تحقيق التدفق

يرى جارسيا وميراليس في كتابهما أنه «لا توجد وصفة سحرية للعثور على السعادة؛ لكن هناك مكوناً واحداً لتجربة أو حياة مثالية، وهو الوصول لحالة التدفق».

وصكَّ عالم النفس ميهالي كسيسنتميهالي مفهوم التدفق لوصف حالة الانخراط الكامل في نشاط ما.

ويرى جارسيا وميراليس أن دخول حالة التدفق يسمح لك بأن تكون حاضراً، وتنمي تركيزك، وتنحي جانباً مخاوفك وقلقك، ويؤكدان: «السعداء ليسوا هم من يحققون الكثير؛ لكن من ينفقون كثيراً من وقتهم في حالة التدفق».