القنصل الفرنسي بجدة يزور الفنان محمد عبده للاطمئنان على صحته

وصفه بـ«الأيقونة» وكنز الموسيقى العربية

القنصل الفرنسي بجدة يزور الفنان محمد عبده في منزله للاطمئنان على وضعه الصحي (الحساب الشخصي في منصة X للقنصل محمد نهاض)
القنصل الفرنسي بجدة يزور الفنان محمد عبده في منزله للاطمئنان على وضعه الصحي (الحساب الشخصي في منصة X للقنصل محمد نهاض)
TT

القنصل الفرنسي بجدة يزور الفنان محمد عبده للاطمئنان على صحته

القنصل الفرنسي بجدة يزور الفنان محمد عبده في منزله للاطمئنان على وضعه الصحي (الحساب الشخصي في منصة X للقنصل محمد نهاض)
القنصل الفرنسي بجدة يزور الفنان محمد عبده في منزله للاطمئنان على وضعه الصحي (الحساب الشخصي في منصة X للقنصل محمد نهاض)

في خطوة تعبّر عن الصداقة والتضامن الثقافي بين السعودية وفرنسا، قام القنصل الفرنسي بجدة محمد نهاض بزيارة خاصة للفنان السعودي محمد عبده، بهدف الاطمئنان على صحته وتقديم التمنيات له بالشفاء العاجل.

وتعد هذه الزيارة استثنائية وتعكس العلاقات القوية بين البلدين، خاصة أن الفنان محمد عبده يحظى بشعبية كبيرة في السعودية وفي فرنسا أيضاً.

وقد كشف محمد عبده خلال محادثة صوتية دارت بينه وبين الشاعر الأمير الراحل بدر بن عبد المحسن، تناقلتها منصات التواصل الاجتماعي، إصابته بمرض السرطان وتلقيه العلاج الكيميائي في باريس، ما أثار قلق جمهوره ومحبيه.

وعبّر القنصل الفرنسي عن أمنياته الصادقة بالشفاء العاجل لمحمد عبده وكتب عبر حسابه الشخصي في منصة «X»: «زرت اليوم أيقونة الموسيقى العربية محمد عبده. دردشة لم أشبع منها مع شخصية عظيمة. محمد عبده فنان العرب وكنز الموسيقى العالمية. أراه دائماً في صحة ونعمة».

وقد أثارت زيارة القنصل الفرنسي في جدة محمد نهاض للفنان محمد عبده اهتماماً واسعاً في وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، وتم تبادل الصور التي جمعتهما بشكل واسع، وعبّر العديد من المتابعين للحالة الصحية لفنان العرب عن سعادتهم وامتنانهم لهذه البادرة التي تعكس الروح الإنسانية والتضامن بين الثقافات المختلفة.

وتؤكد زيارة القنصل الفرنسي على أهمية الفن والثقافة في تعزيز التواصل والتفاهم العابر للحدود، والعلاقات الدبلوماسية والثقافية بين الدول.

وعن آخر تطورات الحالة الصحية للفنان محمد عبده، قال الشاعر صالح الشادي، في تصريحات تلفزيونية، إن «المرض بدأ مع فنان العرب قبل شهر رمضان الماضي، وإنه كان على تواصل معه ورآه بشوشاً وكأنه يعيش في قمة السعادة، ولم يكن يظهر أي شيء».

وأضاف الشادي أن محمد عبده بدأ رحلته العلاجية في فرنسا، ثم رفض استكمالها لرغبته في العلاج داخل المملكة العربية السعودية، وعاد بالفعل إلى جدة واستكمل علاجه في أحد المستشفيات مع وجود فريق من الأطباء يتابع حالته في فرنسا ودبي وجدة.

وتابع الشادي: «تم وضع خطة علاجية لفنان العرب للتعافي من المرض»، موضحاً أن إنزيم السرطان انخفض بعد الجلسات العلاجية، وأضاف: «أعتقد أن فنان العرب لم تكن لديه رغبة في إعلان إصابته بالمرض لولا التسريبات التي حصلت خلال المراسلات بينه وبين الأمير بدر بن عبد المحسن (رحمه الله)».



«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
TT

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)
شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

في النسيج الواسع لتاريخ الفن التشكيلي، تبرز بعض الأعمال الفنية وتكتسب شهرة عالمية، ليس بسبب مفرداتها وصياغاتها الجمالية، ولكن لقدرتها العميقة على استحضار المشاعر الإنسانية، وفي هذا السياق تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود»، وهي كذلك شهادة على «قوة الفن في استكشاف أعماق النفس، وصراعاتها الداخلية».

هذه المعالجة التشكيلية لهموم البشر وضغوط الحياة استشعرها الجمهور المصري في أول معرض خاص لماهر البارودي في مصر؛ حيث تعمّقت 32 لوحة له في الجوانب الأكثر قتامة من النفس البشرية، وعبّرت عن مشاعر الحزن والوحدة والوجع، لكنها في الوقت ذاته أتاحت الفرصة لقيمة التأمل واستكشاف الذات، وذلك عبر مواجهة هذه العواطف المعقدة من خلال الفن.

ومن خلال لوحات معرض «المرايا» بغاليري «مصر» بالزمالك، يمكن للمشاهدين اكتساب فهم أفضل لحالتهم النفسية الخاصة، وتحقيق شعور أكبر بالوعي الذاتي والنمو الشخصي، وهكذا يمكن القول إن أعمال البارودي إنما تعمل بمثابة تذكير قوي بالإمكانات العلاجية للفن، وقدرته على تعزيز الصحة النفسية، والسلام، والهدوء الداخلي للمتلقي.

لماذا يتشابه بعض البشر مع الخرفان (الشرق الأوسط)

إذا كان الفن وسيلة للفنان والمتلقي للتعامل مع المشاعر، سواء كانت إيجابية أو سلبية، فإن البارودي اختار أن يعبِّر عن المشاعر الموجعة.

يقول البارودي لـ«الشرق الأوسط»: «يجد المتلقي نفسه داخل اللوحات، كل وفق ثقافته وبيئته وخبراته السابقة، لكنها في النهاية تعكس أحوال الجميع، المعاناة نفسها؛ فالصراعات والأحزان باتت تسود العالم كله». الفن موجود إذن بحسب رؤية البارودي حتى يتمكّن البشر من التواصل مع بعضهم بعضاً. يوضح: «لا توجد تجربة أكثر عالمية من تجربة الألم. إنها تجعلهم يتجاوزون السن واللغة والثقافة والجنس لتعتصرهم المشاعر ذاتها».

الفنان السوري ماهر البارودي يحتفي بمفردة الخروف في لوحاته (الشرق الأوسط)

لكن ماذا عن السعادة، ألا تؤدي بالبشر إلى الإحساس نفسه؟، يجيب البارودي قائلاً: «لا شك أن السعادة إحساس عظيم، إلا أننا نكون في أقصى حالاتنا الإنسانية عندما نتعامل مع الألم والمعاناة». ويتابع: «أستطيع التأكيد على أن المعاناة هي المعادل الحقيقي الوحيد لحقيقة الإنسان، ومن هنا فإن هدف المعرض أن يفهم المتلقي نفسه، ويفهم الآخرين أيضاً عبر عرض لحظات مشتركة من المعاناة».

وصل الوجع بشخوص لوحاته إلى درجة لم يعد في استطاعتهم أمامه سوى الاستسلام والاستلقاء على الأرض في الشوارع، أو الاستناد إلى الجدران، أو السماح لعلامات ومضاعفات الحزن والأسى أن تتغلغل في كل خلايا أجسادهم، بينما جاءت الخلفية في معظم اللوحات مظلمةً؛ ليجذب الفنان عين المشاهد إلى الوجوه الشاحبة، والأجساد المهملة الضعيفة في المقدمة، بينما يساعد استخدامه الفحم في كثير من الأعمال، وسيطرة الأبيض والأسود عليها، على تعزيز الشعور بالمعاناة، والحداد على العُمر الذي ضاع هباءً.

أحياناً يسخر الإنسان من معاناته (الشرق الأوسط)

وربما يبذل زائر معرض البارودي جهداً كبيراً عند تأمل اللوحات؛ محاولاً أن يصل إلى أي لمسات أو دلالات للجمال، ولكنه لن يعثر إلا على القبح «الشكلي» والشخوص الدميمة «ظاهرياً»؛ وكأنه تعمّد أن يأتي بوجوه ذات ملامح ضخمة، صادمة، وأحياناً مشوهة؛ ليعمِّق من التأثير النفسي في المشاهد، ويبرز المخاوف والمشاعر المكبوتة، ولعلها مستقرة داخله هو نفسه قبل أن تكون داخل شخوص أعماله، ولمَ لا وهو الفنان المهاجر إلى فرنسا منذ نحو 40 عاماً، وصاحب تجربة الغربة والخوف على وطنه الأم، سوريا.

أجواء قاتمة في خلفية اللوحة تجذب العين إلى الألم البشري في المقدمة (الشرق الأوسط)

وهنا تأخذك أعمال البارودي إلى لوحات فرنسيس بيكون المزعجة، التي تفعل كثيراً داخل المشاهد؛ فنحن أمام لوحة مثل «ثلاث دراسات لشخصيات عند قاعدة صلب المسيح»، نكتشف أن الـ3 شخصيات المشوهة الوحشية بها إنما تدفعنا إلى لمس أوجاعنا وآلامنا الدفينة، وتفسير مخاوفنا وترقُّبنا تجاه ما هو آتٍ في طريقنا، وهو نفسه ما تفعله لوحات الفنان السوري داخلنا.

لوحة العائلة للفنان ماهر البارودي (الشرق الأوسط)

ولا يعبأ البارودي بهذا القبح في لوحاته، فيوضح: «لا أحتفي بالجمال في أعمالي، ولا أهدف إلى بيع فني. لا أهتم بتقديم امرأة جميلة، ولا مشهد من الطبيعة الخلابة، فقط ما يعنيني التعبير عن أفكاري ومشاعري، وإظهار المعاناة الحقيقية التي يمر بها البشر في العالم كله».

الخروف يكاد يكون مفردة أساسية في أعمال البارودي؛ فتأتي رؤوس الخرفان بخطوط إنسانية تُكسب المشهد التصويري دراما تراجيدية مكثفة، إنه يعتمدها رمزيةً يرى فيها تعبيراً خاصاً عن الضعف.

لبعض البشر وجه آخر هو الاستسلام والهزيمة (الشرق الأوسط)

يقول الفنان السوري: «الخروف هو الحيوان الذي يذهب بسهولة لمكان ذبحه، من دون مقاومة، من دون تخطيط للمواجهة أو التحدي أو حتى الهرب، ولكم يتماهى ذلك مع بعض البشر»، لكن الفنان لا يكتفي بتجسيد الخروف في هذه الحالة فقط، فيفاجئك به ثائراً أحياناً، فمن فرط الألم ومعاناة البشر قد يولد التغيير.