ما علاقة زيادة هرمون التوتّر بمعدّل ذكاء المواليد؟

يؤثّر في الوظيفة الإدراكية لدى الأطفال بوقت لاحق من حياتهم

خلال فترة الحمل تزداد مستويات «الكورتيزول» (بيكسلز)
خلال فترة الحمل تزداد مستويات «الكورتيزول» (بيكسلز)
TT

ما علاقة زيادة هرمون التوتّر بمعدّل ذكاء المواليد؟

خلال فترة الحمل تزداد مستويات «الكورتيزول» (بيكسلز)
خلال فترة الحمل تزداد مستويات «الكورتيزول» (بيكسلز)

هل يمكن أن تؤثّر زيادة هرمونات التوتّر على الذكاء لدى المواليد؟ هذا ما أثبتته دراسة دنماركية أكدت أنّ المستويات المرتفعة من هرمون الإجهاد «الكورتيزول» خلال الأشهر الـ3 الأخيرة من الحمل تؤدّي إلى تقليل نتائج معدّل الذكاء لدى الأولاد عند سنّ 7 سنوات.

ومن المثير للدهشة، وفق باحثي الدراسة من مستشفى «جامعة أودنسي» في الدنمارك، التي قُدمت، السبت، أمام المؤتمر الأوروبي الـ26 للغدد الصمّاء، الذي يُعقد في استوكهولم بالسويد من 11 إلى 14 مايو (أيار) الحالي، أنّ مستويات «الكورتيزول» في الدم لم تظهر أي ارتباط بدرجات معدّل الذكاء لدى الفتيات، في حين أظهر ارتفاع مستوياته في البول لديهن تحسين درجاتهن على مقياس الذكاء.

وتضيء هذه النتائج على الدور المهم الذي يلعبه «الكورتيزول» في نمو الجنين لدى الأولاد والبنات، ولكن بشكل مستقل لدى الجنسين.

ووفق البحوث السابقة، فإنّ التعرّض قبل الولادة لـ«الكورتيزول» - وهو هرمون «الستيرويد» الذي يساعد الجسم على الاستجابة للتوتّر - ضروري لنمو الجنين، ويعتقد أنه يؤثر إيجابياً في الوظيفة الإدراكية لدى الأطفال بوقت لاحق من حياتهم.

ولكن خلال فترة الحمل، تزداد مستويات «الكورتيزول»، وتفرز النساء الحوامل اللاتي يحملن إناثاً بشكل عام كمية أكبر منه مقارنة بالنساء اللاتي يحملن ذكوراً. ومع ذلك، ينظّم «إنزيم» معيّن في المشيمة كمية «الكورتيزول» التي تصل إلى الجنين عن طريق تحويله إلى شكله غير النشط المعروف باسم «الكورتيزون»، مما يحدّ من تأثيره في نمو المولود بوقت لاحق من العمر.

وفي الدراسة، حلَّل الباحثون البيانات المتعلّقة بمستويات «الكورتيزول» و«الكورتيزون» لدى 943 امرأة حامل خلال الثلث الثالث من الحمل، واختبارات الذكاء لـ943 طفلاً يبلغون 7 سنوات. ووجدوا أنّ النساء الحوامل بذكور لديهن مستويات أقلّ من «الكورتيزول» في الدم، مقارنة باللاتي يحملن إناثاً.

وفي حين سجل الأولاد الذين تعرّضوا لمستويات أعلى من «الكورتيزول» في الرحم درجات أقل في اختبارات الذكاء في سنّ السابعة؛ سجلت الفتيات في العمر عينه نتائج أفضل في اختبارات الذكاء عندما كانت أمهاتهن لديهن مستويات أعلى من «الكورتيزون» في البول. وهو ما علّقت عليه الباحثة الدكتورة أنيا فينجر دراير: «هذه هي الدراسة الأولى التي تبحث في العلاقة بين مستويات (الكورتيزون) بالبول في أثناء الحمل ودرجات معدّل الذكاء لدى الأطفال».

وأوضحت في بيان صادر عن المركز الإعلامي للمؤتمر: «بينما نظرت دراسات أخرى فقط في (الكورتيزول) المنتشر بالدم في أثناء الحمل ومعدّل ذكاء الطفل، ففريقنا البحثي أول من نظر في عيّنات البول وكذلك عيّنات الدم وفحص الأولاد والبنات بشكل منفصل».

وأضافت: «تُظهر نتائجنا أنّ الفتيات قد يتمتّعن بحماية أكبر من خلال نشاط (إنزيم) معين في المشيمة، في حين قد يكون الأولاد أكثر عرضة للتعرّض لـ(الكورتيزول) الفسيولوجي للأم قبل الولادة».

وتابعت دراير: «قد تعني هذه النتائج أنّ المستويات العالية من التعرُّض لـ(الكورتيزول) قبل الولادة لها تأثير إيجابي مؤقت على النمو المعرفي للطفل»، مشيرة إلى أنّ «الآباء أبلغوا عن تطوُّر المفردات لدى الأطفال، في حين قيَّم علماء النفس المدرّبون معدّل ذكاء الطفل في هذه الدراسة».


مقالات ذات صلة

بريطانيا: أكثر من وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات «ستكون بسبب السرطان»

صحتك بحث يؤكد أن حالات الوفاة بالسرطان بين البريطانيين في ازدياد (رويترز)

بريطانيا: أكثر من وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات «ستكون بسبب السرطان»

خلص تقرير جديد إلى أن أكثر من حالة وفاة مبكرة من بين كل 4 حالات في المملكة المتحدة ما بين الآن وعام 2050 ستكون بسبب السرطان.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك شعار برنامج الدردشة الذي يعمل بالذكاء الاصطناعي «شات جي بي تي» (رويترز)

دراسة: «شات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض

كشفت دراسة علمية جديدة، عن أن روبوت الدردشة الذكي الشهير «شات جي بي تي» يتفوق على الأطباء في تشخيص الأمراض؛ الأمر الذي وصفه فريق الدراسة بأنه «صادم».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
العالم بولينا براندبرغ قالت على «إكس» إنها تعاني من «أغرب رهاب للموز في العالم» (رويترز)

غرف خالية من الموز بسبب «فوبيا» وزيرة سويدية

تسببت فوبيا تعاني منها وزيرة سويدية في دفع مسؤولين حكوميين إلى طلب إخلاء الغرف من الفاكهة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الإصابة بحصوات الكلى والنقرس من الحالات الشائعة (المعهد الوطني للصحة بالولايات المتحدة)

أدوية للسكري تخفّض خطر الإصابة بحصوات الكلى

أظهرت دراسة جديدة أنّ نوعاً من أدوية علاج مرض السكري من النوع الثاني قد يساعد في تقليل خطر الإصابة بحصوات الكلى.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
صحتك علب من أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» (رويترز)

أدوية «أوزمبيك» و«ويغوفي» المضادة للسكري تكبح التدهور المعرفي المرتبط بألزهايمر

كشف فريق من الباحثين الأميركيين أن عقار سيماغلوتيد، الذي يتم تسويقه تحت اسمي «أوزمبيك» و«ويغوفي» من شأنه أن يحسن بشكل ملحوظ استهلاك الدماغ للسكر.

«الشرق الأوسط» (باريس)

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
TT

«دماغ السحلية»... أسباب انشغالنا بآراء الآخرين عنا

صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)
صورة لمسح الدماغ أثناء التصوير بالرنين المغناطيسي (جامعة نورث وسترن)

وجدت دراسة جديدة، أجراها فريق من الباحثين في كلية الطب بجامعة نورث وسترن الأميركية، أن الأجزاء الأكثر تطوراً وتقدماً في الدماغ البشري الداعمة للتفاعلات الاجتماعية -تسمى بالشبكة المعرفية الاجتماعية- متصلة بجزء قديم من الدماغ يسمى اللوزة، وهي على اتصال باستمرار مع تلك الشبكة.

يشار إلى اللوزة تُعرف أيضاً باسم «دماغ السحلية»، ومن الأمثلة الكلاسيكية لنشاطها الاستجابة الفسيولوجية والعاطفية لشخص يرى أفعى؛ حيث يصاب بالذعر، ويشعر بتسارع ضربات القلب، وتعرّق راحة اليد.

لكن الباحثين قالوا إن اللوزة تفعل أشياء أخرى أكثر تأثيراً في حياتنا.

ومن ذلك ما نمر به أحياناً عند لقاء بعض الأصدقاء، فبعد لحظات من مغادرة لقاء مع الأصدقاء، يمتلئ دماغك فجأة بأفكار تتداخل معاً حول ما كان يُفكر فيه الآخرون عنك: «هل يعتقدون أنني تحدثت كثيراً؟»، «هل أزعجتهم نكاتي؟»، «هل كانوا يقضون وقتاً ممتعاً من غيري؟»، إنها مشاعر القلق والمخاوف نفسها، ولكن في إطار اجتماعي.

وهو ما علّق عليه رودريغو براغا، الأستاذ المساعد في علم الأعصاب بكلية فاينبرغ للطب، جامعة نورث وسترن، قائلاً: «نقضي كثيراً من الوقت في التساؤل، ما الذي يشعر به هذا الشخص، أو يفكر فيه؟ هل قلت شيئاً أزعجه؟».

وأوضح في بيان صحافي صادر الجمعة: «أن الأجزاء التي تسمح لنا بالقيام بذلك توجد في مناطق الدماغ البشري، التي توسعت مؤخراً عبر مسيرة تطورنا البشري. في الأساس، أنت تضع نفسك في عقل شخص آخر، وتستنتج ما يفكر فيه، في حين لا يمكنك معرفة ذلك حقّاً».

ووفق نتائج الدراسة الجديدة، التي نُشرت الجمعة في مجلة «ساينس أدفانسز»، فإن اللوزة الدماغية، بداخلها جزء محدد يُسمى النواة الوسطى، وهو مهم جدّاً للسلوكيات الاجتماعية.

كانت هذه الدراسة هي الأولى التي أظهرت أن النواة الوسطى للوزة الدماغية متصلة بمناطق الشبكة المعرفية الاجتماعية التي تشارك في التفكير في الآخرين.

لم يكن هذا ممكناً إلا بفضل التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي (fMRI)، وهي تقنية تصوير دماغ غير جراحية، تقيس نشاط الدماغ من خلال اكتشاف التغيرات في مستويات الأكسجين في الدم.

وقد مكّنت هذه المسوحات عالية الدقة العلماء من رؤية تفاصيل الشبكة المعرفية الاجتماعية التي لم يتم اكتشافها مطلقاً في مسوحات الدماغ ذات الدقة المنخفضة.

ويساعد هذا الارتباط باللوزة الدماغية في تشكيل وظيفة الشبكة المعرفية الاجتماعية من خلال منحها إمكانية الوصول إلى دور اللوزة الدماغية في معالجة مشاعرنا ومخاوفنا عاطفياً.

قالت دونيسا إدموندز، مرشح الدكتوراه في علم الأعصاب بمختبر «براغا» في نورث وسترن: «من أكثر الأشياء إثارة هو أننا تمكنا من تحديد مناطق الشبكة التي لم نتمكن من رؤيتها من قبل».

وأضافت أن «القلق والاكتئاب ينطويان على فرط نشاط اللوزة الدماغية، الذي يمكن أن يسهم في الاستجابات العاطفية المفرطة وضعف التنظيم العاطفي».

وأوضحت: «من خلال معرفتنا بأن اللوزة الدماغية متصلة بمناطق أخرى من الدماغ، ربما بعضها أقرب إلى الجمجمة، ما يسهل معه استهدافها، يمكن لتقنيات التحفيز المغناطيسي عبر الجمجمة استهداف اللوزة الدماغية، ومن ثم الحد من هذا النشاط وإحداث تأثير إيجابي فيما يتعلق بالاستجابات المفرطة لمشاعر الخوف والقلق».