كتب ألّفها «تشات جي بي تي»... أرباحها عالية ومضامينها خاوية

إحدى السير المنشورة ليست سيئة فحسب بل «مليئة بالأخطاء»

الأسئلة مطروحة حول القيمة (شاترستوك)
الأسئلة مطروحة حول القيمة (شاترستوك)
TT

كتب ألّفها «تشات جي بي تي»... أرباحها عالية ومضامينها خاوية

الأسئلة مطروحة حول القيمة (شاترستوك)
الأسئلة مطروحة حول القيمة (شاترستوك)

تتيح «أمازون» نشر كتب استُعين بـ«تشات جي بي تي» في إنجازها، ما يخوّل أصحابها تحقيق مكاسب مالية... لكنّ مضمونها قد يكون غالباً مخيّباً للقرّاء.

وأُضيء على هذا النوع من النصوص بعد نشر سيرة ذاتية لليون غوتييه، وهو فرنسي شارك بعملية الإنزال في نورماندي في 6 يونيو (حزيران) 1944. وتقول عائلته إنّ السيرة التي نُشرت بعد يومين من وفاته ليست سيئة فحسب، بل «مليئة بالأخطاء».

ويمكن لأي شخص بيع كتابه عبر منصة «كيندل دايركت بابليشينغ» للنشر الذاتي التابعة لـ«أمازون». فالرقابة على عمليات بيع مماثلة ضعيفة، في حين تُعدّ الأرباح المتوخاة عالية مع حصول المؤلّفين على 70 في المائة من سعر بيع النسخة الإلكترونية، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وعند البحث في «أمازون» على اسم بول أوستر الراحل مساء 30 أبريل (نيسان)، سيظهر عدد كبير من السير الذاتية باللغة الإنجليزية نُشرت في اليوم الذي أعقب وفاته. وتتألّف هذه الكتب من عدد صفحات يراوح بين 30 و110.

والأفكار الخاطئة الواردة في السيرة الذاتية لليون غوتييه، والموقَّعة باسم مجهول هو «غريس شو»، أنتجها على الأرجح برنامج «تشات جي بي تي». وعند الطلب من هذا البرنامج الذي ابتكرته شركة «أوبن أيه آي» كتابة نصوص طويلة حول موضوعات محدّدة، يولّد نتائج من نسج الخيال.

ويشير كتيّب «كيفية تأليف كتب باستخدام تشات جي بي تي» لمارتن أريلانو إلى أنه «يساعد في توليد تسلسل زمني مفصّل لحياة شخصيةٍ ما، والتطرق إلى أحداث مهمة أثّرت ربما في تطوّرها، بالإضافة إلى عرض معلومات وخلفيات تعطي عمقاً وتماسكاً للنص».

ويبدو أن الكتيّب المنشور عبر «كيندل دايركت بابليشينغ» عام 2023 أُنجز أيضاً بمساعدة الذكاء الاصطناعي، إلا أنّ «أمازون» سحبت هذا العمل في حين لا يوجد أي تفصيل عن المؤلّف الذي نشر 6 كتب منذ عام.

ويقول المدير البحثي في «المركز الوطني الفرنسي للبحوث العلمية» ألكسندر جيفين: «ثمة برامج تعليمية كثيرة تَعِدُ الأشخاص بأنهم سيصبحون أثرياء من خلال نشر كتب مماثلة، وتعلّمهم كيف يطلبون من (تشات جي بي تي) كتابة سيناريو نمطي، ثم أجزاء من كتب يرتّبها وراء بعضها»، في حين تقول «أمازون» إنها تتّخذ على وجه السرعة إجراءات ضد ظاهرة هذه الكتب.

من جهته، يقول ناطق باسم فرعها الفرنسي: «بدأنا في العام الماضي نطلب من جميع الناشرين الذين يستخدمون منصة (كيندل دايركت بابليشينغ)، الإشارة إلى أنّ عملهم مولّد باستخدام الذكاء الاصطناعي، وخفّضنا العدد الإجمالي للكتب المُتاح نشرها يومياً»، إلا أنّ خفض عدد الكتب اليومية ليس بمشكلة للناشرين، وفق الكاتب فنسان مونتانيي الذي علّق: «قالت لي (أمازون) إنها تمنع المؤلّف من إصدار أكثر من 3 كتب يومياً، وهذا العدد أصلاً كبير».

ورأى أنّ برامج من أمثال «تشات جي بي تي»، «تعيد إنتاج» ما تتلقّاه فقط. ويبدي رئيس «الاتحاد الوطني للنشر» قلقاً أكبر بشأن عدم دفع مبالغ للمؤلّفين الفعليين الذين تُزَوَّد برامج «أوبن أيه آي» بنصوصهم، أكثر من قلقه بشأن المنافسة مع مؤلّفين زائفين.

ويمتثل البعض للالتزام بالإشارة إلى أنّ «هذا الكتاب أُنشئ بواسطة الذكاء الاصطناعي»، وهو جزء لا يُذكر من العرض الإجمالي، وربما لا يعكس الواقع في حال كان «تشات جي بي تي» قد ألّف القسم الأكبر منه.


مقالات ذات صلة

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

الاقتصاد المدير التنفيذي لشركة «سيسكو السعودية» سلمان فقيه (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:37

المدير التنفيذي لـ«سيسكو» السعودية: استثماراتنا بالمملكة مستمرة لدعم جهودها في التحول الرقمي

في ظل ما يشهده قطاع التقنية السعودي من تطور، حقَّقت «سيسكو» أداءً قوياً ومتسقاً مع الفرص المتاحة وقرَّرت مواصلة استثماراتها لدعم جهود السعودية في التحول الرقمي.

زينب علي (الرياض)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

إطلاق أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية لمواجهة أكثر من 7000 هجمة في الثانية.

خلدون غسان سعيد (جدة)
الاقتصاد علم شركة «إنفيديا» على الحرم الجامعي في سانتا كلارا بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

بالأرقام... كيف أصبحت «إنفيديا» الشركة الأكثر قيمة في العالم؟

حققت «إنفيديا» مرة أخرى نتائج ربع سنوية تجاوزت توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
TT

زافين قيومجيان في برنامج «شو قولك» ينقل رؤية جيل الغد

برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)
برنامج «شو قولك» مساحة حوار مع جيل الشباب (زافين قيومجيان)

في حوارات جدّية تتّسم بالموضوعية وبمساحة تعبير حرّة يطالعنا الإعلامي زافين قيومجيان ببرنامجه التلفزيوني «شو قولك» وعبر شاشة «الجديد» ينقل للمشاهد رؤية جيل الشباب لمستقبل أفضل للبنان.

ويأتي هذا البرنامج ضمن «مبادرة مناظرة» الدّولية التي تقوم على مبدأ محاورة أجيال الشباب والوقوف على آرائهم. اختيار الإعلامي زافين مقدّماً ومشرفاً على البرنامج يعود لتراكم تجاربه الإعلامية مع المراهقين والشباب. فمنذ بداياته حرص في برنامجه «سيرة وانفتحت» على إعطاء هذه الفئة العمرية مساحة تعبير حرّة. ومنذ عام 2001 حتى اليوم أعدّ ملفات وبرامج حولهم. واطّلع عن كثب على هواجسهم وهمومهم.

يرتكز «شو قولك» على موضوع رئيسي يُتناول في كل حلقة من حلقات البرنامج. وينقسم المشاركون الشباب إلى فئتين مع وضد الموضوع المطروح. ومع ضيفين معروفَين تأخذ الحوارات منحى موضوعياً. فيُتاح المجال بين الطرفين للنقاش والتعبير. وبتعليقات قصيرة وسريعة لا تتجاوز الـ90 ثانية يُعطي كل فريق رأيه، فتُطرح سلبيات وإيجابيات مشروع معيّن مقترح من قبلهم. وتتوزّع على فقرات محدّدة تشمل أسئلة مباشرة وأخرى من قبل المشاهدين. ولتنتهي بفقرة الخطاب الختامي التي توجز نتيجة النقاشات التي جرى تداولها.

ويوضح قيومجيان لـ«الشرق الأوسط»: «يهدف البرنامج إلى خلق مساحة حوار مريحة للشباب. ومهمتي أن أدير هذا الحوار بعيداً عن التوتر. فلا نلهث وراء الـ(تريند) أو ما يُعرف بالـ(رايتينغ) لتحقيق نسبِ مشاهدة عالية. وبذلك نحوّل اهتمامنا من محطة إثارة إلى محطة عقل بامتياز».

تجري مسبقاً التمرينات واختيار الموضوعات المُراد مناقشتها من قبل الشباب المشاركين. فالبرنامج يقوم على ثقافة الحوار ضمن ورشة «صنّاع الرأي»؛ وهم مجموعات شبابية يخضعون سنوياً لتمارين تتعلّق بأسلوب الحوار وقواعده. ويطّلعون على كلّ ما يتعلّق به من براهين وحجج وأخبار مزيفة وغيرها. فيتسلّحون من خلالها بقدرة على الحوار الشامل والمفيد. ويوضح زافين: «عندما يُختار موضوع الحلقة يجري التصويت لاختيار المشتركين. وبعد تأمين الفريقين، يلتقي أفرادهما بضيفي البرنامج. ومهمتهما دعم الشباب والوقوف على آرائهم. ونحرص على أن يكونا منفتحين تجاه هذا الجيل. فأهمية البرنامج تتمثل في التوفيق بين المشتركين بمستوى واحد. ولذلك نرى الضيفين لا يتصدران المشهدية. وهي عادة متّبعة من قبل المبادرة للإشارة إلى أن الشباب هم نجوم الحلقة وليس العكس».

يمثّل المشاركون من الشباب في «شو قولك» عيّنة عن مجتمع لبناني ملوّن بجميع أطيافه. أما دور زافين فيكمن في حياديته خلال إدارة الحوار. ولذلك تختار المبادرة إعلاميين مخضرمين لإنجاز هذه المهمة.

طبيعة الموضوعات التي تُثيرها كلّ مناظرة حالياً ترتبط بالحرب الدائرة في لبنان.

ويستطرد زافين: «عادة ما تُناقش هذه المناظرات موضوعات كلاسيكية تهمّ الشباب، من بينها الانتحار والموت الرحيم، ولكن هذه الاهتمامات تقلّ عند بروز حدث معيّن. فنحاول مواكبته كما يحصل اليوم في الحرب الدائرة في لبنان».

ضرورة فتح مطار ثانٍ في لبنان شكّل عنوان الحلقة الأولى من البرنامج. وتناولت الحلقة الثانية خدمة العلم.

ينتقد قيومجيان أسلوب بعض المحاورين على الشاشات (زافين قيومجيان)

«شيخ الشباب» كما يحبّ البعض أن يناديه، يرى زافين أن مهمته ليست سهلةً كما يعتقد بعضهم. «قد يُخيّل لهم أن مهمتي سهلة ويمكن لأي إعلامي القيام بها. فالشكل العام للبرنامج بمثابة فورمات متبعة عالمياً. والمطلوب أن يتقيّد بها فريق العمل بأكمله». ويستطرد: «يمكن عنونة مهمتي بـ(ضابط إيقاع) أو (قائد أوركسترا)؛ فالمطلوب مني بصفتي مقدّماً، التّحكم بمجريات الحلقة ومدتها ساعة كاملة. فالتجرّد وعدم التأثير على المشاركين فيها ضرورة. أنا شخصياً ليس لدي هاجس إبراز قدراتي وذكائي الإعلامي، والمقدم بصورة عامة لا بدّ أن ينفصل عن آرائه. وأن يكون متصالحاً مع نفسه فلا يستعرض إمكانياته. وهو أمر بتنا لا نصادفه كثيراً».

يقول زافين إن غالبية إعلاميي اليوم يتّبعون أسلوب «التشاطر» على ضيفهم. وهو أمر يبيّن عدم تمتع الإعلامي بالحرفية. ولنتمكّن من الإبقاء على هذا الأسلوب المرن لا بدّ أن نتدرّب على الأمر. وأن نملك الثقة بالنفس وهو ما يخوّلنا خلق مساحة حوار سليمة، تكون بعيدة عن الاستفزاز والتوتر وتأخذ منحى الحوار المريح».

يستمتع زافين قيومجيان بتقديم برنامجه «شو قولك»، ويقول: «أحب اكتشاف تفكير الشباب كما أني على تماس مستمر معهم من خلال تدريسي لطلاب الجامعة، وأنا أب لشابين».

يحضّر زافين قيومجيان لبرنامج جديد ينوي تقديمه قريباً عبر المحطة نفسها. ولكنه يرفض الإفصاح عن طبيعته. ويختم: «سيشكّل مفاجأة للمشاهد وأتمنى أن تعجبه».