لماذا يفجر الحديث «السلبي» عن الرموز الثقافية في مصر «لعنات الغاضبين»؟

الهجوم على زيدان والسواح يتواصل بسبب طه حسين

يوسف زيدان والإعلامي عمرو عبد الحميد (حساب زيدان على فيسبوك)
يوسف زيدان والإعلامي عمرو عبد الحميد (حساب زيدان على فيسبوك)
TT

لماذا يفجر الحديث «السلبي» عن الرموز الثقافية في مصر «لعنات الغاضبين»؟

يوسف زيدان والإعلامي عمرو عبد الحميد (حساب زيدان على فيسبوك)
يوسف زيدان والإعلامي عمرو عبد الحميد (حساب زيدان على فيسبوك)

رغم توضيحات الأديب المصري يوسف زيدان والباحث السوري فراس السواح بشأن اتهامهما بـ«الإساءة» إلى عميد «الأدب العربي» طه حسين، فإن الهجوم عليهما لا يزال متواصلاً من قبل مثقفين وكتاب مصريين.

وتعود أسباب الأزمة إلى الجلسة الافتتاحية من منتدى «تكوين الفكر العربي» التي عُقدت السبت في المتحف المصري الكبير تحت عنوان «خمسون عاماً على رحيل طه حسين: أين نحن من التجديد اليوم؟»، حين طرح زيدان سؤالاً على السواح قائلاً: «فراس السواح أهم؛ أم طه حسين؟ ليرد الأخير: (أنا وأنت أهم من طه حسين)».

وفي اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط»، نفى د. فراس السواح أن «تكون هناك أي شبهة إساءة لطه حسين»، مؤكداً أنه جاء إلى مصر للاحتفاء بـ«عميد الأدب العربي» وليس بـ«الأدب المصري» فقط.

وشدّد على أنه لا يمكن أن يسيء إليه فهو يحترمه مفكراً ثائراً، صنع الكثير لأمته، وصاحب منجز عميق في الثقافة العربية، مؤكداً أن «الواقعة برمّتها مزاح»، إذ لم يكن يعرف هل يوسف زيدان يتكلم بجدية أم يمزح، لكنه قرّر أن يجاريه في هذا المزاح المفترض.

ورأى السواح أن «ما حدث كان مزاحاً سخيفاً في كل الأحوال»، مضيفاً: «فوجئت بهذا الكم الغاضب من ردود الأفعال التي لم أكن أتخيلها على الإطلاق».

جلسة عن طه حسين (حساب زيدان على فيسبوك)

في حين ردّ الأديب المصري يوسف زيدان على موجة الهجوم عليه قائلاً عبر حسابه على «فيسبوك»: «شيءٌ عجيب فعلاً، في افتتاح مؤتمر مؤسسة (تكوين للثقافة العربية)، وفي غمرة نقاشنا حول أهمية طه حسين وأهمية التواصل مع أفكاره المستنيرة، جرى بيني وبين الباحث الكبير فراس السواح محادثة مازحة، سألته خلالها: هل أنت أهم أم طه حسين؟ فأجابني ممازحاً: أنا وأنت أهم منه. وأكملنا الحوار بعد ذلك بشكل جاد»، مضيفاً أنه «فوجئ بنشر مقطع فيديو مُجتزأ من جلسة المؤتمر، حيث انهالت عليهما لعناتُ الغاضبين، وهجومهم من دون أي جهد للتأكُّد من المزاح المقتطع من سياقه»، وفق تعبيره.

وأوضح في حديث تلفزيوني أن «هناك نوعاً من التربّص وتصيّد الأخطاء والرغبة في الصيد في المياه العكرة على نحو يعكس نوعاً من سوء النية». حسب وصفه.

وفي خضمّ موجة الهجوم على زيدان والسواح، دافع كتّاب عنهما، ورأوا أن ما حدث لا يعدو كونه مزحة لا تستحق كل هذه الضجة، ومن بينهم الشاعرة المصرية فاطمة ناعوت التي حضرت الواقعة، وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «الأمر كله عبارة عن ضجة مفتعلة لأنه قائم على مداعبة»، مشيرة إلى أن بعض المثقفين المهاجمين هم من أصدقائها مثل «د. خالد منتصر الذي وضّحتُ له أبعاد الواقعة، لكنه لم يتقبل رأيي وأصبح على غير وفاق معي». وأشارت إلى أنها «تعذُر من أساء الفهم».

في المقابل، هاجم مثقفون كلاً من زيدان والسواح مؤكدين عدم اقتناعهم بمبرراتهما، إذ قال د. خالد منتصر: «يوسف زيدان مقتنع تماماً بأنه أفضل من طه حسين، والسؤال المفخخ قيل بمنتهى الجدية».

طه حسين (أرشيفية)

واتفق مع رأي هذا الفريق، الدكتور سيد ضيف الله، أستاذ النقد الأدبي في أكاديمية الفنون، حين قال لـ«الشرق الأوسط»: «ليس من المقبول أن يتم التعامل مع مشروع مركزي مثل مشروع طه حسين بروح تهكميّة وبقدر من السطحية والمزاح والخفة». وأضاف: «طه حسين ليس فوق النقد بشرط أن نبذل جهداً وافياً يوازي ما بذله هو في بناء مشروعه الفكري».

وحسب الموقع الرسمي لمؤسسة «تكوين الفكر العربي»، فإنها «تعمل على تطوير خطاب التسامح وفتح آفاق الحوار والتحفيز على المراجعة النّقدية وطرح الأسئلة في المسلّمات الفكرية وإعادة النظر في الثغرات التي حالت دون المشروع النهضوي الذي انطلق منذ قرنين».

من جهته، رأى الكاتب أحمد الخميسي أنه «سواء كان الكلام في هذه الواقعة هزلاً أم جاداً فإنه لا يثير سوى الغثيان، إذ لا يمكن التّعرض لشخصيات بقامة طه حسين في حديث من هذا النوع أياً كان هدفه، فطه حسين قامة فكرية وثقافية بل ووطنية نادرة المثال، سواء بمعاركه التي خاضها من أجل مجّانية التعليم في مصر، أو في معركة تجديد الفكر بكتابه (في الشعر الجاهلي) الذي أحدث ثورة في منهج النظر إلى تاريخ الأدب».

وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «الجدل الذي فجرته الواقعة طبيعي جداً، ليس لأنه حديث سلبي فقط عن (عميد الأدب العربي)، بل لأنه يتضمّن تضخيماً للذات وعقداً لمقارنات لا يمكن عقدها بين كُتّاب عابرين وقامة ثقافية ضخمة»، وفق وصفه.

ويعد طه حسين أحد أبرز أعلام الثقافة العربية في القرن العشرين، إذ تنوعت مؤلفاته ما بين الدراسات الفكرية والنقدية والسيرة الذاتية، وترك للمكتبة العربية أعمالاً خالدة مثل «الأيام»، و«دعاء الكروان»، و«في الشعر الجاهلي»، و«مع أبي العلاء في سجنه»، و«على هامش السيرة». وتولّى منصب وزير التّعليم في مصر وهو صاحب مقولة «التعليم كالماء والهواء، حقٌ لكل إنسان».

وسبق ليوسف زيدان أن أثار الجدل الشديد في مواقف عديدة منها تصريحاته حول شخصية صلاح الدين الأيوبي ووصفه لـ«الغزوات» في التاريخ العربي بـ«الاحتلال». وفي حين ناصره بعضهم معتبرين أنه يمارس حقه في إعادة قراءة التاريخ، رأى آخرون أنه «يعبث بثوابت لا يجب المساس بها».

وفي عام 2019 تعرض الروائي المصري الشاب أحمد مراد لموجة من الانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، بسبب ما نُسب إليه من وصفه لروايات الأديب المصري الحائز على جائزة نوبل نجيب محفوظ، بأنها «لا تُناسب العصر».

ويعدّ أدباء ومثقفون بعض مشاهير الأدب والفكر والفن من الذين بزغوا في منتصف القرن الماضي في مصر، رموزاً لا يجب السخرية منها، لأنهم رفعوا سقف المجالات التي عملوا بها وصعّبوا المهمة على من خلفهم، على غرار نجيب محفوظ (أديب نوبل)، ومحمود عباس العقاد، وطه حسين، وأم كلثوم وغيرهم.


مقالات ذات صلة

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

ثقافة وفنون أسود عاجية ونحاسية من موقع الدُّوْر في إمارة أم القيوين، يقابلها أسد برونزي من موقع سمهرم في سلطنة عُمان

أسود منمنمة من موقع الدُّور في أمّ القيوين

خرجت من موقع الدُّور في إمارة أم القيوين مجموعة كبيرة من اللقى الأثرية المتنوّعة، تعود إلى حقبة تمتد من القرن الأول ما قبل الميلاد إلى القرن الثاني للميلاد.

محمود الزيباوي
ثقافة وفنون مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

مجلة «الفيصل»: صناعة النخب في الوطن العربي

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن مواضيع متنوعة، وخصص الملف لصناعة النخب في الوطن العربي، شارك فيه عدد من الباحثين العرب

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون أفلاطون

ما بال العالم كله ينعم بالسلام ونحن من حرب لحرب؟

الأغلب من دول العالم يعيش حياة طبيعية تختلف عما نراه في أفلام السينما

خالد الغنامي
ثقافة وفنون عبد الزهرة زكي

عبد الزهرة زكي: الكتابة السردية هبة هداني إليها الشعر

«غريزة الطير» رواية للشاعر العراقي عبد الزهرة زكي، صدرت أخيراً في بغداد، ولاقت احتفاءً نقدياً ملحوظاً، وهي الرواية الأولى له بعد صدور مجموعته الشعرية الكاملة

علاء المفرجي (بغداد)
ثقافة وفنون عادل خزام

«مانسيرة» تجمع شعراء العالم في قصيدة واحدة

تُغذّى جذور القيم الثقافية كلما تعمقت صلتها بتراث الأمكنة والناس. لكن ماذا لو اكتشفنا أن العالم، بقاراته الخمس، قادرٌ على أن يكون مهداً لقصيدة واحدة؟

شاكر نوري (دبي)

نجم «ديزني» يتخلّص من أفعى على الطائرة... ويتلقّى مكافأة

النجم الشجاع أنقذ الموقف (مواقع التواصل)
النجم الشجاع أنقذ الموقف (مواقع التواصل)
TT

نجم «ديزني» يتخلّص من أفعى على الطائرة... ويتلقّى مكافأة

النجم الشجاع أنقذ الموقف (مواقع التواصل)
النجم الشجاع أنقذ الموقف (مواقع التواصل)

نجح نجم «ديزني»، الأسترالي أندري ريريكورا، في التخلُّص من ثعبان على طائرة «فيرجين إيرلاينز»، وكوفئ بمشروب مجاني لشجاعته خلال الرحلة بين مدينتَي بروم وبيرث في البلاد.

وفي تصريح لمحطة «إيه بي سي نيوز» الأسترالية، نقلته «إندبندنت»، قال ريريكورا إنه قبل الإقلاع، صرخ أحد الركاب منبِّهاً إلى وجود ثعبان، فتأجَّلت الرحلة بينما كان الطاقم يحاول معرفة كيفية التعامل مع الوضع.

أضاف النجم التلفزيوني: «أوقفوا الطائرة تقريباً، وكان يُفترض إنزال الجميع، وهو أمر لم نكن متحمِّسين له لأنّ الجميع أراد العودة إلى منزله».

وأردف: «القصة غريبة بعض الشيء. يصعب تصديق وجود ثعبان على الطائرة، لذا اعتقدتُ أنّ كثيراً من الناس لم يصدّقوا».

ومع ذلك، قال ريريكورا الذي شارك في مسلسل «صائدو حطام السفن في أستراليا» عبر قناة «ديزني بلس»، إنه لاحظ وجود أفعى «ستيمسون» اللطيفة جداً، وغير السامّة، بجوار مقعده.

وأوضح: «بمجرّد أن رأيتها، تعرّفتُ إليها بسهولة. كانت خائفة جداً. لم أواجه مشكلة في التقاطها وإخراجها من الطائرة».

امتنَّ جميع الركاب لشجاعته، وصفّقوا له، إلى حدّ أنَّ الطاقم قدَّم له مشروباً مجانياً ومياهاً غازية. وأضاف: «شعروا بالارتياح لعدم اضطرارهم للنزول من الطائرة، وسُرَّ عدد منهم لأنّ الثعبان كان في أمان»، موضحاً أنّ الرحلة تأخّرت 20 دقيقة فقط.

وقال أحد المضيفين عبر مكبِّر الصوت: «ليست هناك لحظة مملّة في الطيران، لكن هذه اللحظة هي الأكثر إثارة بكل تأكيد. رجل لطيف على الطائرة تخلَّص من الثعبان بأمان».