«هل هالشي طبيعي؟»... جردة حساب مسرحية في لبنان بمواجهات ساخرة

ثنائي ناجح يتألف من طلال الجردي وزياد عيتاني

«هل هالشي طبيعي؟» تضع الإصبع على الجرح (الشرق الأوسط)
«هل هالشي طبيعي؟» تضع الإصبع على الجرح (الشرق الأوسط)
TT

«هل هالشي طبيعي؟»... جردة حساب مسرحية في لبنان بمواجهات ساخرة

«هل هالشي طبيعي؟» تضع الإصبع على الجرح (الشرق الأوسط)
«هل هالشي طبيعي؟» تضع الإصبع على الجرح (الشرق الأوسط)

يكاد السؤال الذي تطرحه مسرحية «هل هالشي طبيعي؟»، يواكب يوميات اللبناني باستمرار، ويراوده في كل مرة يواجه غرابة موقف معين يتعرض له.

ينقسم اللبنانيون إلى فئتين: واحدة ثائرة على واقع تعيشه، وأخرى تتقبله من دون اعتراض. و«هل هالشي طبيعي؟» تُشرّح هذا الواقع في مواجهة بسيطة وحقيقية، تضع النقاط على الحروف، وتقدّم نموذجاً حيّاً عن الحياة في لبنان. وفي خلطة تجمع بين المواطن المثقف والبسيط تجري أحداث المسرحية. وتحت عنوان «من حواراتهم تعرفونهم» يتابع مشاهد العمل اشتباكات مستمرة بين نمطين اجتماعيين مختلفين، فيتعاتبان ويتصارحان ويتذكّران شريط حياتهما في بلدٍ مرّ بحقبات حرب وأزمات اقتصادية وصار على حافة الانهيار.

كتب نص العمل خالد صبيح وأخرجه رياض شيرازي، ويشارك في تمثيله نيكول معتوق ومحمد شمص وإلياس الهبر. تدور القصة في عيادة طبيب نفسي في العاصمة بيروت. وخلال ممارسته عمله اليومي يستقبل الدكتور طلال (طلال الجردي)، مريضاً غير اعتيادي زياد (زياد عيتاني). وتتكثف لقاءاتهما لتولد علاقة غير عادية أيضاً، فتصير كناية عن جلسات علاج متبادل، يبوح خلالها كل منهما بما يسكنه من أفكار وعُقد ومبادئ.

يؤلف الممثلان ثنائية ناجحة تتناغم، بأداء طبيعي، تثير عفويتهما ضحكاً متواصلاً في صالة العرض (مسرح مترو المدينة).

الثنائي الجردي وعيتاني... الأداء الممتع (الشرق الأوسط)

يجسّد طلال الجردي شخصية الطبيب المثقف الرافض لواقع مجنون يعيشه اللبنانيون. في حين يتقمّص زياد عيتاني شخصية اللبناني «الكول»، الذي يحمي نفسه ماشياً بموازاة الحائط، فيتفادى إمكانية حصول أي مشكلة معه بأقل خسائر ممكنة، آخذاً الأمور ببساطة ومن دون التفكير فيها بشكل عميق يستفز «زياد»، طبيبه النفسي.

ويأخذ «طلال»، «الطبيب زياد»، ضمن نَصٍّ متشعّب الموضوعات، ويلفت نظره إلى أمور كثيرة يغضّ الطرف عنها. فالحياة الحلوة في لبنان التي يحاول توهمها على طريقته، تدفع الطبيب لطرح هذا السؤال باستمرار «هل هالشي طبيعي؟».

تمر المسرحية بالجملة، على موضوعات لبنانية بحتة، من بينها دينية وسياسية واجتماعية وافتراضية واقتصادية وغيرها. وتستعير لحظات من الماضي على وقع موسيقى «مكتب التحرير في خبر جديد»، عبارة استُهلكت خلال الحرب عبر الأثير؛ ويستعملها زياد «رينغ تون» لتطبيق الـ«واتساب» في جهازه المحمول، فتشير إلى تأثّر اللبناني برواسب ماضيه، تطلّ على مواقف وتصريحات لسياسيين وأصحاب الشأن في لبنان بأصواتهم الشخصية. لحظات حقيقية تُعيد اللبناني إلى مراحل كان يجب أن يتوقف عندها، ولكنّها مرّت مرور الكرام من دون حتى أن يتعلّم منها العِبر والدروس. وفي كل مرة يكرّر الطبيب سؤاله الشهير: هل هالشي طبيعي؟ تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن؛ فمريضه ببساطته واستسهاله لاستيعاب الأمور، يقدّم له علاجاً من نوع آخر يلفته، فينتج عنها مواقف ساخرة وكوميدية، يجد المواطن العادي الحل لكلّ مشكلة تعترضه، ويجيد العمل في أكثر من مصلحة ومهنة، متمتعاً بخلفية تفكيرٍ ترتكز على تجاربه الخاصة التي تمكّنه من إيجاد الحلول. يتهم الطبيب مريضه بأنه شخص عادي وسطحي وجاهل، ويعيش على هامش الفهم. وفي لحظة ينفجر غضباً ويصرخ: لماذا نعتب وعلى مَن؟ فالوزير كالمسؤول والمواطن يغطّون أغلاطهم بالقشور. إننا نعيش في بلد مجنون... ويأتيه الجواب مباشرةً من تصفيق حار يطلقه الحضور. فالمشهد لامسهم عن قرب وترجم أفكارهم.

أمّا المواطن العادي فينتقد عمق تفكير المثقفين الذي لم يوصِّل لبنان بدوره إلى شاطئ الأمان.

حتى الهزة الأرضية لم تهز اللبنانيين (الشرق الأوسط)

يوجّه النّص انتقادات واضحة وصريحة إلى مجال الإعلام والـ«ترند»، ويولي الاستخفاف الذي يمارسه اللبناني حتى تجاه سلامة صحته، أهمية.

ولا ينسى خالد صبيح تناول تفاصيل حياتية أخرى، فحضرت «عتمة لبنان»، وتفشي مافيات المولدات الكهربائية. وكذلك انهيار الليرة اللبنانية، وثورة 17 أكتوبر (تشرين الأول)، وصولاً إلى غياب الاستشفاء، وتبرز موضوعات اجتماعية كالخيانة الزوجية، والعلاقة بالأهل وموروثهم السياسي.

نجح صبيح في جذب الحضور بحبكة مسرحية من نوع السهل الممتنع، وتماهى معها الثنائي الجردي وعيتاني بأدائهما الممتع.

أزمات متراكمة لا تقابلها أي ردود فعل تُذكر من اللبنانيين، كان يلزمها هزّة أرضية لتوقظهم ويعوا بالتالي حاضرهم. بالفعل تهتز الخشبة ويصبح المواطنون تحت الأنقاض. ولكن «البلد ماشي»رغم كل شيء. ومواجهات المواطنين بقيت على حالها من كرّ وفرّ. وعندما يسأل الطبيب مريضه: كيف لبلدٍ أن يصبح ركاماً رغم تاريخه الحافل بالبطولات؟ يرد زياد: «يبدو أن الفينيقيين بنوه بالحرام»؛ فترتفع في الصالة نوبة من الضحك والتصفيق المتواصل لمشهدية كوميدية ساخرة اعتمدها الكاتب. حالة من الانصهار تحدث بين المواطنين يستشفّها مشاهد العمل في خواتيمه، فيستعين المؤديان بأفكارهما من علمٍ وتجارب ويصلان إلى تحليلات مفيدة.

يترك الثنائي الجردي وعيتاني، الجرعة الكبرى من الضحك لنهاية العمل. ويغادر الحضور الصالة منشرحاً بعد استمتاعه بمتابعة عمل ينبع من واقع لبناني غير طبيعي.


مقالات ذات صلة

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه (البوستر الرسمي)

«الماعز» على مسرح لندن تُواجه عبثية الحرب وتُسقط أقنعة

تملك المسرحية «اللؤم» المطلوب لتُباشر التعرية المُلحَّة للواقع المسكوت عنه. وظيفتها تتجاوز الجمالية الفنية لتُلقي «خطاباً» جديداً.

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق مجموعة نشاطات فنّية يقدّمها الفريق في كل مركز (فضاء)

مؤسّسة «فضاء» تؤرشف للمسرح خلال الحرب

يختصر عوض عوض أكثر ما لفته في جولاته: «إنهم متعلّقون بالحياة ومتحمّسون لعيشها كما يرغبون. أحلامهم لا تزال تنبض، ولم تستطع الحرب كسرها».

فيفيان حداد (بيروت)

3 نصائح بخصوص مقابلات العمل... «لا تصل مبكراً جداً»

رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
TT

3 نصائح بخصوص مقابلات العمل... «لا تصل مبكراً جداً»

رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)
رجل يخضع لمقابلة عمل في نيويورك (أرشيفية - رويترز)

عند إجراء مقابلة عمل، سواء كانت وجهاً لوجه أو مقابلة افتراضية، يجب أن تتبع آداب السلوك المناسبة.

تقول إميلي ليفين، نائبة الرئيس التنفيذي في شركة «كارير غروب كامبانيز»: «تأكد من أنك تتواصل بعينك بشكل جيد، وإنك تعرف متى يكون من المناسب التحدث، ومتى يكون الوقت مناسباً لطرح الأسئلة».

أجرت ليفين، وفقاً لموقع «سي إن بي سي»، آلاف المقابلات خلال مسيرتها المهنية، غالباً من أجل مشاهير من الدرجة الأولى يبحثون عن مساعدين شخصيين أو رؤساء للموظفين.

هذه مجموعة من أفضل نصائح ليفين لتجنب إثارة علامات تحذير خلال مقابلة العمل.

لا تصل مبكراً جداً

من المهم أن تتأكد من الوصول إلى المقابلة في الوقت المناسب، خصوصاً إذا كانت مقابلة شخصية وليست افتراضية.

وتتابع ليفين: «إذا وصلت متأخراً جداً، فإنك تخاطر بفقدان جزء من مقابلتك، مما يضيع وقت المحاورين ويجعل الانطباع سيئاً. ولكن إذا وصلت مبكراً جداً، فهذا سيجعلك تبدو متحمساً جداً، وقد يجعل المحاور يشعر بالضغط».

وتؤكد ليفين: «الوصول قبل موعدك بعشر دقائق هو الوقت المثالي للدخول إلى مكتب المحاور».

قدم نفسك بأكثر طريقة احترافية ممكنة

تشدد لفين على أنه سواء كانت المقابلة عبر الإنترنت أو شخصية: «لا تمضغ العلكة، ولا ترتدي نظارات شمسية» أثناء المقابلة، مضيفة: «هذه الأمور غير رسمية وغير مهنية».

وتشير: «إذا كانت المقابلة وجهاً لوجه، فتأكد أن رائحة دخان السجائر لا تفوح منك ولا تضع عطراً فواحاً»، موضحة: «الكثير من الناس حساسين للروائح النفاذة».

لا تكشف عن معلومات سرية

تشدد ليفين على ضرورة تجنب التحدث بسوء عن أصحاب العمل السابقين، أو «الكشف عن الكثير من المعلومات السرية أو الخاصة بأماكن العمل السابقة».

تؤكد ليفين أن بعض عملائها يجعلون موظفيهم يوقعون اتفاقيات عدم الإفشاء، وعندما يخبرها أحد المرشحين أنه وقَّع على هذه الاتفاقية ومع ذلك يكشف عن معلومات سرية حول صاحب عمل سابق، فإنها تعد علامة مقلقة.