غالباً ما يجد الآباء الذين يعانون التوتر مع أطفالهم البالغين، أنفسهم غارقين في مشاعر الحزن والقلق والإحباط والفراغ.
ووفقاً لما أورده الدكتور جيفري بيرنستين في دورية «سيكولوجي توداي»، فإنه وجد في جلسات التدريب التي أجراها مع عدد من الآباء، الذين يتعاملون مع علاقات متوترة مع أطفالهم البالغين المتفاعلين والمؤذين، أنه يظهر سؤال شائع من الأبناء: «لماذا يعاملونني بهذه الطريقة؟».
وأورد بيرنستين أنه بناءً على تجاربه، ومن خلال البحث الذي أجراه في كتابه «10 أيام لطفل أقل تحدياً»، يقول: «أعتقد أن هناك ثلاثة أسباب رئيسية وراء المواقف السلبية والديناميكيات المتوترة بين الأطفال البالغين وآبائهم. وقبل الخوض في هذه الأمور، من المهم أن ندرك أنه لا يوجد والد خالٍ من العيوب. وعلى الرغم من أساليب التواصل المكثفة في بعض الأحيان، والتي قد تنطوي على ملاحظات متطفلة ومهارات استماع ضعيفة، فإن الآباء عادةً ما يكنّون حباً عميقاً ورغبة حقيقية في رفاهية أطفالهم البالغين».
فوفقاً لدورية «سيكولوجي توداي»، فإن الأسباب الثلاثة الرئيسية التي تجعل الأطفال البالغين يعاملون والديهم بشكل سيئ هى الآتي:
1. لقد كنت منتقداً ورافضاً.
يمكن للوالدين الذين ينتقدون أو يرفضون بشكل متكرر مشاعر أو إنجازات أطفالهم البالغين أن يتسببوا في ضرر عاطفي، مما يجعلهم يشعرون بعدم الكفاءة وعدم القيمة. يمكن للنقد المستمر أن يعزز مشاعر العجز وانعدام الأمن لدى الطفل، مما قد يؤدي إلى الاستياء والغضب. علاوة على ذلك، فإن استخدام الشعور بالذنب أو العار أو أساليب التلاعب للسيطرة على سلوك الطفل البالغ يمكن أن يؤدي إلى تفاقم التوتر في العلاقة. قد يؤدي عدم احترام حدودهم واستقلاليتهم إلى زيادة نفور الطفل البالغ، حيث لا يمكنهم الهروب من تأثير الوالدين أو سيطرتهم.
ويعد التعاطف والتفاهم والتعزيز الإيجابي أمراً ضرورياً لبناء علاقة صحية مع طفلك البالغ. ويقول الخبير الاجتماعي: «عند تدريب الآباء، أساعدهم على التوقف عن التركيز على عيوب أطفالهم البالغين. وبدلاً من ذلك، يتعلم هؤلاء الآباء الاعتراف بنقاط القوة والقدرات لدى أطفالهم البالغين».
2. لقد فشلت في الاعتراف بأنهم كبروا.
مع انتقال الأطفال إلى مرحلة البلوغ، قد يواجه الآباء صعوبة في التكيف مع أدوارهم والاعتراف بأطفالهم بوصفهم أشخاصاً بالغين مستقلين. وقد تنشأ هذه الصعوبة من عوامل مختلفة؛ بما في ذلك الحنين إلى شباب أطفالهم، والميل الطبيعي لحمايتهم ورعايتهم، والتحدي المتمثل في التكيف مع ديناميكية جديدة حيث يكون الطفل أكثر اكتفاء ذاتياً.
قد يعتقد بعض الآباء خطأً أنهم بحاجة إلى الحفاظ على سيطرتهم على حياة أطفالهم البالغين، مما يؤدي إلى صعوبات في التخلي عن تلك السيطرة مع نضوج أطفالهم. كما أن التوقعات غير الواقعية لحياة أطفالهم وعدم فهمهم مستوى مسؤوليتهم واستقلالهم يمكن أن تزيد الأمور تعقيداً.
ويعدّ التواصل الفعال والاحترام المتبادل والاعتراف باستقلالية طفلك البالغ أمراً بالغ الأهمية. وتعلم كيفية تشجيع استقلالية الأطفال، والاستماع أكثر لهم، بدلاً من تقديم النصائح غير المرغوب فيها عند سماع أهدافهم وتطلعاتهم.
3. توترات عاطفية لم يجرِ حلها.
يمكن أن ينبع التوتر العاطفي بين الوالدين والأطفال البالغين من مصادر مختلفة، مثل القيم المختلفة، أو الصراعات حول الأحداث الماضية، أو النضال من أجل تعديل الأدوار والديناميكيات وتغييرها. وغالباً ما تظهر هذه المشاعر التي لم يجرِ حلها على شكل توتر وقلق في العلاقة بين الطرفين.
ومما يزيد الأمور تعقيداً أنه عندما ينضج الأطفال ويؤسسون هوياتهم الخاصة، قد يطورون قيماً أو معتقدات تتعارض مع قيم أو معتقدات والديهم، مما يؤدي إلى الخلافات والتوترات. بالإضافة إلى ذلك، قد تظهر الصراعات أو صدمات الماضي التي لم يتم حلها مرة أخرى في وقت لاحق من الحياة، مما يسهم في التوتر بين الآباء والأبناء البالغين. يمكن أن تؤدي أنماط التواصل السيئة إلى تفاقم هذه المشكلات، مما يؤدي إلى سوء الفهم والحجج المؤذية.
ولحل ذلك، تُعدّ معالجة المشاعر المتوترة مع طفلك البالغ مهمة، وتتطلب إعطاء الأولوية للتواصل الإيجابي والتعاطف والتفاهم. وعلى الآباء المشاركة في حوار مفتوح وصادق مع الأبناء، والاستماع بفعالية إلى مخاوف طفلك، وبذل جهد لفهم وجهات نظره.