5 خطوات لتعلم فن السؤال

5 خطوات لاكتشاف ما يفكر فيه ويشعر به مَن حولك (بي بي سي)
5 خطوات لاكتشاف ما يفكر فيه ويشعر به مَن حولك (بي بي سي)
TT

5 خطوات لتعلم فن السؤال

5 خطوات لاكتشاف ما يفكر فيه ويشعر به مَن حولك (بي بي سي)
5 خطوات لاكتشاف ما يفكر فيه ويشعر به مَن حولك (بي بي سي)

لدى إجراء حوار بنّاء، في كثير من الأحيان لا يفصح الطرف الأول عمّا يفكر به حقيقة، بما في ذلك رؤيته الفريدة وأفكاره الأصلية، وغالباً ما لا يسأل الطرف الآخر عنها ليعرفها.

وعندما نبقى في حالة جهل بشأن ما يفكر فيه الآخر قد نتخذ قرارات أسوأ، ونبقى عالقين في ديناميكيات محبطة، ونفوّت فرص التعلم والتواصل، بحسب تقرير لموقع «سايكولوجي توداي».

من ناحية أخرى، عندما نستفيد من منجم الذهب من الأفكار الخفية، يمكننا إنشاء علاقات أعمق وأكثر فائدة، وفتح مستويات جديدة من التعلم والنمو.

وقدم التقرير منهجاً من 5 خطوات لاكتشاف ما يفكر فيه ويشعر به مَن حولك حقاً:

الخطوة 1: الفضول

كل واحد منا يقول لنفسه باستمرار قصصاً عن حياته والأشخاص الموجودين فيها. نحن ننشغل بالحكم والاستياء والقلق، ونكون متأكدين جداً من وجهة نظرنا الخاصة، لدرجة أننا لا نشعر بالفضول بشأن ما قد لا نراه.

واختيار الفضول يدور حول الخروج من حلقات اليقين هذه. نحن نميل إلى اليقين بدلاً من الفضول؛ بسبب مزيج من التحيزات النفسية والتكيف الثقافي. إنها استراتيجية البقاء: لا يمكننا معالجة جميع البيانات التي نتعرض لها كل يوم، لذلك تقوم عقولنا بشكل غريزي بتصفية واختيار مجموعة صغيرة من تلك المعلومات من أجل اتخاذ القرارات واتخاذ الإجراءات.

الخطوة 2: اجعل المحادثة آمنة

لقد أثبتت عقود من الأبحاث التي أجرتها الأستاذة في كلية هارفارد للأعمال، إيمي إدموندسون، وآخرون، أنه لكي يتمكّن الناس من التحدث، فإنهم بحاجة إلى الشعور بالأمان النفسي عند القيام بذلك. بمعنى آخر، يجب أن يؤمنوا حقاً بأنك لن تحكم عليهم أو تجعلهم يخجلون أو تعاقبهم بسبب التحدث عمّا يدور بخاطرهم بشكل مفتوح.

الخطوة 3: اطرح أسئلة جيدة

لسوء الحظ، يطرح معظم البالغين أسئلةً أقل بكثير مما ينبغي، وغالباً ما تكون الأسئلة التي يطرحونها مدفوعة برغبة أخرى غير التعلم والفهم. أسئلة نعم/ لا أو تلك التي تضع الناس في موقف دفاعي لا تنتج أي معلومات قيمة، ويمكن أن تؤدي في الواقع إلى إغلاق المحادثات.

على النقيض من ذلك، تساعدك الأسئلة الجيدة على تعلم شيء ما من الشخص الآخر. إنها تشير إلى فضول حقيقي، وتعكس نية حقيقية للتعلم من الشخص الآخر وفهمه، وليس لإثبات نقطة ما أو التأثير فيه أو إصلاحه.

الخطوة 4: استمع لتتعلم

إن الطريقة التي نستمع بها تحدد مقدار ما نتعلمه ومدى عمق تواصلنا. ولكن في حين أن 96 في المائة من الناس يعدّون أنفسهم مستمعين جيدين، تظهر الأبحاث أننا نسمع (ونحتفظ) فقط بجزء بسيط مما يقوله لنا الناس حقاً. من السهل أن تشعر وكأنك تستمع، عندما يكون ما تفعله حقاً هو الانتظار بهدوء حتى يأتي دورك للرد، أو فحص كلمات الشخص الآخر بحثاً عن الثغرات والذخيرة التي يمكنك استخدامها للدفاع عن نفسك أو رفض حجته.

الخطوة 5: فكر وأعد الاتصال

وأخيراً، عليك معالجة ما سمعته بطريقة تتيح لك حقاً التعلم والنمو منه. للقيام بذلك، اسأل نفسك هذه الأسئلة الثلاثة:

1- كيف يمكن لما سمعته أن يغير قصتي عن الموقف؟

2- بناءً على ما سمعته... ما خطوات العمل التي يمكنني اتخاذها؟

3- كيف يمكن لما سمعته أن يتحدى وجهات نظري أو افتراضاتي أو طرق وجودي الأعمق؟

وبمجرد التفكير، شارك ما تعلمته وما تخطط للقيام به بعد ذلك. هذه الخطوة الأخيرة تشكل بشكل عميق مستقبل علاقتك مع هذا الشخص.

عندما يخاطر شخص ما بمشاركة أفكاره أو مشاعره الصادقة معك، فهو يريد أن يعرف أن الأمر كان يستحق العناء، وإذا لم تقم بإعادة الاتصال، فقد يشعر الشخص الآخر بعدم التقدير أو الاستغلال. ولكن عندما تأخذ الوقت الكافي لمشاركة ما تعلمته، فإنك تفتح الباب لاتصال أعمق وتعلم مستمر يفيدكما.



«مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهش

مسلسل «مئة عام من العزلة» يعيد إحياء تحفة غابرييل غارسيا ماركيز الأدبيّة (نتفلكس - أ.ب)
مسلسل «مئة عام من العزلة» يعيد إحياء تحفة غابرييل غارسيا ماركيز الأدبيّة (نتفلكس - أ.ب)
TT

«مائة عام من العزلة» يستحق ابتسامة ماركيز... مسلسلٌ ضخم على هيئة حلم مدهش

مسلسل «مئة عام من العزلة» يعيد إحياء تحفة غابرييل غارسيا ماركيز الأدبيّة (نتفلكس - أ.ب)
مسلسل «مئة عام من العزلة» يعيد إحياء تحفة غابرييل غارسيا ماركيز الأدبيّة (نتفلكس - أ.ب)

منذ اللحظة التي حصلت فيها «نتفليكس» على حقوق تصوير رواية «مائة عام من العزلة»، أدركت أنه لا يمكنها العبث بإرثٍ ثمين كهذا الإرث الذي تركه غابرييل غارسيا ماركيز.

يوم عرض المنتج الأميركي هارفي واينستين على الأديب الكولومبي عام 1994 تحويل تحفته إلى فيلم هوليوودي، أجابه ماركيز: «وحدها مائة ساعة سينمائية ربما تَفي هذه الرواية حقّها». تراجعَ واينستين أمام عناد ماركيز وشروطه التعجيزيّة، ورحل الأخير عام 2014 ليوافق ولداه رودريغو وغونزالو (بعد 5 سنوات) على تنفيذ المشروع، بالتعاون مع المنصة العالمية.

الكاتب الكولومبي الحائز على نوبل الآداب غابرييل غارسيا ماركيز (أ.ب)

بـ16 حلقة، مدّة كلٍ منها ساعة، وبفريق عمل كولومبي مائة في المائة، وباللغة الإسبانية، بدأ عرض الحلقات الـ8 الأولى من المسلسل، الذي أشرف على تفاصيله وريثا ماركيز بصفة منتجَين منفّذَين، اشترطا على «نتفليكس» أن يجري التصوير في كولومبيا، وأن يفي النص لروح الرواية، فينطق بالإسبانية. أما الممثلون فهم جميعاً كولومبيون.

ينتمي العمل إلى فئة الواقعيّة السحريّة، أي أنّ الخيال والحقيقة يتداخلان من دون أي خيطٍ رفيعٍ فاصلٍ بينهما، فيبدو السحر جزءاً طبيعياً من السرديّة. ولو قُدّر لماركيز أن يكون حياً ويتابع المسلسل، فإنّه على الأرجح كان سيبتسم إعجاباً بصورة عالية الجاذبيّة وبأداءٍ تمثيلي خارق، أخلصا لروايته المدهشة.

«بعد سنواتٍ كثيرة، وبينما كان يواجه فرقة الإعدام، عاد الكولونيل أوريليانو بوينديا بالذاكرة إلى تلك الظهيرة البعيدة، عندما أخذه والده لاكتشاف الثلج». بتلك العبارة الشهيرة، يُفتَتح المسلسل لتنطلق رحلة 7 أجيال من سلالة بوينديا. بدءاً بالوالد المؤسس خوسيه أركاديو وزوجته أورسولا، وصولاً إلى أحفاد الأحفاد الذين يحملون الأسماء واللعنات ذاتها.

في منتصف القرن الـ19، ومن قريتهما، حيث اعترضت العائلة على ارتباطهما خوفاً من غضب القدَر، ينطلق خوسيه أركاديو وأورسولا إلى بقاع كولومبيا الشاسعة. ترافقهما في الرحلة مجموعة من شبّان البلدة وشاباتها، فيؤسسون معاً بلدة ماكوندو المتخيّلة. في ذلك المكان الذي يشبه مجسّماً صغيراً للبشريّة بجمالها وبشاعتها، بيوميّاتها الاعتياديّة وغرائبها، بخَيرها وشرِّها، تكبر عائلتهما وعائلات رفاقهما، لتتحوّل القرية الصغيرة تدريجياً إلى بلدة معروفة ومقصودة، إنما مسحورة في الوقت عينه.

خوسيه أركاديو بوينديا باحثاً عن مكان في أراضي كولومبيا الشاسعة لتأسيس بلدة "ماكوندو" (نتفليكس)

ليس شبح الرجل الذي قتله خوسيه أركاديو في بداية القصة، والعائد أبداً لزيارته وزوجته، المتخيَّل الأول والأخير. ستدخل إلى ماكوندو مجموعة كبيرة من الغجر الذين سيجلبون معهم كثيراً من الغرائب والعجائب والظواهر غير المألوفة. يقع أركاديو في شَرَك ما ورائياتهم وألاعيبهم وعلم الفلك والخيمياء، فيصبح حبيس مختبره مستطلعاً النجوم والكواكب، ومحاولاً تحويل الحديد إلى ذهب. فيما أورسولا تصنع الحلوى لتبيعها وتعيل العائلة.

تنطلق الحكاية من زواج خوسيه أركاديو بوينديا وأورسولا إيغواران والذي يثير حفيظة عائلتهما وغضب القدر (نتفليكس)

لا تجتاح الغرائب ماكوندو عبر سيّد الغجر ملكياديس الذي يعود من الموت فحسب، بل تدخلها كذلك مع ريبيكا، الطفلة ذات العينَين الجاحظتَين. تطرق باب الثنائي بوينديا حاملة عظام والدَيها في كيسٍ يهتزّ وحده بين الفينة والأخرى، وتأكل التراب من الحديقة كلّما ساورتها نوبة حزن أو غضب.

على كثرتها، لا تبدو الغرائب وكل الظواهر الخارجة عن الطبيعة نافرة. فهي، وكما آمنَ بها ماركيز، جزءٌ لا يتجزَّأ من معتقدات شعوب أميركا اللاتينيّة والأساطير التي آمنت بها.

ينسحب الأداء الآسر على الممثلين الأطفال على رأسهم شخصية «ريبيكا» على يمين الصورة (إنستغرام)

كذلك يأتي الواقع ليطرق باب ماكوندو. يزورها على هيئة حكايات عشقٍ تقلب حياة أولاد خوسيه أركاديو وأورسولا رأساً على عقب، أو على هيئة قاضٍ آتٍ ليفرض القانون بواقعيّة المدن المتحضّرة. كما تدخل السياسة إلى البناء الدرامي، بصراعاتها وانتخاباتها ودمويّتها الزائدة عن حدّها أحياناً في المسلسل.

بين الواقع والخيال، لا بدّ من أن يقع المُشاهد في حب عملٍ تلفزيوني لا يقتصر تَميُّزُه على ضخامة الإنتاج (إحدى أكبر الميزانيّات الإنتاجيّة في تاريخ المنصة)، ولا على استلهامِ روح ماركيز وإحدى أجمل رواياته على الإطلاق، بل على كونِه تُحفة بصريّة لا تبالغ في توظيف العناصر الخياليّة ولا تضخّم الرموز والفانتازيا، فلا تشعر العين بالتخمة أو بالاشمئزاز.

ملصق المسلسل الكولومبي المؤلّف من 16 حلقة (نتفليكس)

لإضفاء مزيدٍ من عناصر الإقناع والبساطة إلى مشاهد السحر وكل ما هو خارق للطبيعة، تجنَّب فريق الإنتاج قدر المستطاع الاعتماد على المؤثّرات البصريّة بواسطة الكومبيوتر. في مشهد الكاهن الذي يرتفع عن الأرض مثلاً، جرت الاستعانة بحبالٍ ورافعة. أما آلاف الأزهار التي انهمرت من السماء في مشهدٍ آخر، فكلّها حقيقية، ولم تتكاثر بواسطة التكنولوجيا.

تجنّب فريق المسلسل الإكثار من العناصر البصريّة المصنوعة عبر الكمبيوتر (نتفليكس)

من دون أن يتحوّل إلى ترجمة حرفيّة للرواية الأصلية، أخلصَ مسلسل «مائةُ عامٍ من العزلة» لروحِ كِتاب ماركيز. أخذ خيالَ المؤلّف الكولومبي على محمل الجدّ، منحَه قيمة وبرعَ في إقناع المُشاهد به. بدا المسلسل لصيقاً بالأرض، بواقعيّتها وطبيعتها، على الرغم من امتلائه بمحرّكات المخيّلة. يمكن القول إنه من بين أفضل الإنتاجات الدراميّة التي نجحت في التعامل مع الواقعيّة السحريّة. وقد فرض العمل نفسه في صدارة مسلسلات 2024، مغرّداً في الوقت نفسه خارج سرب باقي الإنتاجات؛ إذ إنه لا يشبهها بشيء، لا شكلاً ولا مضموناً.

يحلّق المسلسل فوق الحقبات العابرة على ماكوندو، من خلال نقلاتٍ زمنية سلسة وسريعة لا تُغرق المُشاهد في الملل؛ كأن تعبرَ سنواتٌ بثوانٍ بصريّة ممتعة. لا يُفقد هذا الأمر النص بلاغتَه ولا القصة تفاصيلها المزخرفة بعناية. وما يساعد في ذلك، الأداء الآسر لممثلين كولومبيين غير معروفين عالمياً، إنما على مستوى عالمي من البراعة؛ على رأس هؤلاء مارليدا سوتو بدَور أورسولا، وكلاوديو كاتانيو بشخصية أوريليانو بوينديا.

قدّمت الممثلة مارليدا سوتو أداءً استثنائياً لشخصية أورسولا (نتفليكس)

لم تعلن «نتفليكس» بعد عن تاريخ عرض الجزء الثاني من المسلسل، لكن لا بدّ من فسحة يلتقط فيها الجمهور أنفاسه قبل خوض القسم الثاني من الحلم المثير للدهشة.

ووفق المعلومات، فإنّ الآتي سيحافظ على المستوى ذاته من الإدهاش. مع العلم بأنّ التصوير جرى في مكانٍ قرب ألفارادو في كولومبيا؛ حيث بُنيَت 4 نُسَخٍ من بلدة ماكوندو، تجسيداً لعبور الزمن على أجيال عائلة بوينديا.

أما المستفيد الأكبر من هذه الحركة الإنتاجية، فهم أهالي المنطقة والاقتصاد الكولومبي عموماً، الذي عاد عليه هذا النشاط بـ52 مليون دولار.