اكتشاف بقايا استراحة ملكية أثرية في سيناء

تعود إلى عهد تحتمس الثالث بـ«الدولة الحديثة»

بقايا الاستراحة الملكية المكتشَفة بشمال سيناء (وزارة السياحة والآثار المصرية)
بقايا الاستراحة الملكية المكتشَفة بشمال سيناء (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

اكتشاف بقايا استراحة ملكية أثرية في سيناء

بقايا الاستراحة الملكية المكتشَفة بشمال سيناء (وزارة السياحة والآثار المصرية)
بقايا الاستراحة الملكية المكتشَفة بشمال سيناء (وزارة السياحة والآثار المصرية)

نجحت البعثة الأثرية المصرية العاملة بموقع آثار تل حبوة (ثارو) بمنطقة آثار شمال سيناء في الكشف عن بقايا مبنى مشيَّد من الطوب اللبن يمثّل إحدى الاستراحات أو القصور الملكية الواقعة في نطاق البوابة الشرقية لمصر، وذلك في أثناء أعمال الحفائر الأثرية ضمن مشروع تنمية سيناء.

وأوضحت الدراسات العلمية المبدئية التي تمت على اللقى الأثرية المكتشفة أن هذا المبنى يرجع إلى عهد الملك تحتمس الثالث من الأسرة الثامنة عشرة من عصر الدولة الحديثة، وأنه من المرجح أن هذا المبنى كان قد استُخدم استراحةً ملكية، بسبب التخطيط المعماري للمبنى وندرة كسرات الفخار داخله، وفق محمد إسماعيل خالد، الأمين العام للمجلس الأعلى الآثار.

وأكد خالد في بيان صحافي، الخميس، أن هذا المبنى يكشف النقاب عن مزيد من المعلومات المهمة عن تاريخ مصر العسكري خلال عصر الدولة الحديثة لا سيما في سيناء.

وقال الدكتور هشام حسين، مدير عام آثار سيناء، والمشرف على البعثة الأثرية، في بيان وزارة السياحة والآثار المصرية الخميس، إن «المبنى المكتشَف مكوَّن من صالتين مستطيلتين متتاليتين، ملحق بهما عدد من الغرف».

بقايا استراحة تعود لعهد الملك تحتمس الثالث (وزارة السياحة والآثار المصرية)

توجد البوابة الرئيسية للمبنى في جهة الشمال في المنتصف وتؤدي إلى صالة أولى مستطيلة الشكل تتوسطها ثلاث قواعد أعمدة من الحجر الجيري، وتتصل الصالة الأولى بصالة أخرى أصغر مستطيلة الشكل لها مدخلان؛ الأول في جهة الشرق والآخر في جهة الغرب، وهما أقل عَرْضاً من المدخل الرئيسي للمبنى، وتتوسط الصالة قاعدتا أعمدة من الحجر الجيري قطر كلٍّ منهما متر. كما تم الكشف عن الأعتاب الحجرية الخاصة بالمداخل الرئيسية لتلك الصالة.

وتؤدي الصالة الثانية إلى غرفتين منفصلتين؛ تقع الأولى تجاه الشرق، والأخرى تجاه الغرب، وتتصلان بالصالة الثانية عن طريق مدخلين في مقابل مداخل الصالة الثانية تقريباً.

ووفق حسين فإن «البعثة نجحت كذلك في الكشف عن الأعتاب الحجرية الخاصة بمداخل الغرف، بالإضافة إلى مجموعة من الغرف الصغير والملحقة بالمبنى من الخارج في اتجاه الشرق».

وأفاد رمضان حلمي، مدير منطقة آثار شمال سيناء ورئيس البعثة، أنه تم تأريخ المبنى بناءً على تسلسل الطبقات والفخار المكتشَف خارج المبنى، بالإضافة إلى العثور على جعران يحمل اسم الملك تحتمس الثالث، حيث من المرجح أن تكون الاستراحة استُخدمت في فترة وجود الملك تحتمس في المكان خلال إحدى حملاته الحربية لتوسيع الإمبراطورية المصرية في اتجاه الشرق، مضيفاً أن المبنى تم تحصينه في مرحلة لاحقة بسور محيط له بوابة رئيسية تقع تجاه الشرق.

الجدير بالذكر أنه خلال عصر الانتقال الثالث؛ بدايةً من الأسرة 21 حتى الأسرة 25، استُخدم هذا المكان ككل (حبوة 2) جبانةً، حيث تم الكشف عن مجموعة مختلفة الأشكال من الأمفورات محلية الصنع في تسلسل طبقي مختلف، استُخدمت لدفن الأطفال وتؤرَّخ بدايةً من عصر الأسرة 21 حتى الأسرة 25 تقريباً.

قطعة مكتشفة في منطقة تل حبوة الأثرية (وزارة السياحة والآثار المصرية)

ونجحت البعثة خلال مواسم الحفائر السابقة في الموقع في الكشف عن دفنات داخل مقابر شُيِّدت من بقايا أكتاف أبواب وكتل حجرية منقوشة بمناظر وخراطيش ملكية من عصر الدولة الحديثة وتم تأريخ تلك المقابر والدفنات بعصر الأسرة السادسة والعشرين ولكن بعد أعمال الموسم الحالي اتضح أن جميع الدفنات المكتشَفة خلال الموسم الحالي والمواسم السابقة تؤرَّخ بعصر الانتقال الثالث.

كما كُشف عن عدد من المباني المهمة في ثلاث طبقات متعاقبة تؤرّخ جميعها بعصر الأسرة السادسة والعشرين، وودائع أساس تخص أحد تلك المباني (آخر الطبقات الأثرية بالموقع) وتشمل نموذجاً صغير الحجم للوحة من الفاينس تحمل اسم الملك أحمس الثاني الذي كان يُعرف باسم أمازيس، وهو من ملوك نهاية الأسرة الـ26.


مقالات ذات صلة

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

يوميات الشرق المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج بجنوب مصر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)
يوميات الشرق هضبة الأهرامات في الجيزة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

غضب مصري متصاعد بسبب فيديو «التكسير» بهرم خوفو

نفي رسمي للمساس بأحجار الهرم الأثرية، عقب تداول مقطع فيديو ظهر خلاله أحد العمال يبدو كأنه يقوم بتكسير أجزاء من أحجار الهرم الأكبر «خوفو».

محمد عجم (القاهرة )

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
TT

مصر: الكشف عن صرح معبد بطلمي في سوهاج

المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)
المعبد البطلمي تضمّن نقوشاً ورسوماً متنوّعة (وزارة السياحة والآثار)

أعلنت وزارة السياحة والآثار المصرية، السبت، عن اكتشاف صرح لمعبد بطلمي في محافظة سوهاج (جنوب مصر). وذكرت البعثة الأثرية المشتركة بين «المجلس الأعلى للآثار» في مصر وجامعة «توبنغن» الألمانية أنه جرى اكتشاف الصرح خلال العمل في الناحية الغربية لمعبد أتريبس الكبير.

وعدّ الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار، الدكتور محمد إسماعيل خالد، هذا الكشف «النواة الأولى لإزاحة الستار عن باقي عناصر المعبد الجديد بالموقع»، وأوضح أنّ واجهة الصرح التي كُشف عنها بالكامل يصل اتساعها إلى 51 متراً، مقسمة إلى برجين؛ كل برج باتّساع 24 متراً، تفصل بينهما بوابة المدخل.

ولفت إسماعيل إلى أنّ الارتفاع الأصلي للصرح بلغ نحو 18 متراً، وفق زاوية ميل الأبراج، ما يضاهي أبعاد صرح معبد الأقصر، مؤكداً على استكمال أعمال البعثة في الموقع للكشف عن باقي المعبد بالكامل خلال مواسم الحفائر المقبلة، وفق بيان للوزارة.

جانب من صرح المعبد المُكتشف (وزارة السياحة والآثار)

بدوره، قال رئيس «الإدارة المركزية لآثار مصر العليا»، ورئيس البعثة من الجانب المصري، محمد عبد البديع، إنه كُشف عن النصوص الهيروغليفية التي تزيّن الواجهة الداخلية والجدران، خلال أعمال تنظيف البوابة الرئيسية التي تتوسَّط الصرح، كما وجدت البعثة نقوشاً لمناظر تصوّر الملك وهو يستقبل «ربيت» ربة أتريبس، التي تتمثّل برأس أنثى الأسد، وكذلك ابنها المعبود الطفل «كولنتس».

وأوضح أنّ هذه البوابة تعود إلى عصر الملك بطليموس الثامن الذي قد يكون هو نفسه مؤسّس المعبد، ومن المرجح أيضاً وجود خرطوش باسم زوجته الملكة كليوباترا الثالثة بين النصوص، وفق دراسة الخراطيش المكتشفة في المدخل وعلى أحد الجوانب الداخلية.

وقال رئيس البعثة من الجانب الألماني، الدكتور كريستيان ليتز، إنّ البعثة استكملت الكشف عن الغرفة الجنوبية التي كان قد كُشف عن جزء منها خلال أعمال البعثة الأثرية الإنجليزية في الموقع بين عامَي 1907 و1908، والتي زُيّن جانبا مدخلها بنصوص هيروغليفية ومناظر تمثّل المعبودة «ربيت» ورب الخصوبة «مين» وهو محوط بهيئات لمعبودات ثانوية فلكية، بمثابة نجوم سماوية لقياس ساعات الليل.

رسوم ونجوم تشير إلى ساعات الليل في المعبد البطلمي (وزارة السياحة والآثار)

وأضاف مدير موقع الحفائر من الجانب الألماني، الدكتور ماركوس مولر، أنّ البعثة كشفت عن غرفة في سلّم لم تكن معروفة سابقاً، ويمكن الوصول إليها من خلال مدخل صغير يقع في الواجهة الخارجية للصرح، وتشير درجات السلالم الأربع إلى أنها كانت تقود إلى طابق علوي تعرّض للتدمير عام 752.

يُذكر أنّ البعثة المصرية الألمانية المشتركة تعمل في منطقة أتريبس منذ أكثر من 10 سنوات؛ وأسفرت أعمالها عن الكشف الكامل لجميع أجزاء معبد أتريبس الكبير، بالإضافة إلى ما يزيد على 30 ألف أوستراكا، عليها نصوص ديموطيقية وقبطية وهيراطيقة، وعدد من اللقى الأثرية.

وعدَّ عالم الآثار المصري، الدكتور حسين عبد البصير، «الكشف عن صرح معبد بطلمي جديد في منطقة أتريبس بسوهاج إنجازاً أثرياً كبيراً، يُضيء على عمق التاريخ المصري في فترة البطالمة، الذين تركوا بصمة مميزة في الحضارة المصرية». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنّ «هذا الاكتشاف يعكس أهمية أتريبس موقعاً أثرياً غنياً بالموروث التاريخي، ويُبرز تواصل الحضارات التي تعاقبت على أرض مصر».

ورأى استمرار أعمال البعثة الأثرية للكشف عن باقي عناصر المعبد خطوة ضرورية لفهم السياق التاريخي والمعماري الكامل لهذا الصرح، «فمن خلال التنقيب، يمكن التعرّف إلى طبيعة استخدام المعبد، والطقوس التي مورست فيه، والصلات الثقافية التي ربطته بالمجتمع المحيط به»، وفق قوله.

ووصف عبد البصير هذا الاكتشاف بأنه «إضافة نوعية للجهود الأثرية التي تُبذل في صعيد مصر، ويدعو إلى تعزيز الاهتمام بالمواقع الأثرية في سوهاج، التي لا تزال تخفي كثيراً من الكنوز».