22 فيلماً من غزة تروي حكايات إنسانية مروعة

المخرج رشيد مشهراوي يجهز لعرضها في «كان»

لقطة من أحد الأفلام الجديدة (أسوان السينمائي)
لقطة من أحد الأفلام الجديدة (أسوان السينمائي)
TT

22 فيلماً من غزة تروي حكايات إنسانية مروعة

لقطة من أحد الأفلام الجديدة (أسوان السينمائي)
لقطة من أحد الأفلام الجديدة (أسوان السينمائي)

رغم تركيز وسائل إعلام عربية وعالمية على كواليس الحرب في غزة ورصد مآسي سكان القطاع الذين يتعرضون للقصف من قبل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ 200 يوم، فإن هناك قصصاً وحكايات مروعة لم تروَ بعد، يعمل مجموعة من شباب المخرجين والمصورين على سردها لتوضيح الصورة كاملة.

تلك الحكايات يقدمها مشروع «السينما من المسافة صفر» الذي يشرف عليه المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي، الذي قال إنهم «نجحوا في إنتاج 22 فيلماً توثق جرائم الاحتلال الإسرائيلي في غزة».

وتحدث مشهراوي، خلال عرض نماذج من الأفلام التي لم يكتمل مونتاج بعضها، ضمن فعاليات مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة، الثلاثاء، عن كيفية اختيار الأفكار وتطويرها مع الشباب.

المخرج الفلسطيني رشيد مشهراوي والمنتجة والمخرجة الفلسطينية ليالي بدر خلال ندوة «أسوان السينمائي» (أسوان السينمائي)

وقال مشهراوي: «إن المعاناة التي يعيشها أهل غزة تم رصدها من خلال الحكايات التي لم تحك، حيث لا نحكي ما يعرفه العالم من خلال نشرات الأخبار، هناك ضحايا تحت الأنقاض بخلاف أكثر من 33 ألف شهيد وعشرات الآلاف من الجرحى والنازحين، لكن القصص الإنسانية والتجارب الشخصية هي موضوع أفلامنا».

وأشار إلى «استخدام المشروع خيمة بجوار مستشفى الأقصى، كان يعمل بها 5 أشخاص لصناعة الأفلام، إلا أن الاحتلال قصف الخيمة عقب انصراف فريقنا منها بعد الفجر».

فيلم فلسطيني يوثق معاناة سكان غزة (أسوان السينمائي)

وذكر مشهراوي أن «بعض الأفلام تم مونتاجها في غزة وسط ظروف صعبة ومروعة، فبعضها تم تصويره على أضواء الموبايل، حيث لا توجد كهرباء أو وسائل طاقة لتساعد على المونتاج أو صناعة الفيلم عموماً، لكنهم كانوا يتحايلون على ذلك بطرق شتى». ولفت إلى «مونتاج نصف الأفلام في الخارج، وتحديداً في فرنسا».

يجري مونتاج أفلام غزة في فرنسا (أسوان السينمائي)

ويسعى المخرج الفلسطيني إلى «خروج هذه الأفلام بجودة عالية لتعجب الجمهور والنقاد والسينمائيين، ويعرف العالم من خلالها حجم الجرائم التي ارتكبت في غزة، وقد تم عرض مقدمة عنها في سويسرا قبل يومين أمام 700 شخص من المتخصصين، وسنعرضها في خيمة مستقلة بمهرجان كان، في دورته المقبلة بعد 3 أسابيع»، مؤكداً أنهم سيحرصون على أن تكون هذه الخيمة شبيهة بخيام النازحين في مخيمات رفح.

وعرض مشهراوي نماذج من الأفلام التي تم مونتاجها، والتي تعبر عن حياة الشباب وأهل غزة داخل المخيمات ووسط القصف الإسرائيلي المستمر ومعاناتهم اليومية هناك.

تم تصوير الأفلام وسط صعوبات كبيرة (أسوان السينمائي)

وقال مشهراوي، وهو من أبناء غزة: «جميعنا فقدنا أهالينا وأقاربنا، معظم الشباب كان محبطاً ويفكر في الهجرة، الآن أصبح أملهم أن يخرجوا بصورة وحكايات أهل غزة من أرض الواقع، يعبرون عن حياتهم وعن معاناتهم الشخصية».

وشكرت ليالي بدر، المخرجة والمنتجة الفلسطينية التي أدارت الندوة، مهرجان أسوان لإلقاء الضوء على «هذا المشروع الذي يوثق المذبحة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني»، مؤكدة أن «السينما هي أحد أشكال التعبير التي تقدم حكايات مختلفة عن الرواية الإسرائيلية التي تصدّرها للعالم»، وأوضحت أن «الفلسطينيين يعبرون بالمقاومة وبالسينما وبكل وسائل التعبير».

وذكرت أن المشروع له طابع عربي، فهناك كثير من الفنانين العرب أرادوا المشاركة فيه، مثل الفنان العراقي نصير شمة الذي وضع موسيقى لـ10 أفلام حتى الآن، والشاعر المصري زين العابدين فؤاد، الذي كتب الأشعار لبعض الأفلام.


مقالات ذات صلة

كيف كشفت هدنة غزة إخفاقات معلوماتية إسرائيلية؟

المشرق العربي بيان نشره الجيش الإسرائيلي في مايو الماضي زعم خلاله اغتيال القيادي في «القسام» حسين فياض قبل ظهوره حياً (إكس)

كيف كشفت هدنة غزة إخفاقات معلوماتية إسرائيلية؟

صدم الظهور العلني للقيادي البارز في «القسام» حسين فياض المؤسسة الأمنية الإسرائيلية إذ كانت أعلنت اغتياله قبل 8 أشهر في غزة... وكشفت الواقعة إخفاقاً معلوماتياً.

«الشرق الأوسط» (غزة)
تحليل إخباري مدمرة صاروخية تابعة للبحرية الأميركية تعبر قناة السويس (رويترز)

تحليل إخباري كيف يؤثر تصنيف «الحوثي» منظمة «إرهابية» على توترات البحر الأحمر؟

عودة التصنيف الأميركي لجماعة «الحوثي» منظمة «إرهابية»، لأسباب بينها تهديدها الملاحة بالبحر الأحمر، فتحت تساؤلات بشأن تأثير القرار على وقف الهجمات.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
المشرق العربي فلسطينيون نازحون أثناء عودتهم إلى وسط رفح جنوب غزة بعد سريان الهدنة الأحد الماضي (أ.ف.ب)

«تتضمن تفتيشاً للمركبات وتبدأ الأحد»... ما آلية عودة النازحين لشمال غزة؟

أعلنت «حماس» أن عودة النازحين إلى شمال غزة تبدأ الأحد المقبل وذلك ضمن ترتيبات اتفاق الهدنة مع إسرائيل... ومصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عن التفاصيل المنظمة لذلك.

«الشرق الأوسط» (غزة)
العالم العربي شركات أميركية خاصة ستنشر أفراداً مسلّحين بغزة لتفتيش المركبات المتجهة من جنوب القطاع إلى شماله (أ.ف.ب)

«أكسيوس»: شركات أمن أميركية خاصة ستبدأ تشغيل نقطة تفتيش رئيسية بغزة في الأيام المقبلة

قال موقع «أكسيوس» الإخباري، اليوم الخميس، نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين، إن شركات أمن أميركية خاصة ستبدأ، خلال الأيام المقبلة، تشغيل نقطة تفتيش رئيسية بقطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم العربي نُصبت الخيام البيضاء في منطقة لتستقبل الأسر التي تعتزم العودة للشمال (أ.ف.ب)

سكان قطاع غزة يعدون مخيمات للعائدين إلى الشمال بعد وقف إطلاق النار

أعد فلسطينيون بشمال قطاع غزة مخيمات للأسر النازحة قبل عودتهم المتوقعة بعد يومين لمناطق كانت فيها منازلهم وفقاً للجدول الزمني لاتفاق وقف إطلاق النار المتفق عليه.

«الشرق الأوسط» (غزة)

«لا أرض أخرى» يصل للقائمة القصيرة في ترشيحات «الأوسكار»

باسل ويوفال في مشهد من الفيلم (مهرجان برلين)
باسل ويوفال في مشهد من الفيلم (مهرجان برلين)
TT

«لا أرض أخرى» يصل للقائمة القصيرة في ترشيحات «الأوسكار»

باسل ويوفال في مشهد من الفيلم (مهرجان برلين)
باسل ويوفال في مشهد من الفيلم (مهرجان برلين)

وصل الفيلم الفلسطيني «لا أرض أخرى» إلى القائمة القصيرة لترشيحات جوائز «الأوسكار»، ضمن الأفلام المتنافسة على جائزة «أفضل فيلم وثائقي طويل»، بالنسخة 97 من الجائزة التي تحظى باهتمام عالمي، ومن المقرر إقامة حفل تسليم الجوائز الخاصة بها في 3 مارس (آذار) المقبل.

وأعلنت «أكاديمية فنون وعلوم الصور المتحركة» القائمة القصيرة لجميع الأفلام المرشحة، في مؤتمر صحافي، الخميس، بعد تأجيلات عدة؛ على خلفية حرائق الغابات المستمرة في لوس أنجليس، وعقب قرار تمديد فترة التصويت من أجل منح الفرصة للأعضاء، مع إلغاء حفل الغداء السنوي للمرشحين للجوائز الذي كان من المقرر إقامته في 10 فبراير (شباط) المقبل.

وجاء وصول الفيلم الفلسطيني للقائمة القصيرة ليكون الممثل الوحيد للسينما العربية، بعد استبعاد مشروع أفلام «المسافة صفر» الذي يُشرف عليه المخرج رشيد مشهراوي بمسابقة «الأفلام الروائية»، والفيلم الفلسطيني القصير «برتقالة من يافا» للمخرج محمد المغني من مسابقة «الأفلام القصيرة»، وهي الأفلام التي وصلت إلى القائمة «المختصرة» وأُعلنت، الشهر الماضي.

عُرض «لا أرض أخرى»، وهو إنتاج فلسطيني نرويجي، للمرة الأولى في النسخة الماضية، ضمن برنامج «بانوراما» في مهرجان «برلين السينمائي». وتدور أحداثه خلال رحلة توثيق الناشط الفلسطيني باسل عدرا، وزميله الإسرائيلي يوفال أبراهام، معاناة أهالي قرى «مسافر يطا» الفلسطينية بالضفة الغربية، مع إبراز الضغوط التي يتعرضون لها للتهجير من أراضيهم لصالح المستوطنين.

وعلى مدار نحو 95 دقيقة، يوثِّق الفيلم، الذي جرى العمل عليه لنحو 5 سنوات، مواقف إسرائيلية متناقضة دعماً للمستوطنين، فبالتزامن مع توسيع دائرة الاستيطان، والاعتداء على المنازل الفلسطينية، تُطارد قوات الاحتلال الفلسطينيين وتهدم منازلهم وتلاحقهم؛ أملاً في إجبارهم على الرحيل عن أراضيهم.

ويُوثِّق الفيلم، عبر لقطات عدة، انتهاكات كثيرة بحق الفلسطينيين، من بينها تعرض منازلهم للسرقة والهدم، بجانب إخفاقهم في معركة قانونية أمام المحكمة الإسرائيلية من أجل الدفاع عن أرضهم والبقاء لها، بعدما قضت المحكمة الإسرائيلية العليا بأن المنطقة مخصّصة للتدريبات العسكرية.

ومن بين ما يوثِّقه الفيلم من اعتداءات المستوطنين، مقتل أحد الفلسطينيين على يد مستوطن إسرائيلي في حماية الشرطة، بجانب تعرض ممتلكات الأهالي الفلسطينيين للسرقة والسطو، مع توفير حماية للمستوطنين وانتهاكاتهم من الجانب الإسرائيلي.

واستعان مُخرجا الفيلم بمواد أرشيفية مصوَّرة على مدى أكثر من 20 عاماً، لإضافتها على الأحداث، وشرْح جزء من المعاناة التاريخية بالمنطقة، في حين حصل الفيلم على جائزة «أفضل فيلم وثائقي»، و«جائزة الجمهور»، في برنامج «البانوراما» لأفضل فيلم وثائقي بـ«مهرجان برلين».

باسل عدرا في مشهد من الفيلم (مهرجان برلين)

وكان المُخرج الفلسطيني باسل عدرا قد أكد، في تصريحات سابقة، لـ«الشرق الأوسط»، أن صداقته مع الصحافي والناشط الإسرائيلي يوفال أبراهام، قبل الفيلم، ساعدته في خروج العمل إلى النور، مع تسهيل وصوله لقطاعات مختلفة، وحصولهما على دعم من «مهرجان صندانس» في مرحلة الإنتاج، مشيراً إلى أن صديقه الإسرائيلي من القليلين الذين يساندون المجتمعات العربية وحقّهم في البقاء بأراضيهم.

ويلفت الناقد السينمائي المصري خالد محمود إلى أن وجود مُخرج إسرائيلي شريك في الفيلم دون وجود شراكة إنتاجية إسرائيلية، أمر أدى لحدوث اهتمام إعلامي بالتجربة، مع تركيز العمل على فكرة التعايش السلمي وتقديم رؤية فكرية مغايرة للصورة النمطية، مؤكداً أن الفيلم يحمل رسائل إيجابية كثيرة.

وأضاف محمود، لـ«الشرق الأوسط»، أن وصول السينما الفلسطينية إلى المراحل الأخيرة في الاختيار، أمر ليس مستغرباً مع جودة الأعمال التي تُقدَّم والقضايا الواقعية التي تُناقَش في التجارب المختلفة، لافتاً إلى أن وصول «لا أرض أخرى» تحديداً يعكس اهتمام الأكاديمية بالتفاعل مع القضايا الواقعية التي تُقدَّم بشكل فني، وتحمل جانباً إنسانياً لا يمكن إغفاله.