«حِمى»... ملتقى إقليمي لحماية الطبيعة والتنوع الأحيائي

تستضيفه الرياض لتعزيز جهودها البيئية

دور المحميات في الحد من آثار التغير المناخي (مركز الحياة الفطرية)
دور المحميات في الحد من آثار التغير المناخي (مركز الحياة الفطرية)
TT

«حِمى»... ملتقى إقليمي لحماية الطبيعة والتنوع الأحيائي

دور المحميات في الحد من آثار التغير المناخي (مركز الحياة الفطرية)
دور المحميات في الحد من آثار التغير المناخي (مركز الحياة الفطرية)

انطلقت، الأحد، فعاليات منتدى المحميات الطبيعية «حِمى» والمعرض المصاحب له الذي ينظمه المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية، في العاصمة الرياض، والذي يستمر على مدى 4 أيام، في الفترة من 21 - 24 أبريل (نيسان)، بمشاركة محلية ودولية في الحدث الذي يُنظّم للمرة الأولى في المنطقة.

ويناقش المنتدى مواءمة الجهود المحلية والعالمية لتحقيق هدف (30 في 30) الذي يهدف لحماية 30 في المائة من مساحة السعودية البرية والبحرية بحلول 2030، ويستعرض الأهمية التاريخية للمحميات في السعودية، وممارسات الحماية والمحافظة في الثقافة العربية القديمة.

ويتضمن جدول أعمال المنتدى برنامجاً حافلاً بالعديد من المشاركات والمحاضرات يقدّمها أهم الخبراء والعلماء والممارسين المحليين والدّوليين في المحميات الطبيعية، وشمل البرنامج التعريف بدور المناطق المحمية السعودية في الحفاظ على الطبيعة، وفي تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للبيئة.

وفر المنتدى منصة تجمع قادة قطاع المناطق المحمية في العالم (مركز الحياة الفطرية)

وتحظى المحميات البحرية باهتمام خاصٍ في المنتدى، لدورها في المحافظة على النظم البيئية البحرية، حيث تطرق المتحدثون إلى أهمية برامج إعادة توطين الكائنات المهدّدة بالانقراض في إعادة تأهيل النُّظم البيئية، وأكد المنتدى على أهمية دور المحميات في الحد من آثار التّغير المناخي، واستعرض العوائد الاقتصادية والاجتماعية للمناطق المحمية.

وعُقدت على هامش المنتدى وِرش عمل تناولت أهمية المشاركة المجتمعية في المناطق المحمية، ودورها في تعزيز فعالية ونجاح أنشطة الحماية، كما ناقشت فرص السياحة البيئية في المحميات الطبيعية، وأهمية الابتكارات والتقنيات في المحافظة على الطبيعة.

ويشارك في المنتدى والمعرض عدد من المحميات الطبيعية المحلية، والدولية، والمؤسسات التعليمية، والمشاريع الكبرى، والشركات، والقطاع غير الربحي.

وفي تعليقه على انطلاق أعمال المنتدى، قال الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية الدكتور محمد قربان في بيان أصدره المركز: إن «تنظيم منتدى (حِمى) يأتي انطلاقاً من مسؤوليات المركز بصفته المظلة الوطنية لقطاع الحياة الفطرية، والمسؤول عن تنظيم الملتقيات الدّولية الكبرى، ومن أدواره مراقبة القطاع، وتطوير معايير وسياسات المناطق المحمية ضمن نظام المناطق المحمية في المملكة».

وأوضح الدكتور قربان أن تنظيم المنتدى يأتي ضمن خطة عمل المركز على تطوير المنظومة الوطنية للمناطق المحمية التي تشكل التوجه العام للمملكة للسنوات المقبلة، لحماية المواقع الطبيعية المهمة للتنوع الأحيائي، مع إشراك جميع الجهات الحكومية، والقطاعات الأخرى.

وأضاف قربان أن المركز أعدّ الخريطة الوطنية للمناطق المحمية (30 في 30) التي أُعلن عنها في عام 2021 خلال مبادرة السعودية الخضراء التي كانت إحدى ركائزها الرئيسية حماية 30 في المائة من مساحة السعودية البرية والبحرية بحلول عام 2030، وكان ذلك قبل إعلان اتفاقية التنوع الأحيائي التابعة للأمم المتحدة للنسبة نفسها لتصبح هدفاً عالمياً لجميع الدول الأعضاء في الاتفاقية.

وأضاف قربان أن عقد المنتدى يؤكد التزام بلاده بتحقيق الاتفاقية بطريقة فعّالة، ومرتبطة بالإطار العالمي للتنوع الأحيائي، والاستراتيجية الوطنية للبيئة، ومبادرة السعودية الخضراء، في ظل حرص السعودية على مساندة الجهود التي تساهم في تحقيق الطموحات العالمية لتعزيز حماية البيئة، والتنوع الأحيائي، واستدامتهما، لضمان مستقبل أفضل للعالم، وللأجيال المقبلة. مبيناً أن من مسؤوليات المركز العمل على تطوير المنظومة الوطنية للمناطق المحمية من أجل تحقيق هدف حماية المواقع الطبيعية المهمة للتنوع الأحيائي، مع إشراك الجهات الحكومية، وجميع القطاعات الأخرى ذات العلاقة.

وأكد الدكتور قربان أن التوسع في المناطق المحمية وإدارتها إدارة فعالة ومتكاملة يشكّلان ركيزة أساسية في التنمية البيئية، حيث يساهم ذلك في إثراء التنوع الأحيائي، والحد من التدهور البيئي، وإعادة تأهيل المناطق المتدهورة، والمساهمة في امتصاص وتخزين الكربون بمعدل أعلى، إضافة إلى حماية الأراضي الرطبة، والحد من فقد المياه، وزيادة المياه الجوفية، وتعزيز التنوع الأحيائي.

يتضمن المنتدى جلسات حوارية بمشاركة خبراء المحميات الطبيعية (مركز الحياة الفطرية)

وأضاف قربان أن العائد من المناطق المحمية لا يقتصر على الجانب البيئي، بل يتجاوز ذلك إلى الجانبين الاجتماعي، والاقتصادي، حيث تعزز المحميات الطبيعية الأمن الغذائي بتحقيق التنوع الأحيائي البري والبحري، وتوفر فرصاً سياحية وفرص عمل، وما ينتج عن ذلك من آثار اقتصادية، كما أنها بنوك للبذور، ومصادر غذائية، وتخلق فرصاً كبيرة لإشراك القطاع الخاص.

وأشار قربان إلى أن المنتدى يوفّر منصة تجمع قادة إدارة المناطق المحمية وأنظمتها في العالم، لبناء آليات تواصل ونقل المعرفة بين الخبراء، والتأكد من أن أعمالنا تتم وفق المعايير المعتمدة، مؤكداً على حرص المركز على بناء علاقات مع الخبرات الدّولية، والبقاء على اتصال بهم، والاستعانة بخبراتهم لتقديم المشورة في تخطيط وإدارة المناطق المحمية، وعلّل بأن ذلك سيقود نحو إنشاء مناطق محمية فعّالة، وذات أثر كبير على المستويات البيئية، والاجتماعية، والتنموية.

يُذكر أن المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية يعمل منذ تأسيسه عام 2019 على تنفيذ خططٍ للتصدي للأخطار المحدقة بالحياة الفطرية البرية والبحرية، انطلاقاً من رؤيته التي يسعى من خلالها للوصول إلى «حياة فطرية، وتنوع أحيائي، ونظم بيئية برية، وبحرية مزدهرة، ومستدامة»، حاملاً رسالة تتضمن «الحفاظ على الحياة الفطرية، والتنوع الأحيائي، والنظم البيئية، وتنميتها من خلال تعزيز المشاركة المجتمعية في برامج شاملة وفاعلة لتحقيق الاستدامة البيئية، وتعظيم الفوائد الاجتماعية، والاقتصادية».


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السعودي: الإصلاحات تعزز ثقة العالم في لبنان

المشرق العربي وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان في القصر الرئاسي اللبناني (أ.ب)

وزير الخارجية السعودي: الإصلاحات تعزز ثقة العالم في لبنان

حمل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، رسالة أمل إلى لبنان، حيث أكد تفاؤل المملكة بمستقبل لبنان.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي في لقاء عام 2019 (أ.ف.ب)

تحليل إخباري السعودية تُعزز تعاونها مع أميركا لتحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط

تُخطط السعودية لتوسيع استثماراتها داخل أميركا، استكمالاً للشراكات الاستراتيجية الاقتصادية والتجارية بين البلدين والعمل الثنائي في تعزيز الأمن والسلم الدوليين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان يلتقي الرئيس اللبناني جوزيف عون في قصر بعبدا (رويترز) play-circle 01:49

وزير الخارجية السعودي: نقف مع لبنان ومتفائلون بمستقبله

وصل وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، إلى لبنان، في أول زيارة من نوعها منذ 15 عاماً.

«الشرق الأوسط» (الرياض) «الشرق الأوسط» (بيروت)
الخليج الرئيس الأميركي وولي العهد السعودي في لقاء عام 2019 (أ.ف.ب)

محمد بن سلمان وترمب يناقشان توسيع الشراكة بين بلديهما

في أول اتصال بينهما منذ انتقال السلطة في أميركا، محمد بن سلمان وترمب يناقشان توسيع الشراكة الاستثمارية بين بلديهما، والتعاون لتعزيز السلام في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق ملتقى طويق الدولي للنحت 2025 انطلق تحت شعار «من حينٍ لآخر... متعة الرحلة في صعابها» (الرياض آرت)

علي الطخيس شغف 5 عقود في نحت الأعمال الفنية

بتأنٍ وهدوء، يعكف النحات السعودي علي الطخيس على إنجاز عمله النحتي الجديد، وذلك خلال مشاركته في النسخة السادسة من «ملتقى طويق الدولي للنحت 2025»

عمر البدوي (الرياض)

مُخرجة فيلم «انفصال» أنجيلا مراد: العالم الآلي يُخيفني والخطر ينتظرنا

فيلم «انفصال» من النوع الخيالي يُحاكي العالم الآلي (أنجيلا مراد)
فيلم «انفصال» من النوع الخيالي يُحاكي العالم الآلي (أنجيلا مراد)
TT

مُخرجة فيلم «انفصال» أنجيلا مراد: العالم الآلي يُخيفني والخطر ينتظرنا

فيلم «انفصال» من النوع الخيالي يُحاكي العالم الآلي (أنجيلا مراد)
فيلم «انفصال» من النوع الخيالي يُحاكي العالم الآلي (أنجيلا مراد)

تدقّ المخرجة اللبنانية أنجيلا مراد ناقوس الخطر حيال الإنسانية، وعبر فيلمها «انفصال» (Abreaction) تتناول موضوعاً سينمائياً يخرج عن المألوف، فتروي قصة الشابة «تيسا» التي تقع في حبّ رجل آلي (روبوت)، وتقرّر مغادرة كوكب الأرض والموت للحاق بعالمه، ثم تندم وتجتهد لاستعادة الإنسانة فيها، لاكتشافها بأنّ عالم الآلات والذكاء الاصطناعي مجرّد وهم وكذبة؛ فلا مشاعر تسكنه ولا قلوب تنبض فيه بالحبّ.

تقول الفنانة لـ«الشرق الأوسط» إنّ فكرة العالم الآلي وتحكّمه بكوكب الأرض تُرعبها. وتتابع: «تخيفني كثيراً وأتوقّع معها خطراً حقيقياً على الإنسان. فكلّ هذه الاختراعات تسهم في القضاء علينا بوصفنا بشراً. ومن هذا الباب، قرّرتُ رفع الصرخة لنصمد بوجه عدوّ فتّاك لن يرحمنا».

من خلال فيلمها ترفع الصرخة للحفاظ على الإنسان (أنجيلا مراد)

لا تأتي فكرة الفيلم من عبث، وإنما من بحوث وقصص اطَّلعت عليها أنجيلا مراد، فتروي قصة حقيقية جرت في أميركا عن صبي تعلّق بتطبيقات الذكاء الاصطناعي إلى حدّ كبير، وأُغرم بفتاة صنعها هذا الاختراع. وعندما طالبها بزيارته، عرضت عليه الذهاب إلى عالمها، إذ من المستحيل أن تزور كوكب الأرض. توضح الفنانة: «عندما طالبته بالمجيء إليها، وضع الصبي حداً لحياته فانتحر للقائها! والدته اكتشفت الأمر بُعيد موته، واطَّلعت على رسائله مع الفتاة الإلكترونية، فأقامت دعوى قضائية على الشركة المُصنّعة للتطبيق الذي استخدمه ابنها».

فيلم «انفصال» (30 دقيقة) من النوع الخيالي، وينتمي إلى فئة شرائط الـ«لايف أكشن والأنيمايشن». تتحدّث أنجيلا مراد عن عالم «الروبوت» وخطره على الإنسان، وتستشهد بأحد أكبر المستثمرين في هذا المجال إيلون ماسك: «صرّح مؤخراً أنه بعد 15 عاماً من اليوم ستحكم (الروبوتات) العالم. فالخطر حقيقي وليس مجرّد فكرة واهية يمكننا التغاضي عنها».

استعانت ببحوث ودراسات لحَبْك فيلم يُعاصر الواقع (أنجيلا مراد)

في «انفصال»، تقدّم رؤية إخراجية مختلفة اعتمدت فيها على شخصيات افتراضية رسمتها بنفسها. حتى أغنية الفيلم نفّذتها عن طريق الذكاء الاصطناعي بعدما اخترعت صوتاً نسائياً ينشدها: «هي من كلماتي وألحاني، نفّذتها وابتكرت صوتها عبر الكومبيوتر. موضوعها مونولوغ يحدُث بين (تيسا) الإنسانة و(تيسا) الآلة».

تهدف مراد من خلال الفيلم الذي استوحته من لوحة رسمتها بريشتها، إلى إيصال فكرة أساسية لمشاهديه: «نعيش تحت تأثير ثورة تُدمّر الإنسان؛ نحن اخترعناها. وبعدما كان هدفها مساعدته، انقلبت ضدّه. فحاولتُ أن أحمّل فيلمي رسالة بعنوان عريض يتعلّق بالعودة إلى الذات. المطلوب اليوم الرجوع إلى إنسانيتنا لنصمد بوجه هذه الثورة».

«انفصال» ليس الأول في مسيرة أنجيلا مراد. سبق أن قدّمت أفلاماً أخرى تنبع من قصص واقعية، أبرزها «تاء التأنيث» عن تمكين المرأة، كما يطلّ على موضوعَي الأم العزباء والأطفال مكتومي القيد. فالمخرجة اللبنانية تحمل راية الإنسانية من نواحٍ مختلفة. تقول علناً إنها ضدّ هذا التطور الإلكتروني الذي يتّسع وينتشر يوماً بعد يوم. وتضيف: «في (انفصال)، قرّرت ركوب موجة التطوّر هذه، فأواكب العصر والمستقبل. وإذا ما نظرنا إلى الإنسان، لاحظنا تأثير هذا التطوّر السلبي عليه. الجميع يمشي مُطأطئ الرأس، منشغلاً بجهازه الخليوي. والأغلبية انقطعت علاقتها الاجتماعية بعضها مع بعض. صرنا نشبه تلك (الروبوتات) بشكل أو بآخر. لذلك علينا أن ننتفض ونعي الخطر الزاحف نحونا. وهو ما سيسمح لنا بالحفاظ على ما تبقى من قيمنا الإنسانية».

يستعد «انفصال» للمشاركة في مهرجانات سينمائية عالمية (أنجيلا مراد)

تشارك مراد عضوة في لجان تحكيم مهرجانات سينمائية عدة، من بينها تلك التي تحمل أسماء دول الهند (بوليوود)، وروشاني، والبرازيل، ونيجيريا، وغيرها؛ فما معاييرها المُتَّبعة في عملية التحكيم؟ تردّ: «أبحث دائماً عن عنصر الجمال في أي فيلم يشارك في المهرجانات. في سنّ أصغر، وقبل دراساتي العليا في السينما، كانت رؤيتي مختلفة. اليوم صرتُ أكثر نضجاً وحرفية. أدركتُ أنّ لكل عمل سينمائي جماليته، مهما اختلفت موضوعاته. وهذا الجمال قد يكمن في الصورة، أو أداء الممثل وعملية المونتاج وغيرهما».

يستعد «انفصال» للمشاركة في عدد من المهرجانات السينمائية حول العالم. وعما إذا سيُعرض في لبنان تجيب: «نعمل على ذلك، وليس ثمة موعد محدّد بعد». وتختم أنجيلا مراد حول رؤيتها الإخراجية المستقبلية: «أومن بقوة السينما على المجتمعات. فلها تأثيرها لإسهامها في صناعة التغيير. سأسير في طريقي انطلاقاً من مبدأ الإنسانية. سبق أن قدّمت أفلاماً من واقع الحياة، وأخرى فلسفية ووثائقية. وأتطلّع لإكمال مشواري على هذا المنوال، فأخدم المجتمعات من خلال السينما».