«عمدة» الدراما المصرية صلاح السعدني يغادر للإقامة الدائمة في الذاكرة

وزيرة الثقافة وكبار النجوم ينعون مُجسِّد الواقع ببساطة وعمق

الراحل في شخصية «العمدة سليمان غانم» بمسلسل «ليالي الحلمية» (أحمد السعدني في «فيسبوك»)
الراحل في شخصية «العمدة سليمان غانم» بمسلسل «ليالي الحلمية» (أحمد السعدني في «فيسبوك»)
TT

«عمدة» الدراما المصرية صلاح السعدني يغادر للإقامة الدائمة في الذاكرة

الراحل في شخصية «العمدة سليمان غانم» بمسلسل «ليالي الحلمية» (أحمد السعدني في «فيسبوك»)
الراحل في شخصية «العمدة سليمان غانم» بمسلسل «ليالي الحلمية» (أحمد السعدني في «فيسبوك»)

بصوته الجهوري الأجش الرنّان، وجلبابه ذي الأكمام الفضفاضة، وروحه الفكاهية السلطوية الساخرة، تسرّب إلى وجدان جمهور الدراما في العالم العربي، ليحفر صورة أصيلة لواحدة من أشهر الشخصيات والأكثر تعبيراً عن ابن البلد التلقائي؛ شخصية «العمدة سليمان غانم».

وبرحيل الفنان المصري الكبير صلاح السعدني، الذي اشتهر بلقب «عمدة الدراما المصرية»، الجمعة، عن 81 عاماً، خيّم الحزن على الأوساط الفنية وصفحات مواقع التواصل الخاصة بكبار الفنانين ومتابعي الدراما، وتحولت حسابات مختلفة إلى دفتر عزاء للراحل.

بدورها، نعته وزيرة الثقافة نيفين الكيلاني ووصفته بـ«أحد أعمدة الدراما المصرية»، مضيفة في بيان: «مصر فقدت قامة فنية عظيمة، وفناناً أثرى شاشتنا بأعماله التي ستظلّ محفورة في الذاكرة»، ولفتت إلى أنّ الراحل «استطاع من خلال أدواره ملامسة قلوب الجماهير، وتجسيد الواقع المصري بتفاصيله، ببساطة وعمق».

الفنان صلاح السعدني يغادر بعد مشوار حافل (وزارة الثقافة المصرية)

وُلد السعدني في محافظة المنوفية (دلتا مصر) عام 1943، وجمعته بالفنان عادل إمام صداقة وُلدت في كلية الزراعة بجامعة القاهرة التي تخرَّج فيها السعدني عام 1967، واتّجه إلى الفن مع إمام، ثم عمل في مسرح التلفزيون، وكان دوره الأول صعلوك القرية «علواني» في فيلم «الأرض» مع المخرج يوسف شاهين عام 1969.

كذلك نعت نقابة المهن التمثيلية الراحل، ورثاه نقيب الممثلين أشرف زكي في صفحته عبر «إنستغرام».

أما المخرج عمرو عرفة، فكتب عبر حسابه بمنصة «إكس»: «العُمدة كان متفرّداً في كل شيء»، ووصفه بأنه لم يكن له شبيه، خصوصاً في «خفّة الدم التي تفوق الوصف»، مقدِّماً العزاء لابنه الفنان أحمد السعدني وجميع أفراد الأسرة.

وأيضاً، كتب الفنان محمد صبحي عبر «إكس»: «بكل الأسى والحزن، أنعى الفنان الكبير صلاح السعدني. كان خير صديق وسند، شجّعني في بداياتي، وأصبح من أقرب الناس إليَّ في الوسط الفني»، وختم: «ستبقى معنا بسيرتك الطيبة وأعمالك الفنية الرائعة».

من جهته، نعى الفنان أحمد حلمي، الراحل وكتب عبر «إكس»: «البقاء لله في الفنان الكبير، القدير القيمة والقامة صلاح السعدني»، في حين كتب محمد هنيدي: «البقاء لله في أستاذنا الكبير». ونعاه الفنان صلاح عبد الله، فكتب: «مع السلامة يا عمدتنا»، وكذلك الفنانة رانيا يوسف التي كتبت: «وداعاً عمدة الدراما». أما الفنانة منى زكي، فكتبت: «فقدتُ أستاذاً كبيراً، ومن أكثر الناس الذين تشرّفت بالعمل معهم».

كما نعاه الفنان عمرو دياب عبر «إكس»، بالقول: «خالص عزائي لوفاة الفنان الكبير صلاح السعدني»؛ إلى عدد من الفنانين والنجوم العرب، من بينهم اللبنانية نيكول سابا التي كتبت عبر «إكس»: «الله يرحمك يا أستاذنا الكبير»، والتونسية هند صبري التي كتبت: «فقدنا اليوم واحداً من أعمدة خيمة الدراما العربية... وداعاً النجم الكبير صلاح السعدني».

صلاح السعدني في دور «العمدة سليمان غانم» مع الفنانة صفية العمري (أرشيفية)

برز الراحل بأدواره في السينما التي قدَّم لها أكثر من 50 عملاً، من أبرزها فيلم «أغنية على الممر» الذي تناول يوميات مجموعة من الجنود على الجبهة خلال حرب الاستنزاف بعد عام 1967، و«فوزية البورجوازية»، و«الغول». كما أدّى بطولة مسرحية «الملك هو الملك» للكاتب السوري سعد الله ونوس، بالإضافة إلى أعماله الدرامية التي تجاوزت الـ30، أبرزها: «ليالي الحلمية»، و«أرابيسك»، و«حلم الجنوبي».

وفي «ليالي الحلمية»، قدّم السعدني نموذجاً محبوباً جماهيرياً للعمدة الريفي الذي ينتقل إلى المدينة، ويسخر من المجتمع الأرستقراطي، وينتقم منه بطرق تمتزج فيها التراجيديا بالكوميديا عبر الأداء الساخر.

وتعليقاً، يعدُّ الناقد الفني المصري طارق الشناوي، الراحل «ابن التلفزيون»، بالإشارة إلى افتتاح التلفزيون عام 1960، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «حضر صلاح السعدني في الدراما التلفزيونية منذ البدايات مع المخرج الكبير نور الدمرداش الذي يُعدّ أهم وأول مَن رسّخوا للحالة الدرامية»، متوقّفاً عند مسلسل «لا تطفئ الشمس»، من إنتاج عام 1965، الذي شارك فيه السعدني، و«تحولت مصر إلى مساحة كبيرة للعزاء حين مات درامياً خلال أحداثه لفرط تأثُّر الجمهور بدوره».

الراحل مع نجله الفنان أحمد السعدني (صفحة المخرج عمرو عرفة في «إكس»)

ويلفت الشناوي إلى أنّ «الدور الذي أدّاه في (ليالي الحلمية) كان مرشَّحاً لسعيد صالح»، وذكر أنّ «السعدني كان يرتاد الندوات في نقابة الصحافيين حول المسلسل، مرتدياً زيّ (العمدة سليمان غانم) لفرط تشرُّب الشخصية وللنجاح الذي حقّقته. كما كان متأثراً جداً في هذا الدور بشخصية شقيقه الأكبر الكاتب الساخر محمود السعدني».

ويؤكد الناقد المصري أنّ «الدور حقَّق قفزة جماهيرية للسعدني، إلى قفزة أخرى حقّقها في مسلسل (أرابيسك)».

وعن علاقته الشخصية بالفنان الراحل، يردّ: «كانت جيدة جداً حتى انقطاع التواصل لظروفه الخاصة، وكنتُ أقدّر ذلك تماماً».


مقالات ذات صلة

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

يوميات الشرق شخصية (برّاك) التي يقدمها كاكولي في المسلسل مليئة بالعقد النفسية (إنستغرام الفنان)

علي كاكولي لـ«الشرق الأوسط»: دوري في «فعل ماضي» مستفز

المسلسل الذي بدأ عرضه الخميس الماضي على منصة «شاهد»، يُظهر أنه لا هروب من الماضي؛ إذ تحاول هند تجاوز الليالي الحمراء التي شكّلت ماضيها.

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق مشهد يُشارك فيه فغالي ضمن مسلسل «البيت الملعون» (صور الفنان)

عماد فغالي لـ«الشرق الأوسط»: لم أحقّق طموحي الكبير في عالم التمثيل

يتساءل اللبناني عماد فغالي، أسوةً بغيره من الممثلين، عن الخطوة التالية بعد تقديم عمل. من هذا المنطلق، يختار أعماله بدقة، ولا يكرّر أدواره باحثاً عن التجديد.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق أحمد حاتم في لقطة من مسلسل «عمر أفندي» (صفحة شاهد بـ«فيسبوك»)

«عمر أفندي»... دراما مصرية تستدعي الماضي

حظيت الحلقة الأولى من المسلسل المصري «عمر أفندي» بتفاعل واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وتصدرت «الترند» صباح الاثنين على «غوغل».

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق أطلقت علامة تجارية لتصميم الأزياء خاصة بها (صور باتريسيا داغر)

باتريسيا داغر لـ«الشرق الأوسط»: أرفضُ كوميديا لا تفي موضوعاتها بالمستوى

بالنسبة إلى الممثلة اللبنانية باتريسيا داغر، الأفضل أن تجتهد وتحفر في الصخر على أن تزحف وتقرع الأبواب من دون جدوى.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق هند وإياد في مشهد يؤكد تباعدهما (شاهد)

نهاية مفتوحة لـ«مفترق طرق» تُمهد لموسم ثانٍ

أثارت نهاية حلقات مسلسل «مفترق طرق» ردود أفعال متباينة من جمهور «السوشيال ميديا» في مصر، حيث وصفها البعض بأنها «صادمة».

انتصار دردير (القاهرة )

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)
إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)
TT

تصريحات «صادمة» لإيناس الدغيدي تعيدها إلى دائرة الجدل

إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)
إيناس الدغيدي تثير الجدل مجدداً (إنستغرام)

أعادت تصريحات تلفزيونية جديدة وُصفت بأنها «صادمة» المخرجة المصرية إيناس الدغيدي إلى دائرة الجدل مُجدداً، حين تحدثت عن عدم ارتباطها بزواج عرفي، لكنها عاشت «المساكنة» مع زوجها السابق بعد أن جمعتهما قصة حب لـ9 سنوات قبل زواجهما، نافية الاتهامات بأنها مخرجة «أفلام الإغراء»، وقالت إن «أفلامها أصدق من أعمال المخرج خالد يوسف، كاشفة عن أنها أتمت السبعين من عمرها ولا تفكر بالموت».

وأضافت في حوارها أن سعاد حسني لم تُقتل لكنها انتحرت، وأن العاملين في الوسط السينمائي كانوا يتوقعون لها ولأحمد زكي أن ينتحرا لأنهما عاشا حياتهما من دون تخطيط، وسعاد كانت تشعر بتراجع نجوميتها الكبيرة، وعدّت ياسمين صبري ممثلة مثيرة أكثر من هيفاء وهبي.

وحلّت إيناس الدغيدي ضيفة على الإعلامية ناديا الزغبي عبر برنامجها «القرار» الذي تقدمه على قناة «الغد»، ووصفت ناديا المخرجة المصرية بأنها امرأة «دون خطوط حمراء»، ويليق بها لقب «الجريئة» بوصفها واحدة من أهم مخرجات السينما في مصر، وتحدثت الدغيدي قائلة إنها «بالفعل جريئة وحياتها كلّها جرأة، لكنها لم تكن تعرف ذلك عن نفسها»، لافتة إلى أن «جُرأتها بدأت منذ قرّرت دخول معهد السينما لتصبح مخرجة، ولم يكن لأي من أسرتها علاقة بالفن لكونها من عائلة ملتزمة دينياً، ووالدها كان يعمل مدرساً للغة العربية والدين».

ورفضت المخرجة خلال الحوار لقب «مخرجة أفلام الإغراء»، مؤكدة أنها «تقدم مشاهد إغراء داخل أفلام لها قيمة».

إيناس الدغيدي في أحد البرامج (إنستغرام)

وبسؤالها عن الأكثر جرأة في أفلامها... هي أم المخرج خالد يوسف؟ قالت إن أفلامها أصدق لأن جُرأتها بلا أهداف، بل تعبّر عن فكرها الحقيقي، بينما يوسف قد تكون لديه أهداف سياسية يتحرك من أجلها، لا سيما في الفترة الأخيرة.

وذكرت الدغيدي أنها أتمت عامها السبعين وأنها سعيدة بعمرها ولا تشعر أنها كبرت، ولديها قدرة كبيرة على العطاء، نافية أنها تفكر بالموت الذي تراه «حياة فيها جمال»، لكونه أكثر هدوءاً وروحانية وسلاماً.

وقالت إنها من المستحيل أن تختلف مع كلٍّ من يسرا وإلهام شاهين، مؤكدة أنها بدأت مشوارها ويسرا معاً وعاشتا مع بعضهما العمر كله.

وعن فيلم «الصمت» الذي تُعِدّ له، وتتطرّق فيه لمشكلة «زنا المحارم»، قالت إن منصة «نتفليكس» سترحب بعرضه وسينجح في صالات السينما بمصر لكونه فيلم إثارة تقدمه بشكل يشوّق الناس لمشاهدته من خلال مواصفات درامية جيدة، لافتة إلى أنه لا توجد علاقة بالفيلم بين محارم لأنها لا تستسيغ ذلك، لكن الموضوع كله يرتبط به، وقد التقت بنات تعرضن لذلك والفيلم يتطرق لحياتهن بعدما كبرن، مشيرة إلى أن الأمم المتحدة تناقش هذه المشكلة التي تحدث في كثير من دول العالم.

وعبّرت المخرجة المصرية عن فخرها باكتشاف النجمين أحمد عز وهند صبري، وأنهما من أهم اكتشافاتها مخرجة، وقدمتهما أبطالاً لفيلم «مذكرات مراهقة» قائلة، كانت لديهما الجرأة لعمل الفيلم في بداياتهما، ربما يخافا الآن على اسميهما ونجوميتهما لو عُرض عليهما عمل مماثل، لأننا صرنا نعيش في مجتمع يحاسب الفنان على أفلامه وليس على تصرفاته.

وذكرت أن خلافاً وقع بينها وبين النجم الراحل أحمد زكي خلال تصوير فيلم «استاكوزا» كاد يهدّد بعدم إكمال الفيلم لانصرافه في أثناء التصوير دون أن يخبر أحداً، فقالت له: «نجوميتك تتعامل بها خارج الاستوديو، لكنك هنا تتعامل بالشخصية التي تؤديها»، وقالت إنه «قد عاد وقال لي حقك عليَّ»، مؤكدة أنه كان صديقها وجارها.

إيناس الدغيدي (إنستغرام)

وعن اعتزال «الزعيم» عادل إمام قالت إنه اكتفى نجاحاً وشهرة، ويريد الآن أن يستمتع بحياته، يقول لمن حوله لو أن هناك خبراً سيئاً لا تخبروني به، لذا أرجو أن نتركه ونحترم تاريخه.

وحمّلت المرأة المسؤولية في ظاهرة «التحرش»: «عندما نقول إنه تم التحرش بي، لو كان المتحرش مريضاً فسيُصفع على وجهه وسيتوقف». مضيفة أن «بعض السيدات في جزء من تصرفاتهن يشجعن الرجل على التحرّش بهنّ».

وعن الفنانة الأكثر إثارة في الوقت الحالي اختارت ياسمين صبري على هيفاء وهبي، قائلة إنه قبل 5 سنوات كانت هيفاء والآن ياسمين.

وتخرجت إيناس الدغيدي في معهد السينما بالقاهرة عام 1975 وعملت مساعدة مخرج لكبار المخرجين، أمثال بركات الذي أقنعها بالتمثيل أيضاً في فيلم «أفواه وأرانب» أمام فاتن حمامة ومحمود ياسين، وأخرجت أول أفلامها الطويلة «عفواً أيها القانون» عام 1985 من بطولة نجلاء فتحي، ومحمود عبد العزيز، ووصل عدد الأفلام التي أخرجتها 16 فيلماً طويلاً من بينها «امرأة واحدة لا تكفي»، و«قضية سميحة بدران»، و«زمن الممنوع»، و«كلام الليل»، و«مذكرات مراهقة»، و«الباحثات عن الحرية»؛ وأنتجت من بينها 7 أفلام، ونالت أفلامها جوائز عدة في مهرجانات «القاهرة السينمائي» و«الإسكندرية»، و«جمعية الفيلم»، وقد أثارت أفلامها وأحاديثها الجريئة جدلاً كبيراً على مدار مشوارها.