شريف سلامة لـ«الشرق الأوسط»: أنتقي أدواري احتراماً للمشاهد

الفنان المصري قال إن تجسيد الشخصيات المألوفة مرهق فنياً

الفنان المصري شريف سلامة (صفحته على فيسبوك)
الفنان المصري شريف سلامة (صفحته على فيسبوك)
TT

شريف سلامة لـ«الشرق الأوسط»: أنتقي أدواري احتراماً للمشاهد

الفنان المصري شريف سلامة (صفحته على فيسبوك)
الفنان المصري شريف سلامة (صفحته على فيسبوك)

عدَّ الفنان المصري شريف سلامة النجاح الجماهيري لمسلسلات الدراما الاجتماعية في السنوات الأخيرة «انعكاساً لذائقة المشاهد الذي أصبح أكثر انحيازاً لموضوعات بسيطة تعبّر عن واقع حياته اليومية».

وقال في حديث لـ«الشرق الأوسط»: إن «الاحتفاء الجماهيري بمسلسل (كامل العدد+1) فاق النجاح الذي حقّقه الجزء الأول، بسبب تطرق الجزء الثاني لمواقف ومشكلات نمرّ بها يومياً، بشكل سلس بلا افتعال أو تحميل الموضوع أكثر مما ينبغي».

وعدّ سلامة أن عرض العمل في 15 حلقة «من أبرز أسباب نجاحه»، لافتاً إلى أن ذلك «انعكس على الكتابة، فأصبحت أكثر تكثيفاً وتركيزاً، لتفادي شعور المشاهد بالملل، فلا توجد مشاهد دون مبرر درامي، مثلما يحدث أحياناً في مسلسلات الـ30 حلقة، لسد بعض الفجوات».

وعُرض الجزء الثاني من مسلسل «كامل العدد»، خلال الموسم الدرامي الرمضاني الماضي، بطولة شريف سلامة ودينا الشربيني وإسعاد يونس وأحمد كمال وعدد كبير من النجوم، ومن تأليف رنا أبو الريش ويسر طاهر، وإخراج خالد الحلفاوي.

بوستر مسلسل «كامل العدد+1» (الشركة المنتجة)

وفي حين يجسد سلامة شخصية «أحمد مختار» في المسلسل، وهو شاب يتميز بالصراحة، والوضوح، ويتبنى مبادئ في الحياة، وهي شخصية تبدو بسيطة واعتيادية، يرى سلامة أن «تجسيد الشخصيات المألوفة أصعب بكثير من تجسيد الأدوار غريبة الأطوار أو المختلفة عن السائد»، مفسراً الأمر بأن «تقمص الممثل لشخصية قريبة منه وتشبهه يعدّ أمراً صعباً، كونه يواجه تحدياً لتقديم جديد بحيث يستطيع الخروج من عالمه الواقعي لعالم الشخصية».

فما رأى أن «تجسيد الشخصية الغريبة والمختلفة عنه يمنحه فرصاً ومعطيات كثيرة جداً يستطيع من خلالها الفصل بين العالمين، وهو ما كان رهاناً صعباً خلال العمل على شخصيتي في المسلسل».

وعلى الرغم من مشاركة عدد كبير من الأطفال والشباب في سن صغيرة في العمل، يؤكد سلامة: «استفدت من خبرتي الحياتية بصفتي أباً، واستطعت مزج هذه المشاعر بالتفاصيل الدرامية، الأمر الذي انعكس على الشاشة بشكل تلقائي، وظهر في المَشاهد التي بدت فيها العلاقة بين الأب وأبنائه طبيعية تماماً».

وتحدث سلامة عن كواليس العمل مع دينا الشربيني، مؤكداً أنهما استفادا من وجود كيمياء بينهما، تولّدت منذ اللحظة الأولى للعمل معاً، مما أسهم في تلقائية الأداء، لافتاً إلى أن «هذه التفاصيل الدقيقة تسهم بشكل عميق في خروج العمل بشكل يولّد مصداقية لدى المشاهد، بحيث يندمج مع الممثلين ويتوحّد معهم، وهذه الحالة تضمن للعمل الفني الاستمرار والتأثير».

يرى سلامة أن «كامل العدد» نجح لبساطته (الشركة المنتجة)

وفي حين يحقق سلامة نجاحاً جماهيريا ونقدياً خلال الأدوار التي يقدمها في السينما والدراما، يغيب بين الفترة والأخرى، ويُرجع ذلك إلى أنه يرى أن «وجودي في السينما لا بدّ أن يرتبط بتقديمي دوراً يعيش مع الناس بعد فترة، ولا يعتمد على النجاح الوقتيّ الآنيّ. وهذه الأدوار لا تتوفر بسهولة، وأنا لا أبحث عن الانتشار، فقد تجاوزت هذه المرحلة منذ فترة، والانتقائية الشديدة هي التي تضمن للممثل أن يعيش طويلاً لدى الجمهور».

ويرى سلامة أنه لا يحرص على الوجود المستمر في الدراما بسبب رغبته في عدم تكرار نفسه، كي لا يصاب المشاهد بالملل، فضلاً عن حلمه الدائم أن يترك رصيداً لدى المشاهد يولّد بينهما علاقة احترام متبادل، بحيث يصبح اسمه ممثلاً علامةَ جودة على أي عمل يشارك فيه، لافتاً إلى أن «الأمر مجدِ فنياً، لكن على المدى الطويل».

ويستعد شريف سلامة لتصوير مشاهده في فيلم «أسد أسود» بطولة الفنان محمد رمضان، ومن تأليف محمد وخالد وشيرين دياب، وإخراج محمد دياب، ويتطرق لإحدى ثورات العبيد.


مقالات ذات صلة

وفاة الفنانة المصرية شروق عن عمر ناهز 73 عاماً

يوميات الشرق شروق وزيزي مصطفى في لقطة من مسلسل «راجل وست ستات» (يوتيوب)

وفاة الفنانة المصرية شروق عن عمر ناهز 73 عاماً

غيّب الموت الفنانة المصرية شروق عن عمر ناهز الـ73عاماً، وتم تشييع جثمانها من مسجد «السيدة نفيسة»، بالقاهرة.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق كريم محمود عبد العزيز في شخصية «الأمير شمس الدين» بالمسلسل (الشركة المنتجة)

نهاية «مملكة الحرير» تفتح الباب لاستعادة وهج الدراما الخيالية بمصر

دارت أحداث مسلسل «مملكة الحرير» في إطار من الخيال والفانتازيا، وفي زمان ومكان غير محدَّدَيْن، مُنطلقة من حادث اغتيال الملك «نور الدين الثاني» وزوجته.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري الراحل سامح عبد العزيز (حسابه على فيسبوك)

وفاة المخرج سامح عبد العزيز تفجع الوسط الفني المصري

فُجع الوسط الفني في مصر، صباح الخميس، بخبر وفاة المخرج سامح عبد العزيز (49 عاماً)، إثر تعرضه لأزمة صحية.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق نبيلة عبيد وخالد الراجح في المؤتمر الصحافي لمسلسل «جذوة» (الشرق الأوسط)

نبيلة عبيد لـ«الشرق الأوسط»: أطمح في تحويل شقتي إلى متحف

أكدت الفنانة المصرية نبيلة عبيد أنها تطمح في تحويل شقتها القديمة إلى «متحف» للحفاظ على مقتنياتها.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق إلهام شاهين ويسرا ولميس الحديدي ودرة خلال الحفل (حساب إلهام شاهين على «فيسبوك»)

زفاف حفيد عادل إمام يُثير شجناً وتساؤلات بشأن حالته الصحية

غاب الفنان المصري عادل إمام عن حفل زفاف حفيده، ما أثار تساؤلات جديدة بشأن حالته الصحية.

أحمد عدلي (القاهرة)

الرسّام رفيق الحريري: الصحة النفسية قضيّتي الفنية

من خلال الفن البصري يتطرق الرسّام إلى قضايا نفسية يتماهى معها المتابعون (صفحة rafikillustration)
من خلال الفن البصري يتطرق الرسّام إلى قضايا نفسية يتماهى معها المتابعون (صفحة rafikillustration)
TT

الرسّام رفيق الحريري: الصحة النفسية قضيّتي الفنية

من خلال الفن البصري يتطرق الرسّام إلى قضايا نفسية يتماهى معها المتابعون (صفحة rafikillustration)
من خلال الفن البصري يتطرق الرسّام إلى قضايا نفسية يتماهى معها المتابعون (صفحة rafikillustration)

لم تحظَ الصحة النفسية يوماً باهتمام كما هي الحال في هذه الآونة. بعد أن كانت موضوعاً يُعتبر من المحرّمات في الماضي القريب، ها هي تتحوّل إلى تريند. فمع كل تصفّحٍ لمنصات التواصل الاجتماعي تطالعك الفيديوهات والمقولات المحفّزة نفسياً إلى درجةٍ مبالغٍ فيها أحياناً. إذ يبدو وكأنّ الجميع بات خبيراً في الشأن النفسي، يوزّع نصائحه بأهميةِ تخطّي الأزمات، والاعتناء بالذات، مع العلم بأنّ فائض الإيجابية وكثرة النُّصح تضرّ بالمُتعَبين نفسياً أكثر ممّا تنفعهم.

من دون مبالغة ولا ضجيج، حمل الرسّام المتخصص في الفن البصري رفيق الحريري بيُمناه ريشته متعددة الألوان. وبيُسراه، التقط قلبَه المُثقل بالندوب. التحفَ موهبته الفنية ومعاناته النفسية ليجعل من صفحته مساحةً تنبت منها زهور الأمل واللطف. يطرح محتوىً مختلفاً عن السائد، من خلال فيديوهات تقدّم فناً هادفاً نفسياً.

رغم عدد متابعيه الذين فاقوا الـ110 آلاف على «إنستغرام»، يتجنّب الحريري ركوب موجة «تريند» الصحة النفسية. يخبر «الشرق الأوسط» كيف أن رحلته الشخصية مع اضطرابات الأكل ذات الخلفيّة النفسية أخذته إلى حيث هو الآن؛ مؤثّرٌ يتماهى مع محتواه الكثيرون، فيجدون «الدفء» في رسوماته، وعباراته العميقة، على بساطتها.

عناصر الرسم مألوفة، والخطوط واضحة. هنا يدان مضمّدتان تخترقهما زهور صفراء، ترافقها عبارة: «اكتشفت إنو كل الوجع كان زراعة كرمال ازدهر». وهناك فنجان قهوة تخرج منه حكمةٌ بسيطة: «تعلّمت إنو ما حدا بيخلّيك تعيس من دون إذنك»، ويُستكمل الفيديو بقلبٍ سقط أرضاً بعد أن تحطّم الإناء الذي كان يؤويه.

بالتزامن مع جائحة كورونا «التي عزّزت التكاتف الاجتماعي والشعور بالآخر»، وفق الحريري، وبالتوازي مع خضوعه لعلاجٍ نفسي بسبب معاناته مع اضطراب الأكل، بدأ الرسّام يسكب مشاعره وأفكاره على صفحات التواصل. كان الهدف الأساسيّ إفراغ ما في صدره من مشاعر، وما في رأسه من أفكار، الأمر الذي يساعد في العلاج.

«عندما بدأت بهذه المذكّرات البصرية، لم يكن الهدف التوعية النفسية بقدر ما كان سرد قصة شخصية. لكن الناس صاروا يتفاعلون بالقول إنهم اختبروا الأمر نفسه، وفهمت هنا أنهم جاهزون للتلقّي. ومثلما وجدت راحة نفسية في إخراج ما في داخلي من معاناة، وجد المتلقّون كذلك راحة نفسية عبر متابعة المحتوى». كلّما كان يغوص أكثر في العلاج النفسي، لاحظ أنّ الفن الذي يقدّم يزداد صدقاً، ويتخفف من المواربة، والخجل.

رفيق الحريري رسّام لبناني متخصّص في الفن البصري (الشرق الأوسط)

منشور تلو آخر، يتّضح أن الصحة النفسية باتت قضية الحريري الفنية. على طريقته، يمسّد على آلام الناس. من خلال فيديوهاته، يوجّه لهم رسائل محدّدة: «التركيز على الاعتناء بالنفس، اكتشاف الذات وعدم القسوة عليها، والاستمرار رغم الانكسار».

لاقى النداء صدىً، فالرسائل التي تصل إلى الفنان الشاب تتحدّث عن «دفء» يشعرون به كلّما شاهدوا محتواه. في المقابل، يبوح بأنه يقظٌ إلى المسؤولية التي يحملها لناحية مراعاة مشاعر المتابعين: «أوّلاً أتجنّب فائض الإيجابية، فهذا لا يساعد كثيراً مَن يعانون نفسياً. وفي الوقت ذاته أضيء على فكرة عدم الهروب من المعاناة عندما نمر بها، بل الغوص فيها».

قلبٌ محطّم لكنه قابل للترميم (صفحة rafikillustration)

«حلو التخلّي عن الندم، عن العبء، عن الوجع، ونكفّي الطريق». بكلماتٍ أليفة ومطَمئنة، يحادث الحريري متابعيه. يتّخذ التخلّي هيئة يدٍ تلوّح للغيم العابر من نافذة السيارة، ثم يطير الندم مع بالون أحمر تحرّر من قبضة يد، يلحق به العبء الخارج من حقيبة المدرسة على شكل مغلّفات رسائل. أما الوجع فقلبٌ نابضٌ صغير تحتضنه كفّانِ بحنان، لتخفّفا من قلقه.

الرقّة هي أكثر ما يحتاجه المتألّمون نفسياً، وقد أدرك الفنان رفيق الحريري ذلك. يتواصل معهم بصرياً من دون أن يفلسف الأمور. «اللحظة التي أشعر فيها بأنني لست صادقاً، أو بأنني أُرغم نفسي على الرسم، أتوقّف وأتراجع خطوة إلى الخلف كي لا ألطّخ المحتوى الذي أقدّم».

قبل اختراق عالم السوشيال ميديا، انطلق مشوار الرسّام اللبناني على الورق. ففي عام 2018، نشر كتاباً بعنوان: «Indigo» موجّهاً إلى الأطفال، ويعالج موضوع التنمّر، مقدّماً اللطف كقوّة خارقة. لحقَه كتابٌ آخر اتّضحت فيه أكثر الرسائل النفسية الكامنة خلف الرسم. وضعَ «I Found a Heart» (وجدتُ قلباً) الحريري على قائمة «فوربس 30 تحت الـ30» عام 2021. «شكّل ذلك التصنيف نقطة تحوّل في مسيرتي، وقد غاص الكتاب في الأفكار، والتحليلات التي تراود المرء في وحدته».

كتاب I Found a Heart أدخل الحريري إلى قائمة فوربس 30 تحت الـ30 (صور الفنان)

أما في كتاب 3 AM، فعالج الحريري الأفكار التي تراود الإنسان قبل النوم، وخلاله، وتأخذه إلى عوالم نفسية موازية. أثمر هذا النتاج خبرةً أتاحت للفنان اللبناني التعاون مع منظّمات دولية، مثل الأمم المتحدة، و«أطباء بلا حدود»، ضمن مشاريع تحفّز على الاعتناء بالصحة النفسية في المجتمعات المهمّشة، والنامية.

يطمح الحريري إلى «المزيد في مجال الصحة النفسية»، كأن يطرح مواضيع أكثر جرأةً مثل التحرّش، والاضطرابات الغذائية، وضرورة وضع الحدود الجسدية مع الآخرين.

ساعدته موهبته على التخفّف من أحمالٍ كثيرة. الحِمل الوحيد الذي لم ينزل بعد تماماً عن كتفَيه اسمُه المُثقل بالخلفيّات السياسية. عن رئيس الحكومة اللبنانية الشهيد رفيق الحريري أخذ الفنان الشاب الاسم: «ثمة مَن يحبونني بسبب اسمي، فيما يكرهني آخرون لأنني أحمله. أما أنا فلا أريد أن أعلّم في ذاكرة الناس سوى من خلال فنّي».