«تيك توك لايت»... خدمة جديدة تثير مخاوف من سلوك «إدماني» لدى الشباب

العلامة التجارية لـ«تيك توك لايت» (أ.ف.ب)
العلامة التجارية لـ«تيك توك لايت» (أ.ف.ب)
TT

«تيك توك لايت»... خدمة جديدة تثير مخاوف من سلوك «إدماني» لدى الشباب

العلامة التجارية لـ«تيك توك لايت» (أ.ف.ب)
العلامة التجارية لـ«تيك توك لايت» (أ.ف.ب)

يثير تطبيق «تيك توك لايت» الجديد قلق الاتحاد الأوروبي وفرنسا، لخشيتهما من أن يكون المبدأ الذي يقوم عليه محفزاً للسلوك الإدماني لدى الشباب، إذ يكافئ المستخدمين الذين يمضون عدداً معيناً من الدقائق يومياً في مشاهدة مقاطع الفيديو بقطع نقدية افتراضية يمكنهم إبدالها ببطاقة لشراء الهدايا.

ووفق تقرير نشرته «وكالة الصحافة الفرنسية»، طلبت المفوضية الأوروبية، أمس (الأربعاء)، من «تيك توك» أن تقدم لها توضيحات في غضون 24 ساعة حول المخاطر المرتبطة بنشر تطبيقها الجديد في فرنسا، وإسبانيا.

يأتي هذا الطلب الرسمي في إطار التشريع الأوروبي الجديد بشأن الخدمات الرقمية (DSA)، ويتعلق «بالتأثير المحتمل لبرنامج المكافآت الجديد على حماية القاصرين، والصحة العقلية للمستخدمين»، ولا سيما «التحفيز المحتمل على السلوك الإدماني»، وفق المفوضية الأوروبية.

وقد أُطلق تطبيق «تيك توك لايت»، المملوك لشركة «بايت دانس» الصينية، من دون ضجة إعلامية كبيرة في نهاية مارس (آذار)، وهو يكافئ المستخدمين بقطع نقدية افتراضية إذا سجلوا الدخول يومياً لمدة عشرة أيام، وإذا أمضوا وقتاً في مشاهدة مقاطع الفيديو (بحد أقصى 60 إلى 85 دقيقة يومياً)، وأيضاً إذا ما قاموا بأمور معينة، بينها مثلاً الإعجاب بمقاطع الفيديو، ومتابعة صانعي المحتوى.

ويمكن بعد ذلك تغيير هذه القطع النقدية الافتراضية ببطاقات هدايا على المواقع الشريكة، مثل «أمازون».

وتقول أستاذة علوم المعلومات والاتصالات في جامعة لورين في شرق فرنسا إن مبدأ تحويل المنصات إلى ما يشبه «الألعاب»، «ظاهرة معروفة، وإشكالية لإحداث حالة من التبعية».

وذكّرت الشبكة الاجتماعية في مناسبات عدة بأن الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 18 عاماً أو أكثر هم وحدهم الذين يمكنهم جمع النقود الافتراضية، وأنها تطبق إجراءات للتأكد من عمر المستخدمين.

وقالت «تيك توك» للوكالة «إن إجراءات التثبت تشمل التقاط صورة شخصية مع بطاقة الهوية، أو التقاط مقاطع شخصية بالفيديو، أو تفويضاً على البطاقة المصرفية، وهي ضرورية لتحويل العملات الافتراضية إلى قسائم شراء.

«نفاق»

لكن الشركة تواجه صعوبة في إقناع المستخدمين بخدمتها الجديدة.

وتوضح كوردييه أنها «قمة النفاق»، إذ «إنهم يعلمون جيداً أن التحايل (على قواعد التثبت) سيكون ممكناً».

وتقول المحاضرة في التسويق الرقمي في معهد إدارة الأعمال في باريس ماريا ميركانتي غيران إن «من الصعب جداً التحقق من العمر. يمكنك دائماً أخذ البطاقة المصرفية الخاصة بوالديك».

وقالت وزيرة الدولة الفرنسية للشؤون الرقمية مارينا فيراري، أمس، إن طلب المفوضية الأوروبية للحصول على معلومات «يسير في الاتجاه الصحيح». وكانت قد أعربت عن «قلقها» إثر إطلاق «تيك توك لايت».

وتدرس الوزارة «بأكبر قدر من الاهتمام آليات واجهة الاستخدام» للتطبيق التي توصف بأنها «انحراف مثير للشكوك»، في وقت بدأت فيه فرنسا «التفكير في وقت الشاشة»، أي الوقت الذين يمضيه المستخدمون، خصوصاً من الفئات الشابة، أمام الشاشة، وفق الوزيرة.

ونجح «تيك توك»، المتمحور خصوصاً حول مقاطع فيديو راقصة، أو موسيقية، في استقطاب أكثر من 1.5 مليار مستخدم في جميع أنحاء العالم، لكنه متهم منذ سنوات في الولايات المتحدة وأوروبا بتشتيت انتباه الشباب عبر التركيز على محتويات تُوصف بأنها سطحية.

وأكدت «تيك توك» أنها على اتصال مباشر مع المفوضية الأوروبية بشأن «تيك توك لايت» وتعتزم تقديم رد. وهي موضع تحقيق أطلقته المفوضية في فبراير (شباط)، بسبب إخفاقات مفترضة في حماية القاصرين بموجب قانون الخدمات الرقمية.

ويثير ذلك شكوكاً حيال توقيت هذا الإطلاق، الذي يبدو بمثابة «استفزاز» وفق ماريا ميركانتي غيران.

تفاعل

وتسعى «تيك توك» بشكل أساسي إلى جذب مستخدمين جدد ومحاربة الركود في نمو المستخدمين في أوروبا، بحسب موقع «ذي إنفورميشن» الأميركي، الذي تمكن من الوصول إلى وثيقة داخلية للشركة.

وفي أوروبا، لا يتوفر التطبيق إلا على 13 في المائة من أجهزة «أندرويد»، مقارنة بـ37 في المائة لـ«إنستغرام» و59 في المائة لـ«فيسبوك»، بحسب المصدر نفسه.

وتقول ماريا ميركانتي غيران إن «الشبكة الاجتماعية التي لا تنمو تموت».

من خلال نظام المكافآت الجديد، تسعى «تيك توك» أيضاً إلى تحسين التفاعل لدى المستخدمين، وهو أمر جوهري في هذا القطاع.

وتؤكد ميركانتي غيران أن «مصداقيتها الإعلانية على المحك، لأن العلامات التجارية لا تستثمر في شبكات ذات معدلات تفاعل منخفضة».

وتشير إلى أن «(تيك توك لايت) ستعمل على زيادة هذا التفاعل بشكل مصطنع تقريباً»، لافتة إلى أن الشبكة الاجتماعية تؤدي بالفعل أداءً جيداً في هذا المجال.

لكن نسبة التفاعل تتجه نحو الانخفاض على شبكات التواصل الاجتماعي، بحسب الخبيرة التي تلفت إلى أن هذا التفاعل يبدأ قوياً جداً، ثم ينتهي بالركود.


مقالات ذات صلة

إلى المراهقين... احذروا هذه الممارسة الخطيرة على «تيك توك»

يوميات الشرق مقاطع ممارسة «الكرومينغ» انتشرت بشكل واسع على «تيك توك» (رويترز)

إلى المراهقين... احذروا هذه الممارسة الخطيرة على «تيك توك»

هذا الانتشار قد يكون نتيجة شيوع مقاطع الفيديو التي تعرض هذه الممارسات على المنصة الشهيرة بين الشباب.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق شعار «تيك توك» (د.ب.أ)

«تيك توك» يحظر حسابات وسائل إعلام روسية حكومية

قال تطبيق «تيك توك» إنه أزال حسابات مرتبطة بوسائل إعلام روسية حكومية «لمشاركتها في عمليات تأثير سرية».

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الولايات المتحدة​ من أمام أحد مكاتب «تيك توك» في ولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

مستقبل «تيك توك» في الولايات المتحدة على المحك أمام محكمة فيدرالية

سيسعى تطبيق «تيك توك» إلى إقناع محكمة فيدرالية أميركية، الاثنين، بأن القانون الذي يلزم مالكي المنصة الصينيين ببيعه وإلا يُحظر في أميركا، مخالف للدستور.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق مها أحمد (حسابها على فيسبوك)

هل يلجأ فنانون مصريون إلى «تيك توك» لتعويض غيابهم عن الشاشة؟

لجأ عدد من الفنانين المصريين خلال السنوات القليلة الماضية إلى موقع "تيك توك"، لأغراض وغايات متنوعة.

داليا ماهر (القاهرة)
شمال افريقيا طورت الداخلية مراكز الإصلاح والتأهيل في السنوات الماضية (وزارة الداخلية - أرشيفية)

ضبط «تيك توكر» مصري أجرى مشهداً تمثيلياً لـ«مراكز الإصلاح»

أعلنت وزارة الداخلية المصرية ضبط «تيك توكر» وبصحبته 3 آخرين، على خلفية تقديمهم «مشاهد تمثيلية» بوصفهم داخل إحدى غرف «مراكز الإصلاح والتأهيل».

أحمد عدلي (القاهرة)

«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
TT

«ودارت الأيام»... مسرحية مصرية تُحذّر من «تضحيات الزوجة المفرِطة»

الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)
الديكور جزء أساسي من مفردات العمل (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

حين أطلق صُنّاع أغنية «ودارت الأيام» تحفتَهم الغنائية الخالدة عام 1970 لتصبح واحدة من روائع «كوكب الشرق» أمّ كُلثوم، ربما لم يخطر على بالهم أنها سوف تصبح اسماً لواحد من العروض المسرحية بعد مرور أكثر من نصف قرن.

وبينما تحفل الأغنية الشهيرة التي كتبها مأمون الشناوي، ولحّنها موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، بالتفاؤل والنهاية السعيدة لجفوة قديمة بين حبيبَين التقيا بعد سنوات من الفراق، فإن المسرحية التي تحمل الاسم نفسه، وتُعرَض حالياً ضمن فعاليات مهرجان «أيام القاهرة للمونودراما الدّولي»، تحمل أجواءً حزينة مِلؤها الحسرة والأسى لزوجة تكتشف بعد فوات الأوان أنها خسرت كل شيء، وأن تضحياتها الزوجية عبر أحلى سنوات العمر ذهبت أدراج الرياح.

حالات متناقضة من المشاعر والانفعالات (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

تروي المسرحية قصة زوجة تستيقظ فجأةً على نبأ وفاة زوجها، بيد أن المصيبة هذه لم تأتِ بمفردها، بل جرّت معها مصائب متلاحقة، ليُصبح الأمر كابوساً متكامل الأركان، فالزوج لم يَمُت في بيت الزوجية، بل في بيت آخر مع زوجة أخرى اقترن بها سراً قبل نحو 15 عاماً، لتكتشف البطلة أنها عاشت مخدوعة لسنوات طوال.

محاولة لاستعادة الماضي بلا جدوى (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

تلك الصّدمة العاطفية الكُبرى شكّلت نقطة الانطلاق الحقيقية للعرض المسرحي الذي أخرجه فادي فوكيه، حين تأخذ البطلة التي جسّدت شخصيتها الفنانة وفاء الحكيم، في استرجاع ذكريات رحلتها الزوجية التي اتّسمت بتنازلها عن كثيرٍ من حقوقها بصفتها زوجة وأنثى، كما تروي مواقف عدّة، تقبّلت فيها معاملة زوجها المهينة ونظرته الدُّونية لها، وأنانيته وتغطرسه؛ إذ لم يكن يفكر إلا في نفسه، وكان يتعامل مع زوجته كأنها خادمة مسخّرة لتلبية رغباته، وليست شريكة حياة لها حقوق كما أن عليها واجبات.

عدّ الناقد المسرحي د. عبد الكريم الحجراوي، مسرح المونودراما الذي ينتمي إليه العمل «من أصعب أنواع القوالب الفنية؛ لأنه يعتمد على ممثّل واحد في مواجهة الجمهور، مطلوب منه أن يكون شديدَ البراعة ومتعددَ المواهب من حيث التّشخيص، والمرونة الجسدية، والاستعراض، والتحكم في طبقات صوته»، مشيراً في حديث لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذا الممثل مُطالَب بالسيطرة على المتفرج، والإبقاء عليه في حالة انتباه وتفاعل طوال الوقت، ومن هنا تكمن الصعوبة، حيث لا وجود لشخصيات أخرى أو حوار.

ويضيف الحجراوي: «وجد ممثل المونودراما نفسه مطالَباً بالتعبير عن الصراع الدرامي بينه وبين الآخرين الغائبين، أو بينه وبين نفسه، فضلاً عن أهمية امتلاكه مرونة التعبير عن حالات مختلفة من المشاعر، والانفعالات، والعواطف المتضاربة التي تتدرّج من الأسى والحزن والشّجَن إلى المرح والكوميديا والسُّخرية، وهو ما نجحت فيه وفاء الحكيم في هذا العمل».

أداء تمثيلي اتّسم بالإجادة (إدارة مهرجان القاهرة للمونودراما)

ويُبرِز العمل الذي يُعدّ التجربة الأولى للمؤلفة أمل فوزي، كثيراً من محطات الخذلان والإحباط التي عاشتها الزوجة؛ فقد رفضت والدتها ذات الشخصية القوية، فكرة انفصالها عن زوجها في السنوات الأولى لحياتهما معاً، ومن ثَمّ رفضت الزوجة نفسها فكرة الانفصال بعد إنجاب أكثر من طفل، وتلوم البطلة نفسها بسبب قبولها لموضوع الزواج في سنٍّ صغيرة وهي لا تزال في بداية دراستها الجامعية، وعجزها عن التمرد بوجه زوجها حين رفض بإصرارٍ أن تُكمل دراستها، مخالِفاً بذلك وعدَه لها ولأسرتها أثناء فترة الخطوبة.

واللافت أن الزوجة لا تغار من الزوجة الثانية التي أنجبت هي الأخرى طفلاً من زوجهما المشترك، بل تلومُ نفسها على ضعف شخصيتها حيناً، وثقتها غير المبرّرة في زوجها أحياناً.