«لمسات ذهبية »... معرض قاهري يحتفي بالزخارف الإسلامية

25 لوحة تعكس مواهب فنية من مصر وتايلاند

يهدف المعرض إلى جذب الجمهور من الدائرة الأوسع لاستكشاف الفنون التراثية وتذوقها (الشرق الأوسط)
يهدف المعرض إلى جذب الجمهور من الدائرة الأوسع لاستكشاف الفنون التراثية وتذوقها (الشرق الأوسط)
TT

«لمسات ذهبية »... معرض قاهري يحتفي بالزخارف الإسلامية

يهدف المعرض إلى جذب الجمهور من الدائرة الأوسع لاستكشاف الفنون التراثية وتذوقها (الشرق الأوسط)
يهدف المعرض إلى جذب الجمهور من الدائرة الأوسع لاستكشاف الفنون التراثية وتذوقها (الشرق الأوسط)

يحتفي معرض «لمسات ذهبية» بالزخارف الإسلامية عبر تطويع الفن والمزج بين التشكيلات الهندسية والتكوينات النباتية، لتقديم رؤى جمالية تنطلق من العمق الحضاري لكل فنان.

ويضمّ المعرض الذي يُنظّم في مركز «القلم» الثقافي بقلب القاهرة التاريخية، 25 عملاً تعكس جمال الزخارف الإسلامية بتشكيلاتها المميزة وألوانها الزاهية.

ويشارك في المعرض، الذي يستمر حتى 20 أبريل (نيسان) الحالي، 10 فنانين مصريين، بالإضافة إلى الفنان زينون محمد عيسى من تايلاند. والمشاركون هم: عادل محمد، وعماد يوسف، وعبد الله محمد، والزهراء داهش، وشيماء الزهري، وإنجي أحمد، وهناء التابعي، وسماء سيد، وشيماء محمد، ومنيرة غانم.

وتعكس إنتاجات الفنانين قدرتهم على تنسيق الوحدات الزخرفية، واستعمال الألوان بشكل متجانس مع التصاميم، ممّا جعلها جاذبة لأنظار الجمهور، وفق المهندس محمد وهدان مدير مركز القلم الثقافي، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»: «جمع هؤلاء المبدعون في لوحاتهم بين القدرة على الابتكار والتجديد، وعكست أعمالهم خصوصية فن الزخرفة المملوكية»، مشيراً إلى أن «هذا المعرض يستهدف خلق مساحة رحبة للمهتمين بالزخرفة النباتية والهندسية للتفاعل، ومشاركة ما لديهم من تجارب فنية، وقد سعى إلى مدّ جسور التواصل بين المزخرفين الهواة والمحترفين، لتبادل المعارف والخبرات وإثراء الحراك الفني في مصر».

وعن تاريخ الزخرفة في الفنون الإسلامية، يوضح وهدان أن «الفنان المسلم برع في استخدام التشكيلات النباتية من أوراق وفروع وأزهار وثمار، فعمل على تحوير وتجريد العناصر المستخدمة من صورتها الطبيعية، وتركيبها وفق قواعد محدّدة كالتكرار والتناظر والتناوب والتقابل والتعاكس»، وتابع: «كما طوّع الفنان العربي الأشكال الهندسية في إبداعاته كالمستقيمات والمربعات والمثلثات والدوائر والأطباق النجمية وغيرها، وظهر فيها ميله إلى شغل المساحات وملء الفراغ على البنايات، أو في تزيين صفحات الكتب والمصاحف، ما خلق حالة من التباري في إظهار القدرات المختلفة لكل فنان».

ويُعدّ المعرض نتاجاً للمبادرة التي أطلقها المركز منذ سنوات عدّة، تحت عنوان «تجمع مزخرفي مصر»، بدعم من برنامج «تاندم أمواج» للمِنح الصغيرة القائم على تنفيذه «مسارات جماعية» (Collective Routes)، وعن ذلك يقول وهدان: «يُنظم المركز في مقره تجمعاً شهرياً للمزخرفين في سياقات غير رسمية بهدف خلق مساحة آمنة رحبة للتواصل وتبادل الخبرات الفنية».

المهندس محمد وهدان مدير المركز والفنان التايلاندي زينون عيسى أمام لوحة للأخير (الشرق الأوسط)

ويضيف: «نقيم فعاليات تتضمن عدة أنشطة، منها الجلسات التوجيهية، والتصحيح للأعمال والمشاريع الفنية، وإقامة معارض فنية للصاعدين والمحترفين على السواء، ومحاضرات نظرية، وورش عمل، وحفلات توقيع للكتب الجديدة في مجال الزخرفة، بهدف إرساء قواعد مجتمع فني مترابط للجماهير المهتمين بالفنون الإسلامية، وجذبهم من الدائرة الأوسع لاستكشاف الفنون التراثية وتذوّقها».

تشارك في المعرض مجموعة من مزخرفي مصر (الشرق الأوسط)

هناء التابعي الغازي، معلمة رسم زخرفي ومنظور، من محافظة دمياط (شمال شرقي مصر)، تشارك في المعرض بعملين: أحدهما يجسد زخرفة دائرية، والآخر تصميم لسجادة على ورق كانسون رخامي، ويمثّل العملان «تحدياً للوصول إلى متقابلات لونية، مع مزج تناغماتهما الفعلية في كثافة اللون وشفافيته وقدرته على اصطياد الضوء، وانعكاسه على الأشكال اللونية»، تقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن الفنون الإسلامية في الأصل زخرفية قبل كل شيء، إذ الفنان لا يكاد يحتمل رؤية مساحة خالية من الرسوم والزخارف قديماً».

عمل للفنان زينون عيسى (الشرق الأوسط)

وتتابع: «للزخارف دور في تجسيد العمارة والتصميم، مثل الزخرفة على جدران المساجد وأغلفة المصاحف، ومن مميزاتها أن الفنان يبدع من خياله، ولا ينقل ممّا حوله من الطبيعة، فقد كان الفنان المسلم القديم يبتعد عن تجسيد الطبيعة أو نقلها كما هي».

ويشارك الفنان التايلاندي زينون عيسى الطالب بالدراسات العليا في كلية اللغة العربية جامعة الأزهر بعملين من الزخرفة الهندسية المدمجة بزخارف نباتية تنتمي للعصر المملوكي، ويقول لـ«الشرق الأوسط» إن «تصميم لوحات زخرفية أمر ممتع للغاية، فأنا أحب الزخرفة الإسلامية بكل أنواعها، لأنها في حد ذاتها فن جميل، لكنها على الجانب الآخر فن شاق، إذ تتطلب الدّقة والصبر لإنجاز زخارف مميزة».

ويضيف: «أعتز بمشاركتي في هذا المعرض على وجه الخصوص؛ لأنه يقام في بيئة تاريخية فريدة من نوعها، تحيط بها المباني الأثرية المطعمة بالزخارف».

زخرفة تركية الطراز على هيئة سجادة للفنانة هناء التابعي (الشرق الأوسط)

وعلى هامش فعاليات المعرض، نُظّمت مجموعة من المحاضرات المتخصصة. منها محاضرة عن الزخارف الهندسية في الحقبة المملوكية، قدّمها المهندس مصطفى صدقي في الافتتاح، تناول فيها التعريف بالزخرفة الهندسية ومراحل تطوّرها، فضلاً عن الأنماط الحلقية والأنظمة السباعية غير المنتظمة.


مقالات ذات صلة

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

إعلام الموضوع العام الذي سينعقد «إكسبو الرياض 2030» على ضوئه يحمل رؤية المملكة وهو «تخيل الغدّ» (موقع إكسبو الرياض 2030)

السعودية على درب التحضير لـ«إكسبو 2030»

السعودية تعرض بمناسبة الجمعية العمومية للمكتب الدولي للمعارض التقدم الذي أحرزته في تحضير «إكسبو 2030».

ميشال أبونجم (إيسي لي مولينو: باريس)
يوميات الشرق ملتقى الأقصر الدولي للتصوير (إدارة الملتقى)

ملتقى الأقصر الدولي للتصوير يتفاعل مع روح المدينة القديمة

مع انطلاق فعاليات الدورة الـ17 من «ملتقى الأقصر الدولي للتصوير» في مصر، الاثنين، بدأ الفنانون المشاركون في التفاعل مع فضاء مدينة الأقصر.

منى أبو النصر (القاهرة )
يوميات الشرق شخوص اللوحات تفترش الأرض من شدة المعاناة (الشرق الأوسط)

«المرايا» رؤية جديدة لمعاناة الإنسان وقدرته على الصمود

تُعدّ لوحات الفنان السوري ماهر البارودي بمنزلة «شهادة دائمة على معاناة الإنسان وقدرته على الصمود».

نادية عبد الحليم (القاهرة )
يوميات الشرق جانب من معرض أبوظبي للفنون (الشرق الأوسط)

القديم والحديث والجريء في فن أبو ظبي

احتفل فن أبوظبي بالنسخة الـ16 مستضيفاً 102 صالة عرض من 31 دولة حول العالم.

عبير مشخص (أبوظبي)
يوميات الشرق أبت أن تُرغم الحرب نهى وادي محرم على إغلاق الغاليري وتسليمه للعدمية (آرت أون 56)

غاليري «آرت أون 56» رسالةُ شارع الجمّيزة البيروتي ضدّ الحرب

عُمر الغاليري في الشارع الشهير نحو 12 عاماً. تدرك صاحبته ما مرَّ على لبنان خلال ذلك العقد والعامين، ولا تزال الأصوات تسكنها، الانفجار وعَصْفه، الناس والهلع...

فاطمة عبد الله (بيروت)

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
TT

«العلاقات المشوهة» تجلب الانتقادات لصناع «وتر حساس» في مصر

لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)
لقطة من مسلسل «وتر حساس» (حساب صبا مبارك على «إنستغرام»)

تعرَّضت بطلات المسلسل المصري «وتر حساس»، الذي يُعرَض حالياً، لانتقادات على «السوشيال ميديا»؛ بسبب ما وصفها البعض بـ«علاقات مشوهة»، ووصل الأمر إلى تقدم نائبة مصرية ببيان عاجل، طالبت خلاله بوقف عرض المسلسل.

وأثار العمل منذ بداية بثه على قنوات «ON» جدلاً واسعاً؛ بسبب تناوله قضايا اجتماعية عدّها مراقبون ومتابعون «شائكة»، مثل الخيانة الزوجية، والعلاقات العائلية المشوهة، وطالت التعليقات السلبية صناع العمل وأداء بطلاته.

وقالت النائبة مي رشدي، في البيان العاجل: «إن الدراما تعدّ إحدى أدوات القوة الناعمة في العصر الحديث، لما لها من دور كبير ومؤثر في رسم الصورة الذهنية للمجتمعات والشعوب سلباً أو إيجاباً لسرعة انتشارها، وهي انعكاس ومرآة للمجتمع».

وأضافت: «هناك عمل درامي (وتر حساس) يُعرَض هذه الأيام على شاشات القنوات التلفزيونية، يحتاج من المهمومين بالمجتمع المصري إلى تدخل عاجل بمنع عرض باقي حلقات هذا المسلسل؛ لما يتضمّنه من أحداث تسيء للمجتمع المصري بأسره؛ فهو حافل بالعلاقات غير المشروعة والأفكار غير السوية، ويخالف عاداتنا وتقاليدنا بوصفنا مجتمعاً شرقياً له قيمه الدينية».

وتدور أحداث المسلسل، المكون من 45 حلقة، حول 3 صديقات هن «كاميليا» إنجي المقدم، وابنة خالتها «سلمى» صبا مبارك، و«رغدة» هيدي كرم، وتقوم الأخيرة بإرسال صورة إلى كاميليا يظهر فيها زوجها «رشيد»، محمد علاء، وهو برفقة مجموعة فتيات في إحدى السهرات، في حين كانت «كاميليا» تشك في زوجها في ظل فتور العلاقة بينهما في الفترة الأخيرة.

صبا مبارك ومحمد علاء في مشهد من المسلسل (قناة ON)

بينما تغضب «سلمى» من تصرف «رغدة» وتؤكد أنها ستكون سبباً في «خراب بيت صديقتهما»، وعند مواجهة كاميليا لزوجها بالصورة ينكر خيانته لها، ويؤكد لها أنها سهرة عادية بين الأصدقاء.

وتتصاعد الأحداث حين يعترف رشيد بحبه لسلمى، ابنة خالة زوجته وصديقتها، وتتوالى الأحداث، ويتبدل موقف سلمى إلى النقيض، فتبلغه بحبها، وتوافق على الزواج منه؛ وذلك بعد أن تكتشف أن كاميليا كانت سبباً في تدبير مؤامرة ضدها في الماضي تسببت في موت زوجها الأول، الذي تزوجت بعده شخصاً مدمناً يدعى «علي»، وأنجبت منه ابنتها «غالية».

وتعرف كاميليا بزواج سلمى ورشيد، وتخوض الصديقتان حرباً شرسة للفوز به، بينما يتضح أن الزوج الثاني لسلمى لا يزال على قيد الحياة، لكنه كان قد سافر للخارج للعلاج من الإدمان، ويعود للمطالبة بابنته وأمواله.

ويتعمّق المسلسل، الذي يشارك في بطولته لطيفة فهمي، ومحمد على رزق، وأحمد طارق نور، ولبنى ونس، وتميم عبده، وإخراج وائل فرج، في خبايا النفس الإنسانية، وينتقل بالمشاهدين إلى قضايا اجتماعية مثل فكرة الانتقام، والتفريط في الشرف، وتدهور العلاقات بين الأقارب، وصراع امرأتين على رجل واحد.

وتعليقاً على التحرك البرلماني ضد المسلسل، عدّ الناقد المصري محمد كمال أن «الأمر لا يستدعي هذه الدرجة من التصعيد». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «إن العمل بالفعل مليء بالعلاقات المشوهة، التي لا تقتصر على الخيانة الزوجية، وإنما تمتد إلى خيانة علاقة الأقارب والأصدقاء فيما بينهم؛ فيظهر معظم أبطال العمل غير أسوياء، فالشخصية الرئيسة الثالثة في العمل (رغدة) تخون أيضاً صديقتيها سلمى وكاميليا، وكل ما تسعى وراءه هو جني المال، والإساءة إليهما!».

ويتابع كمال: «فاجأتنا الأحداث كذلك بأن طليق سلمى، ووالد ابنتها كان ولا يزال مدمناً، وكان قد عقد اتفاقاً معها في الماضي بتزوير أوراق تفيد بوفاته؛ كي يثير شفقة والده، ويكتب ثروته بالكامل لابنته غالية، ويسافر هو للعلاج، مع وعدٍ بأنه لن يرجع، وهو جانب آخر من الأفعال المنحرفة».

كاميليا وسلمى... الخيانة داخل العائلة الواحدة (قناة ON)

ويتابع: «وهكذا كل شخوص المسلسل باستثناءات قليلة للغاية، فهناك مَن اغتصب، وسرق، وخان، وقتل، وانتحر، لكن على الرغم من ذلك فإني أرفض فكرة وقف عمل درامي؛ لأن المجتمعات كلها بها نماذج مشوهة، والمجتمع المصري أكبر مِن أن يمسه أي عمل فني، كما أن الجمهور بات على وعي بأن ما يراه عملٌ من خيال المؤلف».

ويرى مؤلف العمل أمين جمال أن «المسلسل انعكاس للواقع»، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «إن قضية احتدام الصراع أصبحت سمة غالبة على علاقات البشر عموماً، وموجودة في العالم كله، ولا يمكن أن تنفصل الدراما عن الواقع».

وتابع: «المسلسل يأتي في إطار درامي اجتماعي مشوق، لذلك نجح في أن يجتذب الجمهور، الذي ينتظر بعد عرض كل حلقة، الحلقة الجديدة في شغف، ويظهر ذلك في تعليقات المشاهدين على (السوشيال ميديا)».

وأشار إلى أنه «بالإضافة لتقديم الدراما المشوقة، في الوقت نفسه أحرص على تقديم رسائل مهمة بين السطور، مثل عدم الانخداع بالمظهر الخارجي للعلاقات؛ فقد تكون في واقع الأمر علاقات زائفة، على الرغم من بريقها، مثل تلك العلاقات التي تجمع بين أفراد العائلة في المسلسل، أو العلاقة بين الصديقات».

من جهتها، هاجمت الناقدة الفنية المصرية ماجدة خير الله المسلسل، وتساءلت في حديثها لـ«الشرق الأوسط»: «لماذا هذا الحشد لذلك الكم الكبير من الخيانات بين الأزواج والأصدقاء والأقارب؟»، وقالت: «لست ضد أن تعرض الدراما أي موضوع أو قضية من قضايا المجتمع، على أن تقدم معالجة فنية بها قدر من التوازن بين الأبعاد المختلفة، لا أن تقتصر على جانب واحد فقط».

وعن القول إن العمل يقدم الواقع، تساءلت ماجدة: «هل هذا هو الواقع بالفعل؟ أم أن الواقع مليء بأشياء كثيرة بخلاف الخيانات وانهيار العلاقات بين الناس، التي تستحق مناقشتها في أعمالنا الدرامية، فلماذا يختار العمل تقديم زاوية واحدة فقط من الواقع؟».

وعدّت «التركيز على التشوهات في هذا العمل مزعجاً للغاية، وجعل منه مسلسلاً مظلماً».