«السمسمية» تذكر بـ«المقاومة الشعبية» في مدن القناة بمصر

مسرحية غنائية تعتمد على الحكي

العرض يقدم 7 حكايات لأبطال مدن القناة المصرية (الشرق الأوسط)
العرض يقدم 7 حكايات لأبطال مدن القناة المصرية (الشرق الأوسط)
TT

«السمسمية» تذكر بـ«المقاومة الشعبية» في مدن القناة بمصر

العرض يقدم 7 حكايات لأبطال مدن القناة المصرية (الشرق الأوسط)
العرض يقدم 7 حكايات لأبطال مدن القناة المصرية (الشرق الأوسط)

كان المسرح منذ بدايته بمنزلة سجل يوثق قضايا وأحداثاً مهمة شهدتها المجتمعات التي نشأ فيها، فهو بطبيعته فن قائم على عنصر رئيسي يسيطر عليه وهو الصراع، ما يؤهل المسرح إلى تشكيل قالب فنّي متناغم مع ثيمة النضال والمقاومة.

وحول هذه الثيمة تدور أحداث مسرحية «السمسمية» إنتاج فرقة «مسرح المواجهة والتجوال» - التابعة لوزارة الثقافة المصرية - التي افتُتحت مساء ثاني أيام عيد الفطر الخميس، على المسرح العائم بالمنيل في القاهرة.

لقطة من مسرحية «السمسمية» (الشرق الأوسط)

ومن خلالها يعيش الجمهور على مدى نحو ساعة وربع الساعة مع قصص أبطال المقاومة في مدن القناة المصرية (الإسماعيلية، وبورسعيد، والسويس) إضافةً إلى أبطال سيناء، الذين لم يُذكروا بشكل كافٍ في وسائل الإعلام، حسب مؤلف العمل ومخرجه سعيد سليمان الذي يقول لـ«الشرق الأوسط»: «تأتي (السمسمية) ضمن مبادرة (وُلد هنا) الهادفة إلى التعريف والاحتفاء بالتنويريين والملهمين في مختلف المجالات».

ويرى سليمان أن مدن القناة هي الأكثر احتياجاً لتسليط الضوء على أبطالها وشخصياتها المؤثرة من خلال هذه المبادرة، وعن ذلك يقول: «أحتفي بهذه المنطقة، لأن هناك من تناول الصعيد بشكل عام، خصوصاً الجواني (جنوب مصر) في أعمال أدبية ودرامية مختلفة، في حين أن مدن القناة لم تنل القدر نفسه من هذا الاهتمام، وهو ما ينبغي أن يلتفت إليه الفنانون؛ لأن لهذه المنطقة دوراً كبيراً وعظيماً غير مسبوق في المقاومة الشعبية، بداية من العدوان الثلاثي على مصر سنة 1956، مروراً بالنكسة وحتى انتصار أكتوبر (تشرين الأول) عام 1973».

يلعب الراوي دوراً رئيسياً في العمل (الشرق الأوسط)

واختار مؤلف العمل اسم «السمسمية»، وهي آلة موسيقية تراثية تُعد رمزاً لحركة المقاومة الشعبية في مصر عنواناً للعرض: «هي البطل الرئيسي للمقاومة في هذه المدن، وهي كذلك البطل الرئيسي للمسرحية، فقد كانت تلهب المشاعر عبر نغماتها الحماسية، فإذا كانت آلة الناي اشتهرت بأنها آلة حزينة، فإن السمسمية هي آلة تثور وتحارب».

ويقوم هذا العمل الغنائي في جوهره على العزف والغناء الحي على السمسمية، التي اعتمدها أصحاب المقاومة وسيلة لتحفيز الناس على القتال، فكانوا يعزفون عليها في الشوارع والبيوت والمقاهي حسب سليمان الذي يقول: «لا يعتمد العرض في الأساس على قصة ولا يتضمن نصاً، لكنه يقوم على الحكي الشعبي المقترن بآلة السمسمية وأغانيها ورقصاتها، مع أداء الممثل راوياً أو حكواتياً، من دون قالب مسرحي مألوف، أو حبكة تقليدية».

سيونوغرافيا العمل تلائم فكر المقاومة (الشرق الأوسط)

وتُعد المسرحية أقرب إلى مجموعة من القصص أو اللوحات داخل نسيج العرض، ويجد المشاهد نفسه يخرج من لوحة إلى أخرى، ويربط الغناء والموسيقى بينها، يقول سليمان: «كل لوحة تحكي قصة شخصية وما حولها من نجاحات أو انكسارات أو بطولات واستشهاد لتكون قدوة، ليس في حالة الحرب فقط، إنما للتمتع بالروح القتالية للوصول إلى الأحلام والأهداف في الحياة عموماً».

من أبرز الشخصيات التي تقدمها المسرحية كابتن «الغزالي» مؤسس فرقة «أولاد الأرض»، التي رفعت روح الصمود من خلال موسيقى السمسمية، ومن أشهر أغانيها «غني يا سمسمية»، و«بكرة»، و«ليه يا حمام»، و«هتقول السويس»، وهو صاحب كلمات أغنية تمثل أيقونة للمقاومة وهي «عضم ولادنا... نلمه... نلمه... نسنه... نسنه... ونعمل منه مدافع وندافع... ونجيب النصر هدية لمصر».

ومن الجانب النسائي تطلُّ علينا عبر العرض قصة المناضلة البورسعيدية علية الشطوي التي قدمت دوراً رائداً في رعاية الجرحى والمصابين في فترات المقاومة، وكانت تنقل المصابين والعائدين من العمق في سيناء، بـ«لانش» قادته بنفسها في حرب 1973.

ووظفت مهندسة الديكور سماح نبيل سيونوغرافيا العمل لتلائم فكر المقاومة، مستعينةً بصفحات وقصّاصات من صحف قديمة وثقت للفترة من 1956 إلى 1973 في عمل بانوهات متحركة على خشبة المسرح، كما وضعت منحوتة كبيرة لآلة السمسمية بشكلها المعروف في قلب المسرح، ويتحرك حولها الممثلون في كل لوحة من اللوحات السبع التي يضمها العمل.

يتعرف المشاهد من خلال العرض على آلة السمسمية «أيقونة المقاومة» (الشرق الأوسط)

وتقول سماح نبيل لـ«الشرق الأوسط»: «حرصت على اختيار سينوغرافيا غاية في البساطة والإيحاء معاً، لأن هذا العمل بعد انتهاء عرضه على مدى شهر في القاهرة، سيسافر وفق مبادرة (وُلد هنا) إلى مناطق نائية وقرى ونُجوع ربما لا يتوفر لها أي إمكانات مسرحية، وربما يكتفي بحصيرة وسجادة بدلاً من خشبة المسرح، لكنه سيبقى مؤثراً فاعلاً عبر عناصره المسرحية المختلفة».

ورفعت دور العرض التابعة للبيت الفني للمسرح، لافتة «كامل العدد» للعروض المسرحية التي قدّمها في ثاني أيام عيد الفطر المبارك.


مقالات ذات صلة

«زقاق» ينظم ورش عمل فنية لإحياء الدور الثقافي في زمن الحرب

يوميات الشرق تدريبات منوعة على الأداء الفني (مسرح زقاق)

«زقاق» ينظم ورش عمل فنية لإحياء الدور الثقافي في زمن الحرب

كان من المفروض أن تحتفل خشبة «زقاق» بعيد تأسيسها الـ18 هذه السنة؛ ولكن مع نشوب الحرب في لبنان قرّرت تأجيلها بعد عام كامل من التحضير لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس... موسيقى ونغمات وأمل (مترو المدينة)

موسيقى تحت النار تصدح في «مترو المدينة» لإعلان الحياة

«مقابل الصدمة والاهتزاز واليأس، موسيقى ونغمات وأمل».

فاطمة عبد الله (بيروت)
يوميات الشرق الفنانة المصرية منة شلبي تقدم أول أعمالها المسرحية (حسابها على «فيسبوك»)

منة شلبي تخوض أولى تجاربها المسرحية في «شمس وقمر»

تخوض الفنانة المصرية منة شلبي أولى تجاربها للوقوف على خشبة المسرح من خلال عرض «شمس وقمر» الذي تقوم ببطولته، ويتضمن أغاني واستعراضات.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق عرض مسرحي

مهرجان للمسرح في درنة الليبية ينثر فرحة على «المدينة المكلومة»

من خلال حفلات للموسيقى الشعبية الليبية والأغاني التقليدية، استقطب افتتاح المهرجان أعداداً كبيرة من سكان درنة، لينثر ولو قليلاً من الفرح بعد كارثة الإعصار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«القاهرة للسينما الفرانكفونية» يراهن على أفلام عالمية تعالج الواقع

تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)
تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)
TT

«القاهرة للسينما الفرانكفونية» يراهن على أفلام عالمية تعالج الواقع

تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)
تكريم عدد من الفنانين خلال افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)

بالتضامن مع القضية الفلسطينية والاحتفاء بتكريم عدد من السينمائيين، انطلقت فعاليات النسخة الرابعة من مهرجان «القاهرة للسينما الفرانكفونية»، الخميس، وتستمر فعالياته حتى الثاني من ديسمبر (كانون الأول) المقبل، بعرض 75 فيلماً من 30 دولة فرانكفونية.

وشهد حفل الافتتاح تقديم فيلم قصير منفذ بالذكاء الاصطناعي، للتأكيد على أهمية تطويع التكنولوجيا والاستفادة منها في إطار تحكم العقل البشري بها، بجانب عرض راقص يمزج بين ألحان الموسيقار الفرنسي شارل أزنافور احتفالاً بمئويته، وموسيقى فريد الأطرش في ذكرى مرور 50 عاماً على رحيله.

وكرّم المهرجان المخرج المصري أحمد نادر جلال، والإعلامية المصرية سلمى الشماع، إلى جانب الممثلة إلهام شاهين التي تطرقت في كلمتها للتطور الذي يشهده المهرجان عاماً بعد الآخر، مشيدة بالأفلام التي يعرضها المهرجان كل عام من الدول الفرانكفونية.

وأكد رئيس المهرجان ياسر محب «دعم المهرجان للشعب الفلسطيني في الدورة الجديدة»، مشيراً إلى أن السينما ليست بمعزل عما يحدث في العالم من أحداث مختلفة.

وأوضح أنهم حرصوا على تقديم أفلام تعبر عن التغيرات الموجودة في الواقع الذي نعيشه على كافة المستويات، لافتاً إلى أن من بين الأفلام المعروضة أفلاماً تناقش الواقع السياسي.

جانب من الحضور في حفل الافتتاح (حساب إلهام شاهين على «فيسبوك»)

وشهد حفل الافتتاح كلمة للمستشار الثقافي للسفارة الفلسطينية بالقاهرة ناجي الناجي، أكد فيها على دور الفن في دعم القضية الفلسطينية، مشيداً بدور الأعمال الفنية المتنوعة في التعبير عن القضية الفلسطينية وعرض 14 فيلماً عنها ضمن فعاليات الدورة الجديدة للمهرجان.

وتضمن حفل الافتتاح رسالة دعم ومساندة للشعب اللبناني من خلال عرض الفيلم التسجيلي «ثالث الرحبانية» عن حياة وإبداعات الموسيقار اللبناني إلياس الرحباني، وحظي بتفاعل كبير من الحضور.

وقال المنتج الفلسطيني حسين القلا الذي يترأس مسابقة الأفلام الروائية والتسجيلية القصيرة لـ«الشرق الأوسط» إن «السينما ليست مجرد مشاهدة للأفلام فحسب، ولكن ربط بين الثقافات والحضارات المختلفة»، مشيراً إلى طغيان ما يحدث في غزة على كافة الفعاليات السينمائية.

ويترأس القلا لجنة التحكيم التي تضم في عضويتها الفنانة التونسية عائشة عطية، والفنان المصري تامر فرج الذي أكد لـ«الشرق الأوسط» أن «المهرجان ليس منصة فقط لعرض الأفلام السينمائية للدول الفرانكفونية، ولكنه مساحة للتعبير عن المبادئ التي تجمع هذه الدول، والقائمة على المساواة والأخوة والسعي لتحقيق العدل، الأمر الذي ينعكس على اختيارات الأفلام».

وعدّ الناقد الفني المصري أحمد سعد الدين، المهرجان «من الفعاليات السينمائية المهمة التي تهدف لتعزيز التبادل الثقافي مع 88 دولة حول العالم تنتمي للدول الفرانكفونية، الأمر الذي يعكس تنوعاً ثقافياً وسينمائياً كبيراً»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «المهرجان يركز على استقطاب وعروض أفلام متنوعة وليس (الشو الدعائي) الذي تلجأ إليه بعض المهرجانات الأخرى».

وعبر عن تفاؤله بالدورة الجديدة من المهرجان مع أسماء الأفلام المتميزة، والحرص على عرضها ومناقشتها ضمن الفعاليات التي تستهدف جانباً ثقافياً بشكل بارز ضمن الفعاليات المختلفة.