يقود تفاعُل الوالدين الإيجابي مع ثرثرة الرضيع وإيماءاته، إلى تسريع تطوُّر اللغة لديه. وأوضح باحثون في «جامعة واشنطن»، أنّ الابتسامات والتواصل البصري واللمسات الدافئة، مهمّة لتطوُّر اللغة عند المواليد؛ ونشرت النتائج في دورية «Current Biology».
خلال الدراسة، استخدموا تقنية آمنة وغير جراحية لتصوير دماغ الرضَّع، تُسمّى «التصوير المغناطيسي للدماغ»، لمراقبة نشاطه خلال التفاعلات الاجتماعية وغير الاجتماعية مع الشخص البالغ نفسه.
وسمحت التقنية للطفل بالتحرُّك والتفاعل بشكل طبيعي مع البالغ، ما مكّن الباحثين من تتبُّع نشاط الخلايا العصبية من مناطق متعدّدة في دماغه عندما يتحدّث البالغ إليه، ويلعب معه ويبتسم له. ثم راقبوا نشاط دماغ الرضيع ثانيةً عندما ابتعد الشخص واهتمَّ بآخر.
تحدُث هذه الأفعال بشكل طبيعي يومياً بين البالغين والأطفال، وأظهرت الدراسة أنّ لها تأثيرات مختلفة يمكن قياسها على دماغ الطفل.
قورِن هذا السيناريو من التقارب والتفاعل الاجتماعي، مع سيناريو «غير اجتماعي» يبتعد فيه البالغ عن الطفل، ليتحدّث إلى آخر، فأظهر هذا التفاعل مستويات نشاط أقلّ في مناطق الدماغ عينها.
ووجد الباحثون أنه عند تحدُّث البالغ ولعبه وتفاعله اجتماعياً مع طفل يبلغ 5 أشهر، زاد نشاط دماغ الأخير بشكل خاص في المناطق المسؤولة عن الاهتمام. ويرسم هذا النوع من النشاط مسار تطوُّر اللغة المعزز في الأعمار اللاحقة.
وتتبّعوا تطوُّر لغة الأطفال الرضَّع باستخدام دراسة استقصائية موثقة جيداً تسأل الآباء عن كلمات وجُمل يقولها أطفالهم في المنزل. ووجدوا أنّ زيادة النشاط العصبي استجابةً للتفاعل الاجتماعي في عمر 5 أشهر، أدّى إلى تطوُّر اللغة المعزز عندما يكون الطفل في أعمار 18 و21 و24 و27 و30 شهراً.
وقال الباحث ألكيس بوسيلر: «هذه الدراسة الأولى التي تُقارن بشكل مباشر استجابات دماغ الرضَّع للتفاعل الاجتماعي بين البالغين، ومتابعتهم حتى بلوغهم العامين ونصف العام، لمعرفة كيف يرتبط تنشيط الدماغ المبكر بقدراتهم اللغوية المستقبلية».
وأشار الباحثون إلى أنّ الدراسة تُظهر أنّ تفاعل الوالدين مع تصرّفات الرضَّع من خلال الابتسامات واللمسات الدافئة ذهاباً وإياباً، له تأثير حقيقي وقابل للقياس على دماغهم، لجذبه انتباههم وتحفيزهم على التعلُّم والتطوّر اللغوي.