«جيل الساندويتش» العالق بين الآباء والأبناء... كيف يمكن تخفيف الضغوط؟

عبء رعاية كبار السن عادة ما يتحمله سكان الساندويتش (ياهو)
عبء رعاية كبار السن عادة ما يتحمله سكان الساندويتش (ياهو)
TT

«جيل الساندويتش» العالق بين الآباء والأبناء... كيف يمكن تخفيف الضغوط؟

عبء رعاية كبار السن عادة ما يتحمله سكان الساندويتش (ياهو)
عبء رعاية كبار السن عادة ما يتحمله سكان الساندويتش (ياهو)

يعيش الناس الآن لفترة أطول من أي وقت مضى، ومع تقدم التكنولوجيا الطبية، وزيادة فاعلية الأدوية، انخفضت معدلات الوفيات، وارتفعت توقعات الحياة في كافة أنحاء العالم بشكل واضح.

وفي حين يعد ذلك نجاحاً كبيراً للبشرية، ويشير إلى أن عمل البشر على تحسين نوعية الحياة قد أتى بثماره، لكنه يؤدي إلى مشكلة أخرى هي إنهاك مقدمي الرعاية للعائلة، وفق تقرير لـ«سي إن بي سي».

وفي حين تعتبر رعاية الآخرين أمراً لا يمكن تحمله بالنسبة للعديد من العائلات، إلا أن العديد من المجتمعات الآسيوية تبقي أحباءها المسنين في المنزل، وتعتني بهم شخصياً مع تقدمهم في السن.

وفي هذا الإطار، قال مدير مركز علوم العقل بجامعة سنغافورة الوطنية جون وونغ لـ«سي إن بي سي»: «لقد لاحظنا في البيئات السريرية أن هؤلاء البالغين الذين يقدمون الرعاية معرضون لخطر الإرهاق، ويشعرون بالضعف، لأنهم يدركون أنهم سيمرون أيضاً بعملية الشيخوخة خلال العشرين إلى الثلاثين عاماً المقبلة من حياتهم».

وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عاماً سيشكلون نحو 22 في المائة من سكان العالم بحلول عام 2050.

وبحسب تقرير للأمم المتحدة صدر عام 2023، فإنه من المتوقع أن يتضاعف عدد الأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر في جميع أنحاء العالم، ليرتفع من 761 مليوناً في عام 2021 إلى 1.6 مليار في عام 2050.

كما أشار التقرير إلى أن عدد السكان الذين يبلغون من العمر بين 80 عاماً وأكثر ينمو بشكل أسرع.

وتقود بعض المجتمعات الآسيوية هذا الاتجاه، وبحلول عام 2050، من المتوقع أن يبلغ عمر 40 في المائة تقريباً من سكان هونغ كونغ وكوريا الجنوبية واليابان 65 عاماً أو أكثر، وفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي.

«جيل الساندويتش»

وإلى جانب الأشخاص الذين يعيشون حياة أطول، انخفضت أيضاً معدلات الخصوبة، مما أدى إلى صغر حجم الأسر. لن تكون هناك تحديات جديدة للأنظمة والاقتصادات الحالية في العالم فحسب، بل ستؤثر أيضاً إلى حد كبير على الأجيال القادمة، وفق «سي إن بي سي».

وقال جان إيمانويل دي نيفي، مدير مركز أبحاث الرفاهية في جامعة أكسفورد، لـ«سي إن بي سي»: «يميل الأشخاص الذين يعيشون في دولة الرفاهية إلى الاستعانة بمصادر خارجية لرعاية المسنين. وهذا يؤدي إلى قضايا العزلة، حيث يشعر كبار السن بأنهم عديمو الفائدة، في حين أن هناك الكثير مما يمكن تقديمه للمجتمع، والأجيال الشابة».

رغم أن الرعاية المنزلية لكبار السن تعمل على تحسين رفاهيتهم، فإنها يمكن أن تشكل أيضاً ضغطاً على الأجيال الشابة.

وقال وونغ، وهو أيضاً أستاذ مشارك في جامعة «يونغ لو لين»: «بينما يستجيب المجتمع لشيخوخة السكان مع زيادة احتياجات الرعاية لكبار السن الضعفاء، فإن عبء رعاية كبار السن عادة ما يتحمله جيل الساندويتش». جامعة سنغافورة الوطنية.

وللتوضيح، فإن «جيل الساندويتش» هم الأشخاص في منتصف العمر الذين لديهم آباء مسنون لرعايتهم، بالإضافة إلى أطفالهم الذين لا يزالون يعتمدون عليهم. وبالإضافة إلى رعاية والديهم وأطفالهم، عاطفياً ومالياً، عليهم أيضاً رعاية أنفسهم أثناء متابعة حياتهم المهنية.

قال وونغ: «أحد الاختلافات الرئيسية بين جيل الطفرة السكانية وجيل الألفية/ الجيل Z يمكن أن يكون أيضاً التركيز المتزايد، والضغط لتطوير مهنة شخصية، وتحقيق الطموح الشخصي، قبل احتياجات الأسرة».

وأضاف: «قد يؤدي هذا إلى خلق ضغط اجتماعي لا داعي له على جيل الألفية والجيل. Z»

ويشير جيل الطفرة السكانية إلى الأشخاص الذين ولدوا بين عامي 1946 و1964. وجيل الألفية هم أولئك الذين ولدوا بين عامي 1981 و1996، في حين أن الجيل Z هم الأشخاص الذين ولدوا بين عامي 1997 و2012، وفقاً لمركز «بيو» للأبحاث.

كيف نمنع إرهاق «جيل الساندويتش» أو مقدمي الرعاية؟

فيما يلي 3 نصائح للمساعدة في إدارة الضغط:

1-الاستعداد في وقت مبكر

استعداداً لهذا الوقت من الحياة، يجب على الناس أن يتطلعوا إلى إجراء محادثات صادقة مع أفراد أسرهم.

واقترح وونغ أن «هذا يستلزم تحديد نظام القيم العائلية للفرد، وتحديد الأهداف الشخصية، وتطلعات الحياة، وتخصيص الموارد الشخصية والالتزام بها».

وشدد على أن وضع الحدود أمر مهم، ولكن يحتاج الآباء وأطفالهم إلى إجراء هذه المناقشات مسبقاً لمنع الإرهاق.

2-قم بإجراء محادثات صادقة مع العائلة

بالإضافة إلى ذلك، قال جيالو ستريتر، المدير التنفيذي لمعهد ستانفورد لأبحاث السياسات الاقتصادية: «خطط لإجراء محادثات صادقة مع أفراد الأسرة والزوج لمناقشة كيفية تقاسم مهام تقديم الرعاية».

3-لا تنسَ الرعاية الذاتية

وأوضح ستريتر أنه «أمر صعب للغاية، لكن لا تنسَ الاعتناء بنفسك. في كثير من الأحيان، نعتقد أن الرعاية الذاتية هي أنانية. إنه العكس تماماً. فقط عندما نعتني بأنفسنا جيداً، تكون لدينا القدرة العقلية والجسدية لرعاية أحبائنا».

دمج كبار السن في المجتمع

وبحسب دي نيفي، فإنه ليس من الضروري أن يشكل كبار السن عبئاً على الشباب، أو المجتمع. ومن أجل رفاهية كبار السن، علينا أن نفكر بشكل إبداعي وعملي للغاية حول طرق دمجهم مرة أخرى في طرق مفيدة للمساهمة في المجتمع.

واقترح دي نيفي أن تفكر الأجيال الشابة والحكومات في حلول حول كيفية إعادة دمج كبار السن في المجتمع حتى يبقوا أعضاء نشطين، وأصحاء، وذوي قيمة في المجتمع.

وأحد الاقتراحات هو إبقاء دور الحضانة ودور رعاية المسنين في نفس المبنى. وقال دي نيفي: «فكر في كل الفوائد... توسيع الآفاق للأطفال الصغار، وفي الوقت نفسه، جعل كبار السن يشعرون بأنهم مفيدون عندما يرون الحياة تزدهر من خلال عيون طفل يبلغ من العمر عامين».



منى خوري لـ«الشرق الأوسط»: «احكيلي عن بلدي» وضعني على تماس مع هموم الناس

في «احكيلي عن بلدي» تلامس مشاكل الناس (منى خوري)
في «احكيلي عن بلدي» تلامس مشاكل الناس (منى خوري)
TT

منى خوري لـ«الشرق الأوسط»: «احكيلي عن بلدي» وضعني على تماس مع هموم الناس

في «احكيلي عن بلدي» تلامس مشاكل الناس (منى خوري)
في «احكيلي عن بلدي» تلامس مشاكل الناس (منى خوري)

برنامج إذاعي جديد وُلد مع تفاقم الأوضاع في لبنان يحمل عنوان «احكيلي عن بلدي». واللافت فيه هو تحوّل مذيعة فنية معروفة على قناة «إم تي في» وأثير إذاعة «وان إف إم» منى خوري إلى الموضوعات الإنسانية.

وفي ثُنائي إذاعي تؤلّفه مع الإعلامي داني حداد انطلق البرنامج في الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الحالي عبر الإذاعة المذكورة.

الحرب فرضت عليها التحول إلى الحالات الإنسانية (منى خوري)

منى خوري التي حاورت أهم نجوم الفن في العالم، وحقّقت أكثر من سَبقٍ صحافي في هذا المجال تقول لـ«الشرق الأوسط»: «هذا التحوّل وضعني على تماس مع هموم الناس. ومعهم أُدخل وزميلي داني حداد في حوارات اجتماعية، فنواكب مشكلاتهم، ونتعرّف إلى مآسيهم من باب المساعدة».

اسم البرنامج مستوحى من أغنية لفيروز «احكيلي عن بلدي» يعود لداني حداد. فقد رأى فيه ما يلخّص محتواه المائل نحو أحوال اللبنانيين في هذه الفترة الصعبة التي يعيشونها.

وتُوضح منى عن محتوى البرنامج: «نتناول فيه مواقف وأحداثاً يومية يواجهها اللبناني. نتطرّق إلى أزمات ولّدتها هذه الحرب التي نعيشها. وإضافة إلى ضيوفنا من محلّلين سياسيين نحكي فيه حقائق مختلفة».

منى خوري مع الفنان عمرو دياب (منى خوري)

ولكن كيف وُلِد هذا البرنامج الذي أدخل منى في مجال مهني لم تعمل فيه من قبل؟ تردّ لـ«الشرق الأوسط»: «في غياب المذيعة سنا نصر لسفرها إلى أميركا، اقترحت علي مديرة إذاعة (وان إف إم) بيتي مكرزل، أن أحلّ مكانها. فرحت أقدم الفترة الصباحية. وبعد أن لاحظنا تدهور الأحوال في لبنان قرّرنا تقديم ما يواكب هذه الفترة. وبدأنا (داني حداد وأنا) هذه التجربة، نتبادل الأخبار وقصص حياة نواجهها يومياً. حالياً يلاقي البرنامج تفاعلاً كبيراً من قبل المستمعين. ويومياً من الخامسة بعد الظهر لغاية السادسة والنصف منه نتلقى الاتصالات ونتحدث مع ضيوفنا. واللافت أن فكرة البرنامج والبرومو الترويجي الخاص به واسمه وُلدت في ظرف 24 ساعة فقط».

يتلوّن «احكيلي عن بلدي» في فقراته الاجتماعية بأخرى تطل على الفنون. «ندرك جيداً أن أهل الفن لا يقومون اليوم بأي نشاط يذكر. ولكننا ومن باب فني يتناسب مع حالتنا اليوم نركن مرات إلى موضوعات فنية معينة. ومؤخراً استضفنا الموسيقي أسامة الرحباني كي نحاوره عن الأغنية الوطنية التي رسّخها الرحابنة في ذاكرتنا. فإننا كلبنانيين اعتدنا الغناء لوطننا بأسلوب وجداني. وفيروز والرّحابنة عرفوا كيف يتلقفون هذه العلاقة الوطيدة بين لبنان وأبنائه. فاللمسة الفنية التي نحرزها في البرنامج لا تشكّل الموضوع الأساسي فيه. ولكننا رغبنا في أن تكون بقعة ضوء تواكب واقعنا. فالمادة الرئيسية للبرنامج ترتبط بتغطية الأحداث اليومية في لبنان من سياسية واجتماعية وبيئية وغيرها، ويأخذ إلى حدّ كبير الخط التوعوي الذي يجب أن يتزود به الناس في حالات مماثلة».

برأيها الفن يزودنا بالفرح (منى خوري)

بالنسبة لمنى خوري، هذه التجربة وضعتها أمام تحدّيات جديدة. وتتابع: «يسكنني التحدّي في أعماقي، وغالباً ما يحفزّني على ممارسة عملي. وأعدّ هذا البرنامج يدخل في هذه الخانة من دون شك. فبعد تجربة طويلة لي في عالم الفن، أنتقل إلى مضمار مختلف. ولكنه في الوقت نفسه يشبهني لا سيما وأني درست العلوم السياسية ولدي شهادة جامعية فيها. فشعرت وكأن القدر أرادني أن أعود إلى خياراتي الأولى. صحيح أني ابنة بيت فني بامتياز (منى هي شقيقة الفنان مروان خوري). ولكن الأمور الاجتماعية والسياسية تهمني. وأعدّ هذه التجربة بمثابة تدريب نفسي أقوم به بدعم من زميلي داني حداد».

وعما لو خُيّرت بين العودة إلى المجال الفني أو الاستمرار في عالمي المجتمع والسياسة تردّ: «الوقت لا يزال مبكّراً للتحدث في هذا الموضوع. وكل ما يمكنني قوله هو أني أُخرج هذه الطاقة الإيجابية التي في داخلي كي أنثرها على المستمع المهموم. فأنا بطبعي أفضّل الابتسامة على الحزن والهمّ».

تعترف منى خوري بأنها بداية تعبت وشعرت بالاختناق من جراء وقوفها على مشكلات ومآسي اللبنانيين. فالفن بالنسبة لها يزود صاحبه بالضوء والبهجة، وتخلّيها عنه حالياً «يخنق قلبها» كما تردّد لزميلها داني على الهواء مرات. ولكنها تجازف اليوم بالتوجه نحو مضمار آخر يفرضه عليها الواقع.

وتختم: «الحياة مملّة من دون فن وموسيقى. وعندما يخترقاها تصبح أحلى وغنية بالفرح. وأنا شخصياً لدي حالة هروب دائمة من الغضب. ولذلك في (احكيلي عن بلدي) أحاول أن أقدّم المحتوى على طريقتي وبأسلوبي البعيدين عن النكد. أتمنى أن تنتهي الحرب التي نعيشها بأقصى سرعة. وفي الوقت نفسه سأبذل ما في استطاعتي كي أنجح بمساعدة الناس».